تمددت على سريرها وهي في ذهول وصدمه من كلامه
يبي يسكتها ويراضيها بكلامه هذا ويقول ان البيت لها ..
يحسب الدنيا ماده في مادة .
مايدري اني ماابغى منه فلوس ولا مادة ولا شي حسي ..
كل اللي ابيه هو ..
حطيت يدينها على وجهها وهي مخنوقه
بس مارضت الدموع تنزل
كلامها جمد الدموع ووقف البكا
ووصلها لما بعد البكا ..
تغطت بلحافها تدور الدفى
الدفى اللي يغمر روحها البارده قبل جسدها ..
بس وين الدفى وعماد الجليد ساكن بقلبها واعماقها
سمعت صوت الإمام وهو يقرأ بخشوع وتسلل الصوت والكلام لروحها
وتذكرت ان الباري في مثل هالوقت يدور من يتوجه له ويتضرع ويلبيه ..
فزت من سريرها وتوضأت وفرشت سجادتها اللي صارت تعرف ادق تفاصيل حياتها من كثر ماشكتها عليها ..
كملت صلاتها بخشوع وتونِّ وتضرعت لربها باللي في قلبها علّ وعسى ان الباب هذا محد يطرقه ويخيب ..
فزت من على سجادتها وهي تسمع خطواته تقطع الصمت الموحش في البيت ..
ودخلت في لحافها وغمضت عيونها ..
ماتبي تشوفه وتشتعل النار اللي هجدت على السجاده
وماتبي تسمعه وترجع لها صورة نوف اللي ربطتها بالدور اللي فوق وبحياته ..
وماتبيه يبرر ولا يعتذر لأن الشرخ عميق ...
ورتقه صعب ..
وماتبيه يفتح موضوع البيت وملكيتها له سواء يثبت ولا ينفي لأن هالكلام اكبر منها بكثير وأصعب من كل المواقف في حياتها ..
فتح الباب بهدوء من دون مايدقه وكأنه يثبت لها وله ان هالمكان واللي فيه حلاله
يدخل متى مارغب ويطلع بكيفه ..
شافها متمدده على سريرها ومتمسكه في لحافها وجفونها مغمضتها على عيونها واللي فيها .
تداري عنه ..!
ولا تخشى مواجهته ..! و
لا كارهه وجوده عندها .
خانته قدرته في المقاومه واقترب منها اكثر ..
وهي كذا تغريه وتجذبه ..
وشلون وهو قريبه منه ولا في حضنه ..
لو تدرين ياشادن باللي في الصدر ..
كان فرحتي وانا ابعدك واجفاك .
سحب جاكيته اللي على طرف سريرها واللي اختلط عوده مع ريحة عطرها وشكل ريحة مزجت القوة بالرقة ..
ضمه على صدره وانسحب من غرفتها لغرفته ..
لبس واخذ اغراضه اللي تهمه ونزل لجدته ..
بالقوة اقنعها ان عنده شغل في جده ..
ماقدامه حل الا الهروب ..
خاصة الليلة وفي هالوضع ..
سلم عليها وهي تردد الدعوات بحفظه وتوفيقه وتيسير اموره
ومشى وذكر الله يلهج بلسانه من دعاء سفر لاتكال وتفويضه امره ومعوذات وآيات قرآنية تعينه وتحصنه من الشرور والمساويء ..
***
دخل بيت اهله قبيل السحور ..
ملابسه وشكله تقزز كل من شافه ..
شافته منال وصرخت بصوت افزع حنان الواقفه في المطبخ وبندر وخالد الجالسين على التلفزيون ..
قال فهد : هييي بنت اسكتي روعتي الناس .
جاته تمشي بسرعه وسلمت عليه وهي تتفقده قالت : ياويلي يافهد الدم هذا وشو ..؟ صاير عليك حادث .
رفع يدينه قال : مافيني شي شوفي .. لقيت قدامي حادث وساعدت فيه وهذا دم المصابين .
وصله بندر وسلم عليه وهو معقد حواجبه قال : استغفر الله هذا دم آدمي ولا دم ناقة منحورة عليك .
سلم على خالد وحنان قال : لاوالله حادث كرهني بعمري .
تكلمت منال وهي مكشرة قالت : ياعمري يافهد هو انت ناقص .
رمقها بندر بنظره لوم والتفت لفهد قال : غسل غسل والله الظاهر انك مااكلت شي من امس .
رفع فهد حواجبه بتعب قال : خلها على الله بس .. على سحوري ومتبرع بدم للمصاب والدنيا قدامي سودا بغيت اصدم مرتين .
قالت منال بلهفه : خلاص ادخل تروش وبدل ملابسك وانا احضر السحور الحين .
طلع ابوه على صوته وهو يرحب ويهلي كأن له سنين ماشافه ..
بس فتر صوته وهو يشوف هذا شكله وحاله ..
قال : ذابح لك رجال ..؟
جاه فهد يمشي قال : ماذبحت احد الله يخليك لي .. اسعفت لي مصابين وهذا دمهم .
زفر ابوه بارتياح وسلم فهد على جبينه ولثم يده قال ابوه : بشرني عنك وانا ابوك ..؟
هز فهد راسه قال : الحمد لله على النعمه والعافيه بخير من ربي ياجعلك بخير . الا الوالده وينها ..؟ نايمه . ؟
: مهب الظاهر ادخل لها وانا ابوك طمن قليبها ترى دمعتها ماجفت عليك .
رد فهد : خلني ابدل ثيابي لاتشوفني وهذا شكلي ..
قطعت عليهم شهقة امه وصرختها وهي تقول : ياويلي على وليدي ..
رفع لها يدينه وكأنه يقول شوفيني مافيني شي وجا يمشي عندها وهو يقول : اصبري الله يخليتس لي مافيني شي ناس صاير عليهم حادث واسعفتهم .
هدا روع الأم بالرغم ان المنظر مؤسف بس سلامة ولدها فوق كل شي
قالت : لااله الا الله وكل هذا دم .. حيوا ولا ماتوا .
عطاها فهد ظهره وتوجه لغرفته وهو يقول : مات اللي مات وحيا اللي حيا ..
طالع في حنان المتقرفه من هيئته وريحة الدم قال : تكفين ياحنان ابي لي حليب بزنجبيل قبل السحور .. البرد ذبحني والحكه قطعت صدري .
تكلم خالد : عجلي بدال مانتي واقفه وعافسةٍ وجهتس .
دخل فهد غرفته وبدل ملابسه وغسل وصلى العصر والمغرب والعشا وطلع لهم كمل جلسته معهم وهو يوصف لهم الحادث من دون مايجيب سيرة جيران نايف حتى ماينزعجون البنات خاصة انهم عرفوهم وحبوهم ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
ثلاثه ايام عصيبه مرت عليهم
حالتها من سوء لأسوأ ..
كسور في الفخذ والساعد من الجهه اليسار ..
جروح عميقه في الرأس والرقبه سببت لها نزيف والقزاز اخرجوه بصعوبه ..
وكل هذا يهون لأن الجرح مصيره يندمل
والكسر يجبر
وقف مشاري بجنبها وهي مطبقة جفونها لأنها ببساطه رافضه العودة ..
الصدمة سببت لها انهيار عصبي حاد ..
ان الواحد يصحى من نومه على فزع هذا بحد ذاته صدمه
لكن ترميه السيارة على بعد 15 متر وهي في طور الصدمه ثم تزحف رعب وخوف وألم ونزف وتوصل زميلاتها وهم اجساد بلا ارواح وتكلمهم اكثر من ساعه ونص هذا شي فوق الاحتمال
وخاصة ان سارة من النوع الرقيق اللي مااعتادت على الصلابه .
مسح مشاري على راسها وامه تتمتم بأدعية وابتهالات وتنفث عليها وتمسح جسدها ..
دخلت ريهام بنت خالتها وخطيبة مشاري قالت بهمس : ها كيفها الحين .
هز مشاري كتوفه وهو يحاول يختصر بكلمات معدوده لأن الأطباء حذروهم من ازعاجها قال : على حالها ماصحت .
مسكت ريهام يد مشاري قالت بهمس في اذنه : تعال اطلع معاي واترك خالتي تجلس عندها ..
خرج مشاري بناء على طلبها ووقف برا قال : ليه ماكلمتيني اجي آخذك .
ردت ريهام وهي تضيق فتحة نقابها وتميل طرف طرحتها عليها قالت : ماحبيت اتعبك ابوي نزلني وراح .. مشاري حبيبي لازم تاكل وتعيش وتحمد ربي انها مالحقت زميلاتها .
تنهد مشاري قال : الحمد لله على كل حال .. انا مامخوفني غير هالانهيار ولا الباقي كله مسألة وقت ان شاء الله .. طمنوني الدكاترة .
ضمت على يده برقة قالت : حبيبي انا اعرف سارة ممكن تتعب فترة بس راح ترجع خليك واثق من كلامي .
هز راسه قال : يالله امشي برجعك للبيت واقنعي امي ترجع معاك مرة رافضه تتحرك حتى فطور للحين ماافطرت .
دخلت ريهام لخالتها اخت امها وام خطيبها وهمست في اذنها بترجي وسلمت على راسها وبإقناع قامت خالتها معاها ترجع لبيتها وتصلي العشاء والتروايح وتستغل الايام الفضيلة في الدعوات لبنتها اللي تركت قلبها عندها ..
***
مرت بقية العشر الأواخر والناس ملتهين مابين صلاة ومساجد واسواق وزيارات .. لولا وجود عمتها فوزية عندهم اليومين اللي راحت كان يمديها تفجرت من الطفش والغيض من عماد وغيابه ..
الليله اعلنوا انه العيد وان الشهر ناقص ..
وهو للحين مارجع ..
" يحسب الهروب حل ...
طيب واذا رجعت ياعماد وش الحل ..؟ "
قالته بقلبها وهي تدخل غرفته اللي رتبتها قبل يومين ونظفتها وكأنها تستجديه يرجع اذا حس ان غرفته نظيفه ..
طالعت في الغرفة وحاجياته وكأنه يحاصرها
رغم انها ترتاح اذا دخلتها الا انها تحس انه يخنقها اذا تذكرت تصرفاته معها ..
سكون البيت يخوف ..
مافيه أي شي يقطع الصوت الا صوت خطواتها وحركتها في الغرفه
وصوت الهوا اللي يتسلل مع الثقوب حول اطارات الشباك ..
حتى القرية بليلة العيد ماتغير فيها شي الا ان البيوت اضاءوا المصابيح العطلانه اللي تطل على الشوارع ..
ومظاهر ليلة العيد من العاب ناريه وخروج الناس من بيوتهم اللي اعتادتها في جده تفتقدها قرية الأجواد والكل لجأ لفراشه من بدري لأن العيد عندهم رغم جماله وحلاوته الا انه مشقه وعناء وتعب والأحسن انهم يستقبلونه وأجسادهم مرتاحه ..
في اثناء الصمت الواجم على انحاء البيت الكبير ..
والهدوء اللي يخوف اكثر من انه يُشعر بالراحه ..
سمعت صوت خطوات مع الدرج ..
مافيه غيره خطواته قوية وسريعه ..
وأكيد انه رجع عشان الليلة عيد ..
وين تطلع وهو خلاص قريب من الغرفه ..؟
وش تقول ..؟
الأفضل انه يضبطها متلبسه وبعذر ولا يضبطها هاربه وبلا عذر ..
فتحت الادراج بسرعه وسوَّت نفسها تدور على شي ..
ماتردد انه يدخل غرفته المضاءة انوارها ومفتوح بابها على غير العادة اذا ماكان فيه ..
شافها واقفه بارتباك وتدور في الادراج ..
رغم انه مايحب احد يدخل غرفته ويعترض اذا احد حاول انه يفتش او يبحث في خصوصياته اياً كانت .. الا انه سكت ومااعترض على فعلها ..
وقف على الباب وهو يطالعها ..
لاسلام ولا كلام ولارفع نظره عنها .
قميصها الزهري القصير والناعم جداً مطلعها ابهى صورة ..
شعرها الأسود اللي يتمنى يدخل يدينه فيه ويلمسه بحرية وراحه يأسره ..
ذبول عيونها الواضح يبهره رغم انه ذبول والذبول عمره مااغرى الا انه على عيونها اغراه وفتنه ..
كان يناظرها بحزن ..
بين فرحة اللقا وهمّ القرب .
اربكتها نظرته وخافت انه يعاتب ..
اصعب شي تواجهه مع عماد نظراته الغريبه ..
يبي يقول شي ويعجز ..
طلعت يدها من الدرج بفتور وفيها مقص اظافر الشي الوحيد اللي قدرت تحصل عليه ويمكن يكون هو عذرها قدامه ..
حاولت تبلع ريقها بس خذلها حلقها الجاف قالت بارتباك وهي ترسم ابتسامه باهته مالها أي تعبير على وجهها : الحمد لله على سلامتك ا ا ا ... رفعت مقص الأظافر وكملت بخجل : كنت ابغى هذا .
مشى ناحيتها بسرعه وعينه على مقص الاظافر وخطفه منها قال بلهجة حاده ماتوقعتها : هذا استخدمتيه .
: لا كنت باخذه ماعندي ...
تنهد بارتياح قال بصوت موجوع وهو يقاطعها : لاعاد تقربين من اغراضي الشخصية .
اسلوبه هذا يجننها
ينهكها ويوجع قلبها ..
ليه يأمر بتوسل
ليه يتقوى وبضعف .
ليه ينكسر قبل لايكسرها ..
طلعت لغرفتها بخيبتها وتركته بين همه وندمه وخوفه عليها ..
وكل واحد يلوم نفسه على تصرفه ..
هي عذرها الشوق وهو عذره خايف عليها ..
حاولت تنام بدون ماتفكر في اذيته لمشاعرها
وهو حاول يتناسى ويعذر نفسه بأنه معاه حق ..
تقلبت طول ليلها واستجدت النوم باغلاق النور وهدوءها واخماد بركان الغضب الثاير بداخلها ببعض الآيات القرآنية والأدعيه اللي تحفظها ..
لكن النوم ابى وتمنع ورفض انه يطرق جفونها وظلت صاحيه لين سمعت الأذان ..
اما هو فرحمه تعبه وهاجمه النوم رحمة ورأفه ..
فزت من سريرها ..
وصلت ولبست تنورة لونها سماوي مشجر بأصفر واحمر .. وبلوزة لونها سماوي سادة وماسكه عليها .. بصدر واسع وأكمام طويله وضيقه ..
انتهت من مكياجها اللي اختارت الوانه هادية جداً وتناسب النهار ..
اغرتها الأصوات اللي سمعتها برا وفتحت الستارة حقت غرفتها وشافت النور يغازل سماء العيد ..
الناس بدت تطلع من بيوتها والكل بملابسه الجديده ..
الأطفال بثيابهم انتشروا في الطرقات من بدري بانتظار الصلاة .
وصل سمعها صوت عماد وهو يسكر باب غرفته وعرفت انه نزل رايح للصلاة ..
كانت تتأمل الرجال وكل واحد خارج بسجادته لمصلى العيد اللي في آخر القرية ..
الجو مفعم بروح المناسبه ..
تذكرت ان جده على النقيض ..
الناس صحيح تروح تصلي وبعدها يعم الهدوء على البيوت خاصة انها عاشت سنين طويلة بدون قرايب .. واهل سارة اللي تعتبرهم اهلها غالباً يقضون العيد في ينبع عند جماعتهم ..
شافت عماد وهو يطلع من البيت وجدتها معاه رايحه للمسجد .
تذكرت كلام فوزية ان امها لايمكن تتخلى عن صلاة العيد في المسجد ..
لابس ثوبه الأبيض وشماغه الأحمر ويمشي بهيبه مميزته عن الجميع ..
توارت سيارته عن انظارها وقفلت ستارتها ونزلت تحت ..
جهزت القهوة والحلا في قسم الرجال وسوت الجمر بانتظار الضيوف حتى تحط العود ..
سمعت اصوات عمانها وجدتها والمعايدات والتهنئة وطلعت سلمت عليهم وعماد بينهم ..
سلم على راسها وهو يعايدها وردت بصعوبه وخجل واحراج بـ : وانت بخير ومن الفايزين .
قال فواز وهو يقصر صوته بلوم لعماد اللي يبتسم على شكلها : ياخي ماتستحي انت ..؟ احرجت البنت .
ضحك عماد بصوت مسموع واقرع صوت ضحكته في قلبها قبل اذنها .. ولف يده على اكتافها وهو يقول : هههههههههههه عايدتك انت ماتبيني اعايد حرمتي .
حرمتي ..؟
حرمتي ياعماد ..؟
طالعت فيه باستغراب ورجاء وخوف واستنكار لأنه يستخف بوجودها في حياته ..
تجاهل نظرتها ورجع يكلم فواز : خلنا نروح للمجلس شكل الناس جات تعيد علينا .
طلع فواز قبله ولحقه ناصر اللي وصل امه للصاله وساعدها على الجلوس ..
رفعت يدينه من عليها وانسحبت وهو يتبعها بنظراته ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
العيد عمره ماطرق كل البيوت بفرح ..
الا مايصير بيت يرثي ويبكي والخلق معيده ..
عيال اميرة الايتام وامها واخواتها وزوجها اللي تعودوا عليها كل عيد هالمرة مفتقدينها ..!
مالها حس ولاصوت ولا وجود ..
وساميه اللي عمرها ماقضت العيد بعيد عن اهلها ماتت ومات معها الفرح وبهجة العيد ..
زوجها صابته صدمه عصبيه ماقدر يجلس في الديرة وسافر للندن عند ولد عمه اللي يدرس هناك ..
وفاطمه والمأساة اللي خلفتها في كل بيت عرفها بسبب فقدها وفراقها ..
بدءاً ببيتها وبيت اهل زوجها وبيت اهلها وانتهاءً بدور الايتام والملاجيء ..
وفي مستشفى فقيه بجده ..
بعد مانقلها ابوها من الطايف ودخلها مستشفى خاص اكثر عنايه واهتمام على حد قوله ..!
كانت نايمه وساكته ..
الصدمه العصبية اللي تعرضت لها اسكتتها وافقدتها وجود اللي حولها ..
وامها وابوها واخوها حولها ويحاولون يحسسونها بأهميتها وان سلامتها ونجاتها من الحادث شيء مفرح ويستحق انها تصحي عشانه ..
وهي رافضه العودة للواقع بسبب الانفعالات الثايرة بداخلها وكان خير تعبير لها هو الهروب والابتعاد عن الواقع بكل مساوئه واحزانه وصدماته ..
بدءاً بصدمتها في خالد وانتهاءً بصدمتها في الحادث وفقد زميلاتها امام نظرها ..
***
في مجلس ناصر ..
مجتمعين على الغدا لأنه الكبير واعتادوا ان اول يوم الغدا يكون عنده ..
دخل على ابوه وعمه واخوانه وعماد وهم يسولفون قال ابوه من بين الجالسين : فهد من وين جيت وانا ابوك لنا اربع ساعات ندور عليك .
طالع فيهم وهو يحاول يتجلد ..
اليوم اول عيد يقضيه بدون سعود والأعياد القاتمة قادمة ..
قال بمرارة : رحت للمقبرة .
خيَّم الصمت على المجلس واكتفوا بالنظر والمواساة الصامته ..
التفت على عماد قال : ماوديت اهلك لجده ياابو مشعل .
: لا والله .. انا كنت عازم نايف وامه يجونا في العيد بس اللي صار ان بنت جيرانهم مدرسه في السبيل وصار عليها حادث وهي صديقة شادن وعلى حسب كلام نايف انها لو درت يمكن يصير لها شي .. وهو وامه اللي طلبوا مني مااجيبها لين صديقتها تطلع من المسشتفى .
قال فهد باهتمام : من تقصد ..؟ بنت ابو مشاري ..؟
رد عماد : ايه علمك نايف ..؟
: لاوالله ماعلمني نايف .. علمني شوفي لها ولحادثها ..
طالع في بندر وابوه قال : تذكرون الدم اللي على ثيابي يوم جيتكم تراه دمها كشر بوجهه قال : ريحته قعدت في خشمي خمسه ايام .
قاطعه عماد باهتمام : وين جيت الحادث ووشلون جاك دمها .
سرد فهد عليه السالفه ووصف الحادث ومساعدته للبنت وتحاشى الكلام عن حالتها وانهيارها وكلامها لزميلاتها لسبب يمكن يكون انه يذكره بحالته وسعود في حضنه جثه هامده ..ويمكن لسبب آخر ..
***
مرت ايام العيد عليها وهي في ضيقة .
قالت له بتروح لجده تعيد على اهلها بس قال اجليها لين انزل لجده ..
تحجج لها بالشغل في الديرة والطايف وان ماله نية يروح لجده ..
واكتفت بمكالمة امها من جواله الثريا اللي مايفتحه الا اوقات نادرة وللضرورة ..
من بعدها ماعادت فتحت معه الموضوع ..
ولا حاول يحتك فيها كثير ..
..
الليلة نايمه في غرفتها وبأمان الله ..
سمعت دقات خفيفه على باب غرفتها اللي قفلته وهي تبدل ونست تفتحه ..
فزت من نومها تتخبط بهلع وفتحت وزاد هلعها من منظره وشكله ..
صرخت بقوة : عماد .. عماد شفيك ..
مال بجسده عليها وهو يتأوه ويده على اعلى جنبه الأيمن قال بوجع وهو يمد عليها مفتاح سيارته : روحي لسيارتي هاتي كيس الأدوية اللي فيها .
ردت بخوف وهي تشوفه يرتجف وعيونه حمرا .. وزاد رعبها وهو يجري للحمام ويرجع اللي في معدته بصوت عالي ومتوجع ..
لحقته للحمام ولمحها قال : عجلي ياشادن لاتوقفين تطالعيني ..
راحت بسرعه وناداها بصوت عالي بألم : البسي شي قبل تطلعين .
اخذت عبايتها وطرحتها ولبستها وهي تجري زي المجنون الخايف الهارب اللي يدور على ملاذ وبنفس الوقت يطرد احد ..
فتحت باب الفيللا وباب السور بلا شعور ووصلت للسيارة ..
جربت المفاتيح الكثيرة اللي تجمعها مداليته الفضية واخيراً لقت المفتاح اللي انصاع له باب السيارة وفتحه ..
فتحت الدرج كأول توقع لها ان الأدوية راح تكون فيه ..
وفعلاً ماخاب توقعها وسحبت كيس الأدوية ورجعت تجري للبيت ..
وصلت غرفتها وهي تلهث ..
من سنين ماجرت زي كذا .. بس مو هذا المهم ..
المهم توصله وتلحقه ..
كان رامي نفسه على سريرها على وجهه وحاضن المخده على بطنه وصدره ..
اول ماحس بحركتها قام وجلس ..
مد يده على الكيس واخذها وطلع منه حبة مسكنة ومعاها حبتين من اللي اعتاد عليهم ودسها بفمه وشرب وراها موية من كاسة شادن اللي غالباً تلازم كومودينو سريرها ..
رجع تمدد على ظهره وهمس : لحفيني زين .
تأملته وهو يصارع الألم بصمت ..
وجهه الاصفر وحبات العرق تنتثر عليه ..!
التفت عليها وانتبهت لنفسها وسحبت اللحاف وغطته ..
مضت عليها دقايق وهي واقفه تطالع فيه بصمت ..
اخيراً استسلم للنوم وكأنه طفل الثلاث سنوات ..
بدون أي مقاومه او استدعاء واستجداء ..!
تسحبت من غرفتها وطلعت للصاله ..
كيف تنام بعد هالليلة العصيبه ..؟
وشلون تعيش معاه وتقدر تواجهه وتكلمه وهو كتلة استفهامات والغاز ..
جلست في الصاله اللي فوق ومابين فترة وفترة تطلع عليه وكان وضعه واحد وشكله واحد ..
الا ان ملامحه بدا عليها الارتياح اكثر من اول ..
سندت براسها على الكنبه وغفى جفنها قبل الأذان
اما من التعب او باستدراج ابليسها للنوم حتى ما تصلي صلاتها على الوقت ..
***
من بعد هذيك الليلة ماشافته الا يوم العيد ..
على قد ماتحبه على قد ماهي غاضبة ومقهورة منه ..
فتحت شباكها تدور اثاره وتمني عيونها بشوفته علّ الشوق يهدا ويهجد ..
ابد ماله اثر ..!
حتى المزرعه اللي اعتاد يروح لها يومياً ماراح لها من العيد .
وقفت اختها نورة وراها قالت : نوف لو سمحتي سكري الطاقه فضحتينا في الناس خلاص مامن مراقبتس له فايده .
سندت بظهرها على جدار غرفتها الاسمنتي وهي تطالع في اختها بحسرة وقهر قالت : نورة .. حظنا ليش كذا .
جلست نورة على الارض وكتابها في يدها تبي تراجع قبل الدوامات اللي بتبدا بكرة .
قالت : وش فيه حظنا .. عايشين من احسن شي .
جلست نوف باحباط قالت : وين هو اللي احسن شي وتشوفينه .. وش عاجبتس في حياتنا .. ابوي الشايب الفقير ولا امي اللي تشقا من يوم تصبح لين تمسي ولا فقرنا وبيتنا وحياتنا بلا اخو ولا سند .. وكله كوم وعيشتنا في القرية هذي كوم .. ليش ربي ماخلقني من بنات المدن وغنيه بدال هالعيشة اللي تقصر العمر .
ردت نورة بحده : احمدي ربتس يانوف غيرتس يتمنى عيشتس .. عندتس ام و ابو شايلينتس على كفوف راحتهم .. وموظفه وغيرتس مالقاها .. لاتعترضين على قسمة ربي ترى ربي مايقسم لعبده الا اللي يشوفه في مصلحته ويناسبه .
: مشكلتس يانورة ان تفكيرتس عند رجولتس ... طالعي في شادن مرة عماد ...
قاطعتها نورة : انتي ماخلاتس تفكرين بهالخرابيط الا عماد واحلامتس اللي نسجتيها معه . اصحي يانوف عماد مهوب لتس ولايفكر فيتس .. وحتى لو ماتزوج شادن عماد واي رجل في الدنيا مايحب البنت اللي ترمي نفسها عليه .
تطاير الشرر من عيون نوف وهي تقول : وانتي شايفتني رامية نفسي عليه .
: ايه مالتس شغله الا تقزينه مع الطاقه .. ولاتحسبين العنود ماعلمتني بسالفة الرسالة .. انا سكت عشانتس اختي الكبيرة وعشان ابوي وامي مايدرون وانتي تدرين ان ابوي لو درى عن سوالفتس وش بيصير له .
: فكيني فكيني بالله من محاضرتس اللي تجيب المرض .
: تصدقين اني جاية ابي اكلمتس في الموضوع هذا واشوا انتس اللي فتحتيه .
: اوووووووووف هذي من يصك فمها الحين .
: انا بقول لتس كلمتين ترى ان كررتي حركاتس هذي والله ثم والله يانوف لاعلم امي .. وامي ان درت تبي تقول لابوي جيب المملك وزوجها حمود واسترها .
ارتعبت نوف من طاري حمود قالت : الله ياخذ عدوتس يالخبلة فكيني من سيرة هالعله واذا اسمه معجبتس تراه حلال عليتس ماابيه ولا ابي طاريه .
وقفت نورة قالت : انتي اصلاً ماتستاهلينه .. لكن البلا انه يبيتس ومايبي غيرتس .
طلعت نورة وتركتها .. ونوف تتمتم بقهر : اللي يبينا عيت النفس تبغيه واللي نبي عيا البخت لايجيبه .. تبعت اثار اختها بنظرة حزينه وكملت : عيا البخت لا يجيبه يانورة ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
يوم دراسي اول ..
وصباح جديد وعودة للروتين اليومي ..
مرت من عنده منال لابسه مريولها وهو متوسد فخذ امه اللي تمسد له شعره ..
قالت منال : يمه شوفي حنان خليها تعجل .. كل شوي وهي لابسة بلوزة شكل .. وكل شوي وهي فاتحة شعرها وتغير شكله .
رد فهد وهو مغمض عيونه : علامتس يالعصلا اخلاقتس قافلة مع الصبح .
قالت : علتني اختك كل يوم وحنا داخلين المدرسة والطابور قد بدا .. ولولا الوكيلة تحبني ولا وقفتنا قدام البنات .
قام جلس قال : انا ولد ابوي .. تحبني وشو ..؟
ضحكت منال منه قال : ههههههههههههه وكيلتنا مصرية كبر جدتي حصة .
ابتسم فهد ورجع تمدد وحط راسه على فخذ امه من جديد قال : اشوا اشوا .. اللي نسمعه الايام هذي في المدارس يشيب الراس الله لايبلانا .
قالت حنان اللي جات تمشي وهي تلبس عبايتها : تكفى فهد اليوم تودينا للمدرسة ماعندك لاشغله ولا مشغله .
رد عليها بدون مايطالع فيها : اقول توكلي على الله بس خلي ودني .
سحبتها منال وهي تهمس لها : امشي امشي ياحنان خلينا نلحق خالد قبل يمشي هذا فهيدان والله مايتغير لو مدري وش يصير .
قالت حنان وهن يبتعدن عن جلسة فهد وامهم : والله اني قلت بيتغير بعد موت سعود ولا الحادث اللي شافه ويقول يروع .. بس شكل قلبه صخر .
..
وهو على وضعه قال لامه اللي تنصحه يدور له وظيفه الايام هذي وان كلام حنان صحيح : انا كلمت عماد ابي ابيه يدبر لي وظيفه تلهيني عن هالدنيا .
ردت امه بشفقه وخوف : بسم علينا .. ياوليدي لااسمع هالكلام منك .. تعوذ من ابليس ودور لك على وظيفه وانا ابي ادور لك البنت اللي تناسبك .
: لا الله يرحم ابوتس .. فكيني من طاري العرس .
: الله يهديك وانا امك .
قام جلس قال : انا بروح لعماد يمديه صحى ابيه يعلمني وش شغلي بالضبط .. الديرة هذي ماعاد اطيق اجلس فيها مير الله يصبرني .
: الله وانا امك ييسر لك دروبك ويرزقك الصلاح والهداية ويجازي عماد بالخير يوم خيره ماكفه عنا من يوم ربي رزقه .
طلع فهد من عندها وبقلبه وشلون يهج ..
صبر عشرين يوم في الديرة بدون سعود ..
بس ذبحه الشوق وماعاد له طاقه على الاحتمال ..
رغم انه يروح لقبره كل يوم ويكلمه ويسولف عليه ويدعي له ويرجع .
ومع هذا ماطاق المكان بلاه وبدونه ..
***
صحت من نومتها وفزت تبي تشوفه ..
بس تسمرت بمكانها وهي ماتشوف الا مكانه ..
التفتت للحمام وشافته خالي وطلعت تدوره ..
دقت باب غرفته ودخلت وسمعت صوت الشاور ورجعت ..
توضأت وصلت ولبست بسرعه وهي تهادي الوقت لايسبقها ثم تفتح نوف عليها الباب اللي ماينصك بسهوله معاها هي بالذات ..
طلعت وهي لابسه عبايتها ومرت عليه شافته يمشط شعره المبلل ولابس ثوبه قال بصوت عادي وهادي : خلصتي ..؟
طالعت فيه تتفحصه ..؟
معقوله هذا اللي كان البارحه عندها بغى يموت ..
بس باين في وجهه اثار التعب ..
قالت : صباح الخير .
التفت عليها ورجع طالع في المرايه قال : صباح النور عجلي انا اللي بوصلك للمدرسه .
: كيفك الحين .
رمى الفرشه من يده وجا يمشي عندها قال : انا بخير مافيني شي بس لاتجيبين طاري لا لجدتي ولا تعلمين فوزية ثم يتنشر الخبر في الديرة كلها .
صرت عيونها بشك قالت : خبر ايش ..؟
: ها .. خبر اني تعبت امس .. يالله ترى ماباقي وقت ..؟
: الحين انت كويس .
فتح يدينه قال : وش تشوفين ..؟
اغتصبت ابتسامه من عمق حيرتها ورسمتها على وجهها قالت : الحمد لله .
رجعت لغرفتها وطلعت بعد دقايق قليله كانت في المدرسة ..
سلمت على زميلاتها وكلها شوق لمواجهة عزة مدرسة الانجليزي الجديدة ..
جاتها عزة الهادية والمنطوية على نفسها كثير ..
: هلا شادن ..
: عزة ابغى منك خدمه .. خذي الورقه وترجميها لي بالحرف . بس عزة ابغى الموضوع بيني وبينك .
اخذت عزة ورقة الفحص الطبي اللي عثرت عليها شادن من بين علب الأدوية في الكيس واخذتها تقرأها بس طلعت كلها مصطلحات طبية مافهمت منها شي الا اسم عماد مشعل ال ... وتاريخ الفحص قبل شهر ..
قرأتها عزة وهي تعقد حواجبها قالت شادن بلهفه : عزة اش فيها ..؟
كملت عزة ورفعت راسها قالت : هذا تحليل اسمه( انتي اتش بي اس ) (Anti-HBs ) ويقول ان نتيجته سلبيه للأسف .
فتحت شادن فمها قالت : ويعني ..؟
: اللي فهمته من الكلام اللي هنا انه تحليل خاص بفيروس الكبد الوبائي بي .. ..
وضاع الكلاااام ..
وضاقت الدنيا
وتاه النظر والسمع وكل الاحساس ..
تسندت على عزة ومسكتها عزة بلهفه : شادن شادن .. ياربي اش سويت لك .. شادن ياعمري اصحي .
دخلت نوير وشادن في حضن عزة مغشيه ..
وبسرعه خرجت عطرها من شنطتها وبخت عليها وغسلت وجهها بمويه قالت : خلينا نوديها للبيت .
اخذت عزة الورقة وحطتها في شنطة شادن اللي نزلت دموعها بدون مقاومه ..
قالت نوير بحنان : شادن قلبي تبين ترجعين للبيت .
هزت راسها بإيه ودموعها مغرقه وجهها وسط ذهول نوير وأسف عزة .
طلعت نوير لنوف اللي اعترضت في البداية وتحت الحاح نوير وافقت .
مشت مع نوير والدنيا في عيونها صغيرة ..
اجل مريض وانا الومه ..!
مريض ..؟
حبيب جدتي مريض ..
زوجي مريض ..؟
واي مرض ياشادن ..
ماردت على نداءات نوير المتتاليه لها ..
وصلت بيتها وهي سارحه وهايمه وصامته ..
دقت نوير الباب ورجعت وهي تشوف عماد يفتح الباب ويسأل بلهفه ..
: شادن .. خير وش فيك ..؟
فصلٌ ثالث عشر
~~ تـــعـب قــلبـي ودمعي قرح جفوني ~~
صبحٌ جديد ..
متخمٌ بالشجن ..
مشبعٌ بالأسى ..
اللهفة تقودهما بلا شعور ..
هي تكتظ بؤساً وشقاء ..
وهو يمتليء كله اسئلة خوف ..
كل الأسئلة ذبلت وتساقطت وهو يشوفها تشهق وترتجف ..
سمع نوير تتمتم بحرج : تعبت في المدرسة وجبتها .
استحت نوير من وجودها بينهم وانحرجت اكثر وهي تشوفه يناظر في شادن بخوف وقلق ومستحي يتقدم ..
نزلت اغراض شادن على الأرض ورجعت بسرعه .
مد يده عليها ومسكها بساعدها وهو يدخلها ويسألها : تقدرين تمشين ..؟ وش تحسين به ..؟ وش صار لك ..؟
مادرت عليه وكانت شهقاتها خير معبر وجواب للي تحس فيه ..
قال بلهفه وهو يشد على ساعدها الصغير على قبضته بقوة : شادن ردي عليّ .. تبين دكتور .. ؟
هزت راسها بلا وهي تحاول تكبت نشيجها تحت غطاها اللي ماشالته من وجهها ..
قال حتى يهديها : زين زين تعالي ارتاحي .
دخل ونادى على الشغاله بصوت عالي : لسلي بسرعه روحي جيبي اغراض المدام من برا .
مافلتها من يدها وهي تطلع معاه لحد مادخلت الغرفه ..
سحب غطاها وهو يقول بدون ماينتبه للي تحت الغطا : تعالي ارتاحي وعلميني وش فيك بالضبط ..
تجمد الكلام على شفاهه وهو يطالع في وجهها ..
وفترت كل عضلات جسمه وتخدرت ملامحه ..
وش صاير ..؟
اكيد انها عرفت بموضوع زميلاتها وصديقتها ..
الله يعين لابد اوديها ..
تذكر نوف وحركاتها وتمردها في الايام الأخيرة
لاتكون بنت لافي قايلة لها شي ولا مزعلتها ثم العن خيّرها ..
تبي تحدني على اذيتها وابوها المسكين مايستاهل ..
كل هذا دار في مخيلته خلال ثواني ..
طالع في وجهها من جديد وهي تمسح الدموع بيدينها وشهقاتها متعاقبة ومتواصله ..
مسح على شعرها قال ببرود : ادخلي غسلي وجهك .
فتحت طرحتها وعباتها وهي تطالع في وجهه المخطوف لونه من اثر تعب امس ..
عيونه ذبلانه رغم الخوف اللي تأجج فيها والقلق اللي بان على نظرتها ..
ابتسم نصف ابتسامه من نظراتها فيه قال : شادن وش اللي صار ؟.
ارتجفت شفايفها وهي ضايعه وخايفه ومتردده ..
أي طريق تسلكه معاه ..
وأي كلام تقوله ..
انا كشفت سرك ..؟
ولاَّ تراني عرفت علتك ..؟
وماعاد فيه امل انك تخبي وتخفي ..
ركزت بنظراتها في عيونه اللي تاكلها بقلق وخوف وعدم فهم اللي يصير ..
تمتمت وهي ترتجف : عماااد .. عماااد .. عماااد .. انا .. وانخرطت في بكاء مرير ..
حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي تنتحب وهو في هاله من الذهول يحاصره ويحيطه ..
فتح يدينه ولمها كلها على صدره ..
وهمس لها بحنان وخوف : خلاص هدي نفسك .. تعالي غسلي وجهك ..
وعلميني بكل شي صاير لك يا .. ..
بتر كلمته وسكت لثواني وكمل : عجلي يالله لاتخليني اقلق عليك اكثر .
دفنت وجهها في صدره لأول مرة برغبتها وبجنونها وحبها وحنانها وخوفها عليه وشوقها له ..
استنشقت ريحة جسمه
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
اللي امتزجت مع ريحة عطره العود المعتق وتغلغلت لروحها وقلبها قبل انفها ..
رفع راسها وشاف دموعها مختلطه بكحلها ..
تذكر ليلة زواجها ..
ومناحتها ،
ودموعها ،
وكحلها اللي احالته الدموع لسيل اسود يجري على خدودها ..
لثم جبينها مرات كثيرة ودفن وجهها بصدره وهو يستجديها انها تهدي حالها ويكرر : خلاص يابنت الحلال .. وشو له كل هذا .. خلاص هدي نفسك .
رفع راسها وكمل : شادن طالعي فيني .. علميني وش فيك ..
ماكان منها جواب و مشاها لحد ماوصلت الحمام قال بحنان الاخو والابو وولد العمه والزوج التايه الخايف والضايع : ادخلي معي وغسلي و جهك يالله .
دخلت منصاعه لامره وملبيه لكل رغباته وكل مافيها ينبض بـ " أبشر ولبيه واللي تامر فيه .. "
غسلت وجهها بالمويه البارده وهو بجنبها قالت وهي تشهق : خلاص .. خلاص .. خلاص الحين هادية بس خلني اغسل زين .
هز راسه اللي فيه مليون سؤال وكل خوفه ان نوف جرحتها بشي ولا تعرضت لها وقهرتها وهو يطلع من الحمام ..
جلس على السرير ينتظرها وراسه بين يدينه يفكر ويتخيل ويتوقع ويهدد ويتوعد ..
رفعه بعد دقايق وهي خارجه من الحمام بعد ماغسلت وجهها وفي يدها منديل تجففه فيه ..
وأشر على السرير بجنبه بمحاولة جاهدة منه انه يمنع نفسه لايقوم ويحضنها لين يشفي صدره واللي بداخله قال بهدوء : تعالي هنا .
فتحت شباصتها بقلق وتوتر وانسدل شعرها الناعم اللي تجاوز اكتافها باهمال ..
وجلست قريب منه
الحيا وعدم التعود يمنعها ..
وخوفها عليه وحبها له اللي اكتشفت جنونه اليوم يقربها منه ..
دارت في راسها اكثر من فكرة تعتذر فيها عن بكاها لحد ماتلاقي طريقه تواجهه فيها ..
أخيراً رست على فكرة عل وعسى انها تقنعه وهي تسمعه يقول : تعبانه تبين الشغالة تسوي لك قرفه مدري وش اللي كنتي تشربينه .
ابتسمت وهي مخنوقه ودموعها تملى محاجرها ..
قالت بحنان وهي تتأمل جبينه وعيونه : لا مايحتاج . انا آسفه اني ازعجتك وانت تعبان ..!
تنهد بقلة صبر وضم جفونه على عيونه بقوة وفتحها قال : وش اللي صار . ؟
اخذت شادن منديل ومسحت عيونها وخشمها قالت : ولا شي بس وحدة من زميلاتي كلمت امي ..
طالع في عيونها ينتظر سيرة الحادث قال : ايوه وبعدين .!!
: تقول انها مشتاقة لي واني طولت عليها ..
رد بعفوية وصدق : وهي صادقه والله .. طولتي بالحييل عليها لكن هانت خلاص اليوم نمشي لها .
رفعت نظرها لعماد وتجمع الدمع بعيونها وهي تتذكر كلام عزة البعيد عن امها وسيرتها وارتجفت شفتها وهي على حافة الانهيار من جديد قالت : مافيني اتحمل .
لف يدينه عليها بسرعه وكأنه يقول " تعالي احضنك بدالها واعوضك عنها "
ضمها على صدره وهو يردد : وبس هذا اللي صبحك ونكد عليك .. وبس هذا اللي نزل هالدموع .. انفاسه الحارة تلهف وجهها ويدينه تحيطها ..
وصدره يلمها ..
وكله يحاصرها ..
وهي كتلة الوجع والقهر منسجمة على المساحة العريضه اللي احتوتها بكل امان وحنان ..
شافها مرتاحة وكأنها تلوذ به من شي وتركها على صدره دقايق وهو تداهمه احاسيس مختلفه ..
ويجتاحه شعور مجنون انه يضمها اكثر ويلمها من راسها لرجولها في حضنه ..
قال بهمس وصوت مختلف : ماتبين تقولين وش فيك ..؟
رفعت راسها قالت بتجلد وصبر واخفت وراه الضعف والكسر : خلاص قلت على اللي فيني .. مسحت سيل الدموع بيدينها وكملت بابتسامه باكيه : الحين ماعاد فيني شي .
: زين يالله البسي والحين نمشي لجده .
هزت راسها بلا ودموعها تنساب من جديد ..
قالت بصوت مبحوح من اثر البكا : مااقدر اروح الحين .
عقد حواجبه مندهش من رفضها قال : ليش ماتبين ..؟ اذا تخافين الدوام يردك ماعليك .. ماباقي عن الاختبارات شي وانا اجيب لك عذر بس قومي ..
رجعت خصلتها اللي اعتادت التمرد ورى اذنها ورجعت تتمرد من جديد قالت : مو اليوم .. انت لسه تعبان .
مسد ظهرها وهو يقول : ماعادني تعبان بس قومي والبسي .
رفعت له راسها قالت بلهجه فيها عصبيه تحاول تخفيها : الا تعبان ولازم ترتاح ..
رجعت حطت راسها على صدره وكملت بضعف : لاتضغط علي الله يخليك .
الجو مشحون بالعواطف الجياشه ..
حنان وخوف
وشعور بالانجذاب والانجراف ..
ورغبه بالاحتواء والاحتضتان ..
وخوفه ان رغبته تدفعه لها اكثر تحت تأثير العاطفه ..
بس لابد يدور على مفر ومنفذ للهروب ..
طالع في الباب وده يبعد ومشاعره ورجوله تمنعه ..
قال بعد تنهيده معبرة : انا برسل الشغاله عليك بشي تاكلينه ووقفي دموع يابنت الحلال .. ترى الدعوة مو محتاجه كل هالبكا تبين اهلك قومي اوديك .. ولا اذا فيه شي ثاني يبكيك ..
قاطعته بسرعه : لا مافيه غير اللي قلت لك .
رد بحزم ولهجه آمرة : اجل يالله قومي البسي وانا بنزل لفهد وجدتي وارجع الاقيك جاهزة ..
كانت بتتكلم وتعترض بس سكتها بحزم قال : يالله لاتجادليني .
قال جملته وهو يبعد عنها وطلع من الغرفه يدور ابعد مكان عنها يخمد شعوره تجاهها ويهجد احساسه ناحيتها .
رجع لها بعد ثواني قال بجديه وصوت جاف : انتبهي لاتنزلين ترى فهد في غرفة جدتي .
هزت راسها وهي تتبعه بنظراتها لين اختفى من امامها ..
وقامت دخلت الحمام ..
اخذت لها شور سريع ينشطها حتى تستعد لمواجهة حياتها الجديدة ..
وحتى ينعشها بعد سيل الدموع اللي سكبتها وورمت لها وجهها وعيونها ..
وحتى تاخذ راحتها في الحمام وتكمل الباقي من الدموع المخزنة وللحين مانزلت كلها .
الموضوع مو عادي ابداً ..
والحياة مو سهله ..
وعماد مو أي احد ..
وهي لابد تتصرف بعقلانيه واضعه شعوره واحساسه وحياته في الأولوية ورأس القائمة ..
أي تصرف خاطيء او تهور يمكن يزعزع حياتها بلحظة ويمكن ينهيها ..
لبست تنورة جينز سماوي وعليها بلوزة واسعه الوانها مموجه بتداخل البني والتركواز ..
جففت شعرها وهي تسترجع كل كلمة قالها وكل فعل افتعله من يوم عرفته لليوم ..
قسوته ولينه ..
جفاه وقربه ..
تجاهله لها وغزله ..
معناتها يبيها ويبي قربها والمرض هو الحاجز اللي يمنعه ويحيل بينه وبينها ..
وش الحل ..؟
تواجهه وتحط يدها على كتفه وتقول انا معك للأبد ..
ولا تسكت وتكون العون الخفي ..
غمضت عيونها وهي تلم شعرها اللي انسدل على اكتافها وتمتمت لربها انه يعينها ويساعدها على ماابتلاها لأنه هو الأقدر والأقوى والأعلم بالغيبيات وله القدرة على التحكم فيها ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
نزل من عند شادن لجدته وفهد اللي جاه من بدري ..
عقله مشغول وقلبه منشغل ..
قالت جدته اول ماشافت وجهه : انت وين رحت اللي دق عليك من ..؟
زم شفايفه قال : شادن رجعت من المدرسه .
فز قلب ام ناصر لهفه وخوف قالت : وش ردها هالحزة عسى ماهيب تعبانه .
جلس عندهم وعيون فهد تتأمل صدر عماد الملطخ بكحل شادن وروجها قال : والله ماادري عنها تبكي وتقول ان فيه مدرسه من زميلاتها كلمت امها وانها مشتاقة لها وطولت عليها ... زفر وكمل : الظاهر اني بوديها الحين لها .
: ليت ماعلموها عن حادث خوياتها .
ارتعب فهد من السيرة وعقد حواجبه لاشعورياً ..
وسرعان مافردها ورجعت الابتسامه متناسي وملتهي بحال عماد والآثار اللي على ثوبه ..
قال عماد وهو يجلس ويتكي وعقله ياخذ ويودي : مااعتقد .. لأنها ماجابت سيرته ومن كلام نايف انها متعلقه في صديقتها ولو درت ماقعدت دقيقه وحده .
رشف فهد من فنجاله وهو يدقق في صدر عماد عنوة وعمداً وقصد اً..
قال وهو يبتسم : والله شكل البنت مشتاقه لاهلها بس البركه فيك ياابو مشعل .
طالع عماد في المكان اللي فهد غارس عيونه فيه وهو يتكلم ..
تأمل آثارها عليه وسكت ثواني وعيونه على صدر ثوبه وخالجه شعور غريب مافسره ..
اخيراً رفع نظره لفهد وقال وعلى شفاهه ابتسامه حيَّة وبحرج : اشوفك تطالع في جيبي اذا تبي فلوس علمني لايردك شي .
اتسعت ابتسامة فهد قال : لاوالله الا ابي حنان .
ضحك عماد اللي فهم قصده قال : اقول اقلب وجهك بس . ثم يالله قوم وتوكل واسبقني للشركه .
قاطعته ام ناصر : حنان من ..؟ اختك ..؟ علامها وش بلاها ..؟
اخذ فهد شماغه ولبس طاقيته وهو يوجه كلامه لجدته ويقول : حنان مهب اختي .. حنان والله من اللي عند ابو مشعل .. الا اقول ياام ناصر الرجال ضيعته مرته ماغير مقابلها وتارك اشغاله خليها تحرره شوي ..
اخذت ام ناصر عصاها وهشت بها عليه قالت مقاطعته بلهجة حاده : انت وش تبي به هو ومرته .. ثم تراني من بكرة بروح اخطب لك من بنات لافي اشبع بحنانهن واترك عماد عنك .
فتح فهد عيونه وهو يطالع في عماد قال : وش لافي ....؟ لايكون لافي جاركم .
ردت بحده : ايه جارنا .. بخطب لك بنته المديرة دامك توظفت وتسنعت .
امتعض عماد من الطاري وفضل انه يسكت لأن الموضوع مايتعدى المزح وماحب انه يلفت النظر لرأيه وردة فعله ..
قال فهد وهو يعدل عقاله على راسه ويطالع في عماد : داخل على الله ثم عليك ياابو مشعل .. فكني من عجوزك لاتسوي فيني سواتها فيك .
ضحك عماد وهو يوقف معاه : موب قبل شوي تبي حنان .. هذا هو الحنان جاك يمشي برجوله .
كشر فهد بوجهه قال : تراني في وجهك ياعماد فكني منها ..اخاف اجي من جده والاقي هالعجوز قاضيةٍ من الملكة والعرس وجايبةٍ الحرمة في بيت ابوي . .
ضحك عماد منه وابتسمت ام ناصر من اسلوب فهد اللي بدا يرجع لطبعه ولو ان فيه حزن واضح وتغيير كبير ..
تكلم عماد وهو معقد حواجبه ويحاول يخفي الضحكه : استح على وجهك وقدر الاكبر منك لاتخليني ازوجك انا وغصب عنك ..
: عز الله بغيتك عون لقيتك فرعون .. الا اقول ماعلمتني وش وظيفتي .
قال عماد : انت متى بتمشي لجده ؟
: الحين بمشي .. تنهد وكمل : الديرة ماتنطاق من بعد اللي راح الله يرحمه .
ربت عماد على كتف فهد قال محاول تغيير السيرة وعدم الخوض فيها : توكل على الله وقابل فايز وانا اكلمه لك قبل اجيكم .. طالع في ساعته وكمل : انا بطلع البس واودي الحرمه اهلها .
تكلمت ام ناصر : ايه ياوليدي ارحم حالها تراها ابطت على امها .
قال فهد : يالله يالله .. اشوفكم على خير . انتظرك ياابو مشعل اليوم في جده .
هز عماد راسه لفهد وهو يقول : الله يستر عليك .. انتبه لاتسرع على سيارة نايف ..
رد فهد وهو يمشي متوجه للبوابه : مانيب راعي سرعه يالله سلام .
صك الباب وراه والتفت عماد لجدته اللي قالت : ياوليدي ياعماد مرتك ضعيفه شوف وش ينقصها ولاتخليها تحتاج شي وهي عندك .
: الله كريم يالغاليه .. انتي بس لاتفكرين باحد ولاتشيلين هم احد .
: ان ماشلت همك انت وبنية خالد الله يرحمه وش ابي بعمري .
مال عليها وسلم على راسها قال : والله ماقد ارتحت ليا ابعدت عنتس الا وشادن عندتس .. وهالمرة ان اخذتها ماادري وشلون ارتاح هناك .
: تعوذ من ابليس وانا جدتك .. واخذ مرتك ومشها واقعد معها عند اهلها وانا معي ربي متعودة من خلقتي على بيتي وعيالي مايبطون عليّ وهذي فوزية عندي كل يوم .
: زين يالله انا بطلع ابدل ملابسي ونمشي بدري قبل الجو يحتر .
طلع مع الدرج وهي تلهج بالدعوات الطيبة اللي اعتاد عليها وتعودت انها تدعيها له ..
***
في مستشفى فقيه بجده ..
تسلل صوت ام نايف اللي حلفت انها تبات مع سارة في المستشفى لسمعها وهي تقرأ عليها وتنفث بالمعوذات وآية الكرسي واللهم رب الناس مذهب الباس اشفها انت الشافي لاشفاء الا شفاؤك .. شفاءٌ لايغادره سقماً ..
رجع لها الشريط المؤلم زي كل مرة لمن تصحى بعد ساعات المنوم والمسكن ..
تذكرت لمن فزت من نومها مفزوعه على صراخ اميرة .. ونورة .. وتشهد فاطمه والجيمس يتقلب بعد مافقد ابو سعد السيطرة عليه ..!
والارتطام الأخير بعد مارماها من الباب اللي انفتح فجأة ..
وفقدانها لاصوات البنات ..!
تردد في سمعها صوت ساميه وهي تصرخ وتنادي اهلها وزوجها .. وتردد بنموت خلاااص ..
تذكرت آخر جملة لأميرة وهي تتشهد وتمتم بعيالي عيالي ..
وفجر قلبها وعقلها وسمعها صوت فاطمه باطمئنان وهي تتشهد خارج الجيمس اللي رماها وارتطمت على راسها وسيل الدم ينساب من اذنها الى ان فاضت الروح ..
انتبهت ام نايف لدموعها اللي بللت خدودها ..
واخذت منديل وقربت منها وهي تمسح دموعها وتقول : سارة حبيبتي ترى انتي بخير ماعندك الا كسور خفيفه وكلها ايام وتطلعين من المستشفى .
شهقت من دون ماتتكلم او تفتح عيونها ..
وهمست ام نايف : الحمد لله على السلامه .. ويالله احمدي ربي واشكريه على الصحة والسلامه .
هروبها كان صمت وغطا عيون ..
وأفكارها وقلبها مدفون في غبار الحادث وبين صراخ البنات وتأوهات ابو سعد اللي ماطالت ..
حاولت ام نايف تبعدها عن التفكير اللي واثقه انه في زميلاتها وحادثهن ومسحت على راسها قالت : امك وابوك ومشاري كلهم كانوا هنا ... وترى تلفوناتنا مافصلت كل الناس يسألون عنك ومهتمين فيك ويدعون لك بالسلامه .
حست بالألم يسري بيدها المكسورة ثلاثه كسور ومجبسة من الكتف للكف ..
وتأوهت من العمق بصمت وهي مكشرة ..!
قالت ام نايف : تبغين شي ياسارة ..؟ قولي لي وانا اسويه لك ..!
دخلت امها الغرفه وبعد ماسلمت وسألت عن حال سارة .. طمنتها ام نايف انها اليوم احسن وقامت طلعت من الغرفه احتراما لابو مشاري اللي بيدخل يتطمن على بنته بنفس الوقت بترجع لبيتها بما ان مهمتها انتهت بوجود ام سارة مع بنتها ..!
دخل ابوها وتهلل وجهه وهو يشوف سارة معقده حواجبها وتتألم دلالة على انها صاحية وتحس
سلم على جبينها قال : ماشاء الله تبارك الله ... لا اليوم دلوعة ابوها طيبة ..
قرب من اذنها وهمس : الحمد لله اللي طمن قلبي عليك .. يالله شدي حيلك عشان ترجعين معانا للبيت بسرعه .
ماتحرك منها شي لأن كل هالكلمات المشجعه تسمعها كل يوم بس ماأثرت فيها مع هول مصابها وعظم فجعتها ..
شدت امها على يدها وهي تقول : سارة ياحبيبة امها والله قطعتي قلبي عليك اسمعيني وشوفي حالي تراني ماعدت انام زي المسلمين وحالك هذا .
مرت الكلمات من عندها عبثاً وهباء ..
الاحساس مفقود الا بعاصفة الحادث الهوجاء ..
والألم اللي يشتد بباطن قلبها وجسدها .
وكل الشعور ميت الا من الوجع ..
ربت مشاري على كتفها وهو يقول : خلاص ياسويره هانت كلها كم يوم وتخرجين من المستشفى لاتزودين الدلع ترى اشتقنا لك ..
تنهدت بقوة وبقلبها " وين اخرج وكيف اخرج وليه اخرج وبأي حال يامشاري تبغاني اخرج "
دخلت عليها الممرضه وحقنتها بمسكن ومنوم ادخلها في نوم عميق من جديد .. وابعدها عن الواقع لساعات ..
واضطر ابوها انه يرجع لشغله بصحبة مشاري ..
اما امها فجلست على الكرسي مكان ام نايف وشغلت المسجل الصغير اللي جابته على صوت الشيخ سعود الشريم لعله يهدي نفسها ويريحها ويصبرها ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
بعد ماوصل الشركه وعرفه فايز على الموظفين ومكتبه الخاص .
جلس على الكرسي الدوار اللي مااعتاده ولا تعود عليه ..
الشغل وجوه وروتينه شي غريب عليه بس لابد يسلك حياة جديده ..
كل شي وله نهاية ..
والونس والمرح وحياة المزاجية انتهت من يوم مانتهى سعود وفنت معاه ..
بدأت حياة الجدية ..
والهروب من التفكير في اللي راح لابد منه حتى يقدر يكمل باقي حياته انسان طبيعي ..
لأنه لو بقى يفكر في سعود فلامحاله راح يصيبه الجنون .
اليوم كأي اول يوم دوام .
مافيه شغل ولا كلفه فايز بأي شي غير انه يتعرف على المكان واهله . .
دخل عليه الفراش ببيالة شاهي وهو يرحب فيه من اول ماعرف انه يقرب لرئيس الشركه ..
: حياك الله ياولدي .. ياريحة الرجال الطيب .
ابتسم له فهد وهو ياخذ بيالة الشاهي من الصينية ويقول : الله يسلمك ياعم ...
قاطعه : عمك سعيد . وابو عماد ..عندي ست بنات وولد عمره سنتين سميته على اسم الغالي رئيس الشركه وصاروا الناس ينادوني بأبو عماد ..
هز راسه وهو يقول : الله يسلمك ياعم سعيد ... اجل سميت على اسم ابو مشعل .
: ايه والله ياولدي يستاهل من يسمي عليه .. عارف اش كانت هديته لولدي .
رشف فهد من الشاهي قال : وش اهداك ..؟
: بيت على قدنا انا وبناتي وسجله باسمي ..
هز راسه فهد مو مستغرب من عماد هالفعل قال : مو غريبه على ابو مشعل خيره ضافي على الجميع ..
: اي والله وانت صادق ياولدي ..
طلع الشايب وهو يدعي لعماد بصوت عالي على انه فك ضقته وفرج كربه ويسر عليه ببيت ملك بعد الإجار اللي كان كاسر ظهره ..
تبعه فهد بنظراته وهو يتذكر عماد ..
هذا عماد بكل مكان يروح له يغرس له في قلوب اهله مكان ..
ورغم انه محبوب الا انه فارض هيبته واحترامه وشخصيته على الجميع ..
رمى فهد مفتاحه على المكتب وطلع جواله ودق على نايف بياخذ اخباره ويسأله السؤال اللي اشغله من يوم الحادث لليوم ..
رد نايف : هلااااااا والله حيا الله هالصوت .
: هلا بك والله .. وشلونك ياابو خالد .
: الحمد لله بخير ماناقصني غير جيتك للبيت .
حط فهد رجله على طرف المكتب وسند بظهره على الكرسي قال : الله يسلمك ويجعلك دوم بخير .. وينك شكلك في الطريق .
: ايه والله رايح اجيب الوالده من المستشفى .
: عسى ماشر .
: ماشر ان شاء الله .. البارحة رافقت مع بنت جارنا ابو مشاري .
تنحنح فهد ونزل رجله وعدل جلسته قال : اها... صحيح وش هي اخبارها ماطلعت من المستشفى .
: لاوالله ماطلعت للحين عندها انهيار عصبي المهم تكفون شادن لاتدري عنها .
: لا اليوم عماد يقول انها للحين مادرت عنها . اجل جابوها لجده ..؟
: ايه جابها ابوها لفقيه .. المهم ترى ابومشاري موصيني اول مااشوفك ولااكلمك اقول لك انه يبيك ضروري ولازم يشوفك .
عقد فهد حواجبه قال : وش يبي ..؟
: والله ماادري بس انت قابله وشوف وش يبي ..؟
وقف فهد وهو يتفقد مفاتيحه ومحفظته قال : زين انا بعد ساعه وانا عندك في البيت ان شاء الله يمديك ترجع قبل .
: ايه خلاص هذاني عند المستشفى وربع ساعه وانا في البيت انتظرك بإذن الله .
: زين زين يالله اشوفك اجل بعد شوي .
: اوكي .. مع السلامه .
قفل من نايف وطلع من الشركه ..
وش يبي ابو مشاري . .
الله يستر لايكون في قلب الرجال شي عليّ وانا شايل بنته على ذراعي .
تذكر مكان الدم على ملابسه ..
صدره وبطنه وكتفه ..
وقشعر جسمه وهو يتذكر نظرات مشاري وهو يسأله عن الدم ..
اكيد عرفوا كيف شلتها ..
زفر وهو يزم شفايفه وبداخله رغبه لمعرفة وش يبي ابو مشاري منه يناقضها الابتعاد عنه وعن الاحراج له ولا لمشاري وابوه ..
ركب سيارته وتوجه لبيت نايف اللي يبعد عن شركة عماد قرابة الساعه الا ربع ..
***
كان الطريق طويل ..
هي اغلب وقتها ساكته او ترد عليه اذا قال اشربي ولا كلي ..
وهو اغلب وقته يرد على المكالمات اللي انهالت عليه ..
سمعت طريقته في الكلام مع الناس ..
صوته لوحده يحسسها بهيبته ..
ولهجته واسلوبه وطريقته الآمرة غالباً والمحترمه دايماً واللي محورها الى الآن عن الشغل والتجارة والاسهم .
تأملت يده السمرا وهي تمسك المقود بارتياح وانسجام ..
ساعته اللي تطوق معصمها بشياكه وفخامه ..
نظارته السوداء المناسبه لتشكيل وجهه الوسيم وتغطي عيونه ومظهرته بصورة ولا في احلام النساء ..
مسبحته وحباتها الفضية ومطوقه بخيط ذهبي ناعم ..
محفظته الجلد الغاليه واللي نزلها بجنبه بعد ماطلع منها بطاقة فيها رقم تلفون املاه على واحد كان يكلمه ..
جواله الأنيق اللي ينتقل من اذن لاذن بحركة رجولية ساحرة ..
ومدالية مفاتيحه اللي تشبه المسبحه قطعه فضية عريضه ومطوقه بخيط ذهبي رفيع ومحفور اسمه فيها ( عماد ال .. )
وقلمه الفخم اللي لمعته تعكس اشعة الشمس وتجهر اللي يطالع فيه ..
حتى جزمته ( الله يكرمكم ) فخمه وأنيقه
كل مافيه ينضخ بالفخامه والهيبه ..
تنهدت وهي تتذكر مرضه اللي ممكن بلحظة ياخذه من الدنيا ويتركها ويترك وراه كل هاللي يحيطه ..
ممكن ياخذه وتنحرم من هالصوت والوجه والأحاسيس اللي غمرها به اليوم بالذات ..
شهقت بصوت واضح ماقدرت تكبته وهو يكلم فايز ويوصيه على فهد ..
والتفت عليها قال : فايز اكلمك انا بعد شوي مضطر اقفل .. يالله مع السلامه .
مد عليها علبة المنديل وسحبت منه واحد وهو ساكت .. ومسحت وجهها من تحت غطاها وهي تاخذ نفس عميق حس به عماد ..
اخذ قارورة الموية ومدها عليها وعينه على الطريق قال : خذي اشربي وتعوذي من ابليس .
اخذت القارورة وشربت منها شوية قالت بهمس : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
قال : انتي سامعه شي مو زين قولي لي يمكن اقتنع بسالفة البكا والدموع هذي .
عورها بطنها بقوة وهي تحس نفسها كذابه في نظره وان كذبتها مامشت عليه وخافت انه يكتشف اللي مداريته عنه ..
قالت : لا ماسمعت شي ..
: زين تبين تكلمين اهلك قبل مانوصلهم تقولين لهم انك جايتهم .
ردت بصوت مبحوح : لا مااقدر اكلمهم .
عرف انها ماتبيهم يسمعون صوتها الباكي واخذ جواله دق على بيت نايف ومالقى رد ودق على جوال نايف على طول ..
ووصله صوت نايف اللي يرحب ويهلي كالعاده اذا كلمه عماد ..
قال عماد بعد ماسأله عن حاله واخباره .. : ترانا جايين انا وشادن عندكم .. باقي لنا نص ساعه وندخل جده ان شاء الله .
: الله يحييكم وهذي الساعه المباركه .. درت عن زميلاتها ..
حط عماد تلفونه على اذنه اليسار مايبي شادن تسمع قال : لا لا . على العموم حنا شوي ونكون عندكم وناخذ اخباركم كلها ..
: انتظرك الله يحييكم ..
قفل عماد من نايف والتفت على شادن وهي تفتح شنطتها وتطلع شنطة الميك اب الصغيرة واللي دايماً تحتفظ بها في شنطة يدها قالت : عماد ممكن توقف شوية . ابغى اسوي مكياجي اكيد شكلي يخرع الحين .
ابتسم قال : شكلتس يخرع من الدموع اللي ماكفت ومدري وش سببها ..
هدى السرعه ووقف على جنب مبتعد شوي عن الطريق والسيارات اللي تلتهمه مسرعه ..
فتحت غطاها وطلعت مرايتها وهي تحاول تصد عنه حتى مايشوف شكلها اللي الباكي ومورم ..
حطت طبقة اساس خفيفه وباودر وبلاشر ونثرت شادو بلون الزهر بحركه سريعه ..
التفت عليها وهي تحط قلوس الزهري بخفة على شفايفها اللي وهجها البكا اكثر ..
وصد عنها بصعوبه ..
رجال ياعالم ..
وبكامل رجولتي ..
ومع انثى مكتمله ..
وشلون اصد بسهوله ..
وشلون امتنع وامنع نفسي ورغبتي ..
للحظات يقنعه الشيطان فيها بأن ادنِ واقترب ..
لكنه تغلب على شيطانه وهو يتذكر العواقب لأقل فعل يرتكبه معاها ..
فتح الباب بصعوبة ومقاومه وخرج من السيارة وقفله بقوته كلها ..
تنهد وهو يمسد وجهه بيدينه ورفع نظره للسماء ..
اللهم اني قد مسني الضر فاكشفه عني ..
اللهم الهمني الصبر والقوة والعزيمة ..
وساعدني على شيطاني واغلبه بقوة ايماني .
رجعت اغراضها لشنطتها وهي مخنوقه من تصرفه وهروبه وترد الدموع لاتخسرها الجهد اللي بذلته في المكياج ..
التفت لها وهي تعدل غطاها وركب السيارة قالت بسرعه : عماد فيك شي ..؟
سكت ثواني ورد ببرود : رجولي تكسرت من السيارة قلت امشي شوي على بال ماتخلصين .
حرك سيارته من جديد وهو بعالمه وهي بعالمها وكلهم يجمعهم نفس الألم ..
خلال نص ساعه من الصمت والتفكير المضني وصلوا لجده ولبيت اهلها تحديداً ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
في المدرسة ..
دخلت نوير على عزة اللي تشرح لصف سادس حصة انجليزي ..
قالت : عزة تعالي ابغاك لو سمحتي .
عدلت عزة نظارتها السميكه على عيونها قالت بهدوء وصوت واطي رقيق كالعاده : خير نوير فيه شي .
: وش فيها شادن .. وش قلتي لها ..؟
هزت عزة اكتافها قالت : ماقلت لها شي ..!
: متأكده .. البنت راحت من عندنا تضحك ومبسوطه واول ما كلمتك طاحت ودمعتها ماجفت .
تخربطت عزة وهي تتذكر كلمة شادن لها .. ( ماابغى احد يعرف )
قالت : ماادري اصلاً من يوم جات ووجهها مخطوف .
صرت نوير عيونها لأنها ماتحب اسلوب عزة المنغلق واللي ابداً ماتتعامل بوضوح معاهم قالت : ياربي منك محد ياخذ منك شي ...
قطعت كلامها على صوت نوف اللي وصلها وهي تقول : نوير ليه تاركه فصلتس للحين مايكفي اني سمحت لتس تطلعين مع هالمدلعه .
طالعت عزة بنوير اللي مااستغربت طريقة نوف وكلامها عن شادن ..
قالت ارجعي لفصلتس يانوير ورجاءً بلغي شادن انها تجي بكرة وتجيب لي تقرير طبي ..
قاطعتها نوير بحقد : ياقلبي شادن وديتها للبيت وبغى يموت رجلها يوم شافها تعبانه .. ابتسمت وكملت بمكر : تصدقين ياعزة انه حتى مااهتم لوجودي وبغى يشيلها من كثر الخوف عليها .. ماشاء الله ماشاء الله عسى الله لايضرهم ويستر عليهم ويكفيهم شر الحاقدين . وانتي يانوف لاتهتمين بيجيب لها تقرير واجازة اسبوع على الاقل .
آخر شي تتمنى تسمعه ..
بهت لونها وبردت اطرافها وارتعشت شفتها وهي تتخبط ماتدري وش تقول : مالي شغل تجيب تقرير يعني تجيب . هذي قرارات وزارة موب لعب .. انا مالي شغل بلغوها .
اشفقت عليها نوير من حالها اللي تدري به اكثر من غيرها قالت : يانوف مية مرة قلت لك لاتحطين راسك براس زوجة عماد .
قاطعتهم عزة وهي تطالع في ساعتها وماعجبها الكلام والنغز وطريقة كلام نوف ورد نوير
قالت : عن اذنكم وراي درس طويل والحصة ضاعت عليّ .
طالعت نوف في ساعتها قالت : عجلي انتي بعد الحقي الحصة لاتضيع عليتس واتركي شغل المحاماة عنتس .
اعطت نوير ظهرها وهي تحث خطاها للادارة مكانها اللي ممكن تلوذ به عن عيون الطالبات والمدرسات ان نزل من عينها دمعه ولا تغير شي في ملامحها لسيرة عماد وحبه لشادن ..
***
وقف قدام البيت قال بمرح : ها تعرفين البيت هذا ..
انشرح صدرها وهي تشوف البيت وسيارة نايف اللي عرفت انها مع فهد من ايام رمضان ..
قالت بعفوية : اكيد اعرفه . . ياربي قد ايش وحشني .
فتحت الباب ورجعت سكرت وهي تلف بجسمها ناحيته قالت : ليه ماتنزل ..؟
: ها ايه .. يالله .. يالله نازل .
نزلت وخرجت مفتاحها من شنطتها وفتحت البوابه الخارجيه وناداها بصوت واطي : شادن .
وقفت خطواتها السريعه لداخل البيت والتفتت عليه قالت : الحين اقول لنايف يجيك .
: تعالي تعالي .. ترى فهد قدامك لاتدخلين .
: اووه صحيح .. مسرعه يجي مو كان عندنا الصباح .
قال وهو يرجع نظارته السودا لجيبه : فهد الله يهديه ويصلحه .. زفر وقال بينه وبين نفسه : هذا اول يوم مشى وترك شغله وماقدر يصبر لنهاية الدوام .
قالت شادن : طيب بدخل انا عند امي وانت روح لقسم الرجال .
رد عليها وهو يمشي معاها ناحية قسم الحريم : انا ماني جالس بسلم على امك وامر على العيال وامشي وراي مليون شغله .
هزت راسها بقهر وقالت وهي تفتح غطاها وتدق الباب الداخلي لقسم الحريم قالت : خلني اشوف اخاف فيه احد من جيراننا عند امي .
دخلت خطوتين وشافت امها في وجهها ..
ووقف كل الكون بلحظات ..
تأجج الشوق وانهارت حصون الصبر ..
ماقدرت امها ترد دمعة اللهفه ..
وتركت لها المجال تعبر
وفتحت يدينها تضمها لقلبها قبل قفصها الصدري ..
والثانية ماقصرت رمت نفسها في حضنها وشهقاتها متواصله ..
وكل هذا على مرأى ومسمع من عماد اللي انكسر قلبه على المشهد ..
العروس رجعت تزور اهلها ..
بأي قلب وأي جسد ..
على عكس العرايس والبنات ..
اللي يرجعون بجسد غير قلب يرفل بالسعاده والهموم ..
اما هي ...!!
الجسد مثل ماهو والقلب محمل بالهموم . .
وام العروس تنتظر تقرا الفرحه في عيونها بعد اللقاء ..
ياخيبت ياام العروس ..
العروس عادت محملة بالخيبة والحزن ..
حضنتها امها وربتت على كتفها قالت وهي تمسح دموعها وتبتسم بحرج من عماد الواقف بعيد ويحاول يصد ولا ينزل نظره عنهم حتى مايحرجهم ..
: شادن فضحتينا في زوجك خليني اسلم عليه .
رفعت جسدها من حضن امها ودخلت للصاله تكمل البكا اللي ماوقف من الصباح ..
سلم عماد على ام نايف بحذر وحيا ..
وبعد السؤال عن الحال والاخبار
قالت : تفضل من هنا للمجلس ترى نايف ينتظرك .
فك شماغه ونسفه من جديد وهو يقول : ايه بمر عليهم وامشي ..
حاولت ام نايف فيه انه يجلس بس مارضى ووعدها انه يمر عليهم بعد مايكمل شغله وبينهم تلفون ..
دخل على فهد ونايف اللي فز وهو يرحب ويهلي ..
: هلا والله حيا الله ابو مشعل .. يامرحبا ومسهلا ..
: الله يبقيك ويطول بعمرك ..
قال فهد باسلوبه الساخر اللي لازال طبع فيه : هذا خويك اللي تنتظره دخلته حرمته .. انا اشهد ان الحنان مجتمع في الطرفين .
لكزه عماد برجله في ساقه اللي يغطيها بنطلونه الابيض قال : انت يوم انك قاعد هنا وتارك شغلك .. وشو له توظف ..؟
رد فهد : هذا والله اللي بينشب لي .. اقول يانايف وش رايك تمسك مكاني عند عماد وانا امسك شغلك ..
قال عماد قبل يرد نايف : شغله وشو اللي تمسكه عنه .
سحب فهد مسبحة عماد من يده بحركه عفوية وقال : هذا ياطويل العمر الشيخ نايف بيتخرج الترم هذا .. وابو خويه ابراهيم عنده شركة كبيرة وعده بالوظيفه اول مايتخرج واول مربوط سته الاف ريال ..
رفع عماد حاجبه قال : نايف وانا اخوك وظيفتك عندي .
ابتسم نايف وهو يمد فنجال القهوة على عماد : الله يسلمك ياابو مشعل ادري انك ماراح تقصر معاي ...
قاطعه عماد : اترك عنك المجاملات ومن بكرة لو تبي حتى قبل ماتتخرج ابيك في مكتبك .. رشف من فنجاله وكمل : بس احذرك من الحين فهد ابعده عنك ولاتحتك فيه يخربك .
ضحك فهد من جدية عماد الصارمه قال : لاوالله يانايف اذا تبي نصيحتي هج وانا اخوك ترى عماد ماعنده يمه ارحميني في الشغل اذا انا اول يوم هاوشني وش بيسوي بي بعد كذا .
ضحك نايف من اسلوب فهد وماعلق على كلام عماد ..
قال : بالله يافهد قهو ابو مشعل بروح اسلم على اختي كأني ماشفتها لي عشر سنين .
وقف عماد وسحب مسبحته من يد فهد قال : انا ماشي بس علم الشغاله تاخذ اغراض شادن بنزلها داخل الحوش .
حاول نايف يثنيه عن رايه لكن عماد كان عازم انه يروح للشركه ويشوف وضعها قبل ماتقفل ويغادرها الموظفين ..
طلع من المجلس ونايف بالمثل وكل واحد له وجهه عكس الثاني ..
اول ماشافها في حضن امها تبكي وتمسح دموعها اللي للحين محد عرف سرها وسببها ..
قال : افا .. الحنفيه هذي ماتنضب ولاتجف .
وقفت عنده وضربته على صدره بخفيف وضمها بقوة وهي تقول : وحشتني يادب .. اشتقت لك وانت ماتقدر تكلف على نفسك مشوار تجي تشوفني .
: سلم على راسها وهو محوطها بيدينه وضامها لصدره وكأنها بنته مو اخته الاكبر منه..
قال : بغينا نجيك والله في العيد بس اللي صار ...
قطع كلامه وهو يطالع في امه اللي تحذره بإشارة من اصبعها وعيونها ..
رفعت راسها وبعدت شوي عنه قالت : صاير شي ..؟
: اقصد اللي صار لفهد وتعبه بعدين .. مادريتي انا اعتمرنا وامي جلست ثلاثه ايام ماتقدر تمشي من رجولها .. شكل الشغالة خربتها .. الا صحيح ماباركتي لها على الشغاله .. ولا عشان انتي اللي جبتيها ماتقولين مبروك ..
ضحكت من بين دموعها وهي تقول : شوي شوي يادب كل هذي طاقة كلاميه .. اكيد انك فقدتني وماعندك احد تسولف معاه .
: فقدتك .. ايه والله فقدتك .. بس الطاقه الكلاميه هذي عندي من خلقني ربي بس شكلك نسيتيني ..
مسحت دموعها قالت : عماد مشى ..؟
: ايه مشى .. نادى بصوت عالي على الشغاله : ياساندي ..
طلعت الشغاله راسها مع باب المطبخ قال : روحي جيبي الاغراض اللي في السور .
والتفت لشادن يسألها عن حالها واحوالها ..
قال : وجهك ليه كذا مورم .. لايكون زعلانه من عماد ولا سامعه شي ..؟
قالت بابتسامه حانية لاخوها : لاياعمري عماد مافيه منه بس عشان كنت مشتاقة لكم .
طالعت امه فيه قالت : نايف بتسوي غدا لاختك ولا تخليه عشا .
رد نايف وهو يمسح على شعره ويخلله بأصابعه لورى قال : والله ماادري خلينا نخليه عشا عشان عماد يجي اذا هو الحين مشغول .
: زين شورك وهداية الله .
طالع نايف بامه بعيون مليانه كلام واسئلة قالت امه اللي فهمت عليه : نايف يمه روح لولد عمك لاتتركه يجلس لوحده .
قالت شادن : نايف لحظة . فيه شي احس عندك كلام ماتبغى تقوله لي .
رفع نايف يده يعني سلام وهو يطلع من الصاله ويدخل من باب قسم الرجال وتارك لامه المهمه ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
دخل الشركه بدون علم موظفيها الا فايز اللي اعتاد على دخول عماد المفاجيء على الموظفين .. مر على المكاتب واحد ورى الثاني وعلى الموظفين اللي تعاملهم معاه نادر جداً لأن فايز غالباً يحل محله ..
محد كان متوقع دخوله بوقت متأخر مثل بعد الظهر واللي ياكل واللي يدخن واللي جالس يسولف مع خويه
دخل مكتب عصام وهيثم الثنائي الكسول والغير مبالي بالعمل ..
وهيثم يدخن وعصام يلعب في جواله كالعاده ..
قال: الحقوني ثنيناتكم بالفايلات كلها اللي عندكم .
فز عصام من مكانه وهيثم جامد بمحله وزقارته في فمه بلا حراك او حتى نفس ..
رجع عماد ماانتظر منهم اجابة او تعبير ودخل لمكتب فايز اللي رحب فيه : هلا طال عمرك تفضل .. كان ريحت نفسك وانتظرت لبكرة .
جلس عماد على الكرسي حق فايز وهو يقول : ماتفرق يافايز اليوم ولا بكرة كله واحد .. المهم عندك موظفين هيثم وعصام عطهم انذار اخير وان ماانضبطوا قرر فصلهم فوراً ماني مستعد اتحمل لامبالاتهم في العمل على حساب الشركه ومصالحها .. غيرهم يدور الشغل أكفأ وانشط .
رد فايز : ابشر باللي تبي طال عمرك .. انا قبل شهر محذرهم وشكله ماجاب نتيجه ..
دق اياد السكرتير الباب ودخل ومعاه فايل قال : استاز عماد عصام وهيثم ..
قاطعه عماد : خلهم يدخلون .
دخلوا وماتكلم لهم ووجه الكلام لفايز : شوف شغلك يافايز وحط في بالك ان أي مستهتر في العمل مكانه مو عندي في الشركه .
وقف وهو يشوف جواله يدق واسم فهد على الشاشه ..
رد عليه وتوجه لمكتبه الفخم في آخر الممر ..
: هلا يافهد .
وصله صوت فهد العالي وهو يقول : هلا بك ياابو مشعل انت وين انت ..؟
: في الشركه ..!
: ماتقدر تطلع ..؟
: ليش تبي شي ..؟
: لا انا ماابي غير سلامتك بس مرتك الظاهر انها درت عن زميلاتها وطاحت على اهلها .
جمدت ملامح عماد .. واخذ نفس عميق وتهاوى على كرسيه الاسود الكبير قال : كنت متوقع والله .. الا انت وينك ..؟ عندهم ..؟
: ايه في البيت ونايف اخذ اخته وداها للمستشفى .
فز عماد قال : المستشفى ليش ..؟
رد فهد بحده : اقول لك الحرمه طاحت عليهم واخوها وامها ماتحملوا ودوها للمستشفى على طول .
رد عماد بسرعه وهو يقاطعه : زين زين انا اشوف وش صار مع السلامه .
قفل بسرعه ودور رقم نايف ودق عليه بس نايف خذله ومارد عليه ..
دق مرة ثانية وثالثه وأخيراً رد نايف : هلا عماد .
: نايف وشلون شادن الحين ..؟
: الدكتور عندها وبيسوون لها تحليل حمل مدري وشو .
رد عماد بأمر وهو يعض على اسنانه : لايسوون لها شي لين اجيك .. البنت تعبانه من الصبح مااكلت شي .. لاتخليهم ياخذوون منها دم ..
: بس الدكتورة تقول ...
قاطعه عماد بصوت عالي : ناايف قلت لك لاتخليهم يسوون لها شي لين اجي انت بأي مستشفى .
قال له نايف على اسم المستشفى القريب من بيتهم وطلع عماد بسرعه بعد مامر على فايز وقال انه مضطر يطلع ..
ياقلبها المسكين ..!
وشلون تتحمل ..!
القسوة ولا الجفا
ولا فراق احبابها ..
شد على المقود بيدينه حتى ابيضت مفاصل اصابعه من كثرة التوتر ونفث بأوووف من اعماقه ..
ياطول الطريق رغم ان المسافه اقل من ساعه الا انه حس انها صارت الضعف ..
اخيراً وصل ونايف والدكتورة في نقاش حامي ..
الدكتورة مابين المكسب المادي اللي راح تضيفه للمستشفى الخاص اللي تنتمي لها ومابين المريضه اللي تحتاج علاج ومهديء ولابد تتأكد اذا حامل او لا .
وقف عند نايف اللي استقبله على طول قال : عندك ياابو مشعل تفاهم معاها .
رد عماد عليه من دون مايطالع في الدكتورة : شادن وينها .
اشر له نايف على غرفة مقابلة له قال : في الغرفه هذي .. امي تقول صحت بس تبكي ومنهارة .
دخل عليها وشافها جالسه على السرير وشعرها ووجها كله مويه بفعل امها وهي تحاول تصحيها ..
مثنية ركبها ودافنه وجهها بينها ..
قرب منها وجلس بجنبها قال : شادن ارحمي نفسك ترى اللي تسوينه مايصير .
هزت راسها من دون ماترد لأن مافيه كلام ولا فيها طاقه على التحمل ولا قدرة على الاحتمال .
مسح على راسها وامها تراقب بصمت قال : قومي معاي بوديك لصديقتك ترى ابوها كلمته اليوم ويقول ان عندها انهيار عصبي وتحتاج من يوقف معاها .
رفعت له راسها وشكلها يرثى لها ..
الدموع من قوة الصدمة اختفت .
والصوت من كثر البكا انجرح ..
والجفون مقرحه ..
القلب شُج بخبر الفقد ومصاب سارة ..
وانا من يوقف معاي ياعماد ..
انا ابي احد يسندني ويساندني ..
انت تموت وسارة تضيع والموت غيب ناس اعرفهم واحبهم حتى لو اني ماعرفتهم الا فترة قليله الا اني حبيتهم ..
قال بصوته الرجولي والآمر والحاني بنفس الوقت : يالله البسي خلينا نروح لزميلتك تطمني عليها واجلسي عندها على كيفك .
غمضت عيونها وهو يقول : انا من يوم عرفتك وانتي قوية .. يالله عاد المفروض تفرحين ان صديقتك بتقوم بالسلامه وماعندها الا كسور بسيطه ومع الوقت بتتعافى .
مسكها من معصمها ونزلها وهو يطالع بامها : عمتي لبسيها طرحتها وغطاها وانا اللي باخذها للبيت . قرب من وجهها وحدق فيه وكمل بحنان واضح : ولاتبين تروحين الحين لصديقتك .
هزت راسها وهي تقول : بروح لساره الحين .. ورفعت راسها وكملت بصوتها المبحوح : بس انت روح ارتاح في البيت خل نايف يوديني .
: امشي بس انا ارتاح اذا شفتك طيبه .
كلامه على انه الشفا الا انه السكين اللي ينهش بها جروحها ..
آهـ لوتدري ياعماد وش كثر قلبي يشيل ..
صدمتين وفي يوم واحد مؤلمة ..
انت وسارة ..
اغلى من سكن قلبي ..
طالعت في وجهه والتعب باين عليه قالت : خلاص انا برجع للبيت وبعد العصر اروح لسارة .
رد عليها : اكيد ماتبين تروحين لها الحين .
: اكيد بس انت تعال ارتاح عندنا في البيت .
طالع في ساعته اللي شارفت على 3 العصر وزم شفايفه قال : لاوالله مااقدر لكن المغرب امر عليك وآخذك للمستشفى .
دخل نايف قال عماد : وصلهم للبيت وشوي انا اجي اوديها للمستشفى .
حاول نايف فيه انه يرجع معاه للبيت بس اعتذر عماد بالشغل وانه مواعد رجال على الغدا .
وطلع من المستشفى بعد ماراح نايف وامه وشادن معاه ..
***
في الاجواد ..
جالسه على سجادتها تسبح وتهلل والوحده طاغية على البيت ..
والصمت مايقطعه الا صوت راديوها الخافت على برنامج فتاوي دينيه بإذاعة القرآن الكريم اللي ماحادت عنها موجة الرديو من يوم دخل بيتها ..
وصلها صوت شهد وفيصل وفوزية وهي تقول : لاتخربين على الناس اذا بتدخلين دراجتك العبي عند الباب لاتقربين من السجاد ..
دخلت غرفة امها وسلمت وجلست قالت : يمه شادن وشلونها شهد تقول ان العنود شافتها وهي تبكي في المدرسة . وعماد يقول مافيها شي بس مشتاقه لامها .
طفت ام ناصر راديوها واستغفرت ربها قالت : ايه الضعيفه علمتها زميلتها انها كلمت امها وتنشد عنها ثم صبحها ابليس .
وقفت فوزية قالت : ياقلبي عليها .. الله يهديك ياعماد كم لي وانا اقول له ودها امها وهو يقول بيجون وانا عازمهم .. هذي النتيجه ..
طالعت في الباب وتأملت المكان وكملت : بس والله ان مكانها خالي في البيت الله يردها بالسلامه ..
تنهدت ام ناصر وعقبت : ايه والله ماليةٍ البيت عليّ . .. الله يرضى عليها هي ورجلها .
دق الجرس وقامت فوزية تشوف من ورجعت وناصر اخوها وراها .
سلم على امه وجلس بجنبها قالت فوزية : ابو فهد صدق اللي قاله لي عماد .
رد ناصر برزانه : وعماد عمره كذب .. كل اللي يقوله صدق .
: اصبر اعرف وش قال ثم تكلم .
: وش قال ..؟
: يقول ان فهد توظف عنده وانه مشى اليوم لجده ..
قاطعتها ام ناصر : عماد وين جاتس وعلمتس بعلوم شادن وفهد ..؟
عقدت فوزية حواجبها بعدم رضا قالت : صبحني الساعه 8 وصحاني من عز نومي يقول لاتخلين جدتي تجلس لحالها .. وعلمني انه بيودي شادن لاهلها وعلمني عن فهد ..
طالعت في ناصر قالت : والله ياناصر ان من فرحتي ماقدرت اكمل نومي .. الله يهديه ويثبته .
قالت ام ناصر : فهد رجال وماعليه كلام ماعاد ينقصه غير المرة السنعه .
تكلم ناصر بحيرة قال : وش اسوي به يايمه كل ماجبت له طاري العرس قال الله لايقوله .
ضحكت ام ناصر وقالت : اليوم قلت له ابي اخطب لك من بنات لافي ثم انحاش لجده .
ضحك ناصر قال : انا قايل لتس .. مايبي العرس ولاودي اغصبه .
اخذت فوزية صينية القهوة من الشغاله اللي وقفت على الباب وجلست . .
قالت وهي تصب لاخوها فنجال قهوة : شوف عماد بعد ماغصبته امي على العرس .. ماشاء الله عليه مبسوط ومستانس .
رد ناصر بعد مارشف من فنجاله قال : والله ياحال عماد مهب معجبني .. ولا حرمته مااسنع منها بس اني كل مااشوف وجهه اقول فيه شي ولا مهب مرتاح .
هزت ام ناصر راسها قالت : اشوف بعيني ياناصر مير الله يهديه .
تكلمت فوزية وهي تبعد عماد عن محور الحديث : ياناصر لاتسكت عن فهد تراه بيدخل الـ 29 وهو لاحرمة ولا ولد . حتى بندر حلف مايتزوج قبله . على كذا عيالك بيجلسون لازواج ولا ذريه .
تنهد ناصر وقال : والله ياام فيصل هذا اللي هامني .. فهد ليا قلت عثرت اخوانك قال خلهم يعرسون ولحد يفكر فيني .. ولا بندر الله يرضى عليه مايردني في طلب الا انه حلف مايعرس قبل فهد .. وامه خطبت له من بنات نورة ..
قاطعته فوزية : بنات نورة متكلمين عيال عمهن وخطبوهن .
شرب بقية فنجاله ومده عليها وهو يقول : لا ريماس عيّت عن ولد عمها وبندر يبيها ونورة بعد تبي بندر ياخذها .. المهم ان الحريم متفقات .
قالت ام ناصر : الله يكتب اللي فيه خير .. ريماس وايناس كلهن سنعات وبندر رجالٍ (ن ) ينشري . اما فهد شاوره على بنات لافي ولاتسكت عنه .
قالت فوزية مقاطعه وباندفاع : الله لايقوله مانبي بنات لافي ولاقربهن .
التفت ناصر على فوزية قال : انتي وش تقولين وش فيه لافي رجال والنعم ثم بناته ماقد سمعنا عنهن الا كل خير سنعات وامهن سنعه .
: نوف هذي اكرهها ماتنطاق وشادن دايماً تقول لي انها ماتطيقها ولاتكلمها الا من طرف خشمها .
ردت ام ناصر بحكمه : هيِّن هذي الغيرة وماتسوي .. . وبكرة ليا انخطبت واعرست تنسى شادن ولاعاد تعرض لها .
مسد ناصر لحيته وهو يفكر قال : شورتس وهداية الله يالغاليه . بكلم فهد واللي فيه خير يكتبه ربي .
كملوا جلستهم والحوار ماابتعد عن العايلة ..
من فهد لعماد لـ احمد المبتعد بحكم عمله .. وراح يجي بعد ايام ..
رد: رواية الحزن العتيق الجزء الخامس روايات ممتعه و طويلة
***
بعد مغرب يوم صدمات عمرها ..
دق عليه نايف ومارد وعرفت شادن انه نايم ..
قالت وهي تلبس عبايتها : نايف خلاص لاتدق عليه .. انت ودني للمستشفى .
: زين يالله امشي خليني بس اكلم فهد اشوف وينه .
غطت وجهها واخذت شنطتها اللي فيها الورقة اللي قلبت لها حياتها بأخبارها الشينه ونايف يكلم فهد ويلح عليه انه يجي يسكن عندهم بس فهد رفض وفضل انه يسكن في شقة عماد ويمر عليه بين فترة والثانية حتى مايسبب لهم احراج ويثقل عليهم ..
قفل منه ومشى مع شادن اللي فضلت انها تقابل سارة لوحدها ولها من الروحه لوحدها مآرب اخرى ..
طول الطريق ساكته وتهز رجلها اليمين بعصبيه وقلق ..
قال نايف وهو يطالع في المرايه والسيارات اللي وراه ..
: ايوه ماقلتي لي وش سالفة البكا اليوم والمناحه ..
طالعت فيه وهي على هزها لرجلها ماوقفت : ماتدري يعني ...
قاطعها : لا لا لا قبل سالفة سارة .
: ايه كنت مشتاقة لكم .
هدى السرعه ووقف للإشارة قال : وتحسبين انك بتقنعيني بكلامك هذا .. قولي لي انا نايف اخوك ولانسيتي .
تنهدت وهدت حركة رجلها وهي تراقب الاشارة الحمراء قالت : ادري انك اخوي عزي وسندي .. بس تأكد ان اختك مافيها غير اللي قالته لك ..
التفتت عليه وكملت بلهجة حانية : صدقني يانايف لو احد قهرني ولا ضايقني انت اول شخص راح الجأ له .. ولا نسيت ايام صالح الله لايعيده .
: الله لايذكره بالخير فاقده الايام هذي ..
: اووف ماتدري اش صار له ..؟
: لا ماادري .
: عماد يقول انسجن وحكم عليه 5 سنه ..
انذهل نايف من كلام شادن وسردها للمعلومات اللي قالها لها عماد وهي تحاول جاهدة تبعده عن السؤال اللي مااقنعته اجابته ..
وصلوا للمستشفى ونزلت خطوة تقدمها لهفة لسارة ..
وخطوة تردها رفض لشوفها بحال مايسر ..
عزمت وتوكلت على ربها وكملت مشوارها بصعوبه لحد مادخلت الغرفه ..
سلمت على ام مشاري اللي ماتفارق سارة لا ليل ولا نهار الا اذا ام نايف الام الثانية لساره حلت محلها ..
اول ماشافتها ام مشاري بكت ..
بكت لأن شادن رفيقة بنتها واعتادت على شوفتهم مع بعض ..
وبكت لأن سارة ماهي بالدنيا ..
مغمضة عيونها والصمت ملتحفها وملتحفته
لسانها اعتاد التأوه ولا شيء غير التأوه ..
اما الجسد فمايهتز الا اذا حركه الألم اللي يسري في عظامها المكسورة ..!
همست امها : كيفك ياشادن ..؟
ردت شادن ونظراتها تايهه في جسد سارة وملامح وجهها الغاضب وتعبيراته الشاكيه قالت : انا بخير ياخالتي بس سارة اش يقول الدكتور عنها .
نزلت من سارة دمعه حارة وصلت لعنقها وشهقت وهي تسمع صوت شادن يوصل لعمق قلبها ..
مالت شادن عليها وباست جبينها وعيونها وخدودها ووجهها اللي الضمادات مغطية منه اجزاء كثيرة . وهي تنتحب عند راسها قالت من بين دموعها اللي انحبست من الظهر ودوبها بدت تنجرف في سيل عارم ..
: سارة .. سارة عمري .. ساااااارة انا شاادن قومي طالعيني ..
لاحياة لمن تنادي ..
الدمع هو خير تعبير ..
طالعت في ام مشاري قالت : خالتي تقدرين ترجعين للبيت وانا بجلس اليوم معاها .
قالت ام مشاري : لايابنتي انتي جاية من سفر .. خليه بكرة ترافقين معاها واليوم ارتاحي .
مسكت يدها الصاحية وضمت على كف سارة بقوة وهمست لها : سارة لازم تقومين عشاني .. انا محتاجتك ماابغى اخسرك تكفين بكرة ابغاك تكونين صاحية عشاني .
مافهمت ام مشاري من همهمة شادن شي بس شافت سارة وهي تاخذ نفس عميق بدون رد .. وطلعت وتركتهم مع بعض ..
اخذت شادن يد سارة وحطتها على خدها وهي تقول ببكا : قومي ياسارة محد خالي هم انا كمان عندي مشاكل بالهبل .. ابغاك توقفين معاي مو تهربين .. كلنا فقدنا البنات .. اهم شي انك انتي عايشه وصاحيه ..
هزت يدها بهدوء وكملت : سارة لو ماصحيتي عشاني بضيع .. تدرين حياتي مع عماد على كف عفريت .. يمكن ارجع بكرة مطلقه لأنا نعيش ظروف صعبه .. ساااارة ..... وانتحبت من قلب ..
حست بأصابع سارة تضم على يدها بضعف وعلى طول باست اصابعها وحطت يدها على خدودها حتى تتحسس دموعها وتمسحها ..
ماعبرت سارة الا بالدموع والبكا .. وجفونها ضامتها على بعض ..
دخلت الممرضه وشافت حالة سارة وشادن وطلبت من شادن تخرج لأن حالة المريضة ماتسمح بأي انفعالات .. وحقنتها بمكسن نامت بعده سارة وطلعت شادن لام مشاري ..
قالت : خالتي سارة تعبانه بس خلاص صدقيني بتصحى انا اعرف سارة ..
مسكتها ام مشاري قالت : شادن يمه وش فيك ليه حالك كذا ..؟
شهقت شادن قالت : مافيني شي ياخالتي اليوم عرفت عن سارة وانصدمت .
ربتت ام مشاري على شادن اللي ردت على جوالها وعلى نايف وهو يقول : بتأخر عليك نص ساعه ..
قفلت منه وهي تمشي تودع خالتها ومتوجهه لقسم ثاني في المستشفى ..
كانت ناويته من اول ماطلعت من بيت اهلها ..
***
في شقة عماد ..
الساعه سبعه صباحاً ..
نايم بعمق في مجلس الرجال البارد بفعل التكييف اللي ماينطفي في اجواء جده سواء فصلها صيف او شتاء ..
دخل عليه عماد وطفى زر المكيف قال : فهد .. فهد يالله امش للشركه انا عندي اجتماع في ينبع بسرعه امسك مفتاح مكتبي وخلك مكاني . .... فز يا فهد ..
ماتحرك فهد ولكزه عماد في رجله قال : يالله قوم خلنا نشوف مصالحنا ..
قوم انا من الاسبوع الجاي بخليك تمسك الفرع الثاني وانت ذابحك النوم .. فهد .. فهد ..
رفع اللحاف عن وجهه وهو ينفث قال بمرار : قومتني من حلم انتظره لي اكثر من شهرين .
شهرين معناتها سعود في الموضوع ..
قال عماد بصوت هادي وهو يشوف فهد يفرك وجهه وشعره قال : قوم قوم ياابن الحلال وتعوذ من ابليس ..
سكت فهد وهو يتذكر الحلم ..
كان هو وسعود في رحلة للبر .. وشاف سعود يمشي معطيه ظهره وهو يناديه ومارد عليه ..
ناداه اكثر من مرة بس سعود ماشي في طريقه ومارد عليه ..
شاف حمامه بيضا جريحه وتنزف طايحه على طريق سعود
وراح اخذها والتفت له سعود وابتسم برضا ورجع يكمل طريقه ..
وسط دهشة فهد اللي تمسك بالحمامه وضم عليها ..!
قطع عليه صوت عماد وهو يقول : فهد وانا اخوك لاتخلي التفكير ينهيك .. قوم وشوف مستقبلك وانسى اللي راح باللي فيه .
زفر بآهه قال : وشلون انسى ياابو مشعل .. علمني وشلون انسى وهو معي من يوم اقوم من نومي لين انام ..
ثنى عماد ركبه وجلس قريب منه وربت على صدره قال : خابرك الرجال القوي اللي ترمي همك ورى ظهرك ولاتلتفت له .
ابتسم بوجع قال : وسعود همٍ عادي .. آآآآآآآه ياسعووود .. .. هبد على صدره بقبضة يده وهو يجلس ويقول بصوت خارج من اضلاعه : ياقطع قلبي عليك ياسعود .
سكت عماد وهو يشوف عيون فهد زاد احمرارها وماحب انه يجادله او يناقشه ويفتح باب الحزن اكثر من كذا
قال فهد بهدوء وبرود : انت متى بترجع ..؟
: ماادري والله اليوم بكرة بعده .. على حسب متى نتفق ..
هز راسه فهد قال : دق على نايف تراه البارح دق عليك وحصل جوالك مقفل .
: وش يبي ..؟ ماتدري ..؟
: لاوالله بس يقول ان شادن رجعت من المستشفى منهارة اكثر منها يوم راحت .
قال عماد بحيرة : ياخي البنت هذي حساسه مدري وش سالفتها ..
تمطط فهد ورمى البطانية عنه ووقف قال : تراه يقول انها اخذت ابرة الظاهر انها مهدئة بس ماسوت لها شي طول ليلها تبكي ومقفلة على نفسها باب غرفتها .
عقد عماد حواجبه قال : ابرة ..؟
: دق على نايف واسأله ..
طلع من عنده ودخل الحمام وعماد محتار ومستغرب من تصرفاتها من امس موطبيعيه .. زفر بلاحول ولاقوة الا بالله ..
ووقف اخذ شنطته واغراضه اللي تلزمه ونادى فهد قال : ترى مفتاح مكتبي على الطاولة .. احرص عليه ولاتوقع أي ورقه الا اذا قلت لي .. يالله انا ماشي تبي شي ..
طلع فهد من الحمام وهو ينشف وجهه قال : ابي سلامتك .. توكل على الله بس وازهل الشغل ولا تشيل همه وبيننا تلفون ان شاء الله .
طلع عماد وهو يقول : اشوفك على خير .
: بامان الله ..
نزل مع المصعد وهو يفكر فيها ..
يمرها ولا يمشي ويكتفي بمكالمتها ..
وش سالفة الابرة اللي اخذتها ووش سالفة البكا والانهيارات اللي من امس ..
تنهد وهو يتخيلها تشكي لامها منه ..
بس تذكر كلامها له في المستشفى يوم جاها وهي تحنن عليه وتقول روح ارتاح وتنفس بارتياح ..
مهوب وقت مشاكل الحين ياشادن .
اصبري بس لين نفتك من كلام الناس ثم احررك من قيدي اللي ماراح تجنين من وراه الا التعب ..
فتح المصعد وتوجه لموقف سيارته ..
وركبها وتوجه لطريقه اللي نواه من بدري .. وهو متكل على الله ومفوضه كل اموره ..