هناك توزيع متشابه لدرجات الذكاء بين الصم وغير الصم.. وقد لوحظ ارتفاع نسبة الذكاء بين الصم ولادياً ووراثياً عنها بين الصم لآباء سامعين وقد أرجع الباحثون ذلك لسهولة الاتصال المبكر بين الطفل ووالده الأصم
أخطاء التشخيص شائعة بين الصم فكثيراً ما يعتبر أحدهم من ذوي الإعاقة العقلية أو فصامياً نتيجة إعاقته اللغوية وعدم استطاعة الاختصاصيين فهم حالته
ثقافة مجتمع الصم قد تؤدي إلى ظهور طرق تعبيرية يسيء السامعون فهمها
من أهم التوصيات لتمكين الأشخاص الصم:
التركيز على برامج التوعية والتثقيف الصحي وتوفير مترجمي لغة إشارة وجعل بيئة المستشفيات صديقة للأصم وإقامة الدورات التدريبية المتخصصة للعاملين في المجال وتشجيع المتخصصين على تعلم لغة الإشارة.. وغيرها
تطورت دراسات العلوم النفسية والاجتماعية فى مجال الاعاقة بشكل أسهم فى الفهم الأعمق للأشخاص من ذوي الإعاقة وذلك بغرض تقديم الخدمات الوقائية والارشادية والعلاجية والتأهيلية بصورة أفضل وأكثر نجاعة. ومما يلفت الانتباه أن الدراسات أصبحت تنحو إلى الاعتماد على الاحصاءات المستمدة من المسوح الميدانية والتجريب والعينات الضابطة والتحليل المقارن قبل التفسير واستنباط النتائج على غير الآراء القديمة التى شوهت فئة الأشخاص ذوي الإعاقة وألصقت بهم أوصافاً ووصمتهم بسمات نجاهد الآن لمحوها بعد ظهور خطأ من وضعوها.
وفى عرضي الحالي سأتناول الصفات النفسية للأشخاص الصم والأمراض النفسية وعلاقتها بهم كفئة فى المجتمع وعلاقة الخدمات النفسية بهم وجوانب النقص فيها ومقترحات التطوير لتلك الخدمات، وسأعتمد على المراجع التى ضمت تحليلاً مفصلاً لعدد كبير من الدراسات فى مجتمعات مختلفة مع ملاحظة أن هذا الميدان سيظل متغيراً لأن الوسائل الحديثة فى الاتصال والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة ستؤثر بلا شك على الأشخاص الصم ـ بشكل ايجابي أو سلبي ـ ولأن السمات النفسية للشخص الأصم هى نتاج تفاعل الوراثة والبيئة المباشرة والمجتمع الأكبر ـ كما سنرى.
الصفات البارزة في شخصية الأصم
ـ وضع Basilier (1964) مصطلح Surdophrenia أي (عقل الأصم) والذى يحمل مغزى ازدرائياً، وكانت تلك محاولة منه لوصف مجموعة السلوكيات التى تشيع بين الأشخاص الصم، وهذا المصطلح رفض لأسباب:
يعطي الانطباع أن هذا ليس وصفاً بل إعاقة عقلية مما يربك المتعاملين به.
المواصفات والسمات التى اعتمدها غير كافية لوضعه.
الترجمة الأدبية له تعني أن كل الأشخاص الصم يعانون بالضرورة من مشاكل صحية عقلية.
مجتمع الصم وجده مصطلحاً عدائياً ومنفراً.
ـ أما الدكتور مصطفى فهمي 1965 فقد استنتج ثماني صفات بارزة في شخصية الطفل الأصم بعد استعراضه لأكثر من عشرة أبحاث غربية فى هذا المجال، وكانت تلك الصفات:
أن الطفل الأصم يميل بسبب إعاقته الحسية إلى أن ينسحب من المجتمع، ولذلك فهو غير ناضج اجتماعياً بدرجة كافية.
أن الأطفال الصم كمجموعة لديهم مشكلات خاصة بالسلوك، مثل العدوان والسرقة والرغبة فى التنكيل والكيد بالآخرين وتوقيع الايذاء.
أن الأطفال الصم يميلون غالباً إلى الاشباع المباشر لحاجاتهم، بمعنى أن مطالبهم يجب أن تشبع بسرعة.
أن استجابات الطفل الأصم لاختبارات الذكاء التى تتفق مع نوع إعاقته، لا تختلف عن استجابات الطفل السامع.
أن التكيف الاجتماعي غير واضح لدى الأطفال الصم، كما أثبت ذلك اختبار روجرز للشخصية، ومقياس براون للشخصية.
أن الأطفال الصم قد أظهروا عجزاً واضحاً فى قدرتهم على تحمل المسؤولية.
أثبت اختبار فاينلاند للنضج الاجتماعي أن الأشخاص الصم غير كاملين من ناحية النضج الاجتماعي، وذلك بسبب عجزهم عن التفاعل مع المجتمع، لأن التفاعل الذى يتم بين الفرد وأفراد المجتمع الآخرين يؤدي حتماً إلى نضجهم اجتماعياً.
أن المخاوف تظهر بصورة واضحة لدى البنات الصم، وأكثر هذه المخاوف ظهوراً هي الخوف من المستقبل.
الأعراض والأمراض النفسية بين الصم وغير الصم
نورد هنا ملخصاً للمراجعة الشاملة التى أجراها Vernon & Andrews 1990
اعاقات التعلم:
هناك توزيع متشابه لدرجات الذكاء بين الأشخاص الصم وغير الصم. بينما لوحظ ارتفاع نسبة الذكاء بين الصم ولادياً ووراثياً عنها بين الصم لآباء سامعين، وقد أرجع الباحثون ذلك لسهولة الاتصال المبكر بين الطفل ووالده الأصم.
اضطرابات قلة الانتباه:
نسبة انتشار اضطرابات الانتباه أكبر بين الأشخاص الصم عن السامعين، ربما لوجود تلف بالمخ أو اضطرابات بالغدد الصماء تسببت في الإعاقتين معاً.
تعاطي المخدرات والكحوليات:
لا تختلف أنماط وأعداد المتعاطين بين الصم والسامعين، وإن افترض بعض الباحثين أن العزلة والبطالة والشدة النفسية التي يتعرض لها الصم قد تؤدي إلى زيادة نسبة شرب الكحوليات، إلا أن آخرين قالوا إن قلة انتشار الاكتئاب بين الصم سيؤدي من جهة أخرى لتقليل أعداد من يشربون الكحوليات وبالتالي تتعادل الأرقام.
اضطرابات القلق:
الوسواس القهري، والقلق، وشدة ما بعد الصدمة والمخاوف تحدث بنفس نسبة الانتشار بين الأشخاص الصم والسامعين.
الاضطرابات النفس جسمية:
لها نفس نسبة الانتشار بين المجموعتين.
اضطرابات السيطرة على الاندفاع:
يزيد الاندفاع بين الصم نتيجة عوامل عضوية. بينما لم تزد الاندفاعية بين الصم الذين تعرفوا في سن مبكرة إلى لغة الاشارة، وكان آباؤهم صماً، وحصلوا على مستويات عالية من التعليم الأكاديمي. ولهذا يستنتج الباحثون أن نقص تلك العوامل البيئية الثلاثة هو الذي يؤدي إلى زيادة الاندفاعية.
اضطرابات الشخصية الفصامية والبارانويا:
لا يبدو أن اضطراب الشخصية الفصامي يزيد بين الأشخاص الصم عن السامعين. بينما نجد فى الدليل الاحصائي للأمراض العقلية فى طبعته الثالثة تنويهاً لزيادة البارانويا بين من أصيبوا بالصمم بعد سن تعلم الكلام، وأرجع الباحثون ذلك لزيادة الارتياب بين هؤلاء الصم.
اضطرابات الشخصية النرجسية والحدية:
هناك زيادة لانتشار النرجسية بين الصم لم يجد لها الباحثون تفسيراً، ولكن اجتهادهم أن قلة الخبرة والمعلومات والمعارف العامة التى يلتقطها الأصم تؤثر سلباً على نمو الحس العام لديه مما يجعله يبدو نرجسياً. أما عن غياب التقارير بخصوص الشخصية الحدية فقد فسروه بسبب صعوبة التشخيص وليس لعدم حدوث هذا الاضطراب بين الصم.
اضطرابات الشخصية التجنبية والاعتمادية والقهرية والسلبية العدوانية:
تؤدي الدينامية الاجتماعية للصمم إلى زيادة انتشار اضطرابات الشخصية التجنبية والاعتمادية بين الصم. بينما اضطراب الشخصية القهرية ليس أكثر شيوعاً بين الصم، إلا أن اضطراب الشخصية السلبية العدوانية يزيد بين الأشخاص الصم نتيجة للفشل المتكرر في اتصالهم برموز السلطة حولهم مما يؤدي إلى ظهور طرق تعبير مباشرة واندفاعية تنم عن مقاومة داخل الشخص الأصم.
ذهان الشيزوفرينيا:
مرة أخرى لا يختلف انتشار الشيزوفرينيا بين الأشخاص الصم والسامعين، مع ملاحظة صعوبة تشخيص الذهان مع وجود الصمم. وإن لوحظ زيادة أعداد الذهانيين الصم فى المستشفيات عن السامعين وبقاؤهم لفترة أطول داخلها بسبب صعوبة الاتصال وبالتالي متابعة نتيجة العلاج، بالاضافة إلى خطأ التشخيص الشائع بوجود بارانويا وصعوبات تعلم لدى الأشخاص الصم وايداعهم عنابر الأمراض المزمنة لفترات مطولة قد تصل لسنوات.
الاكتئاب:
من الملاحظ ندرة الاكتئاب بين الأشخاص الصم، وذلك لقلة تعرض الأطفال الصم للآراء والتنبيهات من الآباء والمجتمع وبالتالي عدم اكتمال نمو الأنا العليا.
التوحد:
لا تزيد نسبة الأشخاص التوحديين بين الصم إلا إذا كان سبب الصمم هو الحصبة الألمانية قبل الولادة فترتفع النسبة إلى 4 و 7% مقارنة بالنسبة المعتادة بين السامعين وهي 7%.