إذا جاء يوم القيامة إن شاء
الله فالخلائق كلها تقف في هول الحساب وكل إنسان يتمنى الخروج من الموقف ولو إلى النار من شدة الأهوال والعذاب الظاهر في ساحة القيامة لمن نذهب؟ نذهب إلى الكبار وهم الأنبياء والمرسلون فنذهب إلى سيدنا آدم ونذهب إلى سيدنا نوح وإلى سيدنا إبراهيم وإلى سيدنا موسى وإلى سيدنا عيسى نذهب إليهم ليخلصونا من هذا العذاب ويبدأ الحساب
فهؤلاء هم كبار الناس لكنهم لما عرفوا قدر
رسول الله التزموا الأدب بين يدي
الله فكلما ذهبوا إلى أحد منهم يقول : هذه ليست مهمتي {لست لها} إلى من نذهب يا أبا الخلائق كلهم ؟ {إذا كان يوم القيامة ماج النّاس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون له : اشفع لذرّيّتك فيقول {لست لها} يقول لهم اذهبوا إلى نوح فربنا قال فيه {إنّه كان عبدا شكورا} الإسراء3 فيذهبون إلى نوح فيقول ليست مهمتي ويحولهم إلى إبراهيم وفى رواية {فيقول: لست هناكم إنّي دعوت دعوة أغرقت أهل ألارض وإنّه لا يهمّني اليوم إلاّ نفسي} {و لكن عليكم بإبراهيم
عليه السّلام فإنّه خليل
الله فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها}
أي فيذهبون إلى إبراهيم فيقول لقد أخطأت ثلاث أخطاء - وهي ليست أخطاء لكن في ميزان الأنبياء {حسنات الأبرار سيئات المقربين} أين نذهب؟ يقول لهم : اذهبوا إلى موسى {ولكن عليكم بموسى
عليه السّلام فإنّه كليم
الله فيؤتى موسى فيقول : لست لها ولكن عليكم بعيسى
عليه السّلام}
أي فلما يذهبون إلى موسى فيقول : ليست مهمتي فأنا قتلت رجلا - وهو لم يكن يقصد قتله لكن في ميزان الأنبياء وفي ميزان سيد الأنبياء يرون أن هذه الهفوات لم يفعلها سيد الأنبياء فلذلك نال السيادة عليهم لمن نذهب؟ يقول : اذهبوا إلى عيسى {فإنّه روح
الله وكلمته فيؤتي عيسى فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمّد فأوتى فأقول : أنا لها أنا لها أنا لها}[1]
أي أنا صاحب هذا المقام صاحب المقام المحمود وصاحب الحوض المورود وصاحب الكوثر المشهود وصاحب
لواء السعود في اليوم الموعد إن شاء
الله ولذلك قال لنا اطمئنوا {لواء الحمد يوم القيامة بيدي وما من نبيّ يومئذ آدم فمن سواه إلاّ تحت لوائي وقد أخدمني
الله ألف خادم من الجنّة}[2]
في ذلك اليوم يقفون طوع أمر
رسول الله لينفذوا مراده وإشارته فيما يريد في هذا اليوم الموعود
فهؤلاء الأنبياء عليهم السلام يبيّنون قدر
رسول الله صلوات
الله وسلامه
عليه فربنا سبحانه وتعالى قال فيه {ولكن رّسول اللّه وخاتم النّبيّين} الأحزاب40
انتبهوا معي
رسول الله في الكون كله من البدء إلى النهاية هو واحد {ولكن رّسول اللّه} أما من جاء قبله فهم نوّاب عن
رسول الله لكنه هو قائد الأنبياء وقائد المرسلين وقائد العلماء العاملين وقائد الأولياء والصالحين وقائد الأئمة منذ أن خلق
الله الدنيا إلى أن يرث
الله الخلائق أجمعين هو الزعيم وهو القائد ولذلك ربنا قال {ولكن رّسول اللّه} ولكنهم نوّاب عنه وكانوا يبلغون عنه صلوات
الله وسلامه
عليه إلى أممهم وإلى قومهم
لكن هذا المنصب لا يظهر إلا يوم القيامة :
وقيل كل نبي عند رتبته ويا محمد هذا العرش فاستلم
{عسى أن يبعثك ربّك مقاما مّحمودا} الإسراء79
ما المقصود بالمقام المحمود؟ سيدنا عبد
الله بن عباس قال {يبعثه
الله مقاما يحمده فيه الأولون والآخرون} والله سبحانه وتعالى كما نعلم جميعا ما مسّ العرش ولا جسّه ولا حسّه والله هو الذي يحمل العرش والعرش محمولا به وليس حاملا له ولكنه تنزل وقال {الرّحمن على العرش استوى} طه5
استوى بقدرته وبعظمته وبقوته وبعلمه وبكرمه على العرش لكن ذات
الله سبحانه وتعالى لا تحس ولا تجس ولا تمس ولا يحدها شئ فالعرش مخلوق من مخلوقات
الله خلقه بقدرته وأوجده بفضله وكرمه وحمله بعنايته وهو محمول قدرته وليس حامل لذاته - لأن ذات
الله ليس كمثلها شئ