الظّلم
يُعرّف الظّلم لغةً: الجور ومجاوزة الحدّ، يُقال: ظَلَمه، يَظْلِمُه ظَلْمًا، وظُلْمًا، ومَظْلمةً، فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، والظُّلم الاسم، وهو ظالم وظَلوم. وأصل الظلم، وضع الشّيء في غير موضعه.
القاموس المحيط، 1134 ، أمّا اصطلاحاً فهو وضع الشّيء في غير موضعه المُختصّ به؛ إمَّا بنقصانٍ أو بزيادة؛ وإمّا بعدول عن وقته أو مكانه. وقيل: هو عبارة عن التعدِّي على الحقّ إلى الباطل، وهو الجور. وقيل: هو التصرُّف في مِلك الغير، ومجاوزة الحدّ.
(1)
قصائد عن الظّلم
وهنا أودّ أن أطرح بعض أبيات الشّعر التي قيلت في الظلم، لعل من قرأها وهو ظالم يعود إلى رشده .
بَلَوْتُ بَني الدُّنيا
للشّافعي
بَلَوْتُ بَني الدُّنيا فَلَمْ أَرَ فِيهمُ
سوى من غدا والبخلُ ملءُ إهابه
فَجَرَّدْتُ مِنْ غِمْدِ القَنَاعَة ِ صَارِماً
قطعتُ رجائي منهم بذبابه
فلا ذا يراني واقفاً في طريقهِ
وَلاَ ذَا يَرَانِي قَاعِداً عِنْدَ بَابِهِ
غنيِّ بلا مالٍ عن النَّاس كلهم
وليس الغنى إلا عن الشيء لابه
إِذَا مَا ظَالِمٌ اسْتَحْسَنَ الظُّلْمَ مَذْهباً
وَلَجَّ عُتُوّاً فِي قبيحِ اكْتِسابِهِ
فَكِلْهُ إلى صَرْفِ اللّيَالِي فَإنَّها
ستبدي له مالم يكن في حسابهِ
فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا ظَالِماً مُتَمَرِّداً
يَرَى النَّجْمَ تِيهاً تحْتَ ظِلِّ رِكابِهِ
فَعَمَّا قليلٍ وَهْوَ في غَفَلاتِهِ
أَنَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِهِ
فَأَصْبَحَ لا مَالٌ وَلاَ جاهٌ يُرْتَجَى
وَلا حَسَناتٌ تَلْتَقي فِي كتَابِهِ
وجوزي بالأمرِ الذي كان فاعلاً
وصبَّ عليهِ الله سوطَ عذابه
معرّة الظّلم على من ظلم
لجبران خليل جبران
معرّة الظّلم على من ظلم
وحكم من جار على من حكم
وإن ما أخذت زوراً به
براءة الصّدق وغرّ الشّيم
وما على النّور إذا سطروا
عليه عيباً بمداد الظّلم
وفتية إن تتنور تجد
زيّ قضاة لبسته خدم
هموا بأن ينتقصوا في الورى
خلقاً عظيماً فسما واستتم
وحاولوا أن يصمّوا فاضلاً
بما أبى الله له والكرم
فسوّدوا أوجه أحكامهم
وأبيض وجه الفاضل المُتّهم
ظَلَمَ الدّهْرُ فيكُمُ
البحتري
ظَلَمَ الدّهْرُ فيكُمُ، وَأسَاءَ،
فَعَزَاءً، بَني حُمَيْدٍ، عَزَاءَ
أنْفُسٌ مَا تَكادُ تُفْقَدُ فَقْداً،
وَصُدورٌ مَا تَبرَحُ البُرَحَاءَ
أصْبَحَ السّيفُ داءَكمْ، وَهوَ الدّا
ءُ الذي لا يَزَالُ يُعيي الدّوَاءَ
وَانْتُحِي القَتْلُ فيكُمُ، فبَكَينا
بدِمَاءِ الدّمُوعِ تِلْكَ الدّمَاءَ
يا أبَا القَاسِمِ المُقَسَّمَ في النَجْـ
ـدةِ، الجُودِ وَالنّدى أجزَاءَ
وَالهِزَبْرَ الذي، إذا دارَتِ الحَرْ
بُ بهِ صرّفُ الرّدى كَيفَ شاءَ
الأسَى وَاجِبٌ عَلى الحُرّ، إمّا
نِيّةً حُرّةً، وَإمَّا رِيَاءَ
وَسَفَاهٌ أنْ يَجزَعَ المَرْءُ مِمّا
كانَ حَتْماً عَلى العِبَادِ، قضَاءَ
وَلماذا تَتّبِعُ النّفْسَ شَيْئاً،
جعَلُ الله الفِرْدوْسَ منهُ بَوَاءَ
أتُبَكّي مَنْ لا يُنَازِلُ بالسّيْـ
ـفِ مُشيحاً، وَلا يَهزُّ اللّوَاءَ
وَالفَتى مَنْ رَأى القُبُورَ لمَا طَا
فَ بهِ مِنْ بَنَاتِهِ، أكْفَاءَ
لسن من زينة الحياة كعد الـ
ـله منها الأموال والأبناء
قَدْ وَلَدْنَ الأعْداءَ قِدْماً، وَوَرّثْـ
ـنَ التّلادَ الأقاصِيَ البُعَدَاءَ
لمْ يَئِدْ كُثرَهُنّ قَيْسُ تَميمٍ،
عَيْلَةً بَلْ حَمِيّةً وَإبَاءَ
وَتَغَشّى مُهَلْهِلَ الذّلُّ فيهِنّ
وَقَدْ أُعْطيَ الأدِيمَ حِبَاءَ
وَشَقيقُ بنُ فَاتِكٍ، حَذَرَ العَا
رِ عَلَيْهِنّ، فَارَقَ الدّهْنَاءَ
وَعَلى غَيرِهِنّ أُحْزِنَ يَعْقُو
بٌ، وَقَد جاءَهُ بَنُوهُ عِشَاءَ
وَشُعَيْبٌ مِنْ أجلِهِنّ رَأى الوَحْـ
ـدَةَ ضُعْفاً، فاستأجَرَ الأنْبِيَاءَ
وَاستَزَلّ الشّيْطانُ آدَمَ في الجنّةِ
لَمّا أغْرَى بِهِ حَوّاءَ
وَتَلَفّتْ إلى القَبَائِلِ، فَانْظُرْ
أُمّهَاتٍ يُنْسَبْنَ أمْ آبَاءَ
وَلَعَمْرِي ما العَجزُ عنديَ، إلاّ
أنْ تَبيتَ الرّجالُ تَبكي النّساءَ
ظُلمٌ لذا اليَوْمِ وَصْفٌ
المتنبّي
ظُلمٌ لذا اليَوْمِ وَصْفٌ قبلَ رُؤيَتِهِ
لا يصْدُقُ الوَصْفُ حتى يَصْدُقَ النظرُ
تَزَاحَمَ الجَيشُ حتى لم يَجِدْ سَبَباً
إلى بِساطِكَ لي سَمْعٌ وَلا بَصَرُ
فكُنتُ أشهَدَ مُخْتَصٍّ وَأغْيَبَهُ
مُعَايِناً وَعِيَاني كُلُّهُ خَبَرُ
ألْيَوْمَ يَرْفَعُ مَلْكُ الرّومِ نَاظرَهُ
لأنّ عَفوَكَ عَنْهُ عندَهُ ظَفَرُ
وَإنْ أجَبْتَ بشَيْءٍ عَنْ رَسائِلِهِ
فَمَا يَزالُ على الأمْلاكِ يَفْتَخِرُ
قَدِ اسْتَرَاحَتْ إلى وَقْتٍ رِقابُهُمُ
منَ السّيوفِ وَباقي القَوْمِ يَنتَظِرُ
وَقَدْ تُبَدِّلُهَا بالقَوْمِ غَيْرَهُمُ
لكيْ تَجِمَّ رُؤوسُ القَوْمِ وَالقَصَرُ
تَشبيهُ جُودِكَ بالأمْطارِ غَادِيَةً
جُودٌ لكَفّكَ ثانٍ نَالَهُ المَطَرُ
تكَسَّبُ الشمْسُ منكَ النّورَ طالعَةً
كمَا تَكَسّبَ منها نُورَهُ القَمَرُ
يا دولة
أحمد محرم
يا دولة من بقايا الظّلم طاف بها
عادي الفناء فأمسى نجمها غربا
زولي فما كنتِ إلّا غمرة ً كشفت
عن النّفوس وإلّا مأتماً حُجبا
زولي إلى مغرقٍ في البعد مُنقطعٍ
لا يستطيع له مستعتبٌ طلبا
عناية الله لا تُبقي على دولٍ
يلقى الخلائق منها الويل والحربا
ترى الشّعوب عبيداً لا ذمام لها
وتحسب الحقّ في الدّنيا لمن غلبا
لا بد للشّعب والأحداث تأخذه
من غضبةٍ تفزع الأفلاك والشُّهُبا
ما أيّد الملك واستبقى نضارته
كالرّفق والعدل ما داما وما اصطحبا
ما أضيع التّاج يرمي الشّعب صاحبه
بالمحفظات ويؤذيه بما كسبا
يبني المعاقل مُغترّاً بمنعتها
ويحشد القذف الفوهاء والقضبا
ويجلب الصّافنات الجرد يطربه
صهيلها ويعدّ الجحفل اللّجبا
حتّى إذا انتفضت بالشّعب سورته
أذلّه ما احتوى منها وما جلبا
أهي الشّعوب تسوّس الأرض أم نعمٌ
يُسوّسها النّحر لا يرجو لها عقبا
اليوم ينعم بالأوطان مغتربٌ
ما هزّه الشّوق إلّا أَنَّ وانتحبا
يُفرّق النّفس في شتّى مفرقه
من البِقاع ويطوي العيش مُرتقبا
ورُبَّ ناشئة ٍ في الحيّ باكيةٍ
أخاً ترامت به أيدي النّوى وأبا
مهلاً فما ثمّ للباكين من شجنٍ
زال الشّقاء وأمسى الضّر قد ذهبا
يا منهض الملك إذ ريعت لكبوته
نفوسنا ومجير الشّعب إذ نكبا
أدركت من مجده ما كان مُستلباً
وصُنت من عزّه ما كان منتهبا
إنّ الجماهير في الآفاق هاتفةٌ
تُثني عليك وترجو عندك القربا
جزاك ربك خيراً إنّها ليدٌ
من ظنَّ أن سوف يجزيها فقد كذبا
أشعار قصيرة عن الظّلم
إذا جـار الوزيـر وكاتبـاه
وقاضي الأرض أجحف في القضاءِ
فويـلٌ ثمّ ويـلٌ ثـمّ ويـلٌ
لقاضي الأرض من قاضي السّماءِ
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا
غداً عند الإله من الظلوم
أما والله إنَّ الـظُّـلـم شـؤمٌ
وما زال المُسيء هو الظَّلوم
إلى دياَّن يوم الدّين نمضـي
وعند الله تجتمع الخـصـوم
ستعلم في الحساب إذا التقينـا
غداً عند الإله من المـلـوم
فلا تأمننَّ الدّهر حُرّاً ظلمته
فما ليل حرّ إن ظلمت بنائم
لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً
فَالظُلْمُ مَرْتَعُهُ يُفْضِي إلى النَّدَمِ
تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ
يدعو عليك وعين الله لم تنم
كذا دُعا المضطرّ أيضًا صاعد
أبدًا إليه عندَ كلِّ أوانِ
وكذا دُعا المظلومِ أيضًا صاعدٌ
حقًّا إليه قاطع الأكوانِ
حتّى متى لا نرى عدلاً نُسَرُّ به
ولا نرى لولاة الحقّ أعوانا
مستمسكين بحقٍّ قائمين به
إذا تَلَوَّن أهل الجور ألوانا
يا للرّجال لداء لا دواء له
وقائد ذي عمى يقتاد عميانا
إني وَهَبْتُ لظالمي ظُلْمـي
وشكرْتُ ذَاكَ له على عِلْمِي
ورأيتـه أسْـدَى إلــيَ يداً
لَمَّا أبان بجَهْلِهِ حِـلْـمِـي
رَجَعَتْ إساءتُهُ عليه، وَلِـي
فَضْل فعادَ مُضاعَفَ الْجُرْم
فكأنما الإحْسَـانُ كـان لـهُ
وأنا المُسيءُ إليه في الزّعْمِ
ما زال يَظْلِمُني وأرحـمـهُ
حتى رَثَيْتُ له من الظّـلـم
اصبرْ على الظُّلمِ ولا تنتصرْ
فالظُّلمُ مردودٌ على الظَّالمِ
وكِلْ إلى اللهِ ظلومًا فما
ربِّي عن الظَّالمِ بالنَّائمِ
والظّلم من شيم النّفوس فإن
تجد ذا عفّة فلعلّه لا يظلم
فلا تعجلْ على أحدٍ بظلمٍ
فإِنّ الظّلمَ مرتعُهُ وخيمُ
والظّلمُ طبعٌ ولولا الشرُّ ما حمدتْ
في صنعةِ البيضِ لا هندٌ ولا يمنُ
يا ظالماً جارَ فيمن لا نصيرَ له
إِلا المهين لاتغترَّ بالمهلِ
غداً تموتُ ويقضي اللّه بينكما
بحكمةِ الحقّ لا بالزّيغِ والحيلِ
إِيّاكَ من عسفِ الأنامِ وظلمِهمْ
واحذرْ من الدّعواتِ في الأسحارِ
وإِن ابتليْتَ بذلّةٍ وخطيئةٍ
فاندمْ وبادرْها بالاستغفارِ
أطلِ افتكاركَ في العواقبِ واجتنبْ
أشياءَ محوجةً إِلى الأعذارِ
- قال أُميّة بن طارق الأسدي:
إِيّاكَ والظلم المبينَ إِنّني
أرى الظّلمَ يغشى بالرّجلِ المغاشيا
ولا تكُ حفّاراً بظلفِكَ إِنّما
تصيبُ سهام الغيِّ من كان غاويا
- قال الحارث بن وعلة الجرميّ:
لا تأمَننْ قوماً ظلمتَهمُ
وبدأتُهُمْ بالشَّتْمِ والرَّغمِ
أن يأيروا نَخْلاً لغيرِهم
والشّيءُ تحقِرُهُ وقد يَنمِيْ
و ما من يدٍ إلا يد الله فوقها
ولا ظالمٌ إلا سيُبلى بأظلَمِ
أيُّها الظّالمُ مَهلاً
أنتَ بالحاكمِ غرُّ
كلّ ما استعذْبتَ من
جوركَ تعذيبٌ وجمرُ
ليس يلقى دعوةَ المظ
لومِ المظلوم دونَ اللّهِ سترُ
فخفِ اللّهِ فما يخـ
فى يخفى عليه منه سرُّ
يجمعُ الظّالمَ والمظ
لومَ المظلوم بعد الموتِ جسرُ
حيث لا يمنعُ سلطا
نٌ سلطان ولا يسمعُ عذرُ
أو ما ينهاكَ عن ظلمـ
ـكَ ظلمك موتٌ ثم قبرُ
بعضُ مافيهِ من الأ
هوانِ الأهوان فيهِ لكَ زجرُ