06-18-2016, 11:47 AM
|
|
|
|
تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تفسير قوله تعالى :{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}[الأعراف: من الآية190] و إبطال قول من قال إنه المراد بهما آدم وحواء .
قال الحسن البصري-رحمه الله-: إن المراد بالآية غير آدم وحواء، وإن المراد بها المشركون من بني آدم كما ذكر ذلك ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" وقال: "أما نحن; فعلى مذهب الحسن البصري رحمه الله في هذا، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته".
وهذه القصة باطلة من وجوه:
الوجه الأول: أنه ليس في ذلك خبر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الأخبار التي لا تتلقى إلا بالوحي، وقد قال ابن حزم عن هذه القصة: إنها رواية خرافة مكذوبة موضوعة.
الوجه الثاني: أنه لو كانت هذه القصة في آدم وحواء; لكان حالهما إما أن يتوبا من الشرك أو يموتا عليه، فإن قلنا: ماتا عليه; كان ذلك أعظم من قول بعض الزنادقة:
إذا ما ذكرنا آدما وفعاله وتزويجه بنتيه بابنيه بالخنا
علمنا بأن الخلق من نسل فاجر وأن جميع الناس من عنصر الزنا
فمن جوز موت أحد من الأنبياء على الشرك فقد أعظم الفرية، وإن كان تابا من الشرك; فلا يليق بحكمة الله وعدله ورحمته أن يذكر خطأهما ولا يذكر توبتهما منه، فيمتنع غاية الامتناع أن يذكر الله الخطيئة من آدم وحواء وقد تابا، ولم يذكر توبتهما، والله تعالى إذا ذكر خطيئة بعض أنبيائه ورسله ذكر توبتهم منها، كما في قصة آدم نفسه حين أكل من الشجرة وزوجه، وتابا من ذلك.
الوجه الثالث: أن الأنبياء معصومون من الشرك باتفاق العلماء.
الوجه الرابع: أنه ثبت في حديث الشفاعة أن الناس يأتون إلى آدم يطلبون منه الشفاعة، فيعتذر بأكله من الشجرة وهو معصية(1)، ولو وقع منه الشرك; لكان اعتذاره به أقوى وأولى وأحرى.
الوجه الخامس: أن في هذه القصة أن الشيطان جاء إليهما وقال: "أنا صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة"، وهذا لا يقوله من يريد الإغواء، وإنما يأتي بشيء يقرب قبول قوله، فإذا قال: "أنا صاحبكما الذي أخرجكما من الجنة"، فسيعلمان علم اليقين أنه عدو لهما، فلا يقبلان منه صرفا ولا عدلا.
الوجه السادس: أن في قوله في هذه القصة: "لأجعلن له قرني أيل": إما أن يصدقا أن ذلك ممكن في حقه; فهذا شرك في الربوبية؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله، أو لا يصدقا; فلا يمكن أن يقبلا قوله وهما يعلمان أن ذلك غير ممكن في حقه.
الوجه السابع: قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} بضمير الجمع، ولو كان آدم وحواء; لقال: عما يشركان.
فهذه الوجوه تدل على أن هذه القصة باطلة من أساسها، وأنه لا يجوز أن يعتقد في آدم وحواء أن يقع منهما شرك بأي حال من الأحوال، والأنبياء منزهون عن الشرك، مبرءون منه باتفاق أهل العلم، وعلى هذا; فيكون تفسير الآية كما أسلفنا أنها عائدة إلى بني آدم الذين أشركوا شركا حقيقيا، فإن منهم مشركا، ومنهم موحدا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه: البخاري في (التفسير, باب قول الله تعالى: ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا, (3/250), ومسلم في (الإيمان, باب أدنى أهل الجنة منزلة), (1/184); من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : القول المفيد على كتاب التوحيد
تأليف:لشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.
من تفسير كتاب التوحيد عند باب: قول الله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: من الآية190] الآية.
jtsdv r,gi juhgn:VtQgQlQ~h NjQhiElQh wQhgAphW [QuQgh gQiE aEvQ;QhxQ tAdlQh NjQhiElQhC gQiE juhgntQgQlQ~h jtsdv [QuQgh wQhgAphW aEvQ;QhxQ tAdlQh
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 04:36 AM
|