إن فن
الإلقاء والخطابة يعد واحد من أنواع الفنون النثرية التي تتمثل أولى وظائفها في الإقناع حيث يقوم الخطيب بإيصال رأي أو فكرة لمستمعيه عن طريق ما يقوم بإلقائه من خطبة ، ويختلف ذلك الفن عن غيره من حيث وجوب حضور المستمعين، في حين أنه يلزم به أن تتوفر العديد من الخصائص في النص الذي يقوم الخطيب بإلقاؤه، كما وينبغي أن يكون مؤدي الخطبة متمتعاً بالمقدرة على التأثير في المتلقيين لخطبته والمستمعين إلى إلقاؤه.
وقد منح النقاد العرب بالغ الاهتمام للخطيب وجعلوا له بعض المواصفات التي يجب أن يتصف بها ولعل من أهمها الصوت القوي الواضح، وسلامة الألفاظ، وحُسن النبرة، كما يشترط أن يسلم جهاز النطق والكلام لديه من عيوب، أما النص الذي يقوم بإلقائه فيلزم أن يمتاز كذلك بمجموعة من المواصفات منها أن يتكون من مقدمة، وموضوع قوي وخاتمة.
خصائص فن
الإلقاء والخطابة
إن فن
الإلقاء والخطابة يشتركان مع غيرهما من العديد من أنواع الفنون الأدبية في الكثير من الأغراض والمضامين، ولكن وفي الواقع فإن هناك بعض الميزات والخصائص التي تميز فن الخطابة عن غيره من الفنون الأدبية والنثرية، ومن أبرز الخصائص التي يتميز بها فن
الإلقاء والخطابة ما يلي: [1]
يتميز فن
الإلقاء والخطابة بالواقعية، حيث يكون الخطيب خلال إلقائه لخطبته حريصاً على البعد عن الخيال لكي يكون مقنعاً لمستمعيه.
الجمع بين كل من الأساليب الخبرية والأساليب الإنشائية.
الخلو من التصنع والتكلف والتميز بالعفوية، وتجنب الزخارف اللفظية التي يترتب عليها انصراف من يستمع إلى الخطبة عن موضوعها الأساسي.
يتوافق به الخطاب مع مقتضى الحال والذي يعد من أهم ما تختص به فنون الخطابة، ومن بينها أن يدور موضوع الخطبة على ما يعيشه الأشخاص من واقع، وما يحتاجون إلى الاطلاع عليه من أمور وموضوعات.
تنظيم أفكار الخطبة وتميزها بالتسلسل، وهو ما يشتمل على وصول الفكرة التي يدور حولها موضوع الخطبة إلى ذهن المخاطب بها ومدى تقبلهم لهذه الأفكار.
وضوح معاني أفكار الخطبة وسهولة الألفاظ، حيث إن المخاطبين يكونوا من الأشخاص العادية، إذ يكون من بينهم العالم والجاهل، الكبير والصغير، حيث إن استخدام كل من أسلوب المجاز والألفاظ الصعبة المعقدة قد يجعل من فهم لأفكار الخطبة وتقبلها أمراً عسيراً.
الاعتماد على البراهين والحجج، لكي يتم اكتساب الجمهور المتلقي واستمالتهم وإقناعهم والتأثير عليهم، وهو ما يكو له بالغ الأثر عليهم.
تختص الخطبة بموحدة الموضوع، حيث إن التفرع عن الموضوعات أو التشعب بها، وتكرارها وتعددها قد ينتج عنه إصابة فكر المتلقي بالتشتت، وتانصراف ذهنه عن الموضوع والهدف الرئيسي للخطبة.
البعد عن الإطناب والإطالة والتمسك بأسلوب الإيجاز، لكي لا يشعر المستمع بالملل وهو ما يجعلهم ينفرون عن الخطبة، بل وقد يغادرونها قبل اكتمالها.
تجنب استخدام العبارات الغامضة وأسلوب التضليل.
التنويع فيما يتم استخدامه من أساليب في الخطبة.
الاعتماد خلال كتابة الخطبة وإلقائها على القصص التاريخية والقرآنية.
تاريخ فن
الإلقاء والخطابة
يرجع تاريخ فن
الإلقاء والخطابة لاعتباره واحد من أقدم أنواع الفنون النثرية والأدبية، بل إنها غالباً ما تسبق ظهور فن الشعر والجدير بالضكر أن اليونانيين قد منحوا فن
الإلقاء والخطابة عناية واهتمام بالغين، إذ أن الفيلسوف أرسطو كان قد حرص على دراسة الخطابة، وتناول في أحاديثه كل من الخطابة الاستدلالية، والاستشارية، والقضائية.
وعقب ذلك كان لذلك الفن تواجد قوي في زمن العصر الجاهلي، حيث اعتمد الجاهليون بشكل كبير في الاعتماد على أسلوب السجع حين كتابة خطبهم، وذلك لأن أسلوب السجع يعد من أفضل الأساليب البالغية حين الرغبة في التلاعب بالمعاني والمقاصد.
ويُشار إلى أن آيات القرآن الكريم قد اعتمدت على أسلوب السجع، وحين دخول عصر الإسلام بدأت صور الخطابة في التطور، كما وتعددت أغراضها، وقد قام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم باستخدامها خلال دعوته إلى دين الله الحنيف، وبالمناسبات المختلفة الدينية والإسلامية. [2]
أنواع الخطابة
هناك العديد من أنواع الخطابة، ولعل من أهمها ما يلي:
الخطبة الاحتفالية: هي نوع الخطب التي يتم إلقائها بالمناسبات العامة.
الخطبة العلمية: هي ذلك النوع من الخطب التي يتم إلقاؤها في مختلف الندوات العلمية والندوات والمؤتمرات، كما يتم إلقاؤها في المراكز الصحية والمستشفيات.
الخطب الاجتماعية: يتم إلقاء تلك الخطب في مناسبات العزاء، والإصلاح، والمناسبات العائلية، والتربوية، وحفلات الزواج.
الخطب السياسية: هي ما يقوم القادة السياسيين بإلقائه مثل الملوك ورؤساء الدول، والضباط، والوزراء، والتي يتم إلقاؤها في المؤتمرات العالمية والمحلية، والندوات السياسية، والأعياد والمناسبات الوطنية.
الخطب الدينية: وهي الخطب التي يتم إلقاؤها بالأعياد الدينية وصلوات الجمعة، وبالدعوة الإسلامية، وحين الحديث بالدروس الدينية.
الخطب الحربية: هي ما يتم إلقاؤها قبل خوض الحروب على الجيوش أو خلال الحرب، وهو ما يعود الهدف منه إلى زرع روح الجهاد والحماس بنفوس الجيش.
اهمية فن
الإلقاء والخطابة
إن الخطابة والإلقاء يمثلان أحد أهم مظاهر التقدم والرقي المجتمعي، مما جعل الشعوب والمجتمعات المختلفة على مر الأزمنة والعصور يمنحونها مكانتها، كما وقد اتخذونها باعتبارها وسيلة يحاولون من خلالها إصلاح المجتمعات وتوجيه ما بها من جماعات، كما وقد أدت الخطابة دور في التأثير والإقناع حين إلقاء الأشعار، في حين أنها تعد أقل من الشعر من حيث الانتشار.
والأمر الذي جعل الخطابة أقل انتشاراً من الشعر هو ما تتسم به من صعوبة حفظها للنثر، في حين أن الشعر يمتاز بسهولة المقدرة على حفظه وكذلك تناقله فيما بين الناس، أما عن أهتمام العصر الجاهلي البالغ بالخطابة فإنه يعود للعديد من الأسباب، منها أنهم حين كانوا يرغبون في تهنئة أو تعزية قبيلة فقد كانوا يبعثون إليها أحد أشرافهم ليلقي خطبة لديهم، كما كانت القبائل تتنافس فيما بينها ببراعتهم في فنون الخدابة والإلقاء والشعر، ومن الأوجه الأخرى التي تتضح منها أهمية فن
الإلقاء والخطابة ما يلي:
الحث على المسارعة لأداء العمل النافع وأعمال الخير.
تمثل أحد الوسائل الهامة في التواصل بشكل مباشر مع الأشخاص الآخرين.
في الكثير من المواقف يتم الاعتماد عليها في إثارة الحماسة والعواطف بروح الناس سواء في الحزن أو الفرح.
تساعد الخطابة على تقوية وتوطيد العلاقات التي يتم بناؤها فيما بين الأشخاص وبعضهم البعض.
إقناع الخطيب لمستمعيه بما لديه من أفكار وموضوعات إيجابية.
نشر الثقافات والأفكار المختلفة والمتنوعة.
تعد واحدة من الفرص التي يمكن من خلالها النجاح في أحد المجالات والتعرف على طريقة وأساليب العيش السليمة.