01-26-2015, 04:32 PM
|
|
|
|
|
تلذذ بالعطاء
.
.
التَّلذُّذ بالأخذ يشترك فيه مُعظم البَشر ،
لكن التَّلذُّذ بالعَطاء لا يعرِفُه سِوَى العُظَماء وأصْحَاب الأخْلاق السَّامية السَّامقة .
يقول الأستاذ سيِّد قُطب رحمه الله :
( لقد أخَذت في هذه الحَياة كثيراً ، أعنِي : لقَد أعطَيْت ) !! .
أحياناً تصعُب التَّفرقة بَين الأخْذ والعطَاء ، لأنَّهُما يعطِيَان مدلولاً واحِداً في عَالم الرُّوح !
فِي كُل مرَّه أعطَيْت لقَد أخَذت ، لَستُ أعنِي أنَّ أحداً قَد أعطَى لِي شيئاً ،
إنَّما أعنِي أنَّني أخَذت نَفس الَّذي أعطَيْت ،
لأنَّ فرحَتي بِمَا أعطَيْت لم تَكُن أقَل مِن فَرحة الَّذين أخَذُوا ....
إنَّ بهجَة العطَاء تَفُوق لَذَّة الأخْذ ،
فالأولى رَوحَانِيَّة خَالصَة ، تَتملَّك وجدَانَك وأحاسِيسَك ،
والثَّانية مادِّيَّة بَحتة مَحدُودة الشُّعور .
يقول جورج برنارد شو :
( المُتعة الحَقِيقيَّة في الحَياة ، تتأتَّى بأن تُصهِر قُوَّتك الذَّاتِيَّة في خِدمَة الآخَرِين ،
بدلاً مِن أنْ تَتحوَّل إلى كَيان أنَانِي يَجْأر بالشَّكوَى مِن أنَّ العَالم لا يُكَرِّس نَفسه لإسْعَادك ! ).
فَالمرءْ مِنَّا حِينَما يَكُون دَائِم العَطاء ، سَيتمَلَّكُه بَعد فَترة شُعور بِأنَّه يَسْتَمِد
مِن رَبِّ العِزَّة أحَد أسْمَى وأرْوَع صِفَاته وهِيَ صِفَات ( الجُود والعَطاء والكَرم) ، تلذّذ بالعطاء
ومَا أسْعَد الخَالِق حِينَما يتَمثَّل أحَد خَلْقِه صِفَاته الجَمِيلة الرَّائِعة .
إنَّ أحَد أسْرَار السَّعادة هُوَ أنْ تَكُون صَاحِب يَد عُليَا مِعطَاءَة ، فَهِي الأحَب والأقْرَب إلى الله عزَّ وجَل .
هَذِه اليَد المِعطَاءَة هِيَ وَحدَها القَادِرة عَلَى نَقلِك مِن عَالَمِك المَادِّي الضَّيِّق ، إلَى عَالَم الرُّوح الرَّحب الوَاسِع ،
فالنَّفس تُحِب أنْ تَكنِز وتَجمَع ، وصَعب عَلَيها أنْ تَجُود وتُنفِق ، فإِذا مَا علَّمتَها العَطاء والجُود ،
كُنت أحَق النَّاس بِالإرتِقَاء والعُلُو والرِّفعَة فِي الدُّنيا والآخِرَة .
صَعب عَلَى عَقل مَادِّي أنْ يَفهم مُعادَلة العَطاء السَّعيد ،
لِذا لا أجِدْني مُبالِغاً حِينَ أُجزِم أنَّ أصْحَاب اليَد العُليا هُم... نَسيمُ الحَياة ومَلائِكَة الإنسَانِيَّة .
أصْحَاب اليَد العُليا هُم ... رُوَّاد كُلِّ زَمن ، ورُمُوز كُلِّ عَصر ، يَجُودُون بِالمَال إنْ تطَلَّب الأمْر ،
ويُضحُّون بِالنَّفس بِنُفُوسٍ رَاضِية ، ويُقدِّمُون رَاحة غَيرِهِم عَلَى رَاحَتِهم وهَنائِهِم .
تَعرِفُهم بِسِيمَاهُم ، قُلوبٌ هَادِئَة .. وَ ابْتِسَامة رَاضِيَة وَاثِقَة .. ونُفوسٌ مُطمَئِنَّة مُستَكِينَة .
هُم أسْعَد أهْلِ الأرْض ، ولَهُم فِي السَّمَاء ذِكرٌ حَسَن .. وأجْرٌ عَظِيم .
إشْرَاقَة ~
لَا تَنسَى وأنْتَ تُعطِي أنْ تُدِير ظَهْرَك عَن مَنْ تُعطِيه
كَي لَا تَرَى حَيَائه عَارِياً أمَامَ عَيْنَيك .
جُبران خَليل جُبران
.
.
من كِتَاب " أفْكَار صَغِيرة لِحَياة كَبِيرَة "
|
|
jg`` fhgu'hx
,
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ .
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 04:42 AM
|