يقولون : “من السهل أن تُحزن الإنسان، لكن من الصعب أن تجعله يضحك أو يفرح”، والكل
يسعى للسعادة والفرح، ويركض عن الحزن والنكد، وصديقك مَن يجتهد في إسعادك وعدوك
من يتفانى في أحزانك، وما أجمل التعبير القرآني في سورة المجادلة حين يقول:” إِنَّمَا النَّجْوَىٰ
مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا” وهي صورة تبين أحد أغراض عدو البشرية وهي جلب الحزن:
مشاعر تُقعد الإنسان -غالباً- عن العمل منطوياً يصاحبه البكاء في أحيانٍ كثيرة.
كيف نسرق الفرحة من بين ثغورنا ونحن لاندري؟
ومن العجيب أنه ليس شيطان الجن وحده هو مَن يسعى إلى صناعة الحزن وسرقة الفرح، بل
هناك من البشر من أصبحوا أساتذةً في ذلك، وليس بالضرورة أن يكون عدولاً لك، بل ربما
صديق أو مُقرَّبٌ يراك في لحظة فرحة وسرور فيسرقها منك ويحولها إلى حزن، -طبعاً ليس
بسوء نية-، ولكيلا استرسل بالكلام دون استدلال سأذكر لك بعض المواقف الحياتية- ولك أن
تقيس عليها-:
تخرج الأسرة في نزهة عائلية أو سفرة ممتعة، يتحدثون ويتنقلون ويضحكون، وفي أثناء تلك
الفرحة، يقول أحدهم: يا ليت أخي فلان معنا الآن، لكانت الفرحة أكمل، ويجيبه الآخر: صحيح،
كان رحمه الله ضحوك، تذكرون يوم كذا وكذا، وتستمر مسلسل الذكريات، وما هي إلا لحظات
لتُسرقَ الفرحة.
لماذا في بعض الأحيان تبرد الفرحة فجأة وتتحول إلى قلق وحيرة؟
يصرخ حمد من الفرحة، نعم بعد جهد وتعب نجحت من الثانوية وبمعدلٍ عالٍ ولله الحمد، وفي
أجواء فرحته بين أصدقائه ومحبيه، ينبري أحدهم: ليس المهم النجاح، المهم القَبول في
الجامعة. فيعلق الآخر: أصبح القَبول صعباً، فالكثير تخرجوا بمعلات عالية ولم يُقبلوا. ويُثلثُ
أحدهم: وخاصة الكلية التي ترغب فيها يا حمد، وفي دقيقة واحدة تُسرق الفرحة من حمد ومحبيه.
والصور كثيرة في ذلك، بل لا أبالغ حين أقول أن العبد نفسه يسعى أحياناً لسرقة
فرحته وبناء الحزن مكانها، حاول أن تعيش معي في بعض المواقف -ربما حصلت لك-:
” الحمد لله كان كل شيء تمام”، هكذا حدَّثت نفسك بعض انتهاء حفلة عرسك، وفي قمة
فرحتك تقول: لكن فلان لم يحضر مع إني دعوتهُ بشكلٍ خاص؟ ليس هو فقط بل حتى فلان
من أقاربي ، أكيد زعلان عليَّ، لكني لا أذكر إني أخطأت في حقه، ثم حتى لو أخطأت ألا ينبغي
أن يتجاوز ويحضر هذه المناسبة التي ربما لن تتكرر، وتبدأ دوامة الأفكار والأحزان والعتاب،
والحقيقة أن الفرحة سُرقت.
نموذج من الحياة اليومية على سرقة الفرحة
حصلت على هدية جميلة لمناسبة سعيدة من شخص عزيز وغالي عليها (زوجها مثلاً)، دخلت
غرفتها فرحة وتُقلِّبُ تلك الهدية، وفجأة :لحظة يا ترى لماذا أعطاني تلك الهدية؟ لابد أن له
غرض ما، صحيح كما يقولون في المثل : الذئب ما يركض عبث، لا يجب ألا أكون مندفعة، العاقل
يتريث… وإلخ تدخلُ نفسها في بيت الوساوس، والحقيقة أن فرحتها سُرِقت.
ولو أردت أن أذكر الأمثلة لما انتهينا، بل وصل الأمر حتى في أفضل الأعمال والتي تدفع إلى
الفرح، في أحد المجالس يذكرُ أحدهم أنه بفضل الله أسلم على يديه العديد من الناس، يقول
هذا وعينيه كلها فرح وسرور، فيتطوع أحدهم: المهم ماذا بعد الإسلام، الكثير يدخلون
الإسلام ،لكن من يثبت عليه. ويزيد الطينَ بِلِّةً آخر: نعم الكثير من الاحصائيات تقول أن عدد من
يرتدّون كثير بسبب عدم الاهتمام بهم، فلا تعول كثيراً على إسلامهم… إلخ، والحقيقة هنا:
أن فرحة صاحبنا سُرقت.
هل نحن من يقتل الفرح في أرواحنا؟
لعلك لاحظت أن أكثر السرقات إما من أشخاص أو أحداث سابقة ولاحقة، نعم للتفكير والتدبير
والدراسة والتفسير، لكن هلا أجلناها لما بعد وقت الفرحة، ثم ألا تطمح أن يُحبك الله، لقد قال
حبيبنا: “إنَّ اللَّهَ يُحبَّ أن يَرى أثرَ نعمتِه علَى عبدِه”[1]، ومن أثر النعمة الفرح بها، إن لم تمنع
سرقة الفرحة، فلا تكن من سُرّاقها.
رحيل /سمو /معاذير غربة خلود حكاية عشق و عين هيبة شموع
أما عن كفة الأصحاب ، أنا حظي عظيم
محاطة باصدقاء* مثل النور
ياربّ لا تجعلني أرى فيهم حزناً ولا همَّاً ولا تعباً ،
واجعلني أرى فيهم فرحاً و سروراً
[/LEFT]
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ aksGin على المشاركة المفيدة: