شنت إسرائيل هجوما عسكريا على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) أمس الثلاثاء، وقصفت حوالي 50 هدفا بينها منازل في حملة تهدف إلى إنهاء إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، في حملة اطلقت عليها «عملية الجرف الصامد»، فيما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أنها أطلقت عملية (البنيان المرصوص) في مواجهة العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وقال الرئيس الأمريكي: إن السلام هو الطريق الوحيد لضمان أمن اسرائيل والفلسطينيين، وأعلن مسؤول إسرائيلي كبير أمس، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لجميع الخيارات العسكرية المحتملة في قطاع غزة بما في ذلك شن عملية برية، وقال المسؤول الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس: «الجيش يستعد لجميع السيناريوهات، بما في ذلك الاجتياح او شن عملية برية».
وفيما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن الحرب على غزة "قد تستغرق وقتا طويلا حتى يتحقق الأمن .. وأصدرت أوامري (للجيش) بتصعيدها بشكل نوعي"، ارتقى، أمس، 16 شهيدا وأصيب نحو 100 فلسطيني في غارات الطيران الحربي على قطاع غزة الذي رد على اسرائيل برشقات من الصواريخ بلغت نحو مائة، بحسب المصادر الاسرائيلية، بينها صاروخ "الفجر" الذي قصف مدينة تل أبيب، وصاروخ "براق" على مطار بن غوريون المجاور لها، في أسوأ دوامة عنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2012، واستدعت حكومة الحرب على إثرها 40 الف جندي من الاحتياط. وكانت استبقت عملياتها العسكرية بحملة أمنية في الضفة الغربية أسفرت عن اعتقال نحو 850 فلسطينيا على إثر خطف ثلاثة شبان يهود بالقرب من الخليل قبل شهر.
وتزامنا وإطلاق صاروخ "الفجر" على تل أبيب قبل نحو ساعة من موعد إفطار صيام الثلاثاء، هاجمت مجموعة من الفدائيين قاعدة زيكيم العسكرية واشتبكت مع جنود الاحتلال فيها واستشهد على إثر هذه العملية 4 مقاتلين، بحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية. وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان متلفز، أن المقاومة الفلسطينية لن تتوانى عن توسيع ردها على العدوان الاسرائيلي إذا لم يتوقف. وفي وقت لاحق أعلنت أن رجالها فجروا نفقا أسفل معبر كرم أبو سالم الاسرائيلي جنوب قطاع غزة. كما أعلنت أنها قصفت قاعدتين عسكريتين بعشرة صواريخ من نوع كاتيوشا، وهما قاعدتا زيكيم ويفتاح.
وأوضحت القسام أن "وحدة كوماندوس تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام اقتحمت قاعدة سلاح البحرية الصهيوينة على شواطئ البحر .. وأنزلت خسائر كبيرة في صفوف العدو، استنادا لمحادثة مع قائد المجموعة" في المنطقة التي تبعد نحو ثلاثة كيلومترات شمال الحدود بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 (إسرائيل).
في المقابل اعلن مصدر أمني اسرائيلي أن جيش الاحتلال قتل عددا من الفدائيين الذين دخلوا "اسرائيل" قادمين من البحر.
وبحسب إحصائيات لجنة الاسعاف والطوارئ الفلسطينية في قطاع غزة، قتل شاب في غارة جوية استهدفت دراجة نارية للركاب (توك توك) في منطقة الشيخ زايد شمال قطاع غزة، وقتل فتى في غارة جوية على حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة بحسب نفس المصدر. وقتل فلسطينيان في غارة على حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وقبلها، قتل سبعة فلسطينيين في غارة جوية استهدفت منزلا في مدينة خان يونس وأصيب فيها 25 شخصا بجروح. وأوضح شهود عيان ان "طائرة استطلاع اسرائيلية أطلقت صاروخا تحذيريا على المنزل ليقوم سكانه باخلائه، لكن الجيران والاقارب تجمعوا حول المنزل وصعدوا الى سطحه ليشكلوا درعا بشرية لحمايته من القصف، الا ان الطائرات الاسرائيلية اف 16 اطلقت صاروخا دمره بالكامل وخلف عددا كبيرا من الشهداء والجرحى".
وردا على هذه الغارة قال المتحدث باسم حركة حماس سامي ابو زهري في بيان: إن "مجزرة خان يونس ضد النساء والأطفال هي جريمة حرب بشعة وكل الإسرائيليين أصبحوا بعد هذه الجريمة اهدافا مشروعة للمقاومة".
وفي وقت سابق، قتل ثلاثة فلسطينيين في غارة جوية استهدفت سيارة مدنية كانوا يستقلونها وسط مدينة غزة. وذكر مواطنون من أقارب اثنين من القتلى تجمعوا قرب ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة ان القتلى من اعضاء كتائب القسام، وأحدهم محمد شعبان (32 عاما) وهو قائد بارز في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ويعتبر مسؤول الوحدة البحرية.
كما قتل ناشط فلسطيني في غارة جوية اسرائيلية ظهر الثلاثاء على مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، بينما اكد شهود عيان انه من عناصر كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس. وسمحت الحكومة الامنية المصغرة لإسرائيل (حكومة الحرب) لجيش الاحتلال باستدعاء 40 الف جندي احتياط. وقال الجيش "بتوجيه من رئيس الأركان .. وبعد موافقة الحكومة، زاد الجيش من تعبئة قوات الاحتياط". واضاف "الموافقة تقتصر حاليا على اربعين الف" مجند احتياط.
وفي حديث لاذاعة الجيش الاسرائيلي، اكد المتحدث باسم الجيش الجنرال موتي الموز "سنحشد المزيد من قوات المشاة والدبابات والمدفعية".
وبحسب الموز فان جيش الاحتلال يدير هذه العملية على "مراحل"، مشيرا الى ان "المرحلة الاولى جرت ليلة (الإثنين ـ الثلاثاء) مع غارات جوية على منازل الناشطين والبنى التحتية للمقاومة الفلسطينية. ولقد تلقينا تعليمات من القيادة السياسية بضرب (حركة المقاومة الاسلامية) حماس بقوة".
وأعلن وزير الحرب الاسرائيلي موشيه يعالون في بيان "نحن نستعد لشن حملة ضد حماس لن تنتهي في بضعة ايام". واضاف: "في الساعات الاخيرة، ضربنا بقوة والحقنا اضرارا بعشرات من ممتلكات حماس وسيواصل الجيش جهوده الهجومية بطريقة من شأنها تدفيع حركة حماس ثمنا باهظا للغاية".
وفيما يواجه غضبا شعبيا متناميا، دعا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيان اسرائيل الى وقف التصعيد فورا. ودعا المجتمع الدولي إلى "التدخل الفوري والعاجل لوقف هذا التصعيد الإسرائيلي الخطير الذي سيجر المنطقة الى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار".
دوليا، دانت الولايات المتحدة اطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخها على اسرائيل، معربة عن ـ ما أسمته ـ "قلقها على المدنيين من الجانبين".
ودعا المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست رئيس الوزراء الاسرائيلي الى الابقاء على القنوات الدبلوماسية مع الفلسطينيين مفتوحة لحل الازمة. كما قال المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة ستيفان دوجاريتش: ان بان كي مون "يدين الاطلاق الاخير للصواريخ من غزة على اسرائيل" ويدعو من جديد الفريقين الى "التحلي باقصى درجات ضبط النفس". واكد المتحدث ان "اطلاق هذه الصواريخ بلا تمييز على مناطق مدنية يجب ان يتوقف" مشيرا الى ان بان "الذي يشعر بقلق بالغ من التصعيد الخطير (للموقف) يكرر الدعوة لجميع الاطراف المتنازعة الى التحلي باقصى درجات ضبط النفس وتفادي خسائر مدنية جديدة وزعزعة استقرار عامة".