عندما يفوح عبق الماضي من بين حجارة المدن، ومن بين آثارها، يشُدك حنين المعرفة والتعرف على تلك الحقبة من الزمن، التي بقيّ شاهدها المادي الملموس هو المُساند والمُوثق لكل ما كُتب عنها،
ويصبح التاريخ المكتوب أكثر صدقّية عندما تدعمه تلك الآثار التي تحولت الى معالم سياحية.
أن المدن التائهة بين عمران الحاضر، أو ما بقي منها، والتي بُني على أنقاضها مدنٌ، تدلُك على حضارة شعوب كانت واندثرت بين فكيّ العوامل الطبيعية، والعوامل البشرية والحروب،
ولكن يبقى لمفهومها الانساني معنى كبير ذات قيمة معنوية عالية، وخاصة عندما تغوص أكثر في حضارة تلك الشعوب، والتعرف على أساليب حياتها وكفاحها في أكثر الظروف قساوة، وعلى الاخص إذا ما قارنت بينها وبين حياتنا اليوم،
والتي تحولت فيها الكماليات الى اساسيات، وأصبح التطور والحداثة جزءً مهما من حياتنا اليومية.
سأعرض عليكم بالتسلسل آثاراً لـ 10 مدن من التاريخ.
مدينة هيركيلانيوم، أيطاليا
كانت المدينة بمثابة منجم من الذهب لعلماء الآثار، قبل أن تصبع جدرانها مرتعاً للشعارات السياسية، ولكن يمكنك أن تتخيل كيف كانت حياة الرومان في أيطاليا،
مجبولة مع الرخام وخاصة سكان هذه المدينة، قبل أن يثور بركان فيزوف عام 79 ميلادية، وان لهذه المدينة قصة وأسطورة يتم تردادها كثيرا في تارخ الايطاليين، حيث دفع بليني الاكبر حياته، عندما حاول أنقاذ سكان هذه المدينة من غزو الرماد البركاني الذي قضى على معظمهم.
تروي، تركيا
طروادة، تقع في آسيا الصُغرى، وهو مصطلح تاريخي للمنطقة الواقعة بين البحر الابيض والبحر الاسود، والتي موقعها اليوم في تركيا، لها من الاساطير الكثير، بدأً من حصارها لمدة طويلة من الزمن، ولتوالي الحروب عليها،
ومنها الحرب الطويلة من أجل الملكة “هيلين” والذي يُعتقد بأن مجوهراتها وكنوزها التي كانت موجودة فيها نُهبت من قبل الاتحاد السوفياتي في الحرب الثانية، والتي يُمكن العثور عليها في متحف “بوشكين”، وهناك نقاش جدي حول تاريخ تأسيسها، فمن أحجارها الكبيرة والطبقات،
وحجم تلك المدينة الكبيرة جداً، فقد يعود تاريخها الى 3000 سنة قبل الميلاد، وأن الباقي منها هو الآثار التي أستطاعت الصمود بعد كل تلك الاعوام والحروب التي مرت عليها.
بترا: الاردن
معروفة جداً من السكان المحليين، كانت مزدهرة أثناء الحكم الروماني عام 103 ميلادي، إلى أن ضربها الزلزال المدمر، الذي خرب النظام الحيوي للمياه فيها،
ويبدو أنه كان من السهل في تلك الفترة التخلي عن الموقع لصعوبة إعادة الاعمار في المناطق الصحراوية، وهي الآن من المواقع الآثرية المهمة والعظيمة في الشرق الاوسط،
والمدينة نُصفها كان مبنيا والنصف الاخر من الصخور الجبلية الحمراء التي نُحتت لتتكامل مع البنيان، والتصميم هم مزيج من التصاميم الرومانية واليونانية والسكان الاصليين للصحراء.
موهانجو دارو: باكستان
جنبا إلى جنب مع الحضارات المصرية وبلاد ما بين النهرين، تعتبر حضارة وادي السند واحدة من الحضارات المُهمة في العالم. بلغت حضارة وادي السند ذروتها حوالي عام 2000 قبل الميلاد، وقد تكون أقدم من ذلك بكثير،
حيث يمكن النظر إلى طبيعة هذه الحضارة المتقدمة في موهينجو - دارو، من بُنية شوارعها ونظام الصرف الصحي.
التي تُعتبر مُختلفة عن مثيلاتها من الحضارات ولكن نحن لا نعرف إلا القليل جدا عن طبيعة الناس الذين عاشوا في موهينجو - دارو، لذلك فإن هذا البيان يبقى يعتريه شيئ من الغموض،
كما ان فيضان نهر اندوس قد دمر المدينة ست مرات على الاقل، وكانت تُبني مدينة جديدة على أنقاض القديمة، مما يُصّعب بشكل أساسي مسألة تأريخها، التي على الارجح حوالى 1800 قبل الميلاد والتي تم اكتشافها في عام 1922.
ماتشو بيتشو: البيرو
مدينةٌ تجلس على قمة جبال الأنديز، في البيرو، وقد سُكنت لمدة قصيرة من سكانها الاصليين، ذلك قبل تخليهم عنها نتيجة الغزو الاسباني لأمريكا الجنوبية،
ومنذ ذلك التاريخ لم يكشف السكان عن موقعها، وتم العثور عليها نتيجة أهتمام الغرب بهذا الجزء من العالم، ولم تُحدد طبيعتها، فهل يمكن أن تكون ملاذا دينيا، أو كانت آهلة بالسكان،
ولكن في جميع الاحوال أصبح الوصول اليها بعد أكتشافها في القرن العشرين سهلا جداً، بالحافلات والقطارات، بعد أن كان من الصعوبة جداً الوصول اليها، ولكن جمال المناظر الطبيعية في تلك المدينة هو التفسير الوحيد لتدفق السياح عليها.
تيمقاد: الجزائر
هي المدينة المفقودة في القصص المُغامرة، كانت مدينة نابضة بالحياة في الصحراء، والتي أعطى أوامر بناؤها الامبراطور تراجان، ولكن العواصف الصحراواية التي غطت المدينة في تلك الفترة، أدت الى تخلي السكان عنها، في القرن السابع،
ولكن تم أعادة أكتشافها في العام 1881 ميلادية، وأطلالها اليوم تنقل صورة واضحة ورائعة عن تلك المُدن الرومانية في جميع مُحافظات أفريقيا، شبكة كاملة من الشوارع، وأن أنتشار المعابد فيها يدُل على أهميتها لدى الرومان.
تيغال: غواتيمالا
كانت العاصمة لمملكة المايان، مدينة غامضة مهجورة، يعود تاريخها الى ما قبل العام 200 ميلادي، والتي بقيت فيه مُحتلة من الامبراطور مايان حتى العام 900 ميلادي، وكانت تتناقل الكثير من القصص والاساطير عنها وعن موقعها،
إلى أن نُظمت حملة للأستكشاف في العام 1848، وما وجدوه كان واحداً من أكثر المعالم غرابة لناحية أرتفاع الهياكل، والقصور الكثيرة المُنتشرة، وحتى وجود ملعب لممارسة لعبة الكرة، معروفة بلعبة المايان.
آكروتيري:سانتوريني
انها مدينة الحضارة المينوية، في جزيرة كريت والتي بناها الملك الاسطوري مينوس، وليس هناك تسمية مُحددة لتلك الشعوب التي سكنوها، أو لا يُعرف ماذا كانوا يُطلقون على أنفسهم،
وكانت منسية الى حد كبير حتى مطلع القرن العشرين، وذلك مع أكتشاف القصر الكبير في كنوسوس، تم أكتشاف أمجاد تلك المدينة في سانتوريني والتي هي موقع للبركان ثيرا، ووأن أنفجار البركان ثيرا في العام 1600 قبل الميلاد كان السبب الرئيس في تدمير تلك الحضارة،
وكان أكتشافها مُجدداً في العام 1967 من خلال اللوحات الجدارية التي سلطت الضوء على تلك الحضارة المندثرة بين رماد البركان وغباره.
قصور الجرف: كولورادو
إنها حضارة شعب البوابلو، أو الهنود في جنوب غرب الولايات المتحدة، يعود تاريخ أزدهارها بين العام 900 و 1200 ميلادية،
وكما ان سبب أندثارها يعود حسب التحليل المنطقي،بغياب أي تحليل مادي الى الجفاف الذي ضرب المنطقة بكاملها،وتعطل مورد الزراعة بشكل تام، وقد شُيدت في العصر الذهبي الأناسازي، وظلت غير مُكتشفة حتى العام 1888ميلادية،
أثناء قيام تشارلز ماسون بالتعاون مع رجال القبائل المنتشرة هناك بالبحث عن الابقار الشاردة حيث وجدوا موقعاً مخبأ تحت جدار الهاوية، وفي الواقع ان التسمية خاطئة مع كلمة قصور لأنها في الواقع مدينة كبيرة.
بافلوبتري: اليونان
مدينة منذ العصر الحجري أبتلعها البحر، وكانت موجودة الف عام قبل الميلاد، ومن المرجح أن أرتفاع منسوب مياه البحر والتشققات في الارض التي تسببها الزلازل قد غمر المدينة بالمياه وغطاها بالكامل،
وقد تكون من أساطير دول أفلاطون ولكن في جميع الاحوال ومن المؤكد ان مثل هذه المواقع الأخرى الموجودة في محيطات العالم التي تنتظر الاكتشاف