للاستغراق في النوم بعمق لعدة ساعات مناسبة تأثيره في تحسين الصحة العامة، وتفادي الأمراض، وهو ما يفقده الإنسان بسبب النوم لفترات متقطعة وغير منتظمة، حيث يرتبط النوم العميق والمتواصل بالشعور بالراحة واستعادة الحالة الإيجابية، بينما يسبب تكرار تقطع النوم صعوبة في النعاس مرة أخرى، وتدهور الحالة النفسية والصحية.كان يعتقد أن السهر لوقت متأخر من الليل والحصول على ساعات قليلة من النوم أكثر ما يضر الصحة، لكن بحسب دراسة أميركية حديثة نُشرت في جورنال أوف سليب، تبين أن النوم المتقطع هو الأسوأ للصحة والأكثر ضررا للإنسان.
وشملت الدراسة التي أجراها البروفيسور بارتيك فينان، أستاذ الطب النفسي السلوكي بجامعة جون هوبكنز، أبحاثا أجريت على 62 رجلا وامرأة من الأصحاء الذين ينامون جيدا. تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عاما، حيث أمضى المشاركون ثلاثة أيام وليال في مختبر النوم وقاموا بالإجابة على أسئلة استبيان بعد انتهاء تلك الفترة. وتم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات، الأولى تم إيقاظ المشاركين فيها أثناء النوم عدة مرات حتى يكون نومهم متقطعا، والمجموعة الثانية لم يسمح لأعضائها بالذهاب إلى الفراش إلا في وقت متأخر من الليل، مع الاستيقاظ المبكر، أما الثالثة فكانت مجموعة ضابطة سُمح لأعضائها بالنوم طوال الليل دون انقطاع لقياس الفروق، وتحديد التأثير والأضرار.
وأظهرت النتائج أن المجموعتين الأولى والثانية اللتين لم ينم المشاركون فيها طوال الليل، انخفضت لديهم الحالة الإيجابية بعد الليلة الأولى، لكن في الليلتين التاليتين كانت حالة الذين ينامون نوما متقطعا أسوأ وزاد تراجع المشاعر الإيجابية لديهم والتأثيرات السلبية، بينما استمر مستوى انخفاض المشاعر الإيجابية لدى أعضاء المجموعة الذين كانوا ينامون عدد ساعات قليلة متصلة عند الدرجة نفسها، حيث أكد الباحثون أهمية الاستغراق في النوم ولفترة طويلة لا تقل عن ست ساعات.
ويوضح د. مدحت الجمال، الأستاذ بمعهد القلب القومي، أن
للنوم المتواصل لعدد مناسب من الساعات فوائد كبيرة على الحالة النفسية والصحة العامة وخاصة القلب، حيث يقلل من فرص الإصابة بالنوبات القلبية، ولفت إلى أن النوم بطريقة غير متقطعة لمدة ثماني ساعات يوميا، يجعل الإنسان أقل عرضة للأزمات القلبية وأمراض الأوعية الدموية، بالإضافة إلى أن الراحة بانتظام في فترة الظهيرة لها تأثير كبير على وظيفة الجهاز المناعي، حيث يقوم الجهاز المناعي بالاستفادة من راحة الجسم، مما يؤدي إلى تشجع الاستجابات المناعية بشكل أفضل، وهو ما يقوم بدوره في تحسين الذاكرة المناعية، موضحا أن النوم المتقطع
يضعف قدرات الإنسان على التفكير وتتراجع إنتاجيته وحماسته للعمل.
وتابع الجمال “الحصول على كمية كافية من النوم بانتظام يساعد على تنظيم مستويات هرمون التستوستيرون، حيث يؤدي تقليص النوم يوميا وتقطعه إلى قلة التستوستيرون، وهو ما يولد آثارا جانبية أخرى جسدية ونفسية.
وأضاف أنه لتحقيق الاستفادة القصوى من النوم وتجنب أضراره، يفضل أن تتراوح مدته بين سبع وثماني ساعات يوميا بشكل متواصل دون تقطيع وأن تكون في الليل.
ويشير د. محمد أبوبكر، استشاري أمراض الباطنة، إلى أن الحصول على الاسترخاء والنوم الهادئ، يتطلب كمية مناسبة من هرمون الميلاتونين، الذي تساعد في إنتاجه عوامل عديدة من بينها الظلام، وأيضا يتواجد في أنواع معينة من الأحماض الأمينية الموجودة في الأطعمة الغنية بالبروتينات كاللحم.
ويوضح أبوبكر أن ثمة أسبابا عديدة لتقطع النوم وعدم النوم ليلا، من بينها نوعية الطعام الذي يتناوله الشخص قبل النوم، فوجبات العشاء الدسمة، وملء المعدة بالطعام، وتناول أطعمة بعينها كفيل بساعات قلق طويلة، تؤدي إلى فقدان القدرة على النوم، والذي يكون ناتجا عن تناول الأطعمة التي ترفع ضغط الدم، وتحفز الدورة الدموية، وبالتالي يصعب الوصول إلى الاسترخاء المطلوب للنوم.
وأكدت الأبحاث الطبية أن مرض احتشاء القلب، وهو من أخطر الأمراض، ومرض تصلب الشرايين وانسداد الشريان التاجي، سببهما الرئيسي هو النوم الطويل لعدة ساعات، أو النوم المضطرب المتقطع، فالاثنان لهما أضرارهما والتأثير السلبي.
وأظهرت نتائج الدراسة التي أعدتها جمعية أطباء القلب في الأردن، أن الإنسان إذا نام طويلا أكثر من عشر ساعات قلت نبضات قلبه إلى درجة قليلة جدا لا تتجاوز 50 نبضة في الدقيقة، ما يؤدي إلى جريان الدم في الأوعية والشرايين والأوردة ببطء شديد، ومن ثم ترسب الأملاح والدهنيات على جدران الأوردة والشرايين، وبخاصة الشريان التاجي وانسداده، ونتيجة لذلك يصاب الإنسان بتصلب الشرايين أو انسدادها، حيث يؤدي ذلك إلى ضعف عضلة القلب وانسداد الأوردة الناقلة للدم من القلب وإليه، وتحدث الجلطة القلبية أو انسداد الشرايين الناقلة للدم من
الدماغ وإليه.