03-07-2014, 09:48 AM
|
|
|
|
صلو الجمعه
اغْتَنِمْ أَيَّامَكَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَنَا مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً، وَخَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَنَا أَيُّنَا أَحْسَنُ عَمَلاً، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، أَقْسَمَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَسمَ الآجَالَ وَوَقَّتَ الأَعْمَارَ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، هَدَانَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ سُبُلَ السَّلاَمِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ علَى سَيِّدِنا محمدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْكِرَامِ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بالتَّقْوَى، ومِنَ الْعَمَلِ مَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، قَالَ تَعَالَى: ]وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى[ ([1])
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: جَعَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَعَاقُبَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ آيَةً مِنْ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى عَظَمَتِهِ، وَكَمَالِ تَدْبِيرِهِ وإِرَادَتِهِ، قَالَ جَلَّ وَعَلاَ فِي كِتَابِهِ: ]وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً[ ([2]) فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَذَكَّرَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْعُمُرَ فُسْحَةٌ مَحْدُودَةٌ، وَمُدَّةَ أَيَّامِهِ مَعْدُودَةٌ، فَلْيَغْتَنِمْ يَوْمَهُ فِيمَا يَنْفَعُ، وَلْيَعْمَلْ لِآخِرَتِهِ، وَيَغْتَنِمْ وَقْتَهُ فِيمَا يُعْلِي وَيَرْفَعُ.
نَعَمْ، فَإِنَّ لِلْوَقْتِ مَكَانَةً عَظِيمَةً، وَأَهَمِيَّةً بَالِغَةً، فَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ]وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[([3]) وَالْمُرَادُ بِالْعَصْرِ هُنَا الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ، لأَنَّهُ رَأْسُ عُمُرِ الإِنْسَانِ، فَكُلُّ لَحْظَةٍ تَمْضِي فَإِنَّهَا مِنْ عُمُرِكَ، وَنَقْصٌ مِنْ أَجَلِكَ، كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ([4])
فَالْعَاقِلُ مَنِ اغْتَنَمَ وَقْتَهُ، وَحَاسَبَ نَفْسَهُ، وَأَلْزَمَهَا بِالصَّالِحَاتِ، وَأَبْعَدَهَا عَنِ الْمُنْكَرَاتِ، وَاسْتَحْضَرَ أَجَلَهُ، فَأَطَاعَ رَبَّهُ فِي اجْتِنَابِ نَهْيِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ، فَانْشَغَلَ بِمَا يُفِيدُ، وَحَدَّدَ فِي حَيَاتِهِ مَا يُرِيدُ، فَأَثْمَرَ غَرْسُهُ، وَحَسُنَتْ عَاقِبَتُهُ، فَأَرْضَى رَبَّهُ، وَأَفَادَ مُجْتَمَعَهُ، وَسَاهَمَ فِي بِنَاءِ وَطَنِهِ، وَعَادَ صَالِحُ عَمَلِهِ بِالْخَيْرِ عَلَى أَهْلِهِ وَأُسْرَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُؤْمِنُ الْفَطِنُ الَّذِي قَصَدَهُ نَبِيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم بِقَوْلِهِ:« الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»([5]). وَمَعْنَى قَوْلِه:« مَنْ دَانَ نَفْسَهُ». أَيْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَإِنَّ الْغَافِلَ يَا عِبَادَ اللَّهِ مَنْ ضَيَّعَ وَقْتَهُ، وَأَفْرَطَ فِي التَّسْوِيفِ فَأَطْلَقَ حَبْلَ الأَمَلِ، وَفَرَّطَ فِي الْعَمَلِ، حَتَّى فَاجَأَهُ الأَجَلُ، فَكَمْ مِنْ مُسْتَفْتِحٍ يَوْماً لاَ يَسْتَكْمِلُهُ! وَكَمْ مِنْ مُؤَمِّلٍ لِغَدٍ لاَيُدْرِكُهُ! قَالَ تَعَالَى: ]وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[ ([6]).
فَيَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ: إِنَّ عُمُرَكَ فِي الدُّنْيَا قَصِيرٌ، وَمَا يَشْغَلُكَ عَنِ اغْتِنَامِهِ كَثِيرٌ، وَسَتُسْأَلُ أَمَامَ رَبِّكَ عَنْ هَذَا العُمُرِ، أَصَلَحَ فِيهِ عَمَلُكَ أَمْ فَسَدَ، وَهَلْ أَحْسَنْتَ اسْتِثْمَارَهُ فِيمَا يَنْفَعُكَ فِي آخِرَتِكَ الْبَاقِيَةِ، أَمْ ضَيَّعْتَهُ فِي اللَّغْوِ ابْتِغَاءَ لَذَّةٍ فَانِيَةٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم:« لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ»([7]). فَحَاسِبْ نَفْسَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ، وَاسْتَحْضِرْ رَقَابَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْكَ، وَاطِّلاَعَهُ عَلَى جَمِيعِ أَحْوَالِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، فَتَوَقَّفْ لَحْظَةً مَعَ نَفْسِكَ، وَرَاجِعْ عَلاَقَتَكَ بِرَبِّكَ، لِتَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِصَالِحِ أَعْمَالِكَ، وَخَطِّطْ لاِغْتِنَامِ أَيَّامِ عُمُرِكَ، وَاسْأَلْ نَفْسَكَ مَاذَا تُرِيدُ؟ هَلْ أَنَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ؟ وَهَلْ حَقَّقْتُ مَا يُرْضِي رَبِّي وَيُرِيدُ؟ أَمْ هَلْ كُتِبَ فِي صَحِيفَتِي مَا يُبَيِّضُ وَجْهِي يَوْمَ الْوَعِيدِ؟ فَانْظُرُوا فِيمَ تَعْمَلُونَ فِي لَيْلِكُمْ وَنَهَارِكُمْ، فَقَدْ وَرَدَ فِي الأَثَرِ: إِنَّ هَذَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِزَانَتَانِ, فَانْظُرُوا مَا تَضَعُونَ فِيهِمَا([8]).
فَإِنْ فَاتَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ شَيْءٌ مِنَ الْخَيْرِ بِاللَّيْلِ فَأَدْرِكْهُ بِالنَّهَارِ، وَإِنْ فَاتَكَ الْفَضْلُ بِالنَّهَارِ فَتَادَرَكْهُ بِاللَّيْلِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، قَالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم :« مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلاَةٌ بِلَيْلٍ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلاَتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً»([9]).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَوْ تَأَمَّلَ الْجَادُّ مِنَّا فِي سَاعَاتِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَوَجَدَ أَنَّهَا لاَ تَزِيدُ عَنْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً: نَنَامُ مِنْهَا ثَمَانِيَ ساعاتٍ، وَنَقْضِي أَرْبَعَ سَاعَاتٍ مِنْهَا فِي الشُّرْبِ وَالأَكْلِ، وَسَاعَةً فِي وَسَائِلِ الْنَقْلِ، وَأُخْرَى فِي أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ، وَثَالِثَةً فِي التَّرْفِيهِ وَالرَّحَلاَتِ، وَرَابِعَةً فِي التَّوَاصُلِ وَالْعَلاَقِاتِ، فَضْلاً عَنْ ثَمَانِي سَاعَاتٍ نُمْضِيهَا فِي الْعَمَلِ وَالْوَظِيفَةِ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيبِ وَالتَّغْلِيبِ.
فَهَبْ أَطَالَ اللَّهُ عُمُرَكَ فِي طَاعَتِهِ؛ أَنَّكَ عِشْتَ فِي الدُّنْيَا سِتِّينَ عَاماً، فَاعْلَمْ أَنَّ عِشْرِينَ سَنَةً مِنْهَا قَدِ انْقَضَتْ فِي النَّوْمِ، وَعِشْرِينَ أُخْرَى قَدْ ذَهَبَتْ فِي الْعَمَلِ، وَعَشْرَ سَنَوَاتٍ فِي تَغْذِيَةِ الْبَدَنِ، وَعَشْراً أُخْرَى بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالتَّنَفُّلِ، وَالتَّرْوِيحِ وَالتَّوَاصُلِ وَالتَّنَقُّلِ، وَإِنَّ مِنَ الْغَبْنِ الْعَظِيمِ أَنْ تَعِيشَ أَيُّهَا الِإنْسَانُ الْكَرِيمُ كُلَّ تِلْكَ السِّنِينَ وَلَمْ تَسْتَثْمِرْهَا فِي عَمَلٍ يَنْفَعُكَ فِي الدُّنْيَا وَيَرْفَعُكَ فِي الآخِرَةِ، فَقَدْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم :« مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ»([10]).
وَإِنَّمَا يَحْسُنُ عَمَلُكَ بِاسْتِحْضَارِ نِيَّةِ التَّعَبُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ، قَالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم :«إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى»([11]) فَاسْتَحْضِرِ النِّيَّةَ عِنْدَ نَوْمِكَ، وَقُلْ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ:« بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ»([12]) فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَقُلِ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانِي بَعْدَمَا أَمَاتَنِي وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»([13]). وَاسْتَحْضِرِ النِّيَّةَ عِنْدَ أَكْلِكَ وَشُرْبِكَ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بَيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ، وَقُلْ إِذَا شَبِعْتَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ([14]). فَإذِا لَبِسْتَ ثَوْبَكَ فَاسْتَحْضِرِ النِّيَّةَ وَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِّى كَسَانِى هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ([15]) وَعِنْدَ رُكُوبِكَ السَّيَّارَةَ قُلْ: ]سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ[ ([16]) وَاحْرِصْ عِنْدَ ذَهَابِكَ لِعَمَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ خَالِصاً لِوَجْهِ رَبِّكَ جَلَّ جَلاَلُهُ، فَتَعْمَلَ بِإِتْقَانٍ وَتَخْدمَ الأَوْطَانَ وَتَقْضِيَ حَاجَاتِ الأَنَامِ، لِيَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَاجَتِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم :« مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ»([17]).
نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُبَارِكَ لَنَا فِي أَيَّامِنَا وَأَعْمَارِنَا، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا فِي أَعْمَالِنَا لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا جَمِيعًا لِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلم وَطَاعَةِ مَنْ أَمَرَنَا بِطَاعَتِهِ، عَمَلاً بقولِهِ:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ[([18])
نفعَنِي اللهُ وإياكُمْ بالقرآنِ العظيمِ، وبِسُنَّةِ نبيِّهِ الكريمِ صلى الله عليه وسلم .
أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ، فاستغفِرُوهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بالتَّقْوَى ، وَاعْلَمُوا أَنَّ تَقَلُّبَ الأَيَّامِ وَالأَعْوَامِ فِيهِمَا عِبْرَةٌ، وَأَنَّ أَيَّامَكُمْ تُطْوَى، وَأَعْمَارَكُمْ تَفْنَى، وَأَبْدَانَكُمْ سَتَبْلَى، فَاسْتَدْرِكُوا مِنَ الْعُمُرِ مَا قَدْ مَضَى، فَطُوبَى لِعَبْدٍ حَاسَبَ نَفْسَهُ عَلَى مَا انْقَضَى، فَعَزَمَ عَلَى الاِسْتِكْثَارِ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَبَادَرَ بِفِعْلِ الصَّالِحَاتِ قَبْلَ أَنْ يُنَادِيهِ بَغْتَةً هَادِمُ اللَّذَّاتِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» ([19]).
فَيَا أَيُّهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ أَحْسِنُوا تَرْبِيَةَ أَبْنَائِكُمْ وَقُومُوا بِتَوْجِيهِهِمْ وَرِعَايَتِهِمْ، وَكُونُوا قُدْوَةً حَسَنَةً لَهُمْ، وَخَصِّصُوا أَوْقَاتًا لِمُجَالَسَتِهِمْ، وَالتَّعَرُّفِ عَلَى حَاجَاتِهِمْ، وَمُشَارَكَتِهِمْ فِي طُمُوحَاتِهِمْ، وَتَقْوِيمِ سُلُوكِهِمْ، وَغَرْسِ الْقِيَمِ النَّبِيلَةِ وَالأَخْلاَقِ الْحَمِيدَةِ فِيهِمْ، وَيَا طَلَبَةَ الْعِلْمِ اسْتَثْمِرُوا أَوْقَاتَكُمْ فِي طَلَبِ الْعُلاَ، وَاحْرِصُوا عَلَى أَنْ تَكُونُوا مِنَ الْمُتَمَيِّزِينَ، وَيَا أَيُّهَا الْمُوظَّفُونَ أَدُّوا أَعْمَالَكُمْ بِإِتْقَانٍ، وَخَطِّطُوا لِتَنْمِيَةِ قُدُرَاتِكُمْ وَتَطْوِيرِ مَهَارَاتِكُمْ وَرَفْعِ مُسْتَوَى أَدَائِكُمْ لِتُحَافِظُوا عَلَى مُنْجَزَاتِ الْوَطَنِ وَمُكْتَسَبَاتِهِ، وَتُسْهِمُوا فِي اسْتِمْرَارِ رِفْعَتِهِ وَازْدِهَارِهِ، وَتَشْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ فِي اسْتِقْرَارِهِ وِرَخَائِهِ، فَوَطَنُكُمْ بِفَضْلِ اللهِ تَعالَى عَمِلَ فِيكُمْ بِمَا يُرْضِي رَبَّكُمْ فَآوَاكُمْ وَأَعْطَاكُمْ، وَأَكْرَمَكُمْ وَأَسْعَدَكُمْ، وَفَتَحَ لَكُمْ مِنَ الْخَيْرَاتِ أَبْوَابًا، وَأَغْدَقَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْعَطَاءِ إِحْسَانًا،يَقُولُ اللَّهُ: ]هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ[ ([20]).
هذَا وصلُّوا وسلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بالصلاةِ والسلامِ عليهِ، قَالَ تَعَالَى:] إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[([21]) وقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم:« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([22]) وقَالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم :« لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ»([23]).
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ علَى سيدِنَا ونبيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وعَنْ سائرِ الصحابِةِ الأكرمينَ، وعَنِ التابعينَ ومَنْ تبعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدينِ.
اللَّهُمَّ احفَظْ دولةَ الإماراتِ مِنَ الفتَنِ مَا ظهَرَ منْهَا ومَا بطَنَ، وأَدِمْ عَلَيها الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْعالمينَ([24]).
اللَّهُمَّ بارِكْ لَنَا فِي أَوْقَاتِنَا وَأَيَّامِنَا وَاجْعَلْهَا فِي طَاعَتِكَ وَفِيمَا يُرْضِيكَ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ الجنةَ لنَا ولوالدينَا، ولِمَنْ لهُ حقٌّ علينَا، وللمسلمينَ أجمعينَ. اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ فإنَّهُ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا فإنَّهُ لاَ يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِى قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وارزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلاً وارزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، اللَّهُمَّ أصْلِحْ لَنِا نياتِنَا، وبارِكْ لَنَا فِي أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَاجْعَلْهم قُرَّةَ أَعْيُنٍ لنَا، واجعَلِ التوفيقَ حليفَنَا، وارفَعْ لنَا درجاتِنَا، وزِدْ فِي حسناتِنَا، وكَفِّرْ عنَّا سيئاتِنَا، وتوَفَّنَا معَ الأبرارِ، اللَّهُمَّ لاَ تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلاَّ غَفَرْتَهُ، وَلاَ هَمًّا إِلاَّ فَرَّجْتَهُ، ولاَ دَيْنًا إلاَّ قضيْتَهُ، وَلاَ مَرِيضًا إِلاَّ شَفَيْتَهُ، وَلاَ مَيِّتاً إِلاَّ رَحِمْتَهُ، وَلاَ حَاجَةً إِلاَّ قَضَيْتَهَا وَيَسَّرْتَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا رَئِيسَ الدولةِ، الشيخ خليفة بن زايد، وَنَائِبَهُ الشيخ محمد بن راشد لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وأولياءَ عُهودِهم أجمعين.
اللَّهُمَّ اغفِرْ للمسلمينَ والمسلماتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ.
اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخ زَايِد، والشَّيْخ مَكْتُوم، وإخوانَهُمَا شيوخَ الإِمَارَاتِ الَّذِينَ انْتَقَلُوا إِلَى رَحْمَتِكَ.
اللَّهُمَّ اشْمَلْ بِعَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَجَمِيعَ أَرْحَامِنَا وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ جَهَنَّم، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ القَبْر، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المسِيحِ الدَّجَّال، ونَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المحْيَا والممَات.
اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا.
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ]وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ[([25])
|
|
|
wg, hg[lui
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 10:56 PM
|