يوم أمس, 09:45 PM
|
|
|
|
وبين يدينا زمن فاضل
وبين يدينا زمن فاضل
إن الأفضليةَ في الزمن لتكمُنُ في تفضيلِ وتعظيم وتشريف الله -تعالى- له، كما هو الحال في رمضان، والأشهر الحُرُم، ويوم عرفة، وغيرها من الأزمنة المبارَكة.
فالزمنُ عند المؤمن - على وجه الخصوص - زمنٌ فاضل شريف؛ إذ إن الله -تعالى- أخرَجه مِن بين أولئك الخاسرين، واصطفاه مِن جملة عباده؛ فقال -تعالى-: ﴿ وَالْعَصْرِ ۞ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ۞ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... ﴾ [العصر: 1 - 3] الآيات، فلقد دخَل المؤمنُ في الاستثناء؛ لأنه آمن بالله، وبالتالي فإن ما يملِكُه من عُمُرٍ يكون شريفًا؛ فالعمر الشريف عند المؤمن ليس في المناسبات والمراسم فقط، بل إن عُمرَ المؤمن - وكلَّ لياليه وأيامه - يكون شريفًا، لكنه يظل محتاجًا لعمر إنتاجي آخر لمضاعفة الحسنات والأجور في الأزمنة المباركة المنصوص عليها، كما في ليلة القدر، ويوم عرفة، وغيرهما.
فالأصل إذًا أن الإنسانَ يملِك عمرًا شريفًا ما دام مؤمنًا بالله - تعالى.
ونتيجة ذلك أن إيمانه لا يظلُّ على حالة واحدة، فيزيدُ بالطاعة، وينقُصُ بالمعصية؛ كما هو معتقَد أهلِ السنَّة والجماعة في باب الإيمان، فلا يتصوَّرُ الإنسانُ أن يأتي عليه زمن وإيمانُه في حالة واحدة مستقرة، بل إن إيمانَه إما في حالة ازدياد أو في حالة نقصان؛ وذلك لِما يعتريه من فتن الشهوات أو الشبهات ليل نهار، بل كل لحظة من لحظات حياته، والنصوص الدالة على ذلك مستفيضةٌ مشهورة، وعلى كلٍّ فإن العمل الصالح يَزيد الإيمان، وزيادة الإيمان تولِّد عملاً صالحًا.
لكن هناك أمورًا تزاحم الحقَّ، وتشوِّش على أهل الإيمان صلاحَهم في الزمن الفاضل، وهي ما يعبَّر عنها (بالتعلُّق القلبيِّ) الذي هو: انصرافُ القلب لغير الله من أمور الدنيا في الزمن الفاضل الشريف، وهذا ممَّا لا ينبغي صدورُه من المؤمن.
فالمتعلقات من دون الله - عز وجل - على صور:
أ- متعلقات يتفاعل معها الإنسان، فيكون بينه وبينها أخذٌ وعطاءٌ، وقَبُول وردٌّ؛ كالانشغال بالأصحابِ أو الأولاد، أو الانشغال بالاتصالات والزيارات التي تنجُم عنها الهمومُ والغموم، وغير ذلك، وهذا النوعُ لا شك أخطرُ من الصِّنف الآخر؛ لأن فِراقَ ذلك والخروج منه ليس يسيرًا.
ب- متعلق من طرف واحد، وهو الشخصُ نفسه؛ كانشغاله بالمال، فيكون طريق الخلاص منه ميسورًا.
ومما تجدُر الإشارة إليه هنا أنه:
1- لا بد من حصول الخوف القلبي من الوقوع في مثل هذه المتعلقات، وليس الاستبعاد؛ فمَن استبعد ذلك فقد يقع فيه دون أن يشعرَ، وقد يَسلم مَن وقَع في قلبه الخوفُ؛ لأن الخوف يولِّدُ الحذَرَ كما هو معلوم.
فلا بد من ملاحظة ذلك، والعناية القلبية بذلك في الزمن الفاضل.
2- لا بد من حصول الخوف القلبي الذي يولِّد الحذرَ من الظلم، سواء ظلم الإنسان لنفسه بالذنوب، أو ظُلم الآخرين بإضاعة الحقوق في الزمن الفاضل؛ فالظلمُ في الأشهر الحُرم مثلاً أعظمُ خطيئة ووزرًا مِن الظلم فيما سواه، فلا بد من أخذِ قيمة الزمن الفاضل بعين الاعتبار.
وثمة قواعدُ مهمةٌ أطرحها بين يدي القارئ الكريم، مما يعيننا على اغتنام الزمن الفاضل على أكمل وجه:
أولاً: إن العبرةَ بصلاح العملِ لا بكثرته، فأي زمنٍ فاضل ندخُل فيه ينبغي أن نخرجَ منه أطهر قلبًا وأكثرَ تقوى، وليس شرطًا أن نكون أكثر عملاً؛ تحقيقًا لقول الله -تعالى-: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].
ثانيًا: إن انقضاءَ الزمن الفاضل الشريف في العملِ الوضيع لا يفعله إلا السَّفيهُ، فمن منا لا يريدُ مضاعفةَ الأجور ليبلُغَ بها الدرجاتِ العلى من الجنة، أو مرافقةَ الأنبياء والصالحين، ومغفرةَ الذنوب كما في الحج، فيخرج كيوم ولدته أمه، كيف لا، وأمهاتُ العبادات تجتمع في الزمن الفاضل الذي بين أيدينا (فرصة العمر) فرصة حجِّ بيت الله الحرام؟
فإنَّ النجاحَ الحقيقيَّ في الزمن الفاضل هو الخروجُ بمدرسة التقوى.
ثالثًا: إن من حُسن الظن بالله عدمَ اعتقاد قَبول العمل بعد أدائه، بل رجاء قَبول العمل، ومِن حُسن الظن بالله سؤالُه قَبول العمل؛ فلقد رُوي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قوله: "لو علمتُ بأن الله قبِل مني حسنة واحدة، لكان الموتُ أحبَّ غائب إليَّ؛ لأن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].
وروي عن عبدالله العنبري أنه حين حضرته الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك فقد كنت وكنت؟ فقال: يُبكيني أني أسمع الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، فمَن منا شغَله هذا الهاجس! قَبول العمل أو ردُّه في هذه الأيام؟ ومَن منا لهج لسانُه بالدعاء أن يتقبل الله منه أعمالَه الصالحة؟
فالإنسان مطلوب منه أن يُكثرَ من العمل الصالح، وأن يجتهد في العمل، بحيث يكون موافقًا لأمرِ الله ورسوله، ويكون بذلك قد أبرأ ذمَّتَه، ثم يسأل اللهَ القَبول.
فاللهَ أسأل أن يرزقَنا خشيته في الغيب والشهادة، ويوفقنا لصالح القول والعمل، ويرزقنا السداد والقبول؛ إنه جوَادٌ كريم.
,fdk d]dkh .lk thqg thqg
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
اليوم, 06:25 PM
|
#2
|
[
رد: وبين يدينا زمن فاضل
جزاك الله خير
وبارك الله فيك ونفع بطرحك
وجعلها الله في موازين حسناتك
مودتي وتقديري
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 11:43 PM
| |