«ما
الذي أفعله بحياتي؟» سؤال طرحه الجميع على نفسه في مرحلة ما من حياته. السؤال هذا، أو نسخات مختلفة منه تعبر عن الفكرة نفسها، عادة يرتبط بسيناريوهات متعددة. شخص يستيقظ صباحاً ويجد نفسه في وظيفة يكرهها، علاقة لا يريد أن يكون جزءاً منها، أو في حياة لا تشبه على الإطلاق تلك التي تخيلها لنفسه. المشاعر التي ترتبط بهذا السؤال قد تكون سلبية، فهي تتنوع بين الإحباط، الحزن والاكتئاب وحتى الخجل من النفس والندم. فهذا المكان
الذي أنت فيه لا تريده لنفسك ولم تتخيل يوماً أنك ستكون فيه.. هذه ليست الحياة التي تريد أن تعيشها.
في المقابل قد لا تكون المشاعر المرتبطة بسؤال «ماذا أفعل بحياتي؟» سلبية، ولكنك تجد نفسك تدرك أن هناك المزيد
الذي تريده، مسار مختلف، أو أمر جديد. قد تكون قد حققت بعضاً من الأهداف، وحالياً أنت في مرحلة الجمود وتريد أن تعرف ما
الذي عليك فعله
خلال المرحلة المقبلة.
بطبيعة الحال هكذا سؤال لا إجابة واحدة عليه، ولا يمكن تقديم إجابات وفق «مقاس واحد يناسب الجميع»، ولكن هناك بعض
الخطوات التي تمكن كل شخص من الخروج بإجابته الخاصة.
ما الخلل في «حياتك» الحالية؟
عندما تجد نفسك تطرح على نفسك سؤال «ما
الذي أفعله بحياتي؟» عليك بداية أن تطرح السؤال من زواية مختلفة. عليك أن تسأل عن الأمور التي لا تعجبك في حياتك الراهنة. كما يجب الوضع بالحسبان أنه ليس المطلوب منم أن تعرف ما
الذي عليك فعله لما تبقى من حياته كاملة.. ليس المطلوب اكتشاف الغاية من حياة كل شخص، فهكذا نمط من التفكير يشل الشخص؛ لأنه لا مجال لمعرفة ذلك.
التركيز يجب أن يكون على فكرة «الخطوة التالية»، أي ما
الذي تريد فعله في هذه المرحلة العمرية، في هذه المرحلة في حياتك، وفي الظروف الحالية. بطبيعة الحال لا نقول هنا إنه لا يجب أن تكون الخطوة التالية مرتبطة بخطة ورؤية أشمل، ولكن لا يجب التركيز على الصورة كاملة خصوصاً وأنها غير واضحة.
كيف تعثر على الإجابة عن سؤال «ما الذي أفعله بحياتي؟»
الخطوة الأولى: ما الذي تريده؟
عندما تلقي نظرة على حياتك الراهنة من الأهمية بمكان أن تتراجع خطوة إلى الوراء أولاً ومحاولة رؤية الصورة كاملة لتلك المرحلة من حياتك لمعرفة ما
الذي تريده.
السؤال هذا على بساطته صعب؛ لأنك ستجد نفسك تفكر بالأمور التي لا تريدها عوض الأمور التي تريدها. عند الإجابة يجب أن تحدد، هل تريد وظيفة جديدة تجعلك تشعر بالحيوية؟ هل تريد علاقة تشعر فيها بأنك محبوب؟ هل تريد الثقة بالنفس والسعادة؟
لا تستعجل الإجابة، خذ وقتك واعثر عليها ثم انتقل إلى الخطوة الثانية.
الخطوة الثانية: من أنت؟
للعثور على إجابة عن سؤال «ما
الذي أفعله بحياتي؟» من الأهمية بمكان أن تبدأ بالتعرف على نفسك وبشكل جدي.. أي عليك أن تعرف ما أنت عليه وفهم شخصيتك على مستويات عميقة؛ لأن ذلك سيساعدك على اتخاذ قرارات أفضل لأنك بت تعرف «فعلياً» ما
الذي يناسبك وما
الذي لا يناسبك، وما
الذي تريده وما
الذي تظن أنك تريده.
لمساعدتك على العثور عن الإجابة يمكنك طرح هذه الأسئلة على نفسك.
-ما هي الأمور التي تعتبرها الأكثر أهمية بالنسبة إليك حالياً؟
-ما هي قيمك الأساسية؟
-ما هي الأمور التي تجعلك تشعر بالشغف؟
-ما هي مهاراتك ومواهبك؟ وأي منها تريد استخدامها للمضي قدماً؟
-ما هي الأمور التي تتمناها لنفسك؟ أي ما
الذي تريده في حياتك المهنية أو العاطفية أو العائلية وغيرها، وهذا السؤال هام لأنه سيجعلك تعرف تماماً أي بيئة تريد التواجد فيها.
الخطوة الثالثة: ما هي الخيارات المتاحة لك؟
وضعك الحالي لا يجعلك تشعر بالسعادة أو الرضا، فأنت تريد شيئاً مختلفاً.. ولكن ما هو هذا «الشيء»؟ الاجابة عن هذا السؤال تعني معرفة الخيارات المتاحة لك. في هذه المرحلة الأمور لا تتعلق بحسم قرار ما أو اتخاذ القرار المناسب، بل محاولة رؤية ومعرفة كل الخيارات المتاحة. إن كنت مثلاً تكره وظيفتك، فما هي الخيارات الأخرى المتاحة لك؟ وإن كنت تعيساً في حياتك الزوجية أو العاطفية، فما
الذي يمكنك فعله؟
الخطوة الرابعة: ما هي الخيارات الأفضل للمرحلة الراهنة؟
بعد الحصول على اللائحة حان الوقت لجعلها أقصر من
خلال التفكير بكل احتمال ذكرته على مستويات أعمق. بعد حصولك على لائحتك المختصرة فكر بكل احتمال وتخيل السيناريو، واكتشف ما
الذي ستشعر به إن اخترت هذا الطريق أو ذاك. هل ستكون حينها راضياً عن مسار حياتك أو ستستمر بطرح سؤال «ما
الذي أفعله بحياتي؟» على نفسك؟
الخطوة الخامسة: ما الذي يمنعك حالياً؟
عندما تكتشف خياراتك المتاحة، ستكتشف أيضاً العقبات التي تمنعك من المضي قدماً. لعلك تشكك بقدراتك وتخاف من القفز في المجهول وبالتالي تبقى في منطقة الراحة الخاصة بك، أو ربما هناك قلة ثقة بالنفس أو حتى ظروف معينة واقتصادية أو مهنية تمنعك من القيام بخطوتك التالية.
الخطوة السادسة: ما الذي يمكنك فعله للمضي قدماً؟
بعد عثورك على الإجابات عن أسئلة أعلاه ستجد نفسك تطرح هذه الأسئلة على نفسك والتي هي الأصعب.. ماذا لو كان الخيار
الذي سأعتمده سيئ؟ ماذا لو كان القرار
الذي اتخذته هو أسوأ قرار في حياتي؟
رغم أن هذه الأسئلة منطقية لكنها تمنعك من المضي قدماً في حياتك. حين تشعر بالتردد فكر بالأمر من هذه الزواية.. أنت حالياً غير سعيد بما أنت عليه، فما هي المخاطرة الأكبر هنا؟ البقاء تعيساً في مكانك أم المضي قدماً واكتشاف إلى أين قد تقودك خطواتك؟