الجواب :
الحمد لله
أولا :
لا خلاف بين أهل السنة والجماعة أن أفضل الأمة بعد نبيها صلى
الله عليه وسلم أبو بكر رضي
الله عنه ، ثم عمر رضي
الله عنه .
روى البخاري (3671) عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: " قُلْتُ لِأَبِي - يعني عليا رضي
الله عنه- أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ عُمَرُ".
وقال النووي رحمه
الله :
" اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ " .
انتهى من " شرح النووي على مسلم "(15/ 148) .
وانظر السؤال رقم : (34577)، والسؤال رقم : (219169) .
ثانيا :
اختلف السلف والأئمة في
عثمان وعلي رضي
الله عنهما : أيهما أفضل ؟
والأكثرون على تفضيل
عثمان وتقديمه على علي ، كما تقدمه في الخلافة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله :
" فَإِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ رَجَّحُوا عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ.
وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَوَقَّفَ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِك ٍ، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَنْهُ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ: كَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهِ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ.
حَتَّى إنَّ هَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ هَلْ يُعَدُّ مَنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد.
وَقَدْ قَالَ أَيُّوبُ السختياني وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارَقُطْنِي: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (4/ 426) .
وقد استدل من قدم
عثمان على عليّ رضي
الله عنهما بعدة أدلة ، منها :
- روى البخاري (3697) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لاَ نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ " .
ورواه أبو داود (4628) ولفظه : " كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ : " أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ " .
ورواه الإمام أحمد في "الفضائل" (857) ولفظه : " كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا : أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا يُنْكِرُهُ " .
وله شاهد بسند جيد عند اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (8/ 1446) ولفظه : " كُنَّا نَقُولُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ : اسْتَوَى النَّاسُ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يُنْكِرُ " .
وشاهد ثالث عند الطبراني في " الأوسط " (8702) بنحوه .
فهذا الحديث دليل على تقدم
عثمان ، ولا يقال في مثل ذلك إنه من قول ابن عمر ، لأنه في حكم المرفوع ، لقوله فيه: " فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُنْكِرُهُ ".
وهذا من السنة التقريرية ، وهي كل ما صدر عن صحابي أو أكثر من أقوال أو أفعال علم بها النبي صلى
الله عليه وسلم ، فسكت عنها ولم ينكرها ، أو وافقها وأظهر استحسانه لها .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" وَفِي الْحَدِيثِ : تَقْدِيمُ عُثْمَانَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَيُقَالُ إِنَّهُ رَجَعَ عَنهُ، وَقَالَ بِهِ ابن خُزَيْمَةَ وَطَائِفَةٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَقِيلَ لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ ، مِنْهُمْ يَحْيَى الْقَطَّانُ ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابن حَزْمٍ، وَحَدِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ " انتهى من " فتح الباري "(7/ 16) .
- كما استدلوا أيضا بإجماع الصحابة رضي
الله عنهم ، وأن ما وقع من خلاف بعد ذلك لبعض العلماء فإنه قد انقرض، واستقر إجماع أهل السنة على تقديم
عثمان على علي رضي
الله عنهما.
فروى البخاري (7207) أن عبد الرحمن بن عوف رضي
الله عنه لما استشار الناس في
عثمان وعلي بعد مقتل عمر رضي
الله عنه، خطب الناس وقال : " أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ ، فَلاَ تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا " ، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله :
" قَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا يُشَاوِرُ الْمُهَاجِرِينَ ، وَالْأَنْصَارَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَيُشَاوِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيُشَاوِرُ أُمَرَاءَ الْأَمْصَارِ، حَتَّى قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: "إنَّ لِي ثَلَاثًا مَا اغْتَمَضْت بِنَوْمٍ "، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ لِعُثْمَانَ: عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ إنْ وَلَّيْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ وَلَّيْت عَلِيًّا لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ ، قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ لِعَلِيٍّ: عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ إنْ وَلَّيْتُك لَتَعْدِلَنَّ ، وَلَئِنْ وَلَّيْت عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: " إنِّي رَأَيْت النَّاسَ لَا يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ ".
فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ بَيْعَةَ رِضًى وَاخْتِيَارٍ ، مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا، وَلَا رَهْبَةٍ خَوَّفَهُمْ بِهَا.
وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ " انتهى من " الفتاوى الكبرى " (4/ 445) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه
الله :
" انْعَقَدَ الْإِجْمَاع بِأخرة ، بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ : أَنَّ تَرْتِيبَهُمْ فِي الْفَضْلِ ، كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ " انتهى من " فتح الباري " (7/ 34) .
وقال أيضا :
" نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ عَليّ " انتهى من " فتح الباري " (7/ 17) .
وقال الدارقطني رحمه
الله :
" عثمانُ بنُ عفَّانَ أفضلُ من عليِّ بنِ أبي طالبٍ ، باتِّفاقِ جماعةِ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم، هذا قولُ أهلِ السنةِ " انتهى من " سؤالات السلمي للدارقطني " (ص 238) .
وقال ابن تيمية رحمه
الله :
" اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى: تَقْدِيمِ عُثْمَانَ ، ثُمَّ عَلِيٍّ " انتهى من " العقيدة الواسطية " (ص 117) .
ولكن هذه المسألة من مسائل الخلاف التي لا يبدَّع فيها المخالف ؛ إلا أن ينتقل من هذه المسالة إلى إنكار خلافة
عثمان رضي
الله عنه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - لَيْسَتْ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّة ، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا: مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ " .
انتهى من " العقيدة الواسطية " (ص 118) .
وقال الذهبي رحمه
الله :
" لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ، بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة، وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ، وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ، وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ، وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا بِلاَ شكٍّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، مَنْ خَالفَ فِي ذَا، فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ " انتهى من " سير أعلام النبلاء " (12/ 419) .
والله أعلم .
jvjdf hgogdtjdk hgvha]dk uelhk ,ugd vqd hggi ukilh td hgtqg ,hgoghtm > hgogdtjdk hgvha]dk hgtqg jvjdf vqd uelhk ukilh ,hgoghtm