مَن سَمِع عن أخيه المسلم مذمَّة من أكلة لحوم البشر الذين اشتغلوا بإخوانهم عن أعدائهم سبَّا وذمَّا، فليقم لله قومة لا يخاف فيها لومة لائم أو غضبة ناقم ليذب عن عِرض أخيه، وليذود عنه، وليدافع دونه، وليذكر محاسنه، وليختلق له المعاذير، وليحاول -بالحق- أن يُبرئ ساحته، ثم عليه أن ينعطف أخرى على هؤلاء المشتغلين بعيوب غيرهم والغافلين عن عيوب أنفسهم، أولئك الذي أشغلهم الشيطان بنقائص المسلمين..
لا يختلف مؤمنان في أن أعظم ما يجب على العبد أن يحاول النجاة منه، والخلاص من الوقوع فيه هو عذاب النار، فحرُّها شديد، وقعرها بعيد، ومقامع أهلها من حديد، يقذف فيها كل جبار عنيد، وهي تنادي: هل من مزيد؟ هل من مزيد؟
فهي دار العذاب والهوان، ومحلُّ العقوبة والخسران، وموقع العار والذلة والحرمان، أعدها الله لأعدائه، المحاربين لأوليائه، والمتجرئين على حرماته، والمبارزين له بالعظائم، فقد ملئت بكلِّ كريهة، وحشرت بكلِّ طامَّة، وأعدت لكل شقي عتيد!
فكيف السبيل للوقاية منها؟ وما طريق الحماية من الوقوع في دركاتها؟
إنه الأيمان الصادق والعمل الصالح بعد رحمة أرحم الراحمين، وعفو أكرم الأكرمين، ومِنَة أجود الأجودين.
ومن أعظم وأكرم الأعمال الصالحة التي أوجب الله بفضله على من عملها؛ أن يذبَّ عن وجهه النار يوم القيامة، ذبُّ المسلم عن عِرض أخيه المسلم!
فَمَن سَمِع عن أخيه المسلم مذمَّة من أكلة لحوم البشر الذين اشتغلوا بإخوانهم عن أعدائهم سبَّا وذمَّا، فليقم لله قومة لا يخاف فيها لومة لائم أو غضبة ناقم ليذب عن عِرض أخيه، وليذود عنه، وليدافع دونه، وليذكر محاسنه، وليختلق له المعاذير، وليحاول -بالحق- أن يُبرئ ساحته، ثم عليه أن ينعطف أخرى على هؤلاء المشتغلين بعيوب غيرهم والغافلين عن عيوب أنفسهم، أولئك الذي أشغلهم الشيطان بنقائص المسلمين..
فاشتغلوا بها جمعًا ورصدًا، وذِكرًا وعدَّا، ونشرًا وصدًا، فقد مُلِئَت قلوبهم بالأمراض المعطبة كالحسد الذي شرقوا به، والحقد الذي ماتوا به كمدًا، والتعالي الذي أسقطهم في ظلمات الاستخفاف بالناس والاحتقار للخلق ورؤية النفس كالمعصومة، فكأنما أصبحوا سدنة الجنة يدخلون فيها من يشاءون، ويخرجون منها من لا يحبون، ويطبعون على من يخالفهم ـفيما تسوغ فيه المخالفة- بالمروق عن الدين والانحراف عن سير المؤمنين...!
فهم -وفقط- من يسيرون على صراط مستقيم، وغيرهم قد تنكب الصراط، وانحرف عن المنهج، ولذلك لا تراهم إلا طاعنين مجرحين، قادحين متنقصين، كأنما اأحدهم يقول عن نفسه: لئن مات ابن معين، وذهب ابن أبي حاتم، وغاب الذهبي، ورحل ابن الجوزي، فما خلت الديار مني، فقد ورثت عِلمهم بالجرح دون المدح، بالقدح دون التعديل، فمن في المصر غيري؟! ومن في الساحة سواي؟!
مغرورٌ مغمور، خدعته نفسه فأعطبته، وأوردته المهالك!
فالذب عن المؤمنين، وخصوصًا الصالحين من عباد الله المؤمنين، كالعلماء العاملين، والدعاة الصادقين، والمجاهدين الصامدين، والباذلين المنفقين، والعاملين لهذا الدين، من أعظم أسباب الوقاية من نار الجحيم يوم القيامة والدين.