11-22-2021, 01:51 PM
|
|
|
|
فوائد من حديث بريرة رضي الله عنها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: جاءتني بَرِيرة فقالت: كاتبتُ أهلي على تسعٍ أواقٍ، في كل عام أوقية، فأعينيني.
فقلت: إن أحبُّوا أن أعدَّها لهم، ويكون ولاؤُك لي، فعلتُ؟
فذهبت بَرِيرةُ إلى أهلها، فقالت لهم، فأبَوْا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جالسٌ، فقالت: إني قد عرضتُ ذلك عليهم فأبَوْا إلا أن يكون الولاءُ لهم، فسمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخبرت عائشةُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ((خُذيها واشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاء لمن أعتق)). ففعلت عائشةُ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد، ما بالُ رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطلٌ وإن كان مائةَ شرط، قضاءُ الله أحقُّ، وشرطُ الله أوثقُ، وإنما الولاء لمن أعتق)).
أقول: هذا هو أصل حديث بَرِيرة الذي جعلناه عنوانًا لهذه الرسالة، وله روايات وزيادات أخرى، وقد أخرج هذا الحديث جماعةٌ، منهم: البخاري برقم: (2579) وهذا لفظه، وقد أخرجه - أيضًا - في مواضعَ متفرقة تقرب من عشرين موضعًا في أبواب مختلفة مختصرًا ومطوَّلاً، وكذا مسلم في مواضع، ومنها رقم: (1504)، ومالك، وأحمد (6/ 206)، وأبو داود رقم: (2939)، والنسائي، وابن ماجه رقم: (2521)، وغيرهم كثير.
قال القرطبي في "المفهم" (13/ 134): "حديث بَرِيرة حديثٌ مشهور، كثرت رواياته، فاختلفتْ ألفاظه، وكثرت أحكامُه".
وقد نقل القاضي عياض في "إكمال المعلم شرح صحيح مسلم" عن الإمام أبي عبدالله أنه قال: "حديث بَرِيرة هذا فيه فقه كثير"، ولقد نبَّه جملة من العلماء على فقه وفوائد قصة بَرِيرة رضي الله عنها هذه بخصوصها؛ لكثرتها، حتى قال ابن بطَّال: أكثَرَ الناسُ في تخريج الوجوه في حديث بَرِيرة رضي الله عنها حتى بلغوها نحو مائةَ وجه.
وقال ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 133): "قد أكثَرَ الناسُ من الكلام على هذا الحديث، وأفردوا التصنيف في الكلام عليه، وما يتعلق بفوائده، وبلغوا بها عددًا كثيرًا "، ثم ذكر شيئًا منها.
وممن نبَّه على فوائد قصة بَرِيرة هذه:
ابن خزيمة، وابن جرير؛ قال الحافظ العراقي في طرح التثريب: "اشتمل حديثُها على أحكام مهمة، وأمورٍ مُشكِلة، وقد صنَّف في فوائده الإمامان الكبيران: ابن خزيمة، وابن جرير، وبسطا الكلامَ عليه"، وقال النووي: "صنَّف فيه ابن خزيمة وابن جرير تصنيفَيْنِ كبيرَيْنِ، أكثرا فيهما من استنباط الفوائد"، وذكر شيئًا منها.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (5/ 193): "ولم أَقِفْ على تصنيف ابن خزيمة، ووقفتُ على كلام ابن جرير من كتابه "تهذيب الآثار" ولخصتُ منه ما تيسَّر بعون الله تعالى، وقد بلغ بعضُ المتأخرين الفوائدَ من حديث بَرِيرة إلى أربعمائة، أكثرُها مُستبعَدٌ مُتكلَّفٌ، كما وقع نظيرُ ذلك الذي صنَّف في الكلام على حديث المجامع في رمضان، فبلغ به ألف فائدة وفائدة".
أقول: ولذلك فقد جمعتُ ولخصت جملة من تلك الفوائد - مما وقفت عليه - من كلام الحافظ ابن حجر وغيره؛ رجاءَ الفائدة والنفع، وسردتها هنا في هذه الرسالة.
تنبيه:
وقبل أن أشرع في سردها، أذكر أن من هذه الأوجه ما هو واضح، ومنها الخفي، ومنها المتعسف، كما نبَّه على ذلك بعض المحققين كالحافظ ابن حجر - وقد سبق الإشارة إليه - وغيره؛ ولهذا وجب التنبيه.
وإلى سرد هذه الفوائد، ومنها:
1- أن كلمة (إنما) للحصر؛ وإلا لما لزم من إثبات الولاء للمعتق نفيه عن غيره، وهو الذي أريد من الخبر، وهو إثبات الحكمِ للمذكور ونفيه عما عداه.
2- أنه لا ولاء لمن أسلم على يديه رجل، أو وقع بينه وبينه محالفةٌ، خلافًا للحنفية.
3- أنه لا ولاءَ للملتقِط، خلافًا لإسحاق.
4- أنه لا ولاء لمن حالَف إنسانًا، خلافًا لطائفة من السلف، وبه قال الإمام أبو حنيفة.
5- ويُؤخَذُ من عمومه: أن الحربي لو أعتق عبدًا ثم أسلَمَا أنه يستمرُّ ولاؤه له، وبه قال الشافعي، وقال ابنُ عبدالبرِّ: إنه قياس قول مالك، ووافق على ذلك أبو يوسف، وخالف أصحابُه.
6- ويُستفادُ من منطوقِه: إثباتُ الولاء لمن أعتق سابيه، خلافًا لمن قال: يصير ولاؤه للمسلمين.
7- ثبوت الولاء للمُعتِقِ نفسِه بلا خلاف؛ كما قال ابن دقيق العيد، وقال الحافظ: "يُؤخَذُ من ذلك عدةُ مسائل: كعتق السائبة، واللَّقيط، والحليف، ونحو ذلك"، وأشار بعدها إلى تكثير جماعة ممن تكلَّم في هذا الحديث أعدادها.
8- ثبوت الولاء في سائر وجوه العتق؛ كالكتابة، والتعليق بالصفة، وغير ذلك.
9- ثبوت الولاء للمُعتِقِ، فيدخلُ عتقُ المسلم للمسلم، وللكافر، وبالعكس.
10- جوازُ الكتابة.
11- جوازُ كتابة الأَمَةِ كالعبد.
12- جوازُ كتابة المتزوِّجة ولو لم يأذنِ الزوجُ.
13- أنه ليس للزوج منعُها من كتابتها، ولو كانت تؤدِّي إلى فراقها منه.
14- أنه ليس للعبد المتزوِّج منعُ السيد مِن عَتْقِ أَمَتِه التي تحته، وإن أدَّى ذلك إلى بطلان نكاحها.
15- أنه ليس عليها خدمتُه.
16- جوازُ سعي المكاتبة.
17- جوازُ سؤال المكاتَب مَن يُعينُه على بعض نجومه، وإن لم تحلَّ، وأن ذلك لا يقتضي تعجيزَه.
18- جوازُ اكتساب المكاتبة.
19- أن سيد المكاتب لا يمنعُه من الاكتساب، قال الحافظ: "ولا يخفى أن محلَّ الجواز إذا عُرفت جهة حل كَسْبها".
20- أن سيدَ المكاتَبِ لا يمنعُه من السعي في تحصيل مال الكتابة، ولو كان حقُّه في الخدمة ثابتًا.
21- جوازُ سؤال ما لا يضطر السائل إليه في الحال.
22- البيانُ بأن النهي الوارد عن كَسْبِ الأَمَة محمولٌ على مَن لا يُعرف وجه كسبها، أو محمولٌ على غير المكاتبة.
23- أن للمكاتبِ أن يسأل من حينِ الكتابة، ولا يُشترَطُ في ذلك عجزه، خلافًا لمن شرطه.
24- جواز سؤال من احتاج إليه؛ لدَين أو غرم، أو نحو ذلك.
25- أنه لا بأس بتعجيل مالِ الكتابة.
26- جواز المساومة في البيع، وتشديد صاحب السلعة فيها.
27- أن المرأة الرشيدة تتصرَّف لنفسها في البيع وغيره ولو كانت متزوجةً، خلافًا لمن أبى ذلك.
28- أن من لا يتصرَّفُ بنفسه فله أن يقيم غيرَه مقامه في ذلك.
29- أن العبد إذا أَذِن السيِّدُ له في التجارة جاز تصرفُه.
30- جواز رفع الصوت عند إنكار المنكر، وأنه لا بأس لمن أراد أن يشتري للعتق أن يظهر ذلك لأصحاب الرقبة؛ ليتساهلوا له في الثمن، ولا يُعدُّ ذلك من الرياء.
31- إنكارُ القول الذي لا يوافق الشرع، وانتهار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيه.
32- أن الشيء إذا بيع بالنقد كانت الرغبة فيه أكثر مما لو بيع بالنسيئة.
33- أن للمرء أن يُقضى عنه دَينه برضاه.
34- جواز الشراء بالنسيئة.
35- أن المكاتَبَ لو عجَّل بعض كتابته قبل المحل على أن يضع عنه سيده الباقي، لم يُجبَرِ السيِّدُ على ذلك.
36- جواز الكتابة على قدر قيمة العبد وأقل منها وأكثر؛ لأن بين الثمن المنجَّز والمؤجل فرقًا، ومع ذلك فقد بذلت عائشة رضي الله عنه المؤجل ناجزًا؛ فدل على أن قيمتَها كانت بالتأجيل أكثر مما كوتبت به، وكان أهلها باعوها بذلك.
37- أن المراد بالخير في قوله عز وجل: ﴿ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ﴾ [النور: 33]: القوة على الكَسْب، والوفاء بما وقعت الكتابةُ عليه، وليس المرادُ به المالَ؛ ويُؤيِّدُ ذلك أن المالَ الذي في يد المكاتب لسيِّدِه، فكيف يُكاتِبُه بماله؟
38- جواز كتابة من لا حِرفةَ له ولا مال، وفاقًا للجمهور، قال الحافظ (9/ 411): "كذا قيل، وفيه نظر؛ لأنه لا يلزمُ من طلبها من عائشة رضي الله عنه الإعانة على حالها أن يكون لا مال لها ولا حرفة".
39- جوازُ أخذ الكتابة من مسألة الناس، والردُّ على مَن كَرِه ذلك، وزعم أنه أوساخ الناس.
40- مشروعيَّةُ معونة المكاتبة بالصدقة، وعند المالكية رواية أنه لا يُجزِئُ عن الفرض.
41- جواز الكتابة بقليل المال وكثيره.
42- جواز التأقيت في الديون؛ فيقول: في كل شهر مثلاً كذا، من غير بيان أوله أو وسطه، ولا يكون ذلك مجهولاً؛ لأنه يتبيَّنُ بانقضاء الشهر الحلول، كذا قال ابن عبدالبرِّ، قال الحافظ: "وفيه نظر".
43- أن العدَّ في الدراهم الصِّحاح المعلومة الوزن، يكفي عن الوزن.
44- أن المعاملة في ذلك الوقت كانت بالأواقي، والأوقية أربعون درهمًا.
45- جواز البيع على شرط العتق، بخلاف البيع بشرط ألا يبيعَه لغيره ولا يَهبَه مثلاً.
46- واستدل به الأوزاعي: على أن المكاتب لا يباع إلا للعتق، وبه قال أحمد وإسحاق.
47- أن من الشروط في البيع ما لا يبطل ولا يضر البيع.
48- جوازُ بيع المكاتب إذا رَضِي، وإن لم يكن عاجزًا عن أداء نجم قد حلَّ عليه، إذا وقع التراضي بذلك، وهو قول أحمد، وربيعة، والأوزاعي، والليث، وأبي ثور، وأحدُ قولَيِ الشافعيِّ، ومالكٍ، واختاره البخاري، وابن جريج، وابن المنذر وغيرهم، على تفاصيل لهم في ذلك.
49- جواز مناجاة المرأة دونَ زوجها سرًّا إذا كان المناجي ممن يُؤمَنُ.
50- أن الرجل إذا رأى شاهدَ الحال يقتضي السؤال عن ذلك سأل وأعان.
51- أنه لا بأس للحاكم أن يحكم لزوجته ويشهد.
52- قبولُ خبرِ المرأة ولو كانت أَمَةً.
53- ويُؤخَذُ منه: حكم العبد بطريق الأَوْلَى.
54- أن عقد الكتابة قبل الأداء لا يستلزم العتقَ.
55- أن عتق الأَمَةِ سبب في التخيير، وقد بوَّب البخاري: باب خيار الأَمَة تحت العبد، قال الحافظ: "يعني: إذا عتقتْ... وقد رجح عنده أن زوجها[1] كان عبدًا؛ فلذلك جزم به"، قال ابن بطال: "أجمَعَ العلماء أن الأَمَة إذا عتقَتْ تحت عبد، فإن لها الخيار"، قال الحافظ: "والمعنى فيه ظاهر؛ لأن العبد غيرُ مكافئ للحُرَّة في أكثر الأحكام، فإذا عتقتْ ثبت لها الخيار من البقاء في عصمته أو المفارقة؛ لأنها في وقت العقد عليها لم تكن من أهل الاختيار".
56- أن الأَمَةَ إذا كانت تحتَ حُرٍّ فعتقت لم يكن لها خيار، والجمهور على ذلك.
57- أن بيعَ الأَمَةِ ذاتِ الزوج ليس بطلاق عند الجمهور، بل قال القرطبي في "المُفهِم": "وعليه فقهاء الأمصار"، وقد بوَّب عليه البخاري: باب لا يكون بيعُ الأمة طلاقًا، ووجهه: أنها لو طلقت بمجرد البيع لم يكن للتخيير معنًى وفائدةً.
58- أن عتق الأمة ليس طلاقًا ولا فسخًا؛ لثبوت التخيير، فلو طلقت بذلك واحدة لكان لزوجها الرَّجعة، ولم يتوقف على إذنها، أو ثلاثًا لم يقل لها لو راجعته؛ لأنها ما كانت تحلُّ له إلا بعد زوج آخر.
59- أن بيع الأمة لا يبيحُ لمشتريها وطأها؛ لأن تخييرها يدل على بقاء علقة العصمة.
60- مشروعية الخُطبةِ في الأمر المهم.
61- البداءةُ في الخطبة بالحمد والثناء.
62- قول: (أما بعد) عند ابتداء الكلام في الحاجة.
63- القيام في الخطبة.
64- جواز تعدُّد الشروط؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مائة شرط)).
65- أن الإيتاء الذي أمر به السيد ساقطٌ عنه إذا باع مكاتبه للعتق.
66- أنه لا كراهةَ في السَّجع في الكلام إذا لم يكن عن قصدٍ ولا متكلَّفًا.
67- أن للمكاتب حالةً فارق فيها الأحرار والعبيد.
68- أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُظهِرُ الأمور المهمة من أمور الدين ويعلنها، ويخطب بها على المنبر لإشاعتها.
69- مراعاته صلى الله عليه وآله وسلم مع ذلك قلوبَ أصحابه؛ لأنه لم يُعيِّن أصحاب بَرِيرة رضي الله عنها، بل قال: ((ما بال رجال))؛ ولأنه يُؤخَذُ من ذلك تقرير شرع عامٍّ للمذكورين وغيرهم في الصورة المذكورة وغيرها.
70- حكايةُ الوقائع؛ لتعريف الأحكام.
71- أن اكتساب المكاتب من حين الكتابة يكون له لا لسيِّدِه.
72- جوازُ تصرف المرأة الرشيدة في مالها بغير إذن زوجها.
73- جواز مراسلة المرأة الرشيدة الأجانب في أمر البيع والشراء.
74- جواز شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها؛ لأن عائشةَ رضي الله عنها بذلت ما قرر نسيئةً على جهة النقد، مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة.
75- جواز استدانة مَن لا مالَ له عند حاجته إليه.
76- استنبَطَ البخاريُّ من قصة بَرِيرة رضي الله عنها وكذا أم عطية رضي الله عنها: أن للهاشمي أن يأخذ من سهم العاملين إذا عمل على الزكاة؛ وذلك أنه إنما يأخُذُ على عمله، قال: فلما حلَّ للهاشمي أن يأخذ ما يملِكُه بالهدية مما كان صدقةً لا بالصدقة، كذلك يحلُّ له أخذُ ما يملكه بعمله لا بالصدقة.
77- أن التحريم إنما هو على الصفة لا على العين.
78- أن الصدقة يجوزُ فيها تصرف الفقير الذي أعطيها بالبيع والهدية وغير ذلك.
79- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يَأكلُ الصدقةَ، بعكس الهدية.
80- أن الصدقة إذا قبضَها مَن يَحِلُّ له أخذُها ثم تصرف فيها، زال عنها حكمُ الصدقة، وجاز لمن حرمت عليه أن يتناولَ منها إذا أُهدِيَتْ له، أو بِيعت.
81- أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تَحرُمُ عليهنَّ الصدقةُ؛ لأن عائشة رضي الله عنها قَبِلت هدية بَرِيرة رضي الله عنها، مع علمها بأنها كانت صدقةً عليها، وظنَّت استمرار الحكم بذلك عليها؛ ولهذا لم تقدمها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لعلمها أنه لا تحلُّ له الصدقة، وأقرَّها صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك الفهم، ولكنه بيَّن لها أن حكمَ الصدقة فيها قد تحوَّل، وخرجت من كونها صدقة بتصرف المتصدَّق عليه فيها؛ فحلَّت له صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا.
82- جوازُ التطوُّعِ بالصدقة على ما يلحق به صلى الله عليه وآله وسلم في تحريم صدقة الفرض كأزواجه ومواليه.
83- أن موالي أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تَحرُمُ عليهنَّ الصدقةُ.
84- قال الخطَّابي: لما كان الولاءُ كالنسب، كان مَن أعتق ثبتَ له الولاءُ؛ كمن وُلِد له ولدٌ ثبت له نسبُه، فلو نُسِب إلى غيره لم ينتقل نسبُه عن والده، وكذا إذا أرادَ نقلَ ولائه عن محلِّه لم يَنْتقِل.
85- أن ضابط الجواز ما كان في كتاب الله عز وجل.
86- أن المراد بما ليس في كتاب الله عز وجل ما خالف كتاب الله عز وجل، قال ابن خزيمة: " ((ليس في كتاب الله ))؛ أي: ليس في حكم الله جوازُه أو وجوبُه، لا أن كلَّ مَن شرط شرطًا لم ينطق به الكتاب يَبطُلُ؛ لأنه قد يُشترطُ في البيع الكفيلُ فلا يبطل الشرط، ويُشترَطُ في الثمن شروطٌ من أوصافه أو من نجومه ونحو ذلك فلا يبطل.
87- أن الشروط غير المشروعة أو الفاسدة باطلةٌ ولو كَثُرتْ.
88- أن الشروط المشروعة صحيحة؛ لمفهوم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)).
89- وجوبُ العمل بالشروط المشروعة الصحيحة، والوفاء بها.
90- اشتراط العتق في العبد، وهو جائز عند الجمهور.
91- أن اشتراط البائع الولاءَ باطل.
92- ارتكاب أخفِّ المفسدتين إذا استلزم إزالة أشدِّهما.
93- وجوب العناية بأحكام الشريعة.
94- استحباب تبيين الأحكام عند المناسبات، ولا سيما إذا ما كانت تتعلَّقُ بها.
95- إنكارُ القول الذي لا يُوافِقُ الشرع.
96- جواز بيع التقسيط على قولٍ.
97- جواز استرجاع صاحب الدَّيْنِ من الفقير ما أعطاه له من الزكاة بعينه.
98- أن للمرأة أن تُعطِي زكاتَها لزوجها، ولو كان يُنفِقُ عليها منها.
99- بطلان الشرط المخالف لمقتضى العقد.
100- جواز تزويج العبد الحرَّةَ إن رَضِيَتْ به؛ لأن زوج بَرِيرة رضي الله عنها حين عُتِقتْ كان عبدًا.
101- تسويغُ الشفاعة للحاكم عند الخصم في خصمه أن يحطَّ عنه أو يسقط ونحو ذلك، وقد بوَّب البخاري: باب: شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زوج بَرِيرة.
102- استحباب شفاعة الحاكم في الرفق بالخصم حيث لا ضررَ ولا إلزام ولا لوم على مَن خالف، ولا غضب، ولو عَظُم قدر الشافع، وترجم له النسائي: شفاعةُ الحاكم في الخصوم قبل فصل الحكم، ولا يجبُ على المشفوع عنده القبولُ.
103- أن للشافع أن يذكُرَ للمشفوع عنده ما يبعث إلى قبوله من مقتضى الشفاعة والحامل عليها.
104- فيه إشعارٌ بأن الأمر لا ينحصر في صيغة: افعل؛ لأنه خاطبها صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((لو راجعتِه))، فقالت: أتأمرني؛ أي: تريد بهذا القول الأمر فيجب عليَّ؟
105- جواز المكاتبة بالسنة تقريرًا لحكم الكتاب.
106- تنجيمُ الكتابة؛ لقولها رضي الله عنها: "كاتبتُ أهلي على تسع أواقٍ، في كل عام أوقية"، وليس فيه تعرضٌ للكتابة الحالة.
107- فيه إلحاق الإماء بالعبيد؛ لأن الآية ظاهرة في الذكور.
108- جوازُ كتابة أحدِ الزوجين الرقيقَيْنِ دون الآخر.
109- جواز بيع أحد الزوجين الرقيقَيْنِ دون الآخر.
110- أن المكاتَبَ عبدٌ ما بَقِي عليه شيء، فيتفرَّعُ منه إجراء أحكام الرقيق كلها في النكاح والجنايات والحدود وغيرها.
111- أن مَن أدَّى أكثر نجومه لا يُعتَقُ تغليبًا لحكم الأكثر.
112- أن مَن أدَّى من النجوم بقدر قيمته يُعتَقُ، وأن مَن أدَّى بعضَ نجومه لم يُعتَقْ منه بقدر ما أدَّى؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَذِن في شراء بَرِيرة من غير استفصالٍ.
113- جوازُ الاستعانة بالمرأة المتزوجة.
114- بذلُ المال في طلب الأجر حتى في الشراء بالزيادة على ثمن المثل بقصد التقرب بالعتق.
115- جوازُ السؤال في الجملة لمن يتوقَّعُ الاحتياج إليه، فتحمل الأخبار الواردة في الزجر عن السؤال على الأولوية.
116- جواز سعي المرقوق في فكاكِ رقبتِه، ولو كان بسؤال من يشتري ليُعتقَ، وإن أضرَّ ذلك بسيده؛ لتَشوُّفِ الشارعِ إلى العتق.
117- أن مَن استثنى خدمةَ المرقوق عند بيعه لم يصحَّ شرطُه.
118- أن مَن شرط شرطًا فاسدًا لم يستحقَّ العقوبة، إلا إن عَلِم بتحريمه وأصرَّ عليه.
119- أن المكاتب إذا أدَّى نجومَه من الصدقة لم يَردَّها السيد، وإذا أدَّى نجومه قبل حلولها كذلك.
120- أن المكاتب يُعتَقُ أخذًا من قول موالي بَرِيرة: "إن شاءت أن تحتسب عليك"؛ فإن ظاهره في قبول تعجيل ما اتفقوا على تأجيله، ومِن لازمه حصولُ العتق.
121- أن من تبرَّع عن المكاتب بما عليه عتق.
122- استُدِلَّ به على عدم وجوب الوضع عن المكاتب؛ لقول عائشة رضي الله عنها: "أُعدُّها لهم عدةً واحدة"، ولم يُنكِرْ صلى الله عليه وآله وسلم، قال الحافظ: "وأُجيب بجواز قصد دفعهم لها بعد القبض".
123- جوازُ إبطال الكتابة، وفسخ عقدها إذا تراضى السيد والعبد، وإن كان فيه إبطال التحرير؛ لتقرير بَرِيرة رضي الله عنها على السعي بين عائشة رضي الله عنها ومواليها في فسخ كتابتها لتشتريَها عائشة رضي الله عنها.
124- أن مَن وقع منه ما يُنكَرُ استُحبَّ عدمُ تعيينِه.
125- جوازُ اليمين فيما لا تجبُ فيه، ولا سيما عند العزم على فعل شيء.
126- أن لَغْوَ اليمين لا كفارةَ فيه؛ لأن عائشة رضي الله عنها حلفت ألا تشتَرِطَ، ثم قال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((اشترطي))، ولم ينقلْ كفَّارة.
127- مناجاةُ الاثنين بحضرة الثالث في الأمر يَستحي منه المناجي، ويعلم أن مَن ناجاه يُعلِم الثالث به، ويستثنى ذلك من النهي الوارد فيه.
128- جواز سؤال الثالث عن المناجاة المذكورة إذا ظنَّ أن له تَعلُّقًا بها.
129- جواز إظهار السر في ذلك، ولا سيما إن كان فيه مصلحةٌ للمناجي.
130- جواز المساومة في المعاملة ولو للرقيق.
131- جواز التوكيل في المعاملة ولو للرقيق.
132- استخدام الرقيق في الأمر الذي يتعلَّق بمواليه وإن لم يأذنوا في ذلك بخصوصه.
133- ثبوتُ الولاء للمرأة المعتِقة، فيُستثَنى من عموم: ((الولاء لحمةٌ كلحمةِ النسب))؛ فإن الولاء لا ينتقل إلى المرأة بالإرث، بخلاف النسب.
134- أن الكافر يَرِثُ ولاءَ عتيقه المسلم، وإن كان لا يرثُ قريبه المسلم.
135- أن الولاءَ لا يُباعُ ولا يُوهَبُ.
136- يؤخذ منه أن معنى قوله - في الرواية الأخرى -: ((الولاء لمن أعطى الورق)) أن المراد بالمعطي: المالكُ لا مَن باشر الإعطاء مطلقًا، فلا يدخل الوكيل، ويؤيده قوله - في رواية الثوري عند أحمد -: ((لمن أعطى الورق وولي النعمة)).
137- ثبوتُ الخيار للأَمَةِ إذا عتقتْ على تفصيلٍ للفقهاء فيه.
138- أن الخيارَ للأَمَةِ يكون على الفور؛ لقوله - في بعض طرقه -: "إنها عتقتْ، فدعاها، فخيَّرها فاختارت نفسها".
139- أن الخيار فسخٌ، لا يملك الزوج فيه رجعة.
140- إبطالُ قولِ مَن زعم استحالةَ أن يحبَّ أحدُ الشخصَيْنِ الآخرَ والآخرُ يُبغِضُه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((ألا تعجبُ! من حبِّ مُغِيث بَرِيرةَ، ومن بغضِ بَرِيرةَ مغيثًا؟!))، قال الحافظ: "نعم يؤخذ منه أن ذلك هو الأكثر الأغلب، ومن ثَمَّ وقع التعجب؛ لأنه على خلاف المعتادِ".
141- اعتبار الكفاءةِ في الحرية.
142- سقوط الكفاءة برضا المرأة التي لا وليَّ لها.
143- أن مَن خيَّر امرأته فاختارت فراقَه، وقع وانفسخ النكاح بينهما.
144- أن المخيَّرة لو اختارت البقاءَ معه لم يَنقُصْ عدد الطلاق، قال الحافظ: "وكَثُر بعضُ مَن تكلَّم على حديث بَرِيرة هنا في سرد تفاريع التخيير".
145- أن المرأةَ إذا ثبَتَ لها الخيار فقالت: لا حاجةَ لي به، ترتَّب على ذلك حكمُ الفِراق.
146- جوازُ دخول النساء الأجانب بيتَ الرجل سواء كان فيه أم لا.
147- أن المكاتبةَ لا يَلحَقُها في العتق ولدُها ولا زوجُها.
148- جوازُ أكل الغني ما تُصدِّق به على الفقير إذا أهداه له، وبالبيع أولى.
149- جواز قبول الغني هديةَ الفقير.
150- الفرقُ بين الصدقة والهدية في الحكم.
151- نصحُ أهل الرجل له في الأمور كلها.
152- جوازُ أكل الإنسان من طعامِ مَن يُسرُّ بأكلِه منه، ولو لم يَأْذَنْ له فيه بخصوصه.
153- أن الأَمَة إذا عتقتْ جاز لها التصرُّفُ بنفسها في أمورها، ولا حجر لمعتقِها عليها إذا كانت رشيدةً.
154- أن الأَمَة إذا عتقت جاز لها التصرُّف في كسبها دون إذن زوجها إن كان لها زوج.
155- جوازُ الصدقة على مَن يمونه غيره؛ لأن عائشة رضي الله عنها كانت تمون بَرِيرة رضي الله عنها، ولم ينكر عليها قبولُها الصدقة.
156- أن لمن أُهدِي لأهله شيءٌ أن يُشرِك نفسه معهم في الإخبار عن ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((وهو لنا هدية)).
157- أن مَن حرمتْ عليه الصدقة جاز له أكلُ عينها إذا تغير حكمها، وقد تقدَّم معنا الإشارة إليه.
158- يجوزُ للمرأة أن تُدخِلَ إلى بيتِ زوجها ما لا يَملكُه بغير علمه.
159- يجوزُ للمرأة أن تتصرَّفَ في بيته بالطبخ وغيره بآلاته ووقوده.
160- جوازُ أكل المرء ما يَجِدُه في بيته إذا غلب الحِلُّ في العادة.
161- ينبغي تعريفُ الزوج أو المرء بما يخشى توقفه عنه.
162- استحبابُ السؤال عما يُستفادُ به علم، أو أدب، أو بيان حكم، أو رفعُ شبهة، وقد يَجِبُ.
163- سؤال الرجل عما لم يَعهَدْه في بيته.
164- أن هَديةَ الأدنى للأعلى لا تستلزمُ الإثابةَ مطلقًا.
165- قبولُ الهدية - وإن نَزَر قدرُها - جَبْرٌ للمهدي.
166- أن الهدية تُملكُ بوضعِها في بيت المهدى له، ولا يحتاج إلى التصريح بالقبول.
167- أن لمَن تُصدِّق عليه بصدقة أن يَتصرَّف فيها بما شاء، وأن ذلك لا ينقص من أجر المتصدِّق.
168- أنه لا يجبُ السؤال عن أصل المال الواصلِ إذا لم يكن فيه شبهة.
169- أنه لا يجبُ السؤال عن الذبيحة إذا ذُبِحتْ بين المسلمين.
170- أن مَن تُصدِّق عليه قليلٌ لا يتسخَّطُه.
171- مشاورةُ المرأة زوجَها في التصرفات.
172- سؤال العالم عن الأمور الدينية.
173- إعلام العالم بالحكم لمن رآه يتعاطى أسبابَه ولو لم يسأل.
174- مشاورةُ المرأة إذا ثبت لها حكمُ التخيير في فراق زوجها، أو الإقامة عنده.
175- أن على الذي يُشاوَرُ بذل النصيحة.
176- جواز مخالفة المُشيرِ فيما يُشير به في غير الواجبِ.
177- أن التصميم في الشفاعة لا يسوغ فيما تشقُّ الإجابة فيه على المسؤول، بل يكون على وجه العرض والترغيب.
178- جواز الشفاعة قبل أن يسألها المشفوع له؛ لأنه لم يُنقَلْ أن مغيثًا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يشفع له، قال الحافظ: "كذا قيل، وقد قدمتُ أن في بعضِ الطرق أن العباس رضي الله عنه هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، فيُحتمَلُ: أن يكون مغيثٌ سأل العباس رضي الله عنه في ذلك، ويُحتمَلُ: أن يكون العباسُ رضي الله عنه ابتدأ ذلك من قِبَل نفسه؛ شفقةً منه على مغيث".
179- استحباب إدخال السرور على قلب المؤمن.
180- أن الشافعَ يُؤجَرُ ولو لم تحصُلْ إجابته.
181- أن المشفوع عنده إذا كان دون قدر الشافع لم تمتنعِ الشفاعةُ.
182- تنبيه الصاحب صاحبَه على الاعتبار بآيات الله وأحكامه؛ لتعجيبِ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم العباسَ من حب مغيثٍّ بَرِيرة.
183- أن نظره صلى الله عليه وآله وسلم كان كلُّه بحضور وفكر.
184- أن كل ما خالف العادة يُتعجَّبُ منه ويُعتبَرُ به.
185- حسنُ أدب بَرِيرة رضي الله عنها؛ لأنها لم تُفصِحْ بردِّ الشفاعة، وإنما قالت: "لا حاجة لي فيه".
186- أن فرطَ الحبِّ يُذهِبُ الحياءَ؛ لما ذكر من حال مغيث، وغلبة الوَجْد عليه حتى لم يَستَطِعْ كتمانَ حبِّها.
187- جوازُ قبول عذر مَن كان في مثل حال مغيث ممن يقع منه ما لا يليق بمنصبه، إذا وقع بغير اختياره، ويُؤخَذُ هذا من ترك النكير عليه.
188- استحبابُ الإصلاح بين المتنافرين، سواء كانا زوجين أم لا.
189- تأكيد الحرمة بين الزوجين إذا كان بينهما ولد؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إنه أبو ولدك)).
190- جوازُ شراء الأَمَة دون ولدِها.
191- أن الولد يَثبُتُ بالفراش والحكم بظاهر الأمر في ذلك، قال الحافظ: "قلت: ولم أَقِفْ على تسمية أحد من أولاد بَرِيرة، والكلام محتمل لأن يريد به أنه أبو ولدها بالقوة؛ لكنه خلاف الظاهر".
192- جواز نسبة الولد إلى أمه.
193- أن المرأةَ الثيِّب لا إجبارَ عليها ولو كانت معتوقةً.
194- جواز خطبة الكبير والشريف لمن هو دونه.
195- حسنُ الأدب في المخاطبة حتى من الأعلى مع الأدنى.
196- حسن التلطُّف في الشفاعة.
197- أن للعبد أن يخطب مطلقتَه بغير إذن سيده.
198- أن خطبة المعتدة لا تحرم على الأجنبي إذا خطبها لمطلقها.
199- أن فسخَ النكاح لا رجعةَ فيه إلا بنكاح جديد.
200- أن الحبَّ والبغضَ بين الزوجين لا لومَ فيه على واحد منهما؛ لأنه بغير اختيار.
201- أنه لا عارَ على الرجل في إظهار حبه لزوجته.
202- أن المرأة إذا أبغضت الزوج لم يكن لوليها إكراهها على عشرته، وإذا أحبَّتْه لم يكن لوليها التفريق بينهما.
203- جواز ميل الرجل إلى امرأة يطمعُ في تزويجها أو رجعتها.
204- جواز كلام الرجل لمطلَّقته في الطرق، واستعطافه لها، واتباعها أين سلكت كذلك، قال الحافظ: ولا يخفى أن محلَّ الجواز عند أَمْن الفتنة.
205- جواز الإخبار عما يظهر من حال المرء، وإن لم تفصح به؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم للعباس ما قال.
206- جوازُ رد الشافع المِنَّة على المشفوع إليه بقبول شفاعته؛ لأن قول بَرِيرة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أتأمرني" ظاهر في أنه لو قال: "نعم" لقَبلَتْ شفاعته، فلما قال: "لا"، علم أنه رد عليها ما فهم من المنة في امتثال الأمر، قال الحافظ: "كذا قيل، وهو متكلَّف".
207- وجوب امتثال أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن بَرِيرة رضي الله عنها علمت أن أمره واجب الامتثال؛ ولذلك لما عرض عليها ما عرض استفصَلَتْ: هل هو أمر فيجب عليها امتثاله، أو مشورة فتتخير فيها؟
208- أن كلام الحاكم بين الخصوم في مشورة وشفاعة ونحوهما ليس حكمًا.
209- أنه يجوز لمن سئل قضاء حاجة أن يشترط على الطالب ما يعود عليه نفعه؛ لأن عائشة رضي الله عنها شرطت أن يكون لها الولاء إذا أدَّت الثمن دفعة واحدة.
210- جواز أداء الدَّين على المدين.
211- وأن المدين يبرأ بأداء غيره عنه.
212- إفتاء الرجل زوجتَه فيما لها حظٌّ وغرض إذا كان حقًّا.
213- جواز حكم الحاكم لزوجته بالحق.
214- جواز قول مشتري الرقيق: اشتريته لأعتقه؛ ترغيبًا للبائع في تسهيل البيع.
215- جواز المعاملة بالدراهم والدنانير عددًا إذا كان قدرُها بالكتابة معلومًا؛ لقولها: "أعدها"، ولقولها: "تسع أواقٍ".
216- جواز بيع المعاطاة.
217- جواز عقد البيع بالكتابة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((خذيها))، ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر في حديث الهجرة: ((قد أخذتها بالثمن)).
218- أن حقَّ الله مقدم على حق الآدمي؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((شرط الله أحقُّ وأوثق))، ومثله الحديث الآخر: ((دَين الله أحقُّ أن يُقضى)).
219- جواز الاشتراك في الرقيق؛ لتكرر ذكر أهل بَرِيرة رضي الله عنها في الحديث، وفي رواية: "كانت لناس من الأنصار"، قال الحافظ: "ويحتملُ مع ذلك الوَحدة، وإطلاق ما في الخبر على المجاز".
220- أن الأيدي ظاهرة في الملك، وأن مشتري السلعة لا يُسأَلُ عن أصلها إذا لم تكن ريبة.
221- استحباب إظهار أحكام العقد للعالم بها إذا كان العاقد يجهلُها.
222- أن حكمَ الحاكم لا يُغيِّرُ الحكم الشرعي، فلا يُحِلُّ حرامًا ولا عكسه.
223- قبولُ خبر الواحد الثقة وخبر العبد والأَمَة وروايتهما.
224- أن البيان بالفعل أقوى من القول.
225- جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، والمبادرة إليه عند الحاجة.
226- أن الحاجة إذا اقتضت بيان حكم عام وجب إعلانُه، أو نُدِب بحسب الحال.
227- أن العدةَ بالنساء؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنه: أنها أمرت أن تَعتدَّ عدة الحرة، ولو كان بالرجال لأمرت أن تعتدَّ بعدة الإماء.
228- أن عدة الأَمَة إذا عتقت تحت عبد فاختارت نفسها ثلاثةُ قروء، قال الحافظ: "وأما ما وقع في بعض طرقه: ((تعتَدُّ بحيضة)) فهو مرجوح، ويحتمل أن أصله ((تعتد بحيضٍ))، فيكون المراد: جنس ما تستبرئ به رَحِمَها، لا الوحدة".
229- تسمية الأحكام سننًا، وإن كان بعضها واجبًا.
230- أن تسميةَ ما دون الواجب سنةً اصطلاحٌ حادث.
231- جواز جبر السيد أَمَتَه على تزويج مَن لا تختاره إما لسوء خلقه، أو خلقه، وهي بالضد من ذلك، قال الحافظ: "فقد قيل: إن بَرِيرة كانت جميلةً غير سوداء بخلاف زوجها وقد زُوِّجت منه، وظهر عدم اختيارها لذلك بعد عتقها".
232- أن أحدَ الزوجين قد يُبغِضُ الآخر، ولا يُظهِرُ له ذلك، ويحتمل أن تكون بَرِيرة مع بغضها مغيثًا كانت تصبر على حكم الله عليها في ذلك، ولا تعاملُه بما يقضيه البغض، إلى أن فرَّج الله عنها.
233- تنبيهُ صاحب الحق على ما وجب له إذا جهله.
234- استقلال المكاتِب بتعجيز نفسه.
235- إطلاق الأهل على السادة، وإطلاق العبيد على الأرقَّاء.
236- جواز تسمية العبد مغيثًا.
237- أن مالَ الكتابة لا حدَّ لأكثره.
238- أن للمعتِقِ أن يقبل الهدية من معتقِه، ولا يقدح ذلك في ثواب العتق.
239- جواز الهدية لأهل الرجل بغير استئذانه.
240- قَبولُ المرأة للهَدية من غيرها بغير استئذان زوجها؛ حيث لا ريبة.
241- قال ابن دقيق العيد: فيه دلالة على تبسيط الإنسان في السؤال عن أحوال منزله، وما عَهِده فيه قبلُ.
242- أنه لا يجب السؤال عن أصل المال الواصل إليه إذا لم يظن تحريمه، أو تظهر فيه شبهةٌ؛ إذ لم يسأل صلى الله عليه وآله وسلم عمن تصدَّق على بَرِيرة ولا عن حاله؛ قال الحافظ: "كذا قيل، وقد تقدم أنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي أرسل إلى بَرِيرة بالصدقة، فلم يتمَّ هذا".
243- إيثارُه صلى الله عليه وآله وسلم اللَّحْمَ إذا وجد إليه السبيل؛ لحديث بَرِيرة رفعه: ((سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم))[2]، وهذا حكاه ابن بطَّال عن الطبري.
244- جواز الرواية بالمعنى والاختصار من الحديث، والاقتصار على بعضه بحسب الحاجة، فإن الواقعة واحدة وقد رُويت بألفاظ مختلفة، وزاد بعض الرواة ما لم يذكر الآخر، ولم يقدح ذلك في صحته عند أحد من العلماء.
245- أن الإنكار على موالي بَرِيرة رضي الله عنها لا على عائشة رضي الله عنها؛ لأن الولاء للمعتق، ولا يتحوَّل ببَيْع ولا بهبة، كما سبق.
246- إبطال الشرط في البيع إذا كان باطلاً وتصحيح البيع.
247- أن عَقْد الكتابة للمكاتب لا يُوجِبُ له عتقًا.
248- أن الكتابة لا تنفسخ ما داما على ذلك، وحكى القرطبي في "المُفْهم" اتفاقَ المسلمين على ذلك.
249- إذا عجز العبدُ وكان السيد قبَضَ منه بعضَ نجوم الكتابة حلَّ ذلك للسيِّد، سواء كان ذلك من صدقةٍ على المكاتب أو غيرها، ولا رجوعَ للمكاتب بذلك، ولا لمن أعطاه على وجه فكاك الرقبة.
وفي الختام: فهذه جملة الفوائد - مما وقفتُ عليه - من كلام الحافظ ابن حجر وغيره؛ وأسأل الله عز وجل الفائدة والنفع بهذه الرسالة لي ولجميع المسلمين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] قال ابن عباس رضي الله عنه: "كان زوجُ بريرةَ عبدًا أسودَ يُقالُ له: مغيث"، قال الحافظ: "هكذا جاء من غير وجه أن اسمَه مغيث، وضبط في البخاري بضم أوله وكسر المعجمة ثم تحتانية ساكنة ثم مثلثة، ووقع عند العسكري بفتح المهملة، وتشديد التحتانية، وآخره موحدة، والأول أثبت وبه جزم ابن ماكولا وغيره"؛ فتح الباري (9/ 408).
[2] أخرجه الطبراني وغيره، وهو حديث قال فيه الألباني في السلسلة الضعيفة رقم: (3579): "ضعيف جدًّا".
t,hz] lk p]de fvdvm vqd hggi ukih fvdvm p]de ukih
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
11-22-2021, 03:57 PM
|
#2
|
رد: فوائد من حديث بريرة رضي الله عنها
جزاتس الله خير غلاتي
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ aksGin على المشاركة المفيدة:
|
|
11-23-2021, 01:26 AM
|
#3
|
رد: فوائد من حديث بريرة رضي الله عنها
~
سلمت كفوفك لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك .~
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ عزوف على المشاركة المفيدة:
|
|
| | |