اختلف العلماء في هذا على قولين:
القول الأول: إنها تَنتقل فتكون سنَةً في ليلة، وسنةً في
ليلة أخرى، وإليه ذهب مالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، قال الحافظ العراقي: "وذهب جماعة من العلماء إلى أنها تَنتقِل فتكون سنَةً في ليلة، وسنة في
ليلة أخرى، وهكذا، وهذا قول مالك، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وغيرهم"[1]، وبه قالت الحنفية[2]، وهو قول للشافعية[3].
القول الثاني: إنها في
ليلة واحدة بعينها لا تنتقِل، وهو مذهب ابن حزم، وبعض الشافعية، قال أبو محمد بن حزم: "ليلة
القدر في شهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر، خاصة في
ليلة واحدة بعَينها لا تَنتقِل أبدًا، إلا أنه لا يدري أحدٌ من الناس أي
ليلة هي مِن العشر المذكورة، إلا أنها في وتر منها ولا بد"[4].
مناقشة القولين:
ولعلَّ القول الأول هو الراجح؛ لتضافر الأدلة على انتقالها؛ ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في سجود النبي صلى الله عليه وسلم على الماء والطين، قال أبو سعيد: "مُطرنا
ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح، ووجهُه مُبتلٌّ طينًا وماءً"[5].
ولحديث عبدالله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُرِيت
ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبحَها أسجد في ماء وطين))، قال: فمُطرنا
ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرف، وإن أثر الماء والطين على جبهتِه وأنْفِه[6].
قال الحافظ ابن حجر: "وأرجحُها كلها أنها في وتر مِن العَشر الأخير، وأنها تَنتقِل، كما يفهم من أحاديث هذا الباب"[7].
[1] كتاب شرح الصدر (ص: 41).
[2] انظر: إعانة الطالبين (2 / 256).
[3] انظر: فتاوى الإمام النووي (ص: 55)، والمجموع (6 / 459)، وفتح الباري (4 / 313).
[4] المحلى (6 / 446)، وانظر لقول الشافعية: حاشية البجيرمي (2 / 93) وحاشية الشرواني (2 / 478).
[5] رواه مسلم (4 / 824)، كتاب الصيام، باب: فضل
ليلة القدر، رقم: (1167)
[6] رواه مسلم (2 / 827)، كتاب الصيام، باب: فضل
ليلة القدر، رقم: (1168).
[7] فتح الباري (4 / 413).