67- وفي الليل خرج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبوبكر الصديق، وتوجها إلى غار ثور واختبآ فيه.
أقام صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبوبكر في الغار ثلاثة أيام.
******************
68- وكان عبدالله بن أبي بكر يأتيهما كل ليلة ويُخبرهم خبر قريش
وكان عامر بن فُهيرة مولى الصديق يأتيهما كل ليلة ويسقيهما اللبن.
******************
69- وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق تأتيهما كل ليلة بالطعام، فنرى أن أبا بكر سخّر كل ما يملك من مال وولد ومولى لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
******************
70- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر الصديق».
فبكى أبو بكر وقال: "وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله".
******************
71- بدأ كفار قريش يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في كل مكان حتى وصلت مجموعة من كفار قريش إلى غار ثور الذي اختبأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه.
******************
72- فسمع أبوبكر الصديق أصواتهم، فخاف رضي الله عنه، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا".
******************
73- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بكل ثقة بنصر الله له: «لا تحزن إنّ الله معنا».
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يُنزل السكينة على قلب أبي بكر.
******************
74- فأنزل الله سكينته على أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، فهدأ روعه واطمأن قلبه.
******************
75- وأنزل الله في هذا الموطن قوله تعالى: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار} [التوبة من الآية:40]
******************
76- {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه} [التوبة من الآية:40].
******************
77- وهذا من أعظم مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، إذ أثبت الله له الصُحبة لنَبيِّه صلى الله عليه وسلم بنص القرآن.
******************
78- هؤلاء الكفار الذين وصلوا إلى غار ثور، لم يتكلف واحد منهم أن ينظر داخل الغار، صرف الله قلوبهم عن ذلك، ثم رجعوا.
******************
79- رواية نسج العنكبوت على فم الغار، وبيض الحمامة أخرجها الإمام أحمد في مُسنده بإسناد ضعيف، فلا تصح هذه الرواية.
******************
80- أقام النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصِّدّيق في الغار ثلاث ليالٍ، فلما خَمدت عنهما نار الطلب، وسكن عنهما الناس خرجا وتوجها إلى المدينة.
******************
81- سار هذا الموكب المبارك إلى المدينة: (النبي، أبوبكر الصديق، عامر بن فُهيرة يَخدمهم في الطريق، الدليل عبدالله بن أُريقط).
******************
82- لم تَعرف الدنيا مَوكبًا أنبل منه قصدًا، وأبعد غاية، وأخلص نيَّة، وأعمق في الأرض أثرًا من موكب النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته.
******************
83- وصل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه إلى المدينة المنورة بحفظ الله ورعايته له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مُردفًا أبا بكر الصديق معه على ناقته.
******************
84- لما استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد هجرته، بدأ عهد جديد من البذل والعطاء لتبليغ دين الله، وكان لأبي بكر دور بارز في ذلك.
******************
85- شارك أبوبكر الصديق رضي الله عنه في كل غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يَتخلَّف عن أي مشهد شهده النبي صلى الله عليه وسلم.
******************
86- في غزوة بدر الكبرى كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في العريش الذي بُني للنبي صلى الله عليه وسلم.
******************
87- قال علي بن أبي طالب: "جعلنا للنبي صلى الله عليه وسلم عريشًا فوالله ما دنا منّا أحد إلا أبوبكر شاهرًا بالسيف على رأسه صلى الله عليه وسلم لا يَهوي إليه أحد".
******************
88- ولما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر الابتهال والتضرع لربه، وسقط رداؤه صلى الله عليه وسلم من شدة تضرعه لربه، جعل أبوبكر يلتزمه ويُسوِّي عليه رداءه..(1/2)
******************
89-(2/2).. ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم: يارسول الله بَعِّض -أي خفِّف- مناشدتك ربك، فإنه سيُنجر لك ما وعدك.
******************
90- قال الحافظ ابن كثير: "وكان أبوبكر الصّدِّيق رضي الله عنه رقيق القلب، شديد الإشفاق على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
******************
91- وفي شأن أسرى غزوة بدر الكبرى استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ما يفعل بهم، هل يقتلهم أم يأخذ منهم الفداء؟
******************
92- فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: يانبي الله هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم..(1/2)
******************
93-(2/2).. قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم للإسلام، فيكونوا لنا عضُدًا.
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
******************
94- وفي غزوة أُحُد ثبت أبوبكر الصديق مع النبي صلى الله عليه وسلم ثباتًا عظيمًا، ولم يفر، وثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق رُغم الخوف الشديد.
******************
95- وفي غزوة بني المصطلق عندما وقع حادث الإفك، وانقطع الوحي شهرًا كاملًا، ووقع بعض الصحابة الصادقين بهذه الفتنة..(1/3)
******************
96-(2/3).. وكان من بين الذين وقعوا في هذه الفتنة ابن خالة أبي بكر الصديق مسطح بن أُثاثة رضي الله عنه، وكان مسطح من المهاجرين..
******************
97-(3/3).. الأولين، وممن شهد غزوة بدر الكبرى، وكان فقيرًا، وكان أبوبكر الصديق يُنفق عليه لقرابته منه وفقره.
******************
98- فلما برَّأ الله عائشة رضي الله عنها، قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: والله لا أنفق على مسطح نفقة واحدة بعد اليوم.
******************
99- فنزل قوله تعالى في الصديق: {ولا يَأْتَلِ أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله} [النور من الآية:22].
******************
100- {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} [النور من آية:22]، ولا يأتل: يعني ولا يحلف.
******************
101- فقال أبوبكر الصديق رضي الله عنه: بلى والله إني أُحب أن يغفر الله لي، وأرجع إلى مسطح النفقة التي كان يُنفقها عليه..(1/5)
******************
102-(2/5).. وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه عظيم الثقة بالنبي صلى الله عليه وسلم ففي غزوة الحُديبية لما ثقُلت على المسلمين شروط صلح الحُديبية..
******************
103-(3/5).. والتي في ظاهرها نصر للمشركين، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر الصديق: يا أبا بكر ألسنا على الحق؟..
******************
104- (4/5).. قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى، قال عمر: فَلِمَ نُعطي الدنية في ديننا؟..
******************
105-(5/5).. فقال أبوبكر رضي الله عنه: يا عمر إنه رسول الله، وليس يَعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فوالله إنه على الحق.
******************
106- وفي هذا الحديث دلالة على أن أبا بكر كان أكمل الصحابة وأعرفهم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بأمور الدين وأشدهم موافقة لأمر الله.
******************
107- وكان أبوبكر الصديق رضي الله عنه من أعظم الصحابة في الحرص على فعل الخيرات والتنافس فيها، فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة..(1/4)
******************
108-(2/4)..على الصدقة يومًا فقال عمر رضي الله عنه: اليوم، أسبق أبا بكر الصديق، فجاء عمر بنصف ماله فقال له صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟»..
******************
109-(3/4).. قال عمر: مثله، فجاء أبو بكر بكل ماله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله..
******************
110-(4/4).. فقال عمر رضي الله عنه: والله لا أسابقك إلى شيء أبدًا.
هكذا كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه.
******************
111- قال النبي صلى الله عليه وسلم يومًا في عبدالله بن مسعود: «مَن سرَّه أن يقرأ القرآن رطبًا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد».
******************
112- فلما سمع عمر بن الخطاب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قال: والله لأغدون إلى ابن مسعود فأُخبره -وهذا من حرصه لحب الخير لابن مسعود-.
******************
113- فذهب عمر لابن مسعود ليُبشِّره بكلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي قاله فيه، وإذا به يجد أبا بكر الصديق سبقه إليه وبشَّره..(1/2)
******************
114-(2/2).. فلما رأى عمر ذلك، قال: والله ما سابقت أبا بكر الصديق إلى خير قط إلا سبقني إليه.
******************
115- روى الإمام أحمد في الفضائل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "إن أبا بكر الصِّدِّيق كان سابقًا مُبَرَّزًا".
******************
116- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن أصبح منكم اليوم صائمًا؟»
قال أبو بكر: أنا.
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن تبع منكم اليوم جنازة؟»..(1/3)
******************
117-(2/3).. قال أبو بكر: أنا
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن أطعم منكم اليوم مسكينًا ؟»
قال أبو بكر: أنا
قال صلى الله عليه وسلم: «مَن عاد منكم اليوم مريضًا ؟»..
******************
118-(3/3).. قال أبوبكر: أنا.
فقال صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» (رواه مسلم).
******************
119- وكان رضي الله عنه مُسدَّدا لقوة تقواه، وصدقه، وإخلاصه.
قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَمَنَّ الناس عليَّ في صُحبته وماله أبوبكر».
******************
120- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان أبوبكر الصدِّيق أحبَّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان خيرنا وسيِّدنا" (رواه البخاري).
******************
121- جاء في فضله أحاديث كثيرة منها:
قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبوبكر: صدقت وواساني بنفسه وماله».
******************
122- قال عمرو بن العاص للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟
قال صلى الله عليه وسلم: «عائشة».
قال: فمن الرجال؟
قال صلى الله عليه وسلم: «أبوها».
******************
123- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: «أما إنك أول مَن يدخل الجنة من أمتي» (رواه الإمام أحمد في الفضائل).
******************
124- قال أبو موسى للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هذا أبو بكر الصديق يستأذن.
فقال له صلى الله عليه وسلم: «ائذن له وبشِّره بالجنة» (متفق عليه).
******************
125- قال صلى الله عليه وسلم: «إن أمَنَّ الناس عليَّ في صُحبته وماله أبوبكر، ولو كُنتُ مُتخذًا خليلًا غير ربي لاتخذت أبا بكر» (متفق عليه).
******************
126- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبوبكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليّ في الجنة...» ثم ذكر صلى الله عليه وسلم بقية العشرة.
******************
127- قال صلى الله عليه وسلم: «مَن أنفق زوجين في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة، فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومَن كان من..(1/3)
******************
128-(2/3).. أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومَن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومَن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان»
******************
129-(3/3) فقال أبو بكر: يا رسول الله هل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟
فقال صلى الله عليه وسلم: «نعم وأرجو أن تكون منهم».
******************
130- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "وليس فيكم مَن تُقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر الصِّدِّيق" (رواه البخاري).
******************
131- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أفضل هذه الأمة بعد نَبيِّها صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصِّدِّيق" (رواه أحمد).
******************