قبل أن تقرأ سطوري عدني بالصدق معي ..
وأخبرني الآن كم مرةٍ حكمت على الغير بمظهرهم دون أن تعرف جوهرهم ؟
أخبرني الآن كم مرة ألقيت كتاباً أو ورقة وظننت ان ما فيها لا يهم أحداً حتى أنك حكمت بأن الورقة ليست مهمة ؟
أخبرني كم مرة حاولت أن تتوقف قبل الحكم على الآخرين حتى وإن كان الذي أمامك حجر صغير ؟
أخبرني الآن هل ستتابع لحني الصامت أم ستفارغ متصفحي فما سأتحدث عنه ليس سوى تهذيب لنفسي وفي الختام أريد حلولاً للتوقف وللنظر في جمال من أمامنا ؟
اجتمعت مع احد الزملاء في مكتبي .. وأثناء حديثنا حول العمل طلب مني زميلي ورقة ليشرح عليها بعض أفكاره .. فذهبت لأبحث له عن ورقة .. فلم اجد وعدت أدراجي خائباً .. فقال لي وجدت ورقة ولنكمل حديثنا
لا أخفيكم أن زميلي مخطط ممتاز لكني كنت منشغلاً في تلك الورقة المألوفة لدي
عندما انتهى زميلي من الكتابة سألني : هل فهمت الآن ما اقصده ؟
أخذت الورقة منه وللأسف قد وفقت في حدسي فهذه الورقة ورقة مهمة في عملي وقد وقع عليها رئيسي قبل أن يسافر ..
سألت زميلي لما فعلت هذا ؟
فقال لي وهو مندهش : لم اجد في هذه الورقة ما هو مهم بالنسبة لي ؟
سألته : ومن قال لك ان لا معنى لهذه الورقة ؟!
انتهى
مدخل لعالم غريب نسكن فيه :
تخيلوا معي ورقة شاهدها رجلان
الأول قال ان للورقة خمسة خطوط متوازية
بينما الثاني يقول أنه يرى سلماً
الأول يعود ويقول أنه يرى نقاطً سوداء بعضها له ذيل
والثاني يقول إن لهذه الورقة لغة تنبض مشاعر متدفقة
الأول يحكم على الورقة بسلة المهملات
والثاني يحتضن الورقة لأنها ثروة من أعمال بتهوفن
وعاتب الثاني الأول لجهله عن هذا العمل الراقي
و انا أعاتب الاثنان لأنهما جهلا قيمة السماء
مما لا شك فيه أننا نواجه يومياً رموزاً نتوهم أننا نعرفها
فالطفل عندما يرى النوتة الموسيقية سيقول أنها خمسة خطوط تزينها رسومات سوداء
والأكبر سناً سيقول أنها نوتة موسيقية لكنه يقف حائراً عن فك شفرات هذه النوتة
وفي الأخير وحده العازف من يتمكن من سماع لحن النوتة بمجرد قرائتها فهو لم يسمع اللحن بل رآه ..
هل يا ترى هنالك أوراق أخرى في حياتنا لا ندرك معناها سوى أنها خطوط ؟!!
هل في أحداث يومنا نقاط لا ننظر لها سوى بنظرة نقاط سوداء
هل لفقد النقاط ذيلها يعني بأننا لا نهتم بها ؟
وهل ما نعتبره غير ذي معنى .. هل هو حقاً كذلك ؟
فعدم فهمنا للنوتة الموسيقية لا يعني انها خاوية من المعاني
دعونا نتخيل معاً
تكبير الصورةتصغير الصورة تم تعديل ابعاد هذه الصورة. انقر هنا لمعاينتها بأبعادها الأصلية.
لنتخيل تلك الثقوب التي تملأ جدران بيوتنا
ألم نُمعن النظر بهذه الثقوب الضيقة بوماً لنكتشف بوابات لعالم اوسع
أليس الثقب الذي نريد رؤية ما بداخله يحوي عالماً كبير ... ألا يحوي عالم النمل بداخله
ولو اكتشفنا قليلا عالم النمل لاكتشفنا أن للنمل ثقوب على جدران ممتلكته أيضاً .. وإن اقتربنا لأحد هذه الثقوب لأكتشفنا عالماً أوسع آخر
العوالم التي اتحدث عنها ليست مادية فقط
بل سنجد هذه العوالم في حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية فهي عوالم تتشعب منها عوالم أوسع
لنتخيل أيضا ذلك الرجل الذي ينظر إليك بضيق
فلتقرأ نوتة وجهه بدقة هل هو يعنيك أنت ؟ وهل أًصابه الضيق عندما رآك أم أنه كان متضايقاً قبل أن يراك ؟ وهل انت السبب المباشر لضيقه ؟
أتعلم كل ما سألته ليست سوى ثقوب تقودك لعالم اوسع ولهذه الثقوب سحر عجيب فهي ستعلمك بان إطلاق الأحكام على ما نراه يومياً ليس باليسير
فلربما تخيلت أحدهم عدواً لك وجعلته كتلك الخمسة خطوط وتلك النقط السوداء التي نعتها بغير المهمة كما نعت هذا الرجل بانه عدوا لك وهو غير هذا وليس عدوا لك سوى جهلك وقلة عقلك وسرعة تأثرك بما حولك
إني ادعوكم وادعوا نفسي لرؤية الجوهر وعدم الاكتفاء بالقشور
لنكن مكتشفين نسأل دائما قبل أن نحكم ففي هذا متعه عجيبة لن يعرفها غير من جربها
لن يعرفها الا من عرفة لغة الحياة
ولكي نؤثر على هذه الحياة ونبقى سعداء لابد لن من التأثير في حياتنا باتقان طرح الاسئلة
وقبل ان نقتل باعاصيرها لنسمعه اقبل ان نراها
فلحن النوتة الموسيقية التي لم نعر لها بالاً وقع بيد عازف محترف
أرعد العالم بمداعبة أنامله للبيانو
ولن نتوقف عن الحكم على الآخرين !! كما ان من صعد للقمر يرانا ونحن نعتدي على الاخرين باحكامنا وجورنا وهو يسأل نفسه هل هؤلاء هم أهل الحضارة التي نسمع عنها ؟