لم يترك لنا الرسول صلى الله عليه وسلم شيء يخصنا في أمورنا الحياتية إلا وترك من هديه ما نتبعه فيها، حتى يكون لنا سمتنا الخاص الذي يميزنا عن بقية الأمم، ومن هديه صلى الله عليه وسلم نتعلم كيفية التنعل -لبس الخف، أو الحذاء-، والتختم -لبس الخاتم-، ومن خلال الأحاديث الواردة في كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله نتعلم هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك..
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: كَيْفَ كَانَ نَعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: "لَهُمَا قِبَالانِ" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله)، ومعنى القِبال قال الجوهري: "قبال النعل: بالكسر الزمام الذي يكون بين الإصبع الوسطى، والتي تليها".
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا يَمْشِيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
الحديث فيه نهي عن المشي في نعل أو خف واحد إما أن ينتعل الاثنين أو يمشي من غيرهم والسبب.. قال ابن العربي: "العلة فيها أنها مشية الشيطان".
وقال الحافظ في الفتح: "قد يدخل في هذا كل لباس شفع كالخفين وإخراج اليد الواحدة من الكم دون الأخرى، والتردي على أحد المنكبين دون الآخر قاله الخطابي، قال: وقد أخرج ابن ماجه حديث الباب من رواية محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: «لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ولا خف واحد»، وهو عند مسلم أيضًا من حديث جابر، وعند أحمد من حديث أبي سعيد، وعند الطبراني من حديث ابن عباس وإلحاق إخراج اليد الواحدة من الكم وترك الأخرى بلبس النعل الواحدة أو الخف الواحد بعيد إلا إن أخذ من الأمر بالعدل بين الجوارح، وترك الشهرة وكذا وضع طرف الرداء على أحد المنكبين" (انتهى).
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، فَلْتَكُنِ الْيَمِينُ أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: "رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا»، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
والمقصود بالنعال السبتية أي المدبوغة وقد جاء في (فتح الباري شرح صحيح البخاري، باب النعال ص:321): "قوله: (السبتية) بكسر المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة منسوبة إلى السبت، قال أبو عبيد هي المدبوغة، ونقل عن الأصمعي وعن أبي عمرو الشيباني، زاد الشيباني بالقرظ قال: وزعم بعض الناس أنها التي حلق عنها الشعر، قلت: أشار بذلك إلى مالك نقله ابن وهب عنه ووافقه، وكأنه مأخوذ من لفظ السبت لأن معناه القطع فالحلق بمعناه، وأيد ذلك جواب ابن عمر المذكور في الباب، وقد وافق الأصمعي الخليل وقالوا: قيل لها سبتية لأنها تسبتت بالدباغ أي لانت، قال أبو عبيد كانوا في الجاهلية لا يلبس النعال المدبوغة إلا أهل السعة".
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، يَقُولُ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ»" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
وعن معنى مخصوفتين: قال الهيتمي رحمه الله: "أي يضع طاقاً فوق طاق، فيستفاد أن لكل واحدة من نعليه طاقين أو أكثر" (أشرف الوسائل، ص:141)، وفسرت المخصوفتان: "المخروزتان أو المرقعتان" (مختصر الشمائل، ص:55).
- إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى أَنْ يَأْكُلَ -يَعْنِي الرَّجُلَ- بِشِمَالِهِ، أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
وقد ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصلي في نعليه» (البخاري:386، ومسلم:555)، وفي سنن أبي داود عن شداد بن أوس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم، ولا خفافهم» (سنن أبي داود:652).
أما عن هديه في لبس الخاتم..
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالا: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَمِينِهِ» (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "«اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ فِي يَمِينِهِ»، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ «فَطَرَحَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: لا أَلْبَسُهُ أَبدًا» فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).
وقد نهى صلى الله عليه وسلم الرجال من لبس الذهب فقال: «مَن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلا يَلْبَسْ حَرِيرًا ولا ذهبًا» (صحيح الجامع:65-9)، والحديث موجه هنا للرجال لأنه صلى الله عليه وسلم في حديث آخر قال: «حُرِّمَ لباسُ الحريرِ والذهبِ على ذكور أمتي وأُحِلَّ لإناثِهِم» (سنن الترمذي:1720).
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيان، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ عَلَيْهِ»، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَ مِنْ مُعَيْقِيبٍ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ" (الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله).