فنِعمَ الطريق ما أخترتيه لنفسك، وهو طريق التوبة والرجوع إلى الله تعالى، ومن يحول بينك وبين التوبة؟ فأبشري بخير كبير: "فالنفس السعيدة تلوم على فعل الشر وترك الخير، فتبادر إلى التوبة، والنفس الشقية بالضد من ذلك" (إغاثة اللهفان).
الحمد لله لنا رب رحيم غفور ودود، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، لا يغضب من سؤال السائلين ولا إلحاح الطالبين، يغفر الذنوب جميعًا، ويفرح بتوبة عبده إذا أقبل عليه، ويناديه إذا أدبر عنه..
فمن يحول بينك وبين بكاء العين والقلب بين يدي الله، فسارعي أختي بالتوبة ولا تلتفتي للشيطان الذي أخبرنا الله تعالى بهدفه وقوله: {..وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا . وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ..} [النساء من الآيات:118-119]، قال ابن عباس: "يريد تعويق التوبة وتأخيرها" (إغاثة اللهفان).
وانظري أختي: كيف ابتلي آدم عليه السلام بالذنب فــ: "فاعترف وتاب وندم وتضرع واستكان، وفزع إلى مفزع الخليقة، وهو التوحيد والاستغفار فأزيل عنه العتب وغفر له الذنب، وقبل منه المتاب وفتح له من الرحمة والهداية كل باب، ونحن الأبناء ومن أشبه أباه فما ظلم، ومن كانت شيمته التوبة والاستغفار فقد هدي لأحسن الشيم" (إغاثة اللهفان).
وتأملي في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران:135-136].
فتأملي أختي! فعلوا فاحشة ولكن ما أن أقبلوا على ربهم وعلموا أنه إليه التوبة لا إلى غيره، ومنه المغفرة لا من غيره إلا وجدوا الله توابًا رحيمًا.
وتأملي قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ..} [الزمر:53-54].
فهو سبحانه يغفر كل الذنوب ويقبل التوبة قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [التوبة من الآية:104]، يا الله ما أرحمك ما أعظمك ما أحلمك..! نعصيك فتحلم علينا، ونتمادى فترزقنا وتنعم علينا، ونعود ونتوب فتغفر وتقبل، وتفتح لنا أبواب رحمتك!
فمن لنا سواك يا رب؟
الحمد لله الذي كتب على نفسه الرحمة، وفتح أبواب التوبة، وأعطى عباده من النعم ليقبلوا بمحبة، ومنعهم ليتذكروا ويندموا ويتوبوا، فيقبل ويعفو ويصفح.
فأقبلي أخيتي على ربك واطرقي بابه يفتح لك أبواب رحمته، واحرصي على مرضاته وطاعته سبحانه، وتجنبي معصيته، وقبل كل شيء استعيني به سبحانه، فمن يعينك سواه ومن يرشدك إلا هو سبحانه وتعالى عز وجل