01-23-2019, 03:22 PM
|
|
|
|
الصحابة الكرام في سطور من نور
(الحلقة الأولى)
أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه
صاحبُ الشَّمائل الطيِّبة.... والنَّفس النقيَّة... واللسان الصَّادق...
ذو العقل الذي يتكلَّل بالوقار، والروح التي تُفيض عذوبةً ومحبَّة...
إنَّه أعظم البشَر بعد الأنبياء، وصاحب رسول الله ورفيقُه إلى أعظم هجرة.
وثاني اثنين إذْ هُما في الغار...
اشتُهر بقوّة العزيمة، وحُسن الرأي، والحِلم، والتواضع، والشّجاعة، والعطف على الفقراء.
كان كريمًا لا يردُّ السَّائل والمحتاج، وبسَّامًا لا يَعْبِسُ في وجوه الآخرين، ومتواضعًا ومتعاونًا يعطف على الصغار، ويُوقِّر الشيوخ الطاعنين في السِّنِّ.
ثمَّ ألَا يكونُ صحابيٌّ هذه صفاتُه مبشَّرًا بالجَنَّة؟ بلى.. إنه مِن المُبَشَّرين بالجَنَّة.
نعم؛ هو عبد الله بن أبي قُحافة التيميُّ القرشيُّ الذي وُلد بمكة سنة إحدى وخمسين قبل الهجرة.
♦ وهو أوَّل مَن أسلم مِن الرجال، كما أسلمَ على يده الكثير مِن الصَّحابة.
♦ والد أمِّ المؤمنين عائشة، والصحابيةِ الجليلةِ أسماءَ ذاتِ النطاقينِ.
♦ كان ماشيًا ذات يومٍ في طرقات مكَّة، فأبصر أميَّة بنَ خلف يعذِّبُ بلالًا تعذيبًا لا يُطاق، فقال لأميَّة: "ألا تتّقي الله في هذا المسكين؟! قال: أنتَ الذي أفسدتَه، فأنقِذْه مما ترى! فقال أبو بكر: أفعلُ، عندي غلام أسود أجلَد منه وأقوى، على دينك، أعطيكَهُ به. قال: قد قبلتُ. فقال: هو لك. فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك، وأخذه فأعتقه".
♦ لُقِّبَ بالصِّديق لأنه صدَّق الرسول برسالته، وصدَّقه في خبر الإسراء والمعراج.
♦ لمَّا أخبره رسول الله أنه انتفع بماله كثيرًا، بَكَى وقال: أنا ومالي لك يا رسول الله!
♦ تولَّى خلافة المسلمين بعد رسول الله.
♦ فأرسلَ جيشَ أسامة لقتال الروم في بلاد الشام.
♦ وقاتلَ المرتدّين، وانتصرّ عليهم.
♦ ثمّ أمر بجمْع القرآن خوفًا عليه مِن الضَّياع.
♦ وليس ذلك فحسب، ولكنَّ الفتوحات الإسلامية في العراق والشام بدأتْ في عهده.
♦ ويكفيه فخرًا أنَّ عليًّا عندما سُئلَ: مَن خيرُ الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلّم؟
أشار إليه، رضوان الله عليهم أجمعين...
هذه هي أبرزُ أعمال الغصن المزهر، والقلب العاطر، والداعية الحكيم، والصَّادق الصَّدوق أبو بكر الصِّديق، الذي قدَّم للإسلام أسمَى وأغلى ما يملك... وقدَّم في سبيل صاحبه رسولِ الله كلَّ غالٍ ونفيس.. وظلَّ يَمضي الصحابيُّ الجليل في رحلة النور حتى وافته المنيَّة عام ثلاث عشرة للهجرة، ودُفِن بجوار المصطفى صلى الله عليه وسلَّم عن عُمُرٍ يُناهز ثلاثة وستين عامًا. رضي الله عن أبي بكر، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء...
hgwphfm hg;vhl td s',v lk k,v hg;vhl
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:23 PM
|
#2
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة الثانية: عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أيُّ قلبٍ ذاك الذي يجمعُ بين الحنان الدافق والعَدل المُنصف...قامتُه الشمّاء تفوق الجبال هيبةً ولكنّها، تنحني وتتواضع لطفلٍ صغير أو عجوز طاعنة... عيونه سهامٌ حادّة تُرهب أعداءَ الله ورسوله في النهار، وسحابةٌ نديّة تهمي بالدمع بين يدي الخالق في الليل.
كان صُلباً شديداً مع الكفار والقُساة، ورحيماً ليّناً مع المسلمين الفقراء والمساكين.
قلّده ملوكُ الدّنيا وحكّامُها وسامَ العَدل الرّفيع، وشهادة الفارس الصّنديد الذي لا يخشى في الله لومة لائم...
إنه البطل الذي يخاف منه الشيطانُ ويفرّ....
هاجر علانيةً أمام أنظار المشركين فكان بطلاً في هجرته.. وبطلاً في بدر.. وبطلاً في أحد.. وبطلاً في جوف الليل بين يدي ربه.. وبطلاً في النهار بين رعيته.. كان ينصح ويقول: لا تقع فيما لا يعنيك واعرِف عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من يخشى الله.
إنّه عمر بن الخطاب بن نفيل العدويّ القُرشيّ، ولد بمكّة سنة أربعين قبل الهجرة، يُكنى أبا حفص.
كان لإسلامه أثرٌ كبيرٌ في رفعة الإسلام، فلقّبه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالفاروق؛ لأنّه فرق بين الكفر والإيمان...وكان أحدَ العشرة المبشّرين بالجنّة.
♦ قال عبد الله بن مسعود: "إنّ إسلام عمر كان فتحاً، وإنّ هجرته كانت نصراً، وإنّ إمارته كانت رحمة، ولقد كنّا ما نُصلّي عند الكعبة حتى أسلمَ عمر، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلّى عند الكعبة وصلّينا معه".
♦ خلف أبا بكر في الخلافة، وكان أول من سُمّي بأمير المؤمنين.
♦ كانت خلافته خيرًا وعزًّا للمسلمين؛ فهو أول من وضعَ التاريخ الهجريّ، وأول من أدخلَ نظام العسس، وأوّل من دوّنَ الدواوين في الإسلام، وهي ديوان الجند وديوان الخراج
♦ فتحَ العراقَ وفارس والشام ومصر، وتمّ في عهده بناءُ مدينتي الكوفة والبصرة في العراق ومدينة الفسطاط في مصر.
هذه هي حياة عمر الفاروق التي كانت ربيعاً زاهياً يمتّع النفوس، ويوسّع الصدور، وكانت خلافته -التي دامت عشرَ سنين وستّة أشهر- مثالاً للعدل والصّدق والزّهد والتّواضع.. وظلّ عمر رضي الله عنه يسطّر المآثر تلو المآثر حتى امتدّت إلى جسمه الشّامخ يدُ كافرٍ مملوكٍ فارسي اسمه فيروز ويعرف بأبي لؤلؤة فطعنه، وعندما عرفَ عمرُ من طعنه، قال: الحمد لله إذ لم يقتُلْني رجلٌ سجدَ لله". استُشهد رضي الله عنه سنة ثلاث وعشرين للهجرة، ودُفن إلى جوار الحبيب المصطفى وأبي بكر الصّديق...
رضي الله عنك يا عمر الفاروق، وجزاك الله عنّا وعن الإسلام خيراً..
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:23 PM
|
#3
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (3)
عثمان بن عفَّان
قصَّة الحياء الشذيِّ، والإيمان النديِّ، والقلب الزكيِّ... والورَع المحبَّب.
ريحانةٌ زاهية، ونخلة باسقة، نَمَتْ في ظلال التوحيد، وترعرعتْ في ظِلال القرآن الكريم.
عيونٌ دامعة مِن خشية الله، ووجهٌ يتهلَّل بالنور، ويتدفَّقُ بالبِشر، ونفسٌ أنقى من الثَّلج، وأطهر من السحابة البيضاء في حضن السَّماء...
عُرف بدماثة الخُلق، ورقَّة الطَّبع، ورهافة الإحساس. وكان من العشرة المبشَّرين بالجَنَّة.
إنّه عثمان بن عفان الذي وُلد بالطائف سنة سبع وأربعين قبل الهجرة.
وكان يُكنى بأبي عمرو..
لُقِّب بذي النورين؛ لأنَّه تزوَّج بِنْتَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلّم: رقيَّة، وأم كلثوم.
♦ هاجر الهجرتين، وكان أحدَ كتَّاب الوحي.
♦ قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: "مَن يَحفر بئرَ رُومة فله الجنَّة"، فحفرها عثمان، وقال: "مَن جهَّزَ جيشَ العُسْرة فله الجنَّة"، فجهَّزه عثمان. فما أكرمَك وأجودَكَ يا عثمان! ما أشدَّ غيرتَك على المسلمين! ما أعلى همَّتَكَ في البَذل والعطاء!
♦ ثمّ تأمَّلوا ما قاله رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم عن عثمان: "ألا أستحيي مِن رجُلٍ تستحيي منه الملائكة؟!".
♦ إنّه خليفة المسلمين الثالث... عُرِف بالزُّهد والوَرَع، والكرَم وكثرة التصدُّق...
♦ ومِن أبرز أعماله رضي الله عنه كتابةُ القرآن الكريم في مصحف واحد، عُرفَ بالمصحف العثمانيِّ، وإرسالُ نُسَخٍ منه للبلدان الإسلاميَّة...
كما وسَّع رضي الله عنه المسجدَ الحرام، والمسجدَ النبويَّ عندما ضاقا بالمصلِّين.
♦ ثمَّ في سنة ستٍّ وعشرين للهجرة أرسلَ رضي الله عنه جيشًا بقيادة عبد الله بن أبي السَّرح إلى تونس ففتحها، وفتحَ بلاد النُّوبة سنة اثنتين وثلاثين للهجرة...
هذه هي سيرةُ الخليفة التقيِّ الذي أعطَى الإسلامَ والمسلمين حُبَّه وماله ووقته وتفكيره طوال اثنتي عشرة سنة أمْضاها في الخلافة.
استُشهد سنة خمسٍ وثلاثين مِن الهجرة وعُمرُه اثنتان وثمانون سنة، رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:24 PM
|
#4
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (4) علي بن أبي طالب
فتح عينيه منذ نعومة أظفاره، لتكتحل بأخلاقِ المبعوث رحمة للعالمين، محمدٍ صلى الله عليه وسلّم، فتشرّبت نفسه الصّافية النّبلَ من معينه السلسبيل، واشتمّ الأريج من أطيب الزهر، تنسّمَ مبادئ الأخلاق من بيت النبوّة، فاتخذها دأباً وديدناً، وعاشها صدقاً ويقيناً، وحكاها بطولةً وشجاعة وفروسية وإقداماً... كما عُرف رضي الله عنه بالكرم والفصاحة..
♦ فهو أول من أسلمَ من الصبيان، وهو من المبشرين بالجنّة، ثمّ قامَ بعملٍ بطوليّ كبير عندما نامَ في فراش النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- عندما هاجر إلى المدينة المنوّرة.
♦ إنّه علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب، ابنُ عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان يُكنى بأبي الحسن. ولد بمكّة سنة ثلاث وعشرين قبل الهجرة.
♦ تزوّج فاطمة بنت رسول الله، فولدت له سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين.
♦ وهو أحدُ كتّاب الوحي، وتولّى القضاء في اليمن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
♦ شهدَ الغزوات كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم عدا غزوة تبوك.
♦ وأعطاه رسول الله الراية يوم خيبر، وما أدراك ما يوم خيبر!
♦ رابع الخلفاء الراشدين، ومن أهمّ أعماله أنه نقلَ عاصمة الخلافة من المدينة إلى الكوفة في العراق.
♦ ونظّم الشّرطة وأطلق على رئيسها صاحب الشّرطة.
♦ وهكذا كان عليّ مثالاً للحكمة والشجاعة والفِطنة والتقوى حتى استشهد على يدِ أحد الخوارج وعمره ثلاث وستون سنة وذلك عام 40 للهجرة.
كانت سيرة عليّ بن أبي طالب مثالا يُحتذى في الزّهد والشجاعة والحكمة والقضاء والتقوى.
رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنّة مأواه... وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:24 PM
|
#5
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (5) حمزة بن عبد المطلب
لم يجد نورُ الإسلام إلا سلاسة في دخول قلب حمزة الرّحيم، الممتلئ بالشهامة والحنان.
حمزة بن عبد المطّلب الذي عُرف بالشّجاعة والفروسيّة.
واشتهر بالرحمة ومساعدة المحتاجين، ونُصرة المظلومين؛ فلو سأل طفلٌ صغيرٌ حمزةَ عن حاجة لفزعَ له ملبّياً حاجته.
كان يَصِلُ الرّحم، ويُكثرُ من فعل الخير ويدلّ عليه.
خفقَ قلبه بالرحمة والمحبّة عندما سمع بإيذاء أبي جهل لابن أخيه محمد -صلى الله عليه وسلّم-، فسرعان ما انتقمَ له، ورفعَ قوسه، فضربه بها وشجّ رأسه...
نعم إنّه حمزة بن عبد المطلب عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكان يُكنى بأبي عمارة، وقيل أبي يعلى..
أعلنَ إسلامه في السنة الثانية من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فكان إسلامه درعاً واقية وحصناً منيعاً للإسلام والمسلمين.. كان قويّ الشخصية، ضخم البنية، راجح العقل، قويّ الإرادة، ومع هذا كلّه كان رحيماً، شَفوقاً...
كان أمير أول سريّة خرج فيها المسلمون للقاء العدو، كما أنّ أول راية عقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كانت له.
أبلى بلاءً حسناً في غزوة بدر، وقاتلَ ببسالة؛ إذ قاتلَ بسيفين، وبارزَ شيبة بن ربيعة فأرداه قتيلاً. فسمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلّم أسد الله، وأسد رسوله.
كان فارس الميدان، والثابت الباسل في غزوة أحد، حيث قتل واحداً وثلاثين مشركاً في يوم واحد.
أصابته حربة وحشيّ الغادرة فصار شهيداً يعطّر ثرى أُحُد الظامئ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "سيّد الشهداء عند الله تعالى يوم القيامة حمزة".
رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنّة مثواه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:24 PM
|
#6
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (6) الزبير بن العوام
نشأ في بيتٍ عنوانُه الشّرف والمجد، وأركانه الحَسبُ والرّفعة، ربَّته صفيّة فتشرّب قلبه حبّ الشجاعة والجرأة...إنه الزبير بن العوام رضي الله عنه...
من أين أبدأ بالحديث عن الزبير بن العوام؟ أمن يوم تبشيره بالجنة، أم من يوم هجرته إلى الحبشة وهجرته إلى المدينة...
وُلد الفارسُ المقدام حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكّة سنة ثمان وعشرين قبل الهجرة، أسلمَ وهو صغير السنّ وكان من السّابقين الأولين إلى الإسلام..
ومما يدلّ على شجاعته أنّه أوّل من سلّ سيفاً في سبيل الله، وذلك عندما تناقل الناسُ خبرَ مقَتل النبي صلى الله عليه وسلّم، فخرج مُمتشقاً سيفه يريدُ قتال الكفار.. ولكنّ النبي صلى الله عليه وسلّم لقيه، وردّه إلى منزله.. وقد سُرّ من شجاعته.
وكيف لا يكون شجاعاً ومخلصاً وحمزةُ خالُه، وصفيّة أمُّه، وأسماء زوجته، ومحمد صلى الله عليه وسلّم نبيّه؟
أرسله الرسول صلى الله عليه وسلّم لتعقّب جيش المشركين يوم أحد حتى يروا أنّ في المسلمين قوّة فلا يفكّروا في الرجوع إلى المدينة ومعاودة القتال.
شهدَ اليرموك وقدّم أروع الصّور في البسالة والإقدام..
كان تقيّا ورعاً عظيم الشّمائل.
كان لا يحبّ تولّي المناصب وتولّي أمر الناس خوفاً من الوقوع في الزلل مع أحد المسلمين ولو بمقدار ذرّة.
كان من أصحابِ الشورى الستّة الذين وكل عمر إليهم أمر اختيار الخليفة بعده.
كانت حياته كتاباً مليئاً بأصدق العبارات وأنضر السّطور وأعطر الزهور حتى وافته المنية.
فرضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنّة مثواه، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:25 PM
|
#7
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (7) أبو عبيدة بن الجراح
كان شامخَ القامة، قويَّ الشخصيّة، صبوحَ الوجه، باسمَ الثّغر، طيّبَ النّفس...
كان رونقُ الخُلقُ الطيب باديًا على مُحيَّاه، وعلاماتُ الرجولة الفذَّة تسكُن نظراتِه الصّادقة... كانت إشراقةُ خصاله النبيلة تتألّق في جبينه الشّامخ.
إنّه عامر بن عبدالله بن الجراح الذي وُلدَ بمكّة سنة أربعين قبل الهجرة، ودرَجَ حول حمى الكعبة التي كانت تتلهّف لسماع كلمات التوحيد، لم يحتمل قلبُ أبي عبيدة أكثرَ من جلسة قصيرة واحدة حتى أسلمَ على يدِ أبي بكر، فكان من السّابقين الأوّلين إلى الإسلام.
قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((لكلّ أمّة أمينٌ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة)).
قدَّمَ للإسلام زهرة شبابه، وإخلاص قلبه الفتيِّ؛ فشارك في كلّ الغزوات والسّرايا، فصالَ وجالَ في بدر، وكان من العشرة الذين ثبتوا في أحد يُحامون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.. وكان له موقفٌ عظيم مع رسول الله عندما غارت حلقتا الدرع في وجنته الشريفة فانتزعهما أبو عبيدة بثنيّتيه فكُسرتا...
أرادَ عمر أن يُبايعه بعد وفاة رسول الله، ولكنّ أبا عبيدة قال: (ما كنتُ لأتقدَّم بين يَدي رجُلٍ أمره رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يؤمَّنا في الصلاة فأمَّنا حتى مات).
ومن مواقفه المشرِّفة أنّه أخفى كتاب عمر بن الخطاب الذي يقضي بِعَزْل خالد بن الوليد عن قيادة جيش اليرموك وتولية أبي عبيدة.. أخفى أبو عبيدة كتابَ عمر حتى لا يحرمَ خالدًا فرحة النّصر.
وراحَ أبو عبيدة ينتقلُ من نصر إلى نصر، ومن فتح إلى فَتح، حتى أُصيب بمرض الطاعون، وفاضت روحه الزكيَّة في الأردن بعد أن ضربَ أروع الأمثلة في الحكمة والشجاعة وبُعد النّظر...
رضي الله عن أبي عبيدة وأرضاه، وجعل الجنَّة مثواه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء...
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:25 PM
|
#8
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (8) عبد الله بن عباس
فتحَ الفتى اللبيبُ عينيه على الدنيا فاكتحلَت بقمر النبوَّة الساطع، ولازمَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّم في جميع أحواله مع صِغَر سِنِّه. وأقبلَ على العِلم برغبة وفرح، فدعا له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قائلًا: "اللهم، فَقِّهْهُ في الدِّين وعلِّمه التأويل".
♦ واشتهر كذلك بالسَّخاء، ونقاء النفْس، وطهارة القلب، ووسامة الوجه، ورجاحة العقل.
♦ عُرِفَ بغزارة علمه، وسموِّ أخلاقه، وذكاء قلبه، واتساع معارفه، حتى ملأ الدنيا علمًا وفقهًا، لُقِّبَ بِحَبْر الأمَّة، والبحر، وترجمان القرآن.
♦ كان عمرُه ثلاث عشرة سنة عندما مات النبي صلى الله عليه وسلّم، ومع ذلك فقد روى ألفًا وستَّمائة وستين حديثًا.
♦ فعن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما أنه قال: كنتُ خَلْفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم يومًا، فقال: يا غلام، إني أعلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظْك، احفظ الله تجدْه تُجاهك، إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِن بالله، واعلم أنَّ الأمَّة لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه اللهُ لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلا بشيء قد كتبه اللهُ عليك، رُفعت الأقلامُ، وجَفَّت الصُّحُف". [حسن، صحيح، أخرجه الترمذي في جامعه، كتاب صفة القيامة باب 59،4/667 برقم 2516].
♦ وَصَفَهُ سعدُ بن أبي وقاص فقال عنه: "ما رأيتُ أحدًا أحْضَرَ فهمًا، ولا أكثرَ عِلمًا، ولا أوسع حِلمًا منه".
♦ جعله عُمر رضي الله عنه مُستشارًا له، وقال عنه: إنَّه فتى الكُهُولِ، له لسان سَؤُول، وقلبٌ عَقُول".
♦ ولَّاه عليٌّ رضي الله عنه البصرة.
♦ انتقل إلى جوار ربِّه وهو ابنُ واحدٍ وسبعين عامًا عام 68هـ في الطائف.
رضي الله عنه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء...
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:25 PM
|
#9
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (9) مصعب بن عمير
عاش الفتى المدلّل حياةً هنيئة بين أهل قريش، حياةً مليئةً بالمتعة والثّراء، ولكنّ النّعيم الذي كان متوفّرًا له لم يَمنع نباهةَ عقله وصفاء قلبه من تتبّع أخبار محمد صلى الله عليه وسلّم في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
ما إن أصبحَ على مقربةٍ من مُلتقى المؤمنين الأبرار والسّابقين إلى الإسلام الأخيار حتى لامسَ كلامُ المصطفى صلى الله عليه وسلم فؤادَه النديّ، فأعلن إسلامه على الفور أمام رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولكنّه أخفاه عن أمِّه خُناس بنت مالك ذات الشخصيّة القويّة..
قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "ما رأيتُ بمكّة أحداً أحسنَ لِمّةً ولا أرقَّ حُلّةً ولا أنعمَ نعمةً من مصعب بن عمير".
سمعت أمُّه بخبر إسلامه، فحبسته في ركنٍ من أركان المنزل، ووضعت حراساً لمراقبته أملاً في عودته إلى دين الآلهة الباطل، ولكن من غير جدوى. وقال لأمه مقولته المشهورة: "يا أمّهْ! إني لكِ ناصح، وعليك شفوق، فاشهدي أنّه لا إله إلا الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله".
رأى غفلة من حرّاسه، فتمكّن من فكّ أسرِ نفسه، وهاجرَ إلى الحبشة مع من هاجر.
اختاره النبي صلى الله عليه وسلم ليكون سفيرَه إلى المدينة يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة.
كان يُؤثر أخوّة الإسلام على أخوّة الأرحام، وذلك عندما وقع أخوه أسيراً في يدِ مُحرز بن نضلة، قال مصعب لمُحرز: اشدد يديك به؛ فإنّ له أمًّا بمكّة كثيرة المال. فقال له أخوه: هذه وَصاتُك بي يا أخي؟؟ فقال مصعب: إنّ محرزاً أخي دونك. [حياة الصحابة، ج2 ص: 270].
حملَ اللواء في غزوة أُحد، وأبلى بلاءً حسناً. واستشهد مع من استشهد من الصحابة الكرام، رضي الله عنهم، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
01-23-2019, 03:25 PM
|
#10
|
رد: الصحابة الكرام في سطور من نور
الحلقة (10) أبو ذر جندب بن جنادة
كان قلبُ أبي ذر نبيلاً، وخصاله كريمةً، ونفسه توّاقة للقاء الحقّ والخير والعدالة. فما إن سمعَ بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى أرسلَ أخاه أنيساً إلى مكة يستقصي له أخبارَ المبعوث رحمة للعالمين، ثمّ ذهبَ بنفسه عندما لم تَروِ أخبارُ أنيس شوقَه المتوقّد. قصد مكّة، ولقيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم فحيّاه قائلاً: "السلام عليك يا رسول الله.." فكان أول من حيّا رسول الله بتحيّة الإسلام..
إنه جندب بن جنادة الغفاريّ، ويكنى بأبي ذرّ، كان من السابقين الأولين إلى الإسلام، ولقيَ من الأذى ما لقيَ بسبب إسلامه..
عُرف بالزّهد والحكمة والصّدق والعلم والشّجاعة.
أعلنَ إسلامه على مرأى ومسمع من أهل قريش، غير آبهٍ بقوّتهم وبطشهم، فانهالوا عليه ضرباً حتى خلّصه العباسُ بن عبد المطّلب من بين أيديهم.
عاد إلى قبيلته، فراح يدعو الناس إلى الإسلام، وأسلم على يده ناسٌ كثيرون من غِفار.
خدمَ رسول الله في المدينة مدةً من الزمن، فسعد رسول الله بصحبته.
بايعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم أن لا تأخذَه في الله لومةُ لائم.
ويكفيه شرفاً ما قاله رسول الله فيه: "ما أقلّت الغبراءُ ولا أظلّت الخضراءُ أصدق من أبي ذرّ"..
وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: "يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، قال: أنت يا أبا ذرّ مع من أحببت. قال: فإني أحبّ الله ورسوله. قال: فإنّك مع من أحببت". [حياة الصحابة].
وهكذا أمضى أبو ذرّ حياتَه متنقلا ما بين الشام والبادية والمدينة داعياً إلى الله وإلى مكارم الأخلاق حتى وافته المنية سنة اثنتين وثلاثين للهجرة..
رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنّة مثواه.
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 08:19 PM
| | | | | | | | | |