لقد قال أرسطو عبارته المشهورة : " تكلّم حتّى أراك " كناية على أنّ الكلام يفصح عن مكنون وماهيّة صاحبه،
وقد حذّر المثل الشائع " لسانك حصانك، إن خنته خانك " من الكلام الزائد أو غير المدروس والذي يبدر عن صاحبه من دون تفكير
لما في ذلك من مغبّة الوقوع في الخطأ ودفع ضريبة النتائج السلبية الناتجة عنه،
وقد قالوا في الأمثال : " إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب "،
ولكن ذلك لا يصلح في كل الأحوال، فكما أنّ لهذر الكلام عواقب وخيمة، فإن الصمت في غير موضعه عواقبه أشد وأعظم،
فليس من الجميل مثلاً أن يكون المرء متلعثماً في الكلام، أو أن يلتزم الصمت في مواقف تستدعي منه أن يتكلم،
ونسمع ما يقال أن فلانا طليق اللسان، فما هو المقصود بهذه العبارة وكيف يكون اللسان طليقاً ؟
إنّ طليق اللسان هو ذلك الإنسان الذي يجيد استخدام المفردات ويضعها في مواضعها، سليمة وواضحة ومكتملة المعنى، بحيث يستمع إليها المتلقي ويستقبلها وقد أحدثت الأثر المطلوب منها،
فطليق اللسان بديهي بطبعه، وأفكاره منظّمة لا يشوبها الفوضى وعدم التركيز، وطليق اللسان إنسان اجتماعي بالفطرة، ومستمع جيد بشكل عام، فالكلام يحتاج إلى مفردات، والمفردات تحتاج إلى معرفة وتجربة وممارسة، فإذا ما توفرت جميعها تبقى هناك مسائل نفسية يجب أخذها بعين الاعتبار كالثقة بالنفس،
وعدم الإمعان بشكل مرضي بسلوكيات اجتماعية متداولة كالتحفظ والخوف من الوقوع في الخطأ – اللغوي - والارتباك،
إن طليق اللسان امرؤ يجيد عبارات التهنئة والعزاء على حد سواء، وتنطلق منه الكلمات بعفوية ولا يبدو كمن يقرأ من كتاب،
إقهر خوفك وخجلك وارتباكك عندما تتكلم واعلم أن جلّ من لا يخطأ، ولا تدع خوفك من الوقوع في الخطأ يقودك لمفاقمته والإمعان فيه بالصمت السلبي،
فهذا من شأنه أن يقودك لما يسمى بالتمرد السلبي
والذي يدفعك إلى الكلام غير الموزون والذي لا يخلو من الحماقة والإسفاف،
إن طليق اللسان إنسان صادق في أعماقه، فكن صادقاً مع نفسك، وإلا أصبحت كسياسي كاذب يجترّ حديثاً مفعماً بالبرود ونقص العاطفة، حتى وإن حاول التمثيل بما هو عكس ذلك فالكذب لا يخفيه قناع مهما كان جبروت صاحبه .
طليق اللسان شجاع بطبعه، ومثقّف إن لم تثقّفه المدارس والجامعات فقد ثقّفته الحياة، استمع إلى الناس جيداً وشاركهم الحديث، فتلك أوّل خطواتك لتطلق سراح لسانك من ضعفه وارتباكه وقلّة حيلته .
---
تمرين اكتساب طلاقة اللسان
عليك إتقان التمرين بالاهتمام بالكم بدايةً،
فالتمرين يتطلب منك الجلوس في أي مكان تشعر به بالراحة وتحبه، ثم انظر إلى أي شيء على مستوى نظرك، ثم تحدّث عن شيء ما،
وتحدث عنه لغاية ثلاثين ثانية بشكل متواصل، لا تنقطع عن الحديث طوال المُدة ولو بكلام ليس له معنى، فالآن من المهم التقيد بالكم (الوقت).
ضوابط أداء التمرين
- لا تخطط لموضوع ما لتتحدث به، بل استنبط الموضوع في اللحظة نفسها ليكون مفاجأةً لك.
- تحدث في الموضوع المختار لمدة ثلاثين ثانية مستمرة دون أي لحظة توقف.
- في بداية التمرين لا يهم إن كنت تتحدث بشيء مهم أو كلام ذو معنى ركز على الحديث فقط وللمدة المقررة.
- كرر التمرين بشكل يومي حتى تتقن التمرين بشكل ممتاز.
ملاحظة:
في البداية ستتكلم كلاماً بلا معنى لكن مع الوقت ستجد أن ما تتحدث به بات ذو معنى وأكثر تماسكاً وأكثر إقناعاً من كلامك في أول التمرين.
وفي النهاية ستجد أنّك تستطيع الحديث لوقت أكثر بلا إجهاد وبدون أن تهتم للساعة والثواني فيها.
الاهتمام بالكيفية
عندما تجد أنّك قد أتقنت التمرين وصرت قادراً على الحديث في أيّ موضوع لمدة ثلاثين ثانية، دون أن تشعر بثقل المهمة
يأتي الآن وقت الجزء الثاني من التمرين، وهنا ليس من المهم كم من الوقت ستتحدث؛ لأنّك ستجد نفسك قادراً على الحديث لوقت أطول،
لكن من المهم أن تتحدث في شيء مفيد وكلام قابل للفهم ومقبول وأنت بالذات تقتنع وتؤمن به،
أي أنك لن تتكلم بلا وعي بل ستخبر رأيك بأمور معيّنة وأنت واعٍ لما تقول.
نتائج التمرين
-
سرعة البديهة.
-
طلاقة اللسان.
-
اللباقة في الحديث.
-
التركيز فالكلام السريع يحتاج تركيزاً كبيراً لصف كلمات ذات المعنى.
-
الذكاء العالي فاتقان الحديث السريع يزيد من الذكاء كمن يستحثّ الأدرينالين لإخراجه من موقف يهدده.
-
خفّة الظل فالكلام العادي والجميل يكسبك خفة الظل مع التمرين.
مثال
انظر حيث قررت الجلوس ستجد بعض الأشياء ربما طائر لا تعرفه قم بوصفه لونه وجناحه،
تخيّل صوته وصِفه أهو جميل أو حاد أو مزعج، وتخيّل شكل أطفاله، ومكان عشه، وطعامه،
وتكون الثلاثين ثانية قد انتهت
;dt j;,k 'gdr hggshk j;,k