التخبيب ، هي مصدر فعل خبب ، وخبب في اللغة يعني ، إفساد شخص على شخص أخر كأن يفسد الرجل عبد لغيره ، أو تفسد المرأة أمه لغيرها ، أو يفسد الشخص صديق على صديقه ، ويقال خبب فلان أي أفسد فلان ، وخبب فلان عبدي أي خدعه ، والخب بمعنى الخبث أو الفساد ، وعكس الغر وهو الشخص الذي لا يعرف الشر ، و جاء في قاموس المُحيط أن التخبيب مشتق من الخبَّ ، والخبب هو ضرب رجل من عدوه ، والخب أيضا بمعنى الخداع ، والتخبيب ، إذا قام شخص فخبب آخر أي أفسده ، والخب أيضا ، هيج البحر .
وفي لسان العرب أن كلمة الخَبُّ تعني الخداع والغش ، ورجل مُخابٌّ ، أي منخدع .[1] التخبيب في الشرع
يشبه المعنى الاصطلاحي للتخبيب إلى حد ما المعنى اللغوي ، فهو يجمع بين مرادفات الإفساد ، والخديعة ، والخبث ، والغش ،وقد روي عن أَبِى هريرة قال قال رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ غِرٌّ كَرِيمٌ وَإِنَّ الْفَاجِرَ خَبٌّ لَئِيمٌ) . [2] إفساد المرأة على زوجها كصورة من صور التخبيب
للتخبيب صور كثيرة، ولكن الصورة الأكثر شيوعا بين الناس ، والتي تعتبر من أشر أنواع التخبيب ، هي إفساد قلب المرأة الصالحة على زوجها بهدف التفريق بينهما لسبب ما، فالتفريق بين زوجة وزوجها من أعظم ما حرم الله ، بل هو فعل هاروت ، وماروت كما جاء في الآية الكريمة ، ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) صدق الله العظيم )( الآية 102 من سورة البقرة )
كما أنه فعل شيطان من شياطين إبليس ، فقد روي عن جابر بن عبدالله – رضي الله عنه – قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يجيء أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا َيَقُولُ َما صَنَعْتَ شَيْئا– قَال – ، ويجيء أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ – قَالَ – فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ ).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من خبب امرأة على زوجها ، أو عبدا على سيده ) وفي رواية أخرى (لعن الله من خبب امرأة على زوجها) . [1] ما هي عقوبة التخبيب شرعاً
ورد في حكم التخبيب في الشرع أن على الشخص الذي قام بتخبيب امرأة على زوجها أن يردها إلى زوجها ثم يتوب عن فعلته ، وذهب علماء الشريعة الإسلامية أيضا أنه يستحق الحبس .
عقوبة زواج الرجل من المرأة التي خببها على زوجها : والمقصود هو أن يتزوج الرجل الذي تسبب في طلاق امرأة من زوجها بعد أن خببها عليه في حين كانت زوجته ، فقد ذهب رأي الجمهور أن النكاح صحيح ، ولا شائبه فيه ، ولكن يكون الإثم هنا على الرجل ، وهو إثم التخبيب ، ولكن اختلف مذهب المالكية مع الجمهور ، فقد رأوا أن الزواج باطل لأنه قام على قواعد ، وأسس باطلة .
إثم الزوجة التي خضعت للتخبيب : وردت عقوبة المرأة المخبب لها في كتاب الله عز وجل على أنها آثمة إذا استجابت للتخبيب ، وذلك لعدة أسباب منها خيانتها لزوجها ، وسماحها لشخص أخر بالتحدث عليه بسوء ، سماحها لشخص أجنبي عنها بالتحدث معها وزرع أفكاره في رأسها ضد زوجها ، خيانته لميثاق الزواج الغليظ بينها وبين زوجها .
عقوبة صور التخبيب الأخرى : قد لا يكون التخبيب للزوجة من قبل رجل أخر فقط بل قد يكون من قبل امرأة أخرى فتقوم بقلبها على زوجها لسبب ما ، أو تخبيب الأهل ابنتهم على زوجها وتحريضها عليه وإفسادهم لزواجها، أو تخبيب الصديقة صديقتها على زوجها وتخبيبها على أهلها ، أو على شخص آخر مقرب لها ، وفي جميع الحالات يلحق المخبب إثم عظيم بفعلته هذه ، ويجب عليه التوبة سريعا. [1]
فيما يخص قضايا التخبيب فلم يهتم بها القانون في معظم البلاد الإسلامية ، والعربية عدا دولة الكويت ، فقد وضع قضية التخبيب ضمن المحرمات المؤقتة ، وفقا لما جاء في نص المادة ( 23( من قانون الأحوال الشخصية في دولة الكويت ، أنه لا يجوز للرجل الذي خبب امرأة على زوجها أن يتزوجها إلا بشرط أن تعود إلى زوجها ، أولا فيطلقها ، أو يموت عنها .
وقد أوضحت دولة الكويت سبب هذا القانون فقالت أن التفريق بين المرأة وزوجها من أشر الأفعال ، سواء كان بتخبيبها بالمال ، أو الوعد بالزواج ، أو غيرها من الأمور الخبيثة ، حتى تضطر المرأة لتركها زوجها ، والذهاب لشخص أخر ، وكان الهدف من هذا القانون هو حماية الأسرة المسلمة وصيانتها .
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام بهذا الفعل فهو من الكبائر ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل أن يخطب على خطبة أخيه ، وأن يستام على سومه فكيف بمن يقوم بتفريق ، وهدم أسرة مسلمة وتشريد أطفالهم ، وتقع في التخبيب الزوجة التي لا تحب زوجها . [2] أسباب التخبيب
أكثر ما يقع في إثم التخبيب هن النساء بسبب جلساتهن المتكررة مع بعضهن ، فقد تتحدث إحداهما عن زوجها ، وتذكر محاسنه ، وقد تفتقد أخرى لهذه المحاسن ، والصفات في زوجها فتنقلب عليه .
أو أن تعلم امرأة بحال صديقتها ومشاكلها مع زوجها فتنصحها بما يضرها ، ويفسد علاقتها مع زوجها كأن تنصحها أن تثقل كاهله باحتياجات ليس لها قيمة ، أو أن تردد على مسامعه كلمات خبيثة تؤذي زوجها .
أو قد يخبب رجل زوجة صديقة بهدف الزواج منها .
أو قد تخيب الأم الزوج على زوجته بترديد صفات سيئة بها على أذن ولدها ، أو أن تذم زوجة ابنها ، وتنعتها بالقبح ، أو سوء الخلق وغيرها من الصفات المذمومة .
وقد يخبب الرجل صديقه أيضا على زوجته ، بأن ينصحه ألا يعاملها بلطف وأن يكون حازم معها