حكاية اشعب مع الوليد
,
يحكى أن الوليد قد عكف على البطالة وحب القيان والملاهي
والشراب ومعاشقة النساء، فتعشّق سعدى بنت سعيد بن عمرو
بن عثمان بن عفان فتزوجها؛ ثم تعشق أختها سلمى فطلق
أختها سعدى وتزوج سلمى، فرجعت سعدى إلى المدينة
فتزوجت بشر ابن الوليد بن عبد الملك، ثم ندم الوليد على
فراقها وكلف بحبها، فدخل عليه أشعب المضحك، فقال له الوليد:
هل لك أن تبلغ سعدى عني رسالة ولك عشرون ألف درهم؟
قال: هاتها. فدفعها إليه، فقبضها وقال: ما رسالتك؟ قال:
إذا قدمت المدينة فاستأذن عليها وقل لها: يقول لك الوليد:
أسعدى ما إليك لنا سبيل
ولا حتى القيامة من تلاق
بلى ولعلّ دهرا أن يؤاتي
بموت من حليلك أو فراق
فأتاها أشعب فاستأذن عليها، فقالت له: ما بدا لك في
زيارتنا يا أشعب؟ قال: يا سيدتي، أرسلني إليك
الوليد برسالة. قالت: هاتها.
فأنشدها البيتين، فقالت لجواريها: خذن هذا الخبيث
وقالت: ما جرّأك على مثل هذه الرسالة؟ قال:
إنها بعشرين ألفا معجلة مقبوضة! قالت والله لأجلدنك
أو لتبلغنّه عني كما أبلغتني عنه. قال: فاجعلي لي جعلا
قالت: بساطي هذا. قال: فقومي عنه. فقامت عنه
وطوى البساط وضمه، ثم قال: هاتي رسالتك.
فقالت له: قل له:
أتبكي على سعدى وأنت تركتها
فقد ذهبت سعدى، فما أنت صانع
فلما بلّغه الرسالة كظم الغيظ على أشعب، وقال:
اختر إحدى ثلاث خصال، ولا بد لك من إحداها:
إما أن أقتلك، وإما أن أطرحك للسباع فتأكلك
وإما أن ألقيك من هذا القصر! فقال أشعب
يا سيدي، ما كنت لتعذب عينين نظرتا إلى
سعدى ! فضحك وخلى سبيله .