"أن اختلاف أرائنا لا ينشأ من أن البعض أعقل من الأخر، وإنما ينشأ من أننا نوجه أفكارنا في طرق مختلفة ، ولا ينظر كل منا فيما ينظر فيه الأخر، ولأنه لا يكفي أن يكون للمرء عقل ، بل المهم هو أن يحسن أستخدامة" لـ ديكارت.....
يلقي تجار الآلام ودعاة الفناء في روع البشر في" شرقنا العربي الساحر" بأن التفكير في مجملة إلحاد وأن طبيعة البشر واصلها وان النجاة وطودها والجنة ومسلكها في الإتباع المطلق والتسليم والاستسلام. ولكن هل التفكير قضية نقاش أم أنها قضية حتمية وواجبة الممارسة من البشر بوصفهم كائنات عليا مفكرة ناقدة ذلك الوصف الذي يعصمهم من النزول إلي قائمة الأجناس الأدنى. التفكير هو ماهية الإنسان ووجوده كما يرى ديكارت وإلغاء العقل وقوته المفكرة يعني إلغاء الوجود البشري المتعين. لكن ما هي الإشكالية التي دفعت دوما ولا زالت تدفع بالعقل الفقهي - المسيطر على كل الاتجاهات والتيارات الإسلامية المتواجدة في الساحة بدون إقامة استثناء - بكبح عنان الفكر والتفكير وتدجين البشر في دوائر من القدسيات الامتناهيه.
أن صعوبة قيام الحجج العقلية والبراهين المنطقية لمساندة الحقائق والثوابت الدينية هو مرد الخوف والرهبة. فدين في التصور الغالب ما هو إلا أيمان وأتباع, تسليم كلي وطاعة عمياء, نقل وتقديس. حقائقه بالمجمل حقائق مفترضة في عوالم الميتافيزيقيا والكوائن الماورائية . بينما العقل يعتمد كليا على الحجة العقلية والبرهان المنطقي كمنهج. وهنا يتبادر السؤال والجدلية القديمة الحديثة متمثلة في علاقة العقل والدين المتنافرة وهل هي متنافرة بشكل مطلق لا يرى تصور للتقارب بينهما ؟! أم أن ثمة قدرة على ذلك؟! أن الأزمة هي أزمة قديمة تصدى لها الغرب بشكل كبير ومنقطع النظير في الشجاعة أخرجهم من ربق المؤسسات الدينية التي ظللت البشر لقرون طويلة . والتي لا زلنا نعيش في ظلها مصادرين العقول نساق بطريقة لا تليق بنا كبشر. هل طريقنا لخوض غمار الحرية وتأسيس مجتمعنا الحر يمكن بأي حال من الأحوال أن يمرر بعقول معطلة عن التفكير وبتالي خارج دائرة الوجود الحقيقي ؟! ألا نحتاج لمواجه الكثير من القضايا قبل القفز لتأسيس تلك الحرية الساحرة. من هذا المدخل نلج إلي هذه المحاولة في الوقوف على خطورة إفرازات مثل هذه الإشكالية على الإنسان وإنسانيته وتقويضها لكل بأرقة أمل لتحيل كل حلم إلي إحباط جارح , وكأنه قدر لنا أن نبقى متأرجحين مترنحين في مجمع من الأضداد ساهم في تكريسها وللأسف من عولنا عليهم يوما لتخليصنا من بؤسنا وشقائنا. من الصعوبة بمكان القول بتفنيد المشكلة في مقال متواضع ولكنها تبقى محاولة لقدح زناد التفكير حولها.
للنطلق من رؤية الدين للعقل وحثه الغير منقطع لوضع العقل موضع الحكم في كافة الأمور. هناك رؤية توفيقية أقامها الفيلسوف الأندلسي أبن رشد في كتابة فصل المقال . فنجد أن المرجعية لدى أبن رشد كانت مرجعية مزدوجة : العقل والنص الديني ولأنه كان هناك العديد من الثغرات الواضحة في مسألة التوافق بين المرجعيتين قام الفيلسوف أبن رشد بمباحثه. المبحث دار على أنه إذا توصل العقل إلي نتائج معينة تتعارض مع الدين أو النص الديني وجب تأويل النص حتى لا يتعارض معناه ( الباطن ) أو المؤول مع العقل منطلقا من قاعدة أساسية ألا وهي أن هذا التعارض غير جائز من أساسة أي انه تعارض وهمي ويقول أبن رشد نصا " إننا معشر المسلمين نعلم على القطع أنه لا يؤدي النظر البرهاني ( العقل ) إلي مخالفة ما ورد به الشرع فإن الحق لا يضاد الحق بل يوافقة ويشهد له" ( أبن رشد ، كتاب فصل المقال ) . لقد ذهب أبن رشد إلي القول بأن ممارسة التفكير وممارسة فعل العقل هو واجب شرعا وليس فقط من باب المباح, في حين أننا نجد اليوم من يخرجك من عرى الدين في اللحظة التي تبدأ فيها التفكير وترفض لعقلك السجن في حدودهم الوهمية التي أسبغوا عليها رداء الدين والدين منها براء. ونجد أن الداعي علي بن الوليد قد أكد على أن كل ما ورد في الشرع يتطابق مع العقل كليا وذهب إلي أن التحكيم العقلي لدين هو وسبيل تأصيل الدين في نفوس البشر " أن الحكمة والفلسفة العقلية هي والحكمة الشرعية سواء، لأن الله سبحانه خلق في عبادة حكماء عقلاء ومحال أن يشرع لهم شرعا غير محكوم وغير معقول " الداعي المطلق علي بن الوليد ، تاج العقائد ، ص 101. وهنا تنتفي هالات التقديس التي ترى اليوم ومحاولات توهين العقول وطبعها بالانبهار والوقوف عند ذلك الانبهار الذي لا يقيم حجة عقلية يكون بها الإيمان ليس في مكانه المراد له أصلا.
العقل يقوم على مقومات رئيسية، وهي ظرف الزمان، وظرف المكان و قاعدة السببية Causation . بدون هذه المقومات الثلاث يقف العقل البشري بعجز. فلا أمكانية للعقل للإلمام بأي معرفة أو موضوع في معزل عنها كما يؤسس لذلك أمانويل كانط في كتابة نقد العقل المحض. وهنا تكمن المشكلة في أن العقل يجد صعوبة في الفكاك والحركة من دون الأطر المادية مما يصدم العقل بحاجز العجز في محاولة فهم الأمور الميتافيزيقية وبتالي نجد أنه أما ينكر إنكارا كليا تلك الأمور مثل وجود لله سبحانه وتعالى أو مسألة البعث وخلود النفس أو أنه يلجأ إلي التأويل للنصوص الدينية للوصول إلي مكان مستقر أيمانيا. وهنا حق لي السؤال لماذا الخوف من أعمال العقل لماذا اللجوء إلي توهين العقل والخوف من النقد وهما دليل التطور والديمومة؟!!
أن الكلام عن تلك الجدلية الموغلة القدم كان هادفا لتبيان أن العقل ذا أهمية بالغة ونفيه وتعطيله بأي حجة كانت هو نفي لوجود الإنسان هو زج للبشر في عالم الاوجود وهو قطعا لم ولن يكون مقصدا من مقاصد الدين الإسلامي. كانت للبعد عن قتل العقول بالتقديس الغير مبرر للكثير من الشخوص، كثير من الأماكن، وجل التاريخ الذي نقدسه أكثر من تقديسنا لإنسانيتنا. أن الخطاب هنا موجة لفئة الدينين وليس المتدينين والفرق فادح بين المفهومين. فالديني شخص متعصب لما هو علية رافض منكر لغيرة دوغمائي الخطاب والتعامل يقبل بكل ما هو علية دون تفكير ، يقصي العقل والتفكير ويعطل النقد والمنطق يهتم دوما بشكليات ويهمل الجوهر. أما المتدينين فهم من يخلصون لمبادئهم بدون مواربة ولا نفاق من يعطون للعقل حقه كما أراد له الرب سبحانه أن يكون.
رحيل /سمو /معاذير غربة خلود حكاية عشق و عين هيبة شموع
أما عن كفة الأصحاب ، أنا حظي عظيم
محاطة باصدقاء* مثل النور
ياربّ لا تجعلني أرى فيهم حزناً ولا همَّاً ولا تعباً ،
واجعلني أرى فيهم فرحاً و سروراً
[/LEFT]
موضوع في غاية الروووعة قدمتها للمنتدى
راااقت لي روعة اختيارك
سلمت يمين الناقل على روووعة الاختيار
شكرا لك على ماقدمت
والله يعطيك العافيه على المجهود
كنت هنا ///غـــــــــــزلان