"
علم
الزوائد والفرق بينه وبين المستخرجات
السؤال: ما المقصود بالزوائد في علم الحديث؟ وما أهم كتبه؟ وما فائدة هذا العلم؟ وما الفرق
بينه وبين المستخرجات؟
الإجابة: علم
الزوائد الذي صُنفت فيه الكتب فنٌّ طرقه أهل الحديث كثيرًا ويسروا فيه المصنفات الحديثية، فيعمد أحدهم إلى كتاب كـ(البخاري) فيجعله أصلًا ثم يأتي إلى (صحيح مسلم) فيستخرج زوائد (صحيح مسلم) على ما في (البخاري) ويترك ما خرجه البخاري من أحاديث مسلم، فيصفو القدر الزائد من (صحيح مسلم) على (صحيح البخاري) بما يقرب من نصف حجمه، ثم بعد ذلك يأتي إلى (سنن أبي داود) فيفرد زوائده على (الصحيحين) وتكون بقدر الثلث مثلاً، ثم يأتي إلى (سنن الترمذي) فيستخرج زوائده على (الصحيحين) و(سنن أبي داود) بقدر الربع مثلاً أو الثلث بحسب كثرة هذه الزوائد، وهكذا إلى أن يأتي إلى ما بعد الكتب الستة من (المسند) و(الموطأ) و(الدارمي) و(البيهقي) وغيرها من الكتب.
والفائدة من هذه الكتب أنها تختصر على طالب العلم الأعداد الهائلة من المكررات في كتب السنة، فهناك أعداد كبيرة مكررة في كتب السنة، فالكتب الستة بتكرارها تبلغ عشرات الآلاف، ففي (البخاري) سبعة آلاف، و(مسلم) كذلك أو أكثر، و(أبي داود) خمسة آلاف، و(الترمذي) كذلك أو يقل قليلاً، و(النسائي) فإذا اعتبرنا الكتب الصحيحة خمسة عشر ألف حديث والسنن مثلها، فهذه ثلاثين ألف حديث، يمكن اختصارها بدون تكرار في عشرة آلاف كما هو واقع (جامع الأصول).
فالزوائد تكون بدون تكرار، فيؤخذ زوائد (مسلم) على (البخاري)، ويكون (البخاري) هو الأصل، فتدخل زوائد (مسلم) عليه فلا يُتعرض لشيء مما خرجه البخاري ووافقه عليه مسلم، ثم بعد ذلك يؤتى إلى زوائد (أبي داود) على (الصحيحين) ثم زوائد (الترمذي) على الثلاثة، ثم زوائد (النسائي) على الأربعة، ثم زوائد (ابن ماجه) على الخمسة، ثم زوائد (الموطأ)، ثم (المسند)، ثم (الدارمي) وهكذا، ففائدتها تقليل الكم من الأحاديث المكررة في الكتب الستة وغيرها، وأيضًا ينتقل من الستة إلى ما عداها.
ومن أهل العلم من جمع الكتب الستة كابن الأثير وغيره في (جامع الأصول)، ورزين العبدري في (تجريد الأصول)، وحذا حذوهم من جاء بعدهم، ثم أخذوا زوائد الكتب كـ(مسند الإمام أحمد)، و(معاجم الطبراني)، و(البزار) وغيرها من الكتب، كما صنع الحافظ الهيثمي في (مجمع
الزوائد ومنبع الفوائد)، فاجتمعت هذه الكتب في (جامع الأصول) و(مجمع الزوائد)، ثم جاء من جمع بين الكتابين لكنه لم يستوعب جميع ما في الكتابين فسمى كتابه (جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد)، ففيه خلاصة أربعة عشر كتابًا، لكنه لم يستوعب خلافًا لما يظنه بعض طلاب العلم من أنه استوعب ما في هذه الكتب، لا، هو قال: (من جامع الأصول) و(من) تبعيضية، فجمع ما يحتاج إليه من (جامع الأصول) و(مجمع الزوائد)، وهو كتاب صغير في حجمه طُبع قديمًا بالهند في مجلد واحد، لكن هو لا يغني عن هذه الأصول.
هذه فائدة
الزوائد أنها تخفف الحمل على طالب العلم وتخفف الكم، وأما العالم الذي يؤهل نفسه أن يكون عالم أمة في علم الحديث فإنه لن يستغني عن الأصول بحال من الأحوال، بأسانيدها بتكرارها بفوائدها بتراجمها بجميع ما اشتملت عليه.
وأما
المستخرجات فهي أن يعمد عالم يروي الحديث بأسانيده إلى كتاب أصل من أصول كتب السنة كـ(البخاري) مثلاً، ويخرج أحاديث (صحيح البخاري) بأسانيده هو لا من طريق صاحب الكتاب الذي هو البخاري، فيخرج الأحاديث التي خرجها البخاري في (صحيحه) لا من طريق الإمام البخاري، بأسانيد المستخرِج نفسه، وقد يضيق عليه الأمر فيضطر إما أن يعلق الحديث بدون إسناد، أو يخرجه من طريق الإمام، أو يحذفه، المقصود أن شرطه الأصلي ألّا يمر عن طريق صاحب الكتاب الأصلي، فيخرج أحاديث الكتاب بأسانيده هو. وهناك مستخرجات على (الصحيحين) وعلى غيرهما، ولذا يقول الحافظ العراقي:
واستخرجوا على الصحيح كأبي عوانة ونحوه واجتنـــــــــبِ
عزوَك ألفاظَ المتـــــــون لهـــما إذ خالفت لفظًا ومعنى ربـما
لأن المستخرِج لا يتقيد بألفاظ الصحيح؛ لأنه يروي الحديث من طريقه بإسناده هو، وقد يكون هناك اختلاف بين الرواة في ألفاظ الحديث فتختلف عما جاء عن رواة (الصحيح).
هذه الألفاظ قد يكون فيها زيادة، يقول الحافظ العراقي:
وما تزيد فاحكمن بصحته فهي مع العلو من فائدته
يعني يستفاد من هذه
المستخرجات الزيادة في جمل ترد في هذه الأحاديث التي رويت من غير طريق صاحب الكتاب الأصلي، فهي جمل زائدة لا توجد في الكتاب الأصل، وفي
المستخرجات أيضًا فوائد إسنادية، فقد يكون الحديث مرويًا بصيغة العنعنة مثلاً عن طريق مُدلِّس في الكتاب الأصلي، ثم يُصرَّح بالتحديث أو السماع في المستخرج، وهذه فائدة عظمى نأمن بها من تدليس هذا المدلِّس، لكن بعض العلماء ينسب إلى (البخاري) أو (مسلم) وقد اعتمد على هذه
المستخرجات ولذا يقول العراقي:
والأصل يعني البيهقي ومن عزا وليت إذ زاد الحميدي ميّزا
وأيضًا (جامع الأصول) يعتمد على المستخرجات، وكذلك (الجمع بين الصحيحين) للحميدي يعتمد على المستخرجات، فلا تنسب إلى (البخاري) أو (مسلم) إلا بعد أن تتأكد من أن هذا اللفظ موجود في (الصحيحين) أو في أحدهما مما يراد نسبته