02-19-2017, 11:36 PM
|
|
|
|
لا تحمل تلك القشه ،،
لا تحمل تلك القشة
في معترك الحياة الدنيا، وفي غَيَابات الغيظ والانتقام قد نتصادم في نقاش، أو نتشاحن في حوار، وقد تضيق بنا السبلُ فنتنافر، أو يشتد علينا خناقُ الحياة فنتعارك، ولكن تظلُّ آيات القرآن هي الآخيَّةَ الثابتة التي نشدُّ إليها، والحبل المتين الذي ينفرط عقدُنا لو أفلتناه من أيدينا، فما من حادثةٍ تعنُّ لنا ونئن منها إلا ولها في كتاب الله حلٌّ يزيل عنا الهمومَ، ولو لجأنا إليه لانشرحت صدورنا انشراحًا، وتباهت على الآفاق اتِّساعًا، فما لنا نعرضُ عما فيه سعادتنا، ونتشبَّث بما فيه هلكتنا؟ وما بالنا نزهد في الدواء، ونركض خلف الداء والبلاء؟
ولو نظرنا في صفحة الحياة، وتفحَّصنا منها السطور، لوجدنا أن من أكثر ما يعاني الناس ويشكون ويألمون... هم الناس! وتحتار وتتعجَّب مَن منهم الشاكي وأيهم المشكو؟ ومَن الجاني منهم وأيهم المجني عليه؟ ومهما تحرَّيت وبحثت ودقَّقت، ستخرج بخلاصة: أن الكل يشكو، والكل مشكو!
والعجب أن تجد الزوج يشكو من زوجه وهو عين شكواها! وترى الابن يشكو من أبويه وهو أسُّ بلواهم، الكل متبرِّم ضَجِر، بل ترانا نشكو من الزمان ونحن الرزايا، ونشكو من البلدة وبنا مُنع القَطْرُ عنها وأفقرناها!
ومع هذا الضغط الدائم نُصابُ بضيق الصدرِ فلا نحتمل حتى المألوفات، ونتبرَّم من الناس من أقل الهفوات، كل ما حولنا صار قشَّةَ البعير القاصمة!
فقد يخطأ أحدنا خطأً هيِّنًا مما لا يخلو عنه البشر، فلا يجد من أخيه عفوًا، بل يجد في الكثير من الأحيان في وجهه بركانًا يثور على غير موعد، وقد يكون من أقرب الناس لديه مع أنهم أحقُّ الناس برحمته وعفوه وتلطُّفه، فكيف يكون حاله مع الغريب، بل مع النقيض، إذا كان هذا حاله مع القريب والحبيب؟ وهذه الحال تدلُّنا على اتِّساع البَوْن، وانفراج الزاوية بيننا وبين مصدر النور "الوحي"، ألم يَثُرْ خلاف بين الأنبياء؟ كيف كان الحال بين موسى الكليم وهارون الحليم عليهما السلام في ثورة غضب عارمة من موسى عليه السلام، ألقى فيها الألواح ﴿ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ﴾ [الأعراف: 150]؟ وهو الأخ الكبير والفصيح والشريك والعضد، أَيجرُّ من رأسه ولحيته؟! لكنه ينادي موسى عليه السلام وهو يجرُّه من رأسه ولحيته قائلًا بهذا النداء الحاني الساحر الآسر: ﴿ ابْنَ أُمَّ ﴾ [الأعراف: 150] بكل سهولة ويُسر يذكِّره بالرابطة الرقيقة في عمق الأزمة، ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 150].
لم تأخذ هارونَ المآخذُ: أنا الكبير، وكم عانيت من بني إسرائيل! وكم تحملت منهم في غيابك! ولكن ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ ﴾ [الأعراف: 150]، فسرعان ما زالت ثورة موسى عليه السلام، واستحالت رقَّة على أخيه، وتوجَّه إلى اللطيف الودود قائلًا: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151] وانتهت القضية، ترى لو وقع قريبٌ منه مع أحدنا، فكيف يتصرف؟
أين نحن من هذا الدواءِ؟ أنترُكُه - يا ويحنا! - ونؤْثر عليه الداء، والغضب والشحناء، والشكوى والعناء؟
ولو تصفحنا مزيدًا من الآيات في كتاب الله، لوجدنا قصة يوسف أحسنَ ما يُقص كما وصفها الله، ويا له من وصفٍ!
بعدما حدث ليوسف من إخوته من الكيد وظلمة البئر، والبيع وبخس السعر، وما كابده من رقٍّ وغربة، ومؤامرة النساء، وعسر الفتنة، وآلام القذف في العِرض رغم غايته في النقاء والطهر، ثم السجن، وعنائه، وأخلاق قرنائه، وبعد تطاوُل الزمان وتغيُّر المكان - عاد الإخوة بعدما رُفعت مكانتُه، وأُعلنت براءته، واعتلى العرش، وجاوَرَ الملك، وحاز البراءة، عاد الإخوة من جديد، فلم يعرفوه، وهذه جناية وجرح جديد؛ فلو كانوا ندموا على ما اقترفوا لَعرَفوا يوسفَ، وشمُّوه، ولكنهم عادوا إليه بعد إحسانه إليهم، ونكؤوا جرحه القديم، وأعملوا فيه ألسنةً من حديد، فقالوا وأشركوا معه أخاه: ﴿ قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 77]، تهمة جديدة، وألمٌ جديد، وقلوب لم يؤثِّر فيها الذنب القديم ولا البعد، ألم يئنُّوا من الذنب الكبير؟ ألم يحنوا للأخ رغم الزمن الطويل؟!
ولكنه صاحب قلب كبير رغم ما حدث، قال لهم بعد حين: ﴿ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92].
والعجيب تشابه الدعاء في حال موسى عليه السلام وحال يوسف عليه السلام؛ طلب المغفرة والرحمة له ولإخوته؛ فلتكن لنا شعارًا يخفف وطأة الضغوط، وانفلات الأعصاب، وثورات الغضب: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأعراف: 151]، وليكن دواء الصدور من آلام الآخرين إذا أتوا معتذرين: ﴿ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92]؛ لتبقى الأخوَّة، وتبقى المشاعر، ولا نصل إلى لحظة نحمل فيها القشَّة التي تقصم ظهر البعير.
والله تعالى اعلم
gh jplg jg; hgrai KK hgrwi jplg
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ ندووش على المشاركة المفيدة:
|
|
02-20-2017, 01:31 AM
|
#2
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
سلمت اناملك الذهبيه على الانتقاااء الجميل منك
وبأنتظار جديدك القادم
لروحك أكاليل الــــــورد لا تــــذبل
لاعدمناك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 02:08 AM
|
#3
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جزاااك الله عناا كل خير
جعل لك على عدد ما بهذه الصحيفة من حروف
روحانية بميزان حسنااتك
سلمت الاياااادي وسلم جلبك العطر
لك الشكر الجزيل
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 02:08 AM
|
#4
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جزاااك الله عناا كل خير
جعل لك على عدد ما بهذه الصحيفة من حروف
روحانية بميزان حسنااتك
سلمت الاياااادي وسلم جلبك العطر
لك الشكر الجزيل
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 05:23 AM
|
#5
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جَزَاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَشُكْرَا لَطـــرَحُك الْهَادَف وَإِخْتِيارِك الْقَيِّم
رِزْقِك الْمَوْلَى الْجِنـــــــــــــة وَنَعِيْمَهَا
وَجَعَلـ مَا كُتِب فِي مَوَازِيّن حَســــنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِي الْدُنَيــا
وَالْآخــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَطـــاء
الْلَّه يُعْطِيـــــك الْعــافِيَّة
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 08:32 AM
|
#6
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جزاك الله كل خير
وكتب اجرك ورفع قدرك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 09:07 AM
|
#7
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جزاكـ الله خير الجزاء يالغلا
وجعل ماكتبتِ لنا هنافي ميزان حسناتكـ
وعسى الفردوس مثواكـ ونهر الكوثر مشربكـ
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 09:52 AM
|
#8
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جزاك الله خيرا
جعله في ميزان حسناتك
على طرحك القيم والمفيد
انتظر جديدك بكل الشوق
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 10:37 AM
|
#9
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جزآك الله جنه عرضهآ السموآت والآض
وبآرك الله فيك على الطرح القيم
ويجعل الفردوس مقرك بعد عمر مديد
دمت بـ طآعة الله
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
02-20-2017, 01:33 PM
|
#10
|
رد: لا تحمل تلك القشه ،،
جَزآك آلمولٍى خٍيُرٍ " .. آلجزآء .. "
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ
" آلتًقُوِىَ " وً " آلغفرآنَ "
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله .~
وً عٍمرً آلله قًلٍبًك بآلآيمٍآنَ .~
علًىَ طرٍحًك آلًمَحِمًلٍ بنًفُحآتٍ إيمآنٍيهً .!
للهَ درِك
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 06:43 PM
| | | | | | | | | |