.
كيف خبر
النبي فاطمة بدنو أجله حتى لا
تفجع على هذه
المصيبة ؟
وقد أدرك عليه الصلاة والسلام أنه على وشك مغادرة الدنيا، لذلك راح يمهد للسيدة
فاطمة بإخبارها, بأن
أجله قد اقترب، لئلا تتفاجأ بالمصاب الذي لا تحتمله، أراد أن يبلغها .
وبالمناسبة: لكرامة المؤمن عند الله, يشعره
بدنو أجله،
النبي عليه الصلاة والسلام لما نزل قوله تعالى:
﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾
[سورة النصر الآية: 1-3]
هذه السورة فيها نعي
النبي عليه الصلاة والسلام، كيف لا؟ وقد قال الله عز وجل:
﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾
[سورة الزمر الآية: 30]
أي أنك لا بد أن تموت، هذه سنة الله في كل خلقه، والآية الثانية:
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾
[سورة آل عمران الآية: 144]
فمن شدة محبة الصحابة الكرام للنبي عليه الصلاة والسلام، ومن شدة تعلُّق السيدة
فاطمة بأبيها، هذه الآيات تقرؤها، ولكن لم يخطر على بالها, أنه سيموت، لذلك خشي
النبي عليه الصلاة والسلام وقع المصاب الأليم على نفسها، فأخذ ييسر لها ببعض الشيء عن رحيله من هذه الدنيا إلى عالم الآخرة، وأن ذلك قدر الله عز وجل, قال تعالى:
﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾
[سورة فاطر الآية: 43]
الحقيقة: حينما ألمت وعكةٌ شديدةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم في ليالٍ بقينَ من صفر في السنة الحادية عشرة للهجرة، ظن آل بيته والمسلمون, أنها وعكةٌ طارئة، لا تلبث أن تزول، دون أن يفكر أحدٌ أنه مرض الموت، وبقي
النبي عليه الصلاة والسلام أسير مرضه لا يغادر فراشه، وكان المسلمون يعودونه في مرضه، وقلوبهم متعلقةٌ به، تأمُل له من الله تعالى الشفاء العاجل، وكان جميع أهله لا يتركونه، وهم في أشد لهجةٍ بالدعاء إلى الله عز وجل، أن يشفي رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما فاطمة، وعلي، والحسن، والحسين، وأخواتهما زينب، وأم كلثوم، وكل زوجاته الكريمات, أخذن يسألن الله عز وجل أن يعافي نبيه صلى الله عليه وسلم.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
((كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً, فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ, تَمْشِي مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا, -أشبه إنسان برسول الله فاطمة، ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله، قد يسأل أحدكم: ما تخطئ مِشيتها مِشية, لمَ مِشية بالكسر؟ نحن عندنا مصدر الهيئة, والمصدر مرة، مصدر الهيئة مكسور الميم، مصدر المرة مفتوح- فَلَمَّا رَآهَا, رَحَّبَ بِهَا, فَقَالَ: مَرْحَبًا بِابْنَتِي, ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ, ثُمَّ سَارَّهَا, همس في أذنها, فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا, فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا, سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ, فَقُلْتُ لَهَا: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ, ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ, فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ أُفْشِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ, قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قُلْتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنْ الْحَقِّ لَمَا حَدَّثْتِنِي مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَتْ: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ, أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى, فَأَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ - أي يتلو أمامه القرآن مرة - وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الْآنَ مَرَّتَيْنِ, وَإِنِّي لَا أُرَى الْأَجَلَ إِلَّا قَدْ اقْتَرَبَ - استنبط
النبي عليه الصلاة والسلام أن جبريل لما عارض, أي تلا القرآن على
النبي مرتين, أنها السنة الأخيرة في حياته- فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي, فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ, قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ, فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي, سَارَّنِي الثَّانِيَةَ, فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ, أَمَا تَرْضَيْ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ, أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ, قَالَتْ: فَضَحِكْتُ ضَحِكِي الَّذِي رَأَيْتِ))
[أخرجهما البخاري ومسلم واللفظ له في صحيحهما]
هكذا عالج
النبي عليه الصلاة والسلام وقع
المصيبة على ابنته
فاطمة قبل حصولها، رأفة منه عليها ورحمة .
كتعليق: أي إنسان تخبره أنك سوف تموت بعدي سريعاً يضحك؟! مستحيل، لماذا ضحكت؟ لثقتها بما عند الله من إكرامٍ لها، الإنسان حينما ينقل اهتماماته إلى الدار الآخرة تسعده الدنيا، حينما ينقل اهتماماته إلى الدار الآخرة، حينما يقدم الأعمال الصالحة تلو الأعمال, أسعد شيءٍ له أن يلقى الله عز وجل، لذلك المقياس دقيق، ربنا عز وجل خاطب اليهود:
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾
[سورة الجمعة الآية: 6-7]
المؤمن حينما يكون عمله صالحاً, يتمنى لقاء الله، وحينما يكره لقاء الله, يكون عمله سيئاً, قال تعالى:
﴿وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾
[سورة الجمعة الآية: 7]
صار مقياس، الإنسان المستقيم الذي له أعمال صالحة، دخله حلال، إنفاقه حلال، بيته إسلامي, لا توجد عنده مشكلة، لذلك يدعو الله عز وجل أن يكون من أهل الجنة .
في أي بيت تمرض
النبي من بيوت زوجاته في اللحظة الأخيرة من عمره, وهل كانت تزوره فاطمة, وماذا تصنع؟
ولقد بقيت فاطمة, ترقب أباها على تخوِّفٍ، حتى إذا رأته بعد أيامٍ قد تحامل على نفسه, يدور على نسائه أمهات المؤمنين كسابق عهده، راودها الأمل بشفائه .
بالمناسبة: كل داء له دواء, وهذا الحديث يعطي الإنسان أمل كبير:
((لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ))
[أخرجه مسلم عن جَابِر في الصحيح]
المريض يتفاءل، والطبيب يشعر أنه مقصر إن لم يبحث عن الدواء، فحافز للطبيب أن أي مرض له دواء، وطمأنينة للمريض لا تقلق, إلا مرض الموت، مرض الموت ليس له حل، فإذا كان الله عز وجل كتب للإنسان أنه سيموت، وطبعاً سيكون هذا الموت, بسبب مرض من الأمراض، هذا المرض يتم إلى أن ينتهي بالموت، فالإنسان يحضِّر حاله؛ في أمراض تميل نحو الشفاء، في أمراض تميل نحو التفاقم, إذاً: هو مرض الموت .
راودها الأمل بشفائه، ولكنه لم يصل إلى بيت ميمونة أم المؤمنين, حتى اشتد عليه وجعه ، فأقام عندها وقتاً، ثم دعا زوجاته, يطلب إليهن ويستأذنهن في أن يمرض في بيت أم المؤمنين عائشة، فيبادرن إلى امتثال أمره, وكانت كل واحدةٍ تأمل أن يكون مرضه في بيتها، تشريفاً لها .
وكانت
فاطمة كثيراً ما تتردد على بيت عائشة، تقوم إلى جانب أبيها الذي أثقله المرض، تخدمه، وتسهر عليه مع عائشة، تشكو بثها وحزنها إلى الله تعالى، وتتجمل بالصبر على قضاء الله تعالى وقدره، ولسانها يلهج إلى الله سبحانه بالدعاء, أن يخفف عن رسوله آلام وجعه .
هل فهم أبو بكر مقولة رسول الله: ( إن عبداً من عباد الله....), وبماذا أمر
النبي الناس, وهل استغفر لأهل البقيع ؟
وفي فترات سكون الألم, كان عليه الصلاة والسلام, يخرج إلى المسجد, فيصلي بالناس، وفي يوم الجمعة, خرج عاصباً رأسه, حتى جلس على المنبر، ثم كان أول ما تكلم به, أنه صلى على أصحاب أحد, أي دعا لهم, واستغفر لهم، وأكثر من الصلاة عليهم, ثم قال:
((إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ, قَدْ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ, فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ .
فهم الصديق أنه يعني نفسه, فبكى, وقال: يا رسول الله, بل نفديك بأرواحنا, وأولادنا وأنفسنا, فقال عليه الصلاة والسلام: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ))
[أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما]
بالمناسبة: أيها الأخوة, في للنبي قول:
((وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ))
[أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري في الصحيح]
قال:
((ما ساءني قط فاعرفوا له ذلك))
لذلك من هو الحبيب؟ هو الله، إذا أحبك الله, ألقى حبك في قلوب الخلق، إذا أحبك الله خدمك أعداؤك، وإذا لم يحبك الله, تخلى عنك أحبابك، فأيُّما إنسان أكرمه الناس، واحترموه، وأحبوه, فهذه محبة الله، وإذا أهانوه، وقسوا عليه, فهذا تأديب الله عز وجل، الأصل هو الله، إذا أحبك الله, أحبك الخلق، وإذا أبغضك الله, أبغضك الخلق، ألقى بغضك في قلوب الخلق، والطريق إلى الله سالك، والقُرب منه سهل، ولا شيء تتقرب به إلى الله كطاعته، وطاعته معروفة؛ طاعته غير تعجيزية، هناك أشخاص يضعون لك شروطًا تعجيزية، طاعته سهلة, قال تعالى:
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا﴾
[سورة البقرة الآية: 286]
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾
[سورة الحجرات الآية: 13]
((يا سعد, لا يغرنك أنك خال رسول الله, فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة, إلا طاعتهم له))
الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق, يكفي أن تستقيم على أمره يحبك، فإذا أحبك أحبك الخلق .
ثم قال عليه الصلاة والسلام:
((سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ, الشَّوَارِعَ إِلَى الْمَسْجِدِ, إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ, فَإِنِّي لا أَعْلَمُ امْرَأً أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصُّحْبَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ))
.
أترى لهذا التقدير؟ أحياناً الإنسان تخدمه، وتخدمه، وتجده ساكتًا، تكلم بكلمة، شجع الذي يخدمك، بين مكانته، اشكره، قدِّرْ معروفَه،
((وكانت تعظم عنده النعمة مهما دقت))
رأى أحدهم قشة على ثوب
النبي صلى الله عليه وسلم فأخذها، رفع
النبي يديه, قال له:
((أكرمك الله))
وهي قشة، هناك شخص يتلقى خدمات، خدمات، عناية, ثم أمره كما قال ذاك الشاعر:
أعلمه الرماية كل يـومٍ فلما اشتد ساعده رماني
و كم علمته نظم القوافي فلما قال قافيةً هـجاني
الفرق كبير جداً بين إنسان يقدِّر المعروف، يقدِّر الإحسان، يقدِّر الإكرام، وبين إنسان لا يقدِّر:
((لا أَعْلَمُ امْرَأً أَفْضَلَ عِنْدِي يَدًا فِي الصُّحْبَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ))
((ما ساءني قط))
((ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر))
كما خرج صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد قبل اشتداد وجعه, يدعو لهم, ويستغفر لهم.
فقد روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ, فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ, إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ, فَانْطَلِقْ مَعِي, فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ, فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ, قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِر,ِ لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ, لَوْ تَعْلَمُونَ مَا نَجَّاكُمْ اللَّهُ مِنْهُ, أَقْبَلَتْ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ, يَتْبَعُ أَوَّلُهَا آخِرَهَا, الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنْ الْأُولَى, قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ, فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ, إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا, وَالْخُلْدَ فِيهَا, ثُمَّ الْجَنَّةَ, وَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَالْجَنَّةِ, قَالَ, قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي, فَخُذْ مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا, وَالْخُلْدَ فِيهَا, ثُمَّ الْجَنَّةَ, قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ, لَقَدْ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَالْجَنَّةَ, ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ, ثُمَّ انْصَرَفَ, فَبُدِئَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي قَضَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ حِينَ أَصْبَحَ))
[أخرجه أحمد في مسنده]
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ, أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ:
((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ, فَقَالَ: مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ, قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ, وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ, وَالْبِلَادُ, وَالشَّجَرُ, وَالدَّوَابُّ))
[أخرجه البخاري في الصحيح]