أكدت دراسة علمية حديثة بجامعة أم القرى، أن الحج لم ينقطع مرة واحدة طوال التاريخ الإسلامي، مفندة بذلك ما يتردد عن انقطاع الحج مرات عدة بسبب الحروب أو الأوبئة.
وذكرت الدراسة التي أجراها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، أنه بعد استقراء أكثر من 40 مرجعًا ومصدرًا علميًا تتبعت التاريخ الإسلامي كاملًا؛ فإنه يتبين أن الحج لم يتوقف أو ينقطع بالكُلية، وأن غاية ما حصل إما توقف جزئي من بعض البلدان، وإما أوبئة وعوارض صحية أو أمنية حصلت لبعض الحجاج منعتهم من أداء الفريضة، بينما قام بالحج غيرهم.
وأوضحت الدراسة العلمية، التي أجراها وكيل معهد أبحاث الحج والعمرة للتطوير وريادة الأعمال، الدكتور أيمن بن سالم السفري، أن الحج من الشعائر المشتركة بين الرسالات، وأنه تقرر لدى أئمة الفقهاء من أن إحياء البيت الحرام، بالحج إليه كل عام، فرضٌ على الأمة على الكفاية، ولا بد في كل عام من وجود عدد من المسلمين تحصل بهم الكفاية يؤدون مناسك الحج.
وأثبتت الدراسة أن المؤرخين بينوا ما وصل إليهم من أخبار الحوادث التي تعرض لها الحجاج بمكة المكرمة والطريق إليها عبر التاريخ، وذكروا تفاصيل ما حصل في مواسم الحج من غلاء ورخص، وريّ وعطش ورخاء، ووباء وموت، ومطر وسيول، وحروب واختلال أمن داخل مكة المكرمة، وقطع طريق إليها وتقطع سبل، وما حصل بسبب تلك الحوادث من توقف وصول الحجاج من بعض البلدان في بعض الأعوام، إلا أنه وعلى الرغم من كل ما ذكروه من الحوادث العظيمة والخطوب والفواجع؛ لم يحدث قط أن ترك المسلمون كلهم حج بيت الله الحرام في سنةٍ من السنين، بل بقي البيت محجوجاً مقصوداً كل عام.
واستشهدت الدراسة بأمثلة عديدة منها سنة هجوم القرامطة على الحرم الشريف في موسم الحج، وهي سنة 317هـ التي كان جنودهم يوم التروية يقتلون الحجاج وهم يطوفون فما يقطعهم ذلك عن طوافهم، ونقلت نص المؤرخين على أن الحج في تلك السنة كاد أن يمتنع إتمامه لولا أن بعض الحجاج قاموا بعد الحادثة باللحاق بعرفة وإكمال مناسكهم على أقدامهم.
ولفتت الدراسة إلى دور أهل مكة البارز في ضمان استمرار مسيرة الحج في السنوات التي تعذر على أهل الأمصار بلوغ البيت الحرام.
و تأتي هذه الدراسة العلمية مؤكدة لقرار الحكومة السعودية القاضي بعقد مناسك الحج؛ وفق اشتراطات احترازية على الرغم من الجائحة؛ ليقينها بأن الحج من أعظم شعائر الدين الظاهرة التي على ولي أمر المسلمين ببلاد الحج إقامتها في كل عام، وتبرز ما تم في القرار من الجمع بين مصلحتين شرعيتين عظيمتين: إقامة شعيرة الحج، وعدم انقطاعه، والمحافظة على سلامة الناس وصحتهم.