1
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمان حبيبتي.
سألت عن فندقي القديم..
وعن الكشك الذي كنت أشتري منه جرائدي
وأوراق اليانصيب التي لا تربح..
لم أجد الفندق.. ولا الكشك..
وعلمت أن الجرائد..
توقفت عن الصدور بعد رحيلك..
كان واضحاً أن المدينة قد انتقلت..
والأرصفة قد انتقلت..
والشمس قد غيرت رقم صندوقها البريدي
والنجوم التي كنا نستأجرها في موسم الصيف
أصبحت برسم التسليم...
كان واضحاً.. أن الأشجار غيرت عناوينها..
والعصافير أخذت أولادها..
ومجموعة الأسطوانات الكلاسيكية التي تحتفظ بها.
وهاجرت..
والبحر رمى نفسه في البحر.. ومات..
2
بحثاً عن مظلةٍ تقيني من الماء..
وأسماء الأندية الليلية التي راقصتك فيها..
ولكن شرطي السير، سخر من بلاهتي
وأخبرني... أن المدينة التي أبحث عنها..
قد ابتلعها البحر..
في القرن العاشر قبل الميلاد...
3
ذهبت إلى المحطات التي كنت أستقبلك فيها...
وإلى المحطات.. التي كنت أودعك منها..
المخصصة للنوم...
عشراتٍ من سلال الأزهار..
ولافتةً مطبوعةً بكل اللغات:
"الرجاء عدم الإزعاج"..
وفمهت أنك مسافرةٌ.. بصحبة رجل آخر..
قدم لك البيت الشرعي
والجنس الشرعي
والموت الشرعي...
4
أيتها المرأة التي كانت في سالف الزمان حبيبتي
لماذا تضعين
الوقت في حقائبك..
وتسافرين.؟
لماذا
تأخذين معك أسماء أيام الأسبوع؟
وكروية الأرض..
كما لا تستوعب السمكة خروجها من الماء..
أنت مسافرةٌ في دمي..
وليس من السهل أن أستبدل دمي بدمٍ آخر..
ففصيلة دمي نادرة..
كالطيور النادرة..
والنباتات النادرة..
والمخطوطات النادرة..
وأنت المرأة الوحيدة ..
التي يمكن أن تتبرع لي بدمها...
ولكنك دخلت علي كسائحه..
وخرجت من عندي كسائحه...
كانت كلماتك الباردة..
تتطاير كفتافيت الورق..
وكانت عواطفك..
كاللؤلؤ الصناعي المستوردة من اليابان...
وكانت بيروت التي اكتشفتها معك..
وأدمنتها معك..
وعشتها بالطول والعرض .. معك..
ترمي نفسها من الطابق العاشر..
وتنكسر .. ألف قطعه...
5
توقفي عن النمو في داخلي..
أيتها المرأة..
التي تتناسل تحت جلدي كغابه...
ساعديني.. على كسر العادات الصغيرة التي كونتها معك..
وعلى اقتلاع رائحتك..
من قماش الستائر..
وبللور المزهريات..
على تذكر اسمي الذي كانوا ينادونني به في المدرسه..
ساعديني..
على تذكر أشكال قصائدي..
قبل أن تأخذ شكل جسدك..
ساعديني..
على استعادة لغتي..
التي فصلت مفرداتها عليك..
ولم تعد صالحةً لسواك من النساء...
6
دليني..
على كتابٍ واحدٍ لم يكتبوك فيه..
وعلى عصفورٍ واحدٍ..
لم تعلمه أمه تهجية اسمك..
وعلى شجرةٍ واحدةٍ..
لا تعتبرك من بين أوراقها..
وعلى جدولٍ واحدٍ..
لم يلحس السكر عن أصابع قدميك..
ماذا فعلت بنفسك؟..
التي كانت تتحكم بحركة الريح..
وسقوط المطر..
وطول سنابل القمح..
وعدد أزهار المارغريت..
أيتها الملكة...
التي كان نهداها يصنعان الطقس..
ويسيطران ..
على حركة المد والجزر..
لتتزود بالعاج.. والنبيذ..
ماذا فعلت بنفسك..
أيتها السيدة التي وقع منها صوتها على الأرض..
فأصبح شجره..
ووقع ظلها على جسدي..
فأصبح نافورة ماء..
لماذا هاجرت من صدري؟..
وصرت بلا وطن..
لماذا خرجت من زمن الشعر؟
واخترت الزمن الضيق..
لماذا كسرت زجاجة الحبر الأخضر..
التي كنت أرسمك بها..
وصرت امرأة..
بالأبيض..
والأسود..
أيتها السيدة التي وقع منها صوتها على الأرض..
فأصبح شجره..
ووقع ظلها على جسدي..
فأصبح نافورة ماء..
لماذا هاجرت من صدري؟..
وصرت بلا وطن..
لماذا خرجت من زمن الشعر؟
واخترت الزمن الضيق..
لماذا كسرت زجاجة الحبر الأخضر..
التي كنت أرسمك بها..
وصرت امرأة..
بالأبيض..
والأسود..