.
وفاة
السيدة زينب رضي
الله عنها :
بالمناسبة أيها الأخوة ، عرضوا عليه أن يأخذ البضاعة كلها ، إذا أسلم عادت هذه البضاعة غنائم ، لأن المسلمين في حالة حرب مع المشركين ، وقد أخذوا أموالاً طائلة ، فمجرد أن يعلن أبو العاصي إسلامه عندئذٍ تغدو كل هذه الأموال غنيمة للمسلمين ، ماذا قال أبو العاصي ؟ قال : والله لا أبدأ إسلامي بهذا ، أنا مقتنع بالإسلام ، إن أسلمت بهذه الطريقة ، وأخذت كل هذه الأموال ماذا يفهم الناس ؟ أنني أسلمت لأكل أموالهم ، أنني أسلمت وأصبحت هذه الأموال غنائم من أجل أن آكل أموال الناس ، والله لا يصدقونني ، عاد إلى مكة ، وأعاد إلى كل ذي حقٍ حقه ، هل لكم عندي شيء ؟ قالوا لا ، جزاك
الله خيراً ، قال : أشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمداً عبده ورسوله ، والله يا معشر قريش ما منعني عن الإسلام عنده في المدينة إلا خوفُ أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أداها
الله إليكم ، وفرغت منها أسلمت ، أداها
الله إليكم ، ثم خرج رَضِي اللَّه عَنْه حتى قدم على النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرد عليه
زينب على النكاح الأول هي زوجته :
((رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِي بْنِ الرَّبِيعِ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحاً))
[الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ]
لما أصر على شركه فرق الإسلام بينهما ، فلما أسلم عادت إلى حكمه الأول .
لم يدم اجتماع الزوجين الكريمين طويلاً ، إذ قدر
الله سبحانه وتعالى أن يفرق الموت بعد اجتماعهما بزمن قصير ، ففي أول السنة الثامنة من الهجرة توفيت
السيدة زينب رَضِي اللَّه عَنْها ، ولحقت بأمها
السيدة خديجة رَضِي اللَّه عَنْها ، وحزن صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على موت ابنته ، وكفنها بإزاره ففي الحديث الشريف :
(( دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ فَقَالَ : اغْسِلْنَهَا ثَلاثاً ، أَو ْخَمْساً ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً ، أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ : أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ تَعْنِي إِزَارَهُ ))
[البخاري عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِي اللَّه عَنْهَا]
أعطاها قماشاً خاصاً به فلفَّت به في الكفن ، ومات أبو العاصي بعدها بأربع سنين من وفاتها .