08-27-2024, 03:03 AM
|
|
|
|
|
مسافر على الطريق
كثيرةٌ هي المقالاتُ والمقولاتُ التي تحاولُ رتقَ عيوبِ التقدُّمِ في السنِّ، وتمنحُ المتقدِّمين في السنِّ ألقابَ الشَّبابِ، وتطمئنهُم أنَّ الرُّوحَ لا تشيخُ، فقطْ الجسدُ
هو الذِي يشيخُ، والرُّوحُ تظلُّ شابَّةً، حتَّى تتمكَّن من الخروجِ من الجسدِ المهترئِ الذِي أثقلَ كاهلهَا بشيخوختِهِ، وثقَّل خطوَهُ وتبرُّمَه من حالتهِ.
أجدُ أنَّ كثيرًا منَّا يميلُ إلى التَّماهِي مع هذهِ المقولاتِ أو المقالاتِ، ليسَ وهمًا، بلْ لأنَّه يجدُ أنَّ قلبَهُ، أو روحَهُ، أو إحساسَهُ بذاتِهِ، هو إحساسٌ فتيٌّ نابضٌ بالحياةِ،
رغمَ وهنِ الجسدِ، لكنَّ نظراتِ الآخرينَ لهُ وتصنيفاتهُم؛ والألقابَ التي تُطلقً عليهِ من مختلفِ الفئاتِ العمريَّةِ -الأقل سنًّا- تكذبُ أحاسيسهُ، وتوقفُ نبضَ قلبِهِ
وركضَ روحهِ في مساحاتِ الحياةِ المعبَّأةِ بالمتعِ المختلفةِ، وكأنَّها حُرِّمتْ عليهِ؛ لأنَّ عمرَهُ تجاوزَ الخمسينَ، أو الستين.
كثيرٌ من الأبناءِ والبناتِ لا يُفكِّرُون حتَّى في اصطحابِ آبائِهم وأمهاتِهم معهُم خلالَ استمتاعِهم بالسَّفرِ، أو الخروجِ للمطاعمِ أو المقاهِي، ويكتفُونَ بالخروجِ
معَ زوجاتِهم أو أزواجِهم والأبناءِ أو الأصدقاءِ، وكأنَّ هذهِ الأرواحَ الساكنةَ في أجسادِ آبائِهم وأمهاتِهم لا تنسجمُ مع أماكنَ الترفيهِ واللهوِ والمتعِ، وربَّما انتقدَ
بعضُهم رغبةَ الوالدَين في الخروجِ والسَّفرِ وارتيادِ أماكنِ الترفيهِ واللهوِ، معتبرِينَ أنَّ عليهِ لزومَ الصَّلاةِ والاستغفارِ استعدادًا للرَّحيلِ.
مَن منَّا يعلمُ مَن يرحلْ قبلَ مَنْ؟!
كمْ من الأبناءِ رحلُوا قبلَ آبائِهم، وكمْ صغيرًا رحلَ باكرًا، وكمْ كبيرًا بقِيَ ينعَى مَن رحلَ؟!.
أيضًا، المفرداتُ التِي تُطلقُ على كبارِ السنِّ تُحدثُ خدوشًا في الرُّوحِ، هِي التِي تُشِيخُ الرُّوحَ، الرُّوحُ لا تشيخُ ولا تهرمُ، فهِي في علمِ اللهِ، ولأنَّنا نجهلُ كُنهَهَا وكينونتَهَا،
نحيلُ الأمرَ إلى «كسرةِ النَّفسِ»، انكسرتْ نفسهُ أو نفسهَا، وأسلمَ جسدهَ للخمولِ الذِي أسلمَهُ للمرضِ. المشكلةُ إذنْ في تعديلِ سلوكِ التَّعاملِ مع كبارِ السنِّ.
مع قوانينِ الحمايةِ ثقافةٌ تسودُ في المجتمعِ لوقفِ العباراتِ المحبطةِ، والمعيقةِ لكبارِ السنِّ.
بعض الشباب الموظفين في أماكن كثيرة ينادي أيَّ سيدة بـ«خالة»، يظنُّ أنه يقدرها بهذا اللفظ، وفي الحقيقة أنه يصفعها! قول «يا خالة» للسيدة،
التي ربما لم تتجاوز الأربعين من عمرها، ولا زالت فتاةً لم تتزوج ولم تنجب، يحزنها بالتأكيد!.
كذلكَ مَن يطلقُ عبارة «شايب، والد، مُسن»، كلُّها عباراتٌ خادشةٌ لروحِ كبارِ السنِّ، حتَّى صغارِ السنِّ من تُنَادِى بـ «خالة»، أو ينادِي بـ«شايب، أو عم، أو والد»؛
تقديرًا لكبرِ سنِّهِ، حتَّى لوْ كانَ شايبًا نتيجةَ الشَّيبِ الذِي غطَّى شعرَ رأسهِ ووجههِ، فإنَّ روحهَ تخدشهَا هذهِ العبارةُ. كثرةُ خدوشِ الرُّوحِ تُفسِدُ انطلاقَهُ
وحبَّهُ للحياةِ، تجعلهُ يعيدُ التَّفكيرَ مرَّة ومرَّات في إحساسِهِ بذاتِهِ وبالحياةِ، ثمَّ يقتنعث أنَّه واهمٌ، وأنَّ عليهِ أنْ «يكنَ» ويقبِّلَ شيبتَهُ
ويشعرَ بالعجزِ يدبُّ في روحهِ ومشاعرهِ، ويصرفهُ عن استقطابِ متعِ الحياةِ أو المشاركةِ فيهَا!.
كلُّنَا سائرُونَ في هذَا الطريقِ -صغارًا وكبارًا- نمرُّ بمحطاتٍ مختلفةٍ، كالمسافرِ لابُدَّ أنْ يجدَّ السيرَ دونَ كللٍ أو مللٍ، مهمَا واجهتهُ عراقيلُ أخَّرتْ
وصولهُ إلى إحدَى المحطاتِ، لكنَّ العمرَ يسيرُ بخطى ثابتةٍ واثقةٍ، الفرقُ بينَ البشرِ هي لحظةُ الوصولِ إلى المحطَّةِ الأخيرةِ، فمَن يصل إليهَا باكرًا،
ومَنْ يصل في منتصفِ الطريقِ، ومَنْ يمتد أمامهُ الطريقُ. كلُّنَا إذًا مسافرٌ على الطَّريقِ، ليتنَا نترفَّق بالرَّفيقِ
lshtv ugn hg'vdr
_______________________
________________
والله لو صحب الإنسانُ جبريلا لن يسلم المرء من قالَ ومن قيلا َ
قد قيل فى الله أقوالٌ مصنفة تتلى لو رتل القرآنُ ترتيلا َ
قالوا إن له ولدًا وصاحبة زورًا عليه وبهتانًا وتضليلا َ
هذا قولهمُفي.. الله خالقهم
فكيف لو قيل فينا بعض ما قيلا ..
***
انا زينـــــــــــــه
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ رحيل المشاعر على المشاركة المفيدة:
|
|
08-28-2024, 01:14 PM
|
#2
|
رد: مسافر على الطريق
لكم منى الشكــــر اجزله ... ومن التحيه أخلصــها
علي جهودكم
|
|
سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا إله إلا أنت استغفرك ربي واتوب إليك -
|
08-29-2024, 01:34 AM
|
#3
|
رد: مسافر على الطريق
|
|
|
08-29-2024, 08:15 PM
|
#4
|
[
رد: مسافر على الطريق
الله يعطيك العافية
ابدااااع راقي
وفي منتهى الروعه والجمااال
كلمااااااااات من ذهب
ومعطرة بعطور ساحرة
لاعدمنا كل مايخطه قلمك لنا
بنتظار جديدك الشيق بشسغف
تحياتي وعبير ودي
|
|
|
09-04-2024, 11:26 PM
|
#5
|
رد: مسافر على الطريق
هيبه
يعطيك العافيه ويسلم يدينك
لروحك الجوري
ودي
|
|
|
09-04-2024, 11:26 PM
|
#6
|
رد: مسافر على الطريق
الجنرال
يعطيك العافيه ويسلم يدينك
لروحك الجوري
ودي
|
|
|
09-04-2024, 11:27 PM
|
#7
|
رد: مسافر على الطريق
المحبوب
يعطيك العافيه ويسلم يدينك
لروحك الجوري
ودي
|
|
|
09-08-2024, 05:01 PM
|
#8
|
رد: مسافر على الطريق
إختيار جميلـ ومميز
إبداع متواصل ماشاء الله
أنتظر جديدك بكل شغف
مع خالص التقدير
|
|
|
09-12-2024, 10:20 AM
|
#9
|
رد: مسافر على الطريق
كل الشكر على طرحك الرآئع
وفي انتظار ابداعك القادم بكل شوق
لك وافر التقدير
|
|
|
09-12-2024, 09:55 PM
|
#10
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 06:52 PM
| | | | | | | | | |