يستخدم مصطلح "الإفراط بمشاركة المحتوى الخاص بالأطفال على
مواقع التواصل الاجتماعي" للإشارة لما ينشره الآباء على جميع
المنصات الرقمية، بما فيها التطبيقات والهواتف الذكية وأجهزة
الآيباد والساعات الذكية والمساعدين الرقميين وغيرهم.
وتشمل "المشاركة" الطرق التي يستخدمها الآباء (وكذلك الأجداد
والمدرسون وغيرهم من البالغين) لنقل وتخزين واستخدام بيانات
الأطفال عبر التقنيات الرقمية.
بيتر بان صبي غير حقيقي
الكاتبة ليا بلانكيت نشرت مقالا بمجلة "فاست كومباني" الأميركية
بصفتها أستاذة قانونية وجزءًا من فريق الشباب والإعلام بمركز
بيركمان كلاين للإنترنت والمجتمع بجامعة هارفارد، قضت سنوات
في دراسة الطرق التي يؤثر بها استخدام الآباء للتكنولوجيا الرقمية
على الأطفال.
واستعانت الكاتبة بمثال بيتر بان، وهو صبي غير حقيقي سيواجه
لحظات مبهمة في حياته إذا نشر والداه جميع تفاصيل حياته.
وبيّنت أنه يمكن تتبع لحظات حدوث الحمل ومراحله من خلال تطبيق
الخصوبة. فضلا عن ذلك، يمكن أن تنشر والدته صور الموجات فوق
الصوتية وفيديو المخاض والولادة على حساباتها الخاصة على مواقع
التواصل الاجتماعي، فضلا عن اسمه الكامل وتاريخ ميلاده ووقته
وموقعه والكثير من التفاصيل.
وكذلك تتبع فترة تعليمه الأولى من خلال التطبيقات والألعاب الذكية
المتصلة بقاعدة بيانات على الإنترنت. ومن المحتمل أن أبويه
سيسجلانه بمعسكر صيفي من خلال بوابة إلكترونية تطلب منهما
استخدام برنامج التعرف على الوجه.
وعندما يقرر والداه أنه بلغ العمر المناسب لركوب دراجته بنفسه،
قد يعطيانه ساعة ذكية تتيح له إرسال الرسائل إذا احتاج للمساعدة،
وتسمح لهما بتتبع موقعه. وستشق معلوماته الشخصية من
الدراسات الاستقصائية التي يلج إليها عبر الإنترنت طريقها إلى
وسطاء البيانات.
لاحقا، يمكن معالجة طلب بيتر لدخول إحدى الجامعات من خلال برنامج
رصيد رأس المال الشخصي الذي يستخدم بيانات تعود لفترة الحمل
والمراهقة لتوقع فرص نجاحه بالفصول والمناهج الدراسية، والعمل
في المستقبل.
حماية خصوصية الأطفال
وهناك منتجات رقمية تعتمد على البيانات المتاحة التي تدعي
التنبؤ بنجاح أطفال الرياضيين على غرار نظام الرصيد الاجتماعي
الذي تعتمده الصين، حيث تستخدم المدارس الثانوية ومؤسسات
التعليم العالي مجموعة من الخدمات الرقمية للتنبؤ وتعزيز نجاح
الطالب من خلال تتبع الحضور وغيرها من المقاييس.
مشاركة الأبوين لمحتوى يتعلق بأطفالهم تعد قانونية في الولايات
المتحدة الأميركية، حيث لا يوجد أي قانون اتحادي يوفر حماية شاملة
لخصوصية بيانات الشباب. كما يسمح القانون للآباء بمشاركة بيانات
أطفالهم الخاصة، إلا إذا كان ذلك ينتهك القانون الجنائي
أو أي قانون آخر.
ولا يوفر قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت حماية شاملة
لخصوصية الأطفال على الإنترنت لأنه لا يطبق عندما يشارك الوالدان
معلومات شخصية عن أطفالهم، بل عندما يشارك الأطفال دون
سن 13 عامًا معلومات شخصية عن أنفسهم.
ويمكن للوالدين نشر مقاطع فيديو لأطفالهم بملابس السباحة على
يوتيوب ومشاركة معلومات (مثل العمر والإقامة) على مواقع التواصل.
لكن هذه الممارسات الأبوية القانونية تعرض الأطفال لخطر التعرض
لأذى جسدي (على سبيل المثال من معتدٍ يوجد في الحياة الحقيقية)
والأذى المالي (مثل سرقة الهوية وتزوير بطاقة الائتمان الخاصة
بهم).
فقدان السيطرة على التفاصيل الخاصة في حياة أطفالنا يعرضهم
لإحراج محتمل عندما يكبرون. ذلك أننا نساهم في تشكيل معالم
سمعة أطفالنا من خلال نشر معلوماتهم الشخصية، كما نساهم في
إعطاء الفرصة للأشخاص الذين قد يرغبون بإيذائهم.
نحد من قدرات أطفالنا على بناء شخصياتهم والتعرف على الآخرين
من خلال توفير كم هائل من المعلومات يمكن تجميعها وتحليلها
والتصرف فيها من قبل المدارس وأرباب العمل والمؤسسات الأخرى،
سواء في الحاضر أو في المستقبل.
كيف نحمي بيانات أطفالنا من القراصنة؟
لا يمكننا إعادة النظر بكل سياسات الخصوصية التي نتبعها على
مختلف المنصات الرقمية، لكن يمكننا إعادة النظر في علاقتنا
بالتكنولوجيا من خلال التفكير في قيمنا. وفيما يلي كيفية اعتماد
القيم لاتخاذ المزيد من الخيارات التقنية اليومية لحماية خصوصية
أطفال:
الحق في اللعب
يحتاج أطفالك لمساحة محمية لخوض التجربة والتعرض للأذى
وارتكاب الأخطاء التي تساعدهم على تعلم الكثير من الدروس.
فعندما يتجول أطفالك حولك، قاوم الرغبة في تنزيل مقاطع
الفيديو الخاصة بهم على موقع يوتيوب.
الحق في النسيان
يمر أطفالك بمرحلة في الحياة قد تكون محرجة لهم في وقت لاحق،
غير أنهم بأمسّ الحاجة لهذه المساحة للتعلم منها. لتمكينهم من
"الحق في النسيان" فكّر فيما يمكنك فعله لمساعدة العالم الرقمي
على نسيان تلك الصور والمقاطع التي نشرتها على مواقع التواصل
الاجتماعي. ويمكنك تنظيف الحسابات الخاصة بك سنويا على الأقل.
الحق في التواصل
عندما نلجأ لاستخدام الذكاء الاصطناعي للاعتناء بأطفالنا أو
للتطبيقات لمراقبتهم، فإننا نتجاوز مرحلة التفاعلات البشرية نحو
التفاعلات الرقمية. ونعطي بذلك الأدوات الرقمية كميات كبيرة من
البيانات الحساسة.
عندما نركز على تعزيز الاتصال البشري المباشر مع أطفالنا بدلاً
من الاتصال الرقمي، فإننا نساهم في تعميق العلاقات التي تربطنا
بهم وحماية خصوصياتهم الفردية. لذلك، على الوالدين تجنب
استبدال التفاعلات البشرية بالتفاعلات الآلية عندما يتعلق الأمر
بالأطفال الصغار، وتجنب رصد تحركات الأطفال بأجهزة المراقبة.
الحق في الاحترام
عندما نشارك صور أطفالنا على المنصات الاجتماعية فإننا ندفع
مقابل التكنولوجيا الرقمية المجانية أو منخفضة التكلفة عن طريق
بيانات أطفالنا.
لكن يمكننا إبرام صفقة أفضل نيابة عنهم تساعدنا على حماية
بياناتهم.
ويمكننا محاولة شراء السلع التي تحمي بالفعل خصوصياتهم،
حتى لو كان علينا أن ندفع أكثر بالدولار. ومع إدراك أن هذا الخيار
غير متاح للكثيرين على الصعيد المالي، يمكننا جميعا المطالبة ببيع
التكنولوجيا التي تساعد على حماية الخصوصية بسعر مقبول.