من سيّئات حياتنا المعاصرة كثرة المخاوف و القلق و التّوتر التي أصبحت تسيطر على قلوب و عقول كثيرٍ
من النّاس فالحياة المعاصرة و على الرّغم من توفّر أسباب الرّاحة فيها إلا أنّها لم تنجح في إكساب النّفس
الرّاحة النّفسيّة و قد مثّلت أعباء الحياة ومشاكلها فزّاعةً للكثيرين من النّاس الذين يرغبون في حياةٍ هادئةٍ مطمئنةٍ
بعيدة عن المنغّصات و الهموم و إنّ الإنسان و حين خلقه الله تعالى جعل في قلبه مشاعر
الخوف و الوجل
من أمورٍ جلل فالإنسان بطبعه يخاف الموت لأنّه يعتقد أنّه نهاية الحياة الدّنيا و انقطاعها كما أنّ الإنسان بطبعه
يخاف من الغيب و المجهول فتراه إذا سيطرت عليه المخاوف و تمكّنت يخشى من الإقدام على فعلٍ إذا علم
بأنّه قد يكون من وراء هذا الفعل أمورٌ لا يعلم عواقبها فالمخاوف أمرٌ طبيعيٌ فطريٌ في حياة النّاس جميعاً و لكن
قد تتحوّل تلك المخاوف إلى مشكلةٍ و مرضٍ نفسيّ يعوّق الإنسان عن أداء مهامه في الحياة و تتعدّد صور
الخوف
فمن النّاس من يخاف من لقاء النّاس و مخالطتهم و هذا ما يطلق عليه في علم الأمراض النّفسيّة الرّهاب الإجتماعي
و هناك من يخاف الحيوانات خوفاً كبيراً حتى الأليفة منها و هناك من يخاف من الحرب و القتال و تهزّ أصوات القنابل
و الرّصاص قلبه و وجدانه فكيف للإنسان التّخلص من مشاعر
الخوف السّلبية التي تكدّر حياته بيّن الله تعالى
في كتابه العزيز أنّ ذكر الله تعالى ممّا يحقّق الاطمئنان في النّفوس و السّكينة حيث قال جلّ و علا
(
الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) فحين يذكر العبد ربّه فإنّه يكون قد مدّ
حبلاً متيناً بينه و بين الله تعالى لا ينقطع كما أنّ إيمان الإنسان بقضاء الله تعالى و قدره يجعله دائماً راضياً مطمئناً
لا يخاف فهو يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه كما أنّ الإيمان يمنح النّفس الإنسانيّة
سلاماً داخلياً يجعلها لا تخاف إلا الله تعالى و قد رويت قصّةٌ عن أحد الصّحابة كيف مرّ به أسدٌ فلم يخشاه
حين استعاذ بالله تعالى من شره موقناً أنّ الله سيدفع الأذى عنه.