هدي نبينا المصطفى ▪●عليه افضل الصلاه والتسليم قِسِمْ خاص للدّفاعْ عنْ صفْوة
و خيْر خلقِ الله الرّسول الكريمْ و سِيرَته و سيرة أصحابِهِ الكِرامْ و التّابعينْ
أراه وقد فقد سنده البشري في حياته، أراه ضعيفًا يحتاج إلى حنان، إلى حب، إلى عطف، أراه وقد ذكر في القرآن الكريم ثلاثًا وعشرين مرة، إشارة واضحة لنا؛ للانتباه له، والوقوف معه والاهتمام بأمره، أراه وقد أَمَرَنا الرحمن برحمته، أراه نطلب رقة قلوبنا في إحسان معاملتنا له أراه وقد دلَّنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بأنَّ مَن أراد مصاحبته ومرافقته في الجنة فعليه بكفالته وإحسان المعاملة له، فضائل ما أعظمها!
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم لا يفطر))؛ متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعه السبابة والوسطى))؛ متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من عال ثلاثة من الأيتام كمَن قام ليله وصام نهاره، وغدا وراح شاهرًا سيفه في سبيل الله، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان، وألصق إصبعيه السبابة والوسطى))؛ رواه ابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن ضَمَّ يتيمًا بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه، وجبتْ له الجنَّة))؛ رواه أبو يعلى والطبراني.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن مسح رأس يتيم لم يمسحها إلا لله، كان له بكل شعرة مرَّت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وفرَّق بين إصبعيه السبابة والوسطى))؛ رواه أحمد تصدَّق بمشاعرك:
إن التصدُّق بالمشاعر، والتبرُّع بالأحاسيس، وعمل القلب قبل عمل الجوارح يزيل سواد القلب، وينظف ما داخله من دخن، ويخلصه مما شابه من سوء الفعل والقول، وكأن المسح على رأس اليتيم تجديد لنشاط القلب من جديد، وتخلية له من سواده، وتحلية له بعمل هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى.
ويا لروعة أمر الحبيب صلى الله عليه وسلم لنا أن نمسح على رأسه بيدنا! مسح رأسه بكلامنا، إنه الحنان الذي فقده بقدَر ربه، مسح رأسه هذه التي نحتاجها نحن أكثر من حاجته هو لها، فهي لين لقلوبنا، وخلاصٌ من قسوة قلوبنا، ألن تسيرَ إلى بيته قاصدًا حنانك وحبك له؟! ألن تجلس معه؟! ألن تبش في وجهه؟! ألن تمسح على شعره؟! ألن تقبله في وجهه؟! أليست كل هذه رحمة في قلبك. أخبر فلانًا أنه من أهل الجنة:
قصة واقعية حدثتْ مع رجل في الكويت؛ حيث يقول: بينما أنا نائم، إذ رأيت الرسول يقول لي: أخبر فلان بن فلان الفلاني أنه من أهل الجنة، فلما استيقظت وقد حفر اسم الرجل في ذاكرتي لكني تعجبتُ من الأمر؛ لأني لا أعرف رجلاً بهذا الاسم، ولم أفعل شيئًا لعدم معرفتي بالرجل لكني كنتُ في ضيق؛ كوني لم أجدْ طريقة لتنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأني أعلم أن رؤياه حق.
وفي ليلة تالية رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانية، ورَدَّدَ عليَّ ما قال في الرؤيا الأولى: أخبر فلان بن فلان الفلاني أنه من أهل الجنة، استيقظتُ وبدأت أسأل وأتحرَّى أمر الرجل بحثْتُ في دليل الهاتف، وسألْتُ الاستعلامات، بل طلبْتُ مِن بعض الإخوة في دوائر الأحوال المدنية أن يستطلعوا لي هذا الأمر، وكل محاولاتي باءت بالفشل.
ومرت أيام وأنا أُكْثِرُ من دعاء الله أن يعرفني بهذا الرجل، وكنت أُكثِر من الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومرتْ أيام وأنا على هذا الحال، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا ثالثة يقول لي: أخبر فلان بن فلان الفلاني في مدينة الرياض وعنوانه كذا أنه من أهل الجنة، لقد سرت عني هذه الرؤيا، ولم أَتَرَدَّد في السفر إلى الرياض؛ للبحث عن هذا الرجل المبارَك، ولما وصلْتُ العنوان، وسألت عن الرجل في حيِّه، دلَّني جيرانه عليه، طرقتُ بابه ففتح لي رجل عادي المظهر، فسألتُه: أين أجد فلان بن فلان الفلاني؟ قال: أنا هو تفضل قصصتُ على الرجل القصة، فأجْهَشَ في البكاء، وأَعْلَنَ توبة إلى الله مِن كلِّ الذنوب والمعاصي.
سألته: بالله عليك أخبرني بسرِّك، هل تقوم بعمل معين حتى تكون من أهل الجنة؟ فأطرق الرجل وقال بعد تردد: أقول لك على شرط: ألا تذكر اسمي بين الناس فإنه لا يعلم سري إلا الله، فوافقت دون تردُّد.
قال لي: كان لي جارٌ له زوجةٌ وعيالٌ وتوفاه الله، وأنا رجلٌ موظفٌ لكني أشعر بحاجة هذه العائلة، فأُقَسِّم راتبي إلى نصفين، أعطيهم نصفه دون أن يعرفوا مَن الذي ينفق عليهم، ولا يعلم أحدٌ بهذا، حتى زوجتي....
عندها عرفت السرَّ، فإن هذا الرجل كان مخلصًا وصادقًا في كفالة هؤلاء الأيتام وأنفق مِن أعز مالِه مع قِلَّتِه، فاستحق أن يكون رفيق رسول الله في الجنة. بعض ما يحتاج إليه اليتيم:
♦ زرع الحب، والثقة في النفس، فإن إعطاء الثقة بالنفس يعطي اليتيم الانطلاق والتجديد.
♦ التربية الجادة والهادفة التي تعطي ذلك اليتيم الجرعة الإيمانية الصالحة، وذلك من خلال طرح بعض القصص القرآنية؛ لبيان عظمة الله تعالى، وغرْس العقيدة الصحيحة لديه.
♦ إدخال البهجة والسرور على قلْب اليتيم من أعظم الطاعات والقربات التي يَتَقَرَّب بها العبدُ لله سبحانه وتعالى.
♦ لين الكلام وحسنه مع اليتيم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان هينًا لينًا سهلاً، حرّمه الله على النار)).
الثناء عليه وخاصة بعد إنجاز عمل ما، ودفع الحوافز له من أجدى السبل في رفْع الروح المعنوية لديه، وحثُّه على الاستمرار والمواصلة للوصول إلى معالي الأمور - بإذن الله تعالى.