04-15-2020, 12:26 AM
|
|
|
|
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم
في السمر بعد العشاء
قالت عائشة رضي الله عنها: "ما نام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل العِشاء، ولا سمَر بعدها"[1].
وقال هشامُ بن عروة: سمعتُ أبي يقول: انصرفتُ بعد العشاء الآخرة، فسمعَت كلامي عائشةُ رضي الله عنها خالتي - ونحن في حُجرة بيننا وبينها سقف، فقالت: "يا عروة - أو يا عريَّة - ما هذا السمر؟! إني ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نائمًا قبل هذه الصلاة، ولا متحدِّثًا بعدها؛ إما نائمًا فيَسلَم، أو مصليًا فيغنَم"[2].
نهي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن السمر بعد العشاء:
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "جدَب[3] لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السمرَ بعد العشاء"؛ يعني: زجَرنا[4].
والحديث واضح الدلالة على كراهة السَّمَر بعد العشاء، كما نصَّ على ذلك جمعٌ من أهل العلم رحمهم الله[5].
أقول - بكرٌ -: ووَجهُه أنَّ "جدَب" المقصود بها: زجَرهم ونهاهم، وعاب فعلهم، وقد خرج مخرج الذَّم، كما هو واضحٌ من معنى الجدب في اللغة، وهذا لا يكون إلا لما فيه مفسَدة، فهذا منه صلى الله عليه وآله وسلم كالتهديدِ والتوبيخ لهم، وهذا ما فَهمه ابنُ مسعود، كما هو ظاهرٌ من تفسير للجدب، والله أعلم.
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إياك والسَّمرَ بعد هَدْأة الليل[6]؛ فإنكم لا تَدرون ما يأتي الله من خلقه))[7].
وتوجيه النهي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إياك والسمر))، قال المُناوي: "ومراده النهي عن التحدُّث بعد سكون الناس، وأخذهم مضاجِعَهم"[8].
وعن أبي بَرزة رضي الله عنه قال: "وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَكره النوم قبلها - أي: صلاة العشاء - والحديثَ بعدها..."[9].
ووجه النهي واضح، وهو كراهة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم له.
وعن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا سمر إلا لمصلٍّ أو مسافر))[10].
أقول - بكر -: وجه الدلالة منه: أنه نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن السَّمر مطلقًا؛ ولذلك استثنى، فأكَّد به أن الأصل المنعُ من السمر مطلقًا، إلا للمصلِّي أو المسافر، وسيأتي ذِكر من يُستَثنون من النهي أيضًا.
وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: ((لا سمَر إلا لثلاثة؛ مصلٍّ، أو مسافر، أو عَروس))[11].
ووجه الدلالة منه: كالذي قبله.
[1] أخرجه أحمد (6/ 264)، وابن ماجه رقم: (694)، والبيهقي في الكبرى رقم: (1962)، وأبو يعلى في مسنده رقم: (4784)، والطيالسي في مسنده رقم: (1517)، وضعفه الأثرم ولم يصب؛ لأنه صحيح بشواهده، قال البوصيرى (1/ 88): "إسناد صحيح. رجاله ثقات"، وصححه مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (1/ 1075). وقال الألباني: "هذا سند حسن ورجاله رجال مسلم"؛ انظر: الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب (1/ 73).
[2] أخرجه البيهقي في الشعب رقم: (4935)، وعبدالرزاق في مصنفه رقم: (2137)، وبنحوه عند أبي يعلى رقم: (4878)، وقال الهيثمي في المجمع (1/ 314): "رجاله رجال الصحيح". وقال الألباني: "إسناد محسن، ورجاله رجال البخاري"؛ الثمر المستطاب (1/ 73).
[3] أي: عابه، وذمه، فالجيم والدال والباء أصل واحد يدل على قلة الشيء. فالجدب: خلاف الخصب، ومكان جديب. ومن قياسه: الجدب، وهو العيب والتنقص. يقال: جدبته إذا عبته. وقال أبو عبيد: جدبته أجدبه جدبًا، عبته. وكل عائب فهو جادب. قال ذو الرمة:
فيالك من خدٍّ أَسيلٍ ومنطقٍ
رَخيم ومن خَلْقٍ تَعلَّلَ جادبُهْ
انظر: المخصص (3/ 383) لابن سيده، وتاج اللغة وصحاح العربية (2/ 111)، ومقاييس اللغة (1/ 389) لابن فارس، ولسان العرب (1/ 254) لابن منظور، وتاج العروس من جواهر القاموس (2/ 136) للزبيدي، وتهذيب اللغة (10/ 355) للأزهري.
[4] أخرجه أحمد (1/ 389 - 410)، وابن ماجة رقم: (703) وابن حبان رقم: (277) والبيهقي رقم: (2214)، والطيالسي رقم: (295). وقال الألباني: "ورجاله ثقات، رجال البخاري إلا أن عطاء بن السائب كان قد اختلط". وللحديث شاهد يتقوى به؛ انظر: السلسلة الصحيحة (5/ 561).
[5] انظر: نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار (1/ 416) للشوكاني.
[6] هدأ يهدأ هدأً وهدوءًا: سكن، يكون في سكون الحركة والصوت وغيرهما، قال ابن هرمة:
ليت السِّباع لنا كانت مُجاورةً
وأننا لا نَرى ممن نرى أحدَا
إن السباع لتَهْدا عن فَرائسها
والناس ليس بِهادٍ شرُّهم أبدَا
والهدأة والهدوء: السكون عن الحركات؛ أي: بعدما يسكن الناس عن المشي، والاختلاف في الطرق.
انظر: النهاية (5/ 566)، وتاج العروس من جواهر القاموس (1/ 505)، ولسان العرب (1/ 180)، والمعجم الوسيط (2/ 975).
[7] أخرجه الحاكم (4/ 284) وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "أقول: إنما هو حسن فقط؛ لأن ابن عجلان فيه ضعف يسير، وإنما أخرج له مسلم متابعة"؛ انظر: الصحيحة (4/ 346) رقم: (1752).
[8] التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 816).
[9] أخرجه البخاري رقم: (522 - 574)، ومسلم رقم: (647).
[10] سيأتي تخريجه فيما يُستثنى من النهي عن السمر.
[11] حسنه الألباني بشواهده، دون لفظة العروس؛ فإنها منكرة؛ انظر: الصحيحة (1/ 8)، والضعيفة (14/ 58) رقم
|
: (6524)
i]d hgvs,g wgn hggi ugdi ,sgl hgvs,g ugdi
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ المحبوب على المشاركة المفيدة:
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 12:33 AM
|