11-24-2021, 01:50 PM
|
|
|
|
شرح حديث معن بن يزيد: « لك ما نويت ... »
عن أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس رضي الله عنهم وهو وأبوه وجَدُّه صَحَابيُّون، قال: كان أبي - يزيد - أخرج دنانير
يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردتُّ؛ فخاصمته
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ». رواه البخاري.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
هذا الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله في قصة معن بن يزيد وأبيه رضي الله عنهما أنَّ أباه يزيد أخرج دراهم
عند رجل في المسجد؛ ليتصدق بها على الفقراء، فجاء ابنه معن فأخذها؛ وربما يكون ذلك الرجل الذي وُكِّلَ فيها
لَمْ يعلم أنه ابن يزيد؛ ويُحْتَمَل أنه أعطاه لأنه من المستحقِّين؛ فبلغ ذلك أباه يزيد، فقال له: «ما إياك أردت»
أي: ما أردت أن أتصدَّق بهذه الدراهم عليك؛ فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: «لَكَ يَا يَزِيدُ مَا نَوَيْتَ، وَلَكَ يَا مَعْنُ مَا أَخَذْتَ».
فقوله عليه الصلاة والسلام: «لَكَ يَا يَزِيدُ مَا نَوَيْتَ»؛ يدل على أنَّ الأعمال بالنِّيَّات، وأنَّ الإنسان إذا نوى الخَيْرَ
حَصَلَ له، وإنْ كان يزيدُ لَمْ يَنْوِ أن يأخذ هذه الدراهمَ ابنُهُ، لكنه أخذها؛ وابنه من المستحقِّين؛ فصارت له
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَكَ يَا مَعْنُ مَا أَخَذْتَ».
ففي هذا الحديث دليل لِمَا ساقه المؤلِّفُ مِن أجله: أنَّ الأعمال بالنيات، وأنَّ الإنسان يُكْتَب له أجرُ ما نوى
وإنْ وقع الأمر على خلاف ما نوى، وهذه القاعدة لها فروع كثيرة:
منها: ما ذكره العلماء رحمهم الله أنَّ الرجل لو أعطى زكاته شخصًا يظن أنه مِن أهل الزكاة، فتبيَّن أنه غنيٌّ، وليس من أهل
الزكاة؛ فإنَّ زكاته تجزئ، وتكون مقبولة، تبرأ به ذِمَّتُه؛ لأنه نوى أن يعطيها مَن هو أهلٌ لها، فإذا نوى فله نيَّتُه.
ومنها: أنَّ الإنسان لو أراد أن يوقف مثلًا بيتًا صغيرًا؛ فقال: وقفت بيتي الفلاني، وأشار إلى الكبير
لكنه خلاف ما نواه بقلبه؛ فإنه على ما نوى، وليس على ما سبق به لسانه.
ومنها: لو أنَّ إنسانًا جاهلًا لا يَعْرِف الْفَرْقَ بين العمرة والحج، فحَجَّ مع الناس، فقال: لبَّيْك حَجًّا
وهو يريد عمرة يتمتع بها إلى الحج؛ فإنه له ما نوى، مادام أن قصده يريد العمرة، لكن قال: لبيك حجًّا
مع هؤلاء الناس، فله ما نوى، ولا يَضُرُّ سَبْقُ لسانه بشيء.
ومنها أيضًا:لو قال الإنسان لزوجته: أنت طالق؛ ويريد أنت طالق من قيد لا من نكاح، فله ما نوى، ولا تُطَلَّق بذلك زوجته.
فهذا الحديث له فوائد كثيرة، وفروع منتشرة في أبواب الفقه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجوز للإنسان أن يَتَصَدَّق على ابنه؛ والدليل على هذا: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم
أَمَرَ بالصدقة، وحَثَّ عليها، فأرادت زينب - زوجة عبدالله بن مسعود رضي الله عنها أنْ تتصدَّق بشيء مِن مالها
فقال لها زوجها: أنا وولدك أحقُّ مَن تَصَدَّقْتِ عليه - لأنه كان فقيرًا رضي الله عنه - فقالت: لا حتى أسال النبيَّ
صلى الله عليه وسلم، فسألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ؛ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ».
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز أن يعطي الإنسانُ ولدَه من الزكاة؛ بشرط ألا يكون في ذلك إسقاط لواجب عليه.
يعني مثلًا: لو كان الإنسان عنده زكاة، وأراد أن يعطيها ابنه، من أجل ألا يطالبه بالنفقة؛ فهذا لا يجزئ
لأنه أراد بإعطائه أن يُسْقِط واجبَ نفقته.
أمَّا لو أعطاه ليقضي دَيْنًا كان عليه؛ مثل أن يكون على الابن حادث، ويعطيه أبوه من الزكاة ما يُسَدِّدُ به هذه الغرامة
فإنَّ ذلك لا بأس به، وتجزئه مِن الزكاة؛ لأن ولدَه أقربُ الناس إليه؛ وهو الآن لم يقصد بهذا إسقاط واجب عليه
إنما قصد بذلك إبراء ذِمَّة ولده؛ لا الإنفاق عليه، فإذا كان هذا قصدَه فإنَّ الزكاة تَحِلُّ له، والله الموفق.
_ سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
avp p]de luk fk d.d]: « g; lh k,dj >>> » d.d]:
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ شموع الحب على المشاركة المفيدة:
|
|
|