يعرف الجميع ما لارتفاع مستوى سكر الدم من تأثير سلبي على وظائف الكلى، وخاصة ارتفاع السكر المزمن وغير المتحكم به. وسوف نستعرض في هذه المقالة ما يعرف بظهور بروتين البول كأول مؤشرات تأثير السكر السلبي على الكلى وأيضا تكرر التهابات البول كمؤشر آخر على ارتفاع مستوى سكر الدم وعدم التحكم به.
ظهور بروتين البول كأول مؤشرات
تأثير السكري على وظائف الكلى:
تدعو جمعية السكر الأمريكية إلى المحافظة على مستوى سكر الدم في الحدود المقبولة. والحدود المقبولة التي تدعو لها جمعية السكر الأمريكية هي في الواقع الحدود شبة الطبيعية التي نشاهدها لدى الإنسان الطبيعي. والحدود الطبيعية هي أن يكون مستوى السكر قبل الوجبات في حدود المائة أي بين الثمانين والمائة والعشرين، وأن يكون مستوى السكر بعد الوجبات في حدود المائة والستين أي بين المائة والأربعين والمائة والثمانين. وأن يكون معدل السكر التراكمي أقل من 7.5 في المائة أو على الأقل أقل من 8 في المائة. وبذلك يجنب مريض السكري نفسه مضاعفات مرض السكري على وظائف الكلى و الأعصاب والقلب والأوعية الدموية. و تدعو جمعية السكر الأمريكية وغيرها من الجمعيات المعتمدة في هذا المجال إلى البدء في تحليل بروتين البول (ويسمى الميكرو ألبومين) بعد خمس سنوات من التشخيص بمرض السكري أو إذا دخل مريض السكري في مرحلة البلوغ (وهنا نتحدث عن الطفل المصاب بمرض السكري). حيث أنه بعد مرور خمس سنوات على تشخيص مرض السكري يبدا طبيب السكري فحص نسبة بروتين الألبيومين كل عام مرة واحدة. فإن كان مستواه أكثر من 30 مثلا (وهذه النسبة تختلف من مختبر إلى آخر) يعتبر مرتفعا وبالتالي يستدعي علاجا بأحد علاجات ارتفاع ضغط الدم. ويستخدم لهذا الغرض جرعة بسيطة مرة واحدة في اليوم وليس مثل الجرعة المستخدمة لارتفاع ضغط الدم. إضافة إلى ذلك يفضل عمل تحليل لوظائف الكلى وكذلك أشعة صوتية للكلى. كما يفضل إحالة مريض السكري إلى طبيب الكلى للمتابعة. إن تهريب البروتين في البول كما يسميها البعض هي أول مؤشرات تأثر الكلى بمرض السكري. وبالتالي قد يتطور الأمر إلى مزيد من تهريب البروتين من الكلى وبالتالي يتسبب في تجمع السوائل في الجسم. إن هذه المضاعفة يمكن تفاديها بالتحكم التام بسكر الدم وحين حدوثها يمكن تفادي استفحالها أيضا بالتحكم التام بسكر بالدم. وهذا العلاج يندرج تحت مسمى مهبطات إنزيم محول انجيوتنسين وهو من العلاجات المعروفة لمرض ارتفاع ضغط الدم. ومنها علاج أو دواء أنالبريل وكابتوبريل وغيرها من العلاجات المعروفة. ومن الأمراض التي تسبب ظهور بروتين الألبيومين في البول هو مرض السكري النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم و أمراض الكلى من غير إصابة بمرض السكري. ومن المساعدات في العلاج ممارسة الرياضة والتحكم في الوزن والانتظام على الغذاء الصحي ومعالجة ارتفاع الدهون والكولستيرول. والكثير من الناس يتساءل عن الأعراض التي تصاحب القصور الوظيفي للكلية، وفي واقع الأمر لا يوجد أعراض واضحة حتى تفشي الأمر واستفحاله. ولهذا السبب كان لزاما عمل التحليل الدوري المنتظم كل عام وخاصة لمرضى السكري النوع الثاني والذين قد يكونون مصابين بمرض السكري منذ زمن وهم لا يعلمون بإصابتهم. كما العلاج الفوري لارتفاع ضغط الدم مهم جدا والعمل على جعله أقل من 110 على 70 وليس فقط جعله أقل من 120 على 80. أي أن ضبط ارتفاع ضغط الدم سيكون هنا أهم من ذي قبل. و ينصح كذلك بالامتناع عن التدخين والتوقف عن شرب الكحول وخاصة لدى الغرب ونحوها من الأمور التي تزيد من تفاقم المشكلة. وهنا نود التنبيه إلى نقطة هامة جدا وهي أن مريض السكري النوع الثاني قد يكون مصابا بمضاعفات الكلى عند تشخيصه وليس بعد تشخيص مرض السكري بمدة. ولذا فإن فحص الكلى ووظائفها مهم جدا لمريض السكري النوع الثاني.
التهاب البول ومرض السكري
وسنتحدث أيضا عن موضوع أخر له علاقة بمرض السكري ومشاكل الكلى وهو التهاب الكلى المتكرر والمتعاقب. أعراض مرض السكري قد تكون معروفة لدى الجميع، فهي تشمل كثرة التبول والاحساس بالعطش ونقص الوزن وخاصة عندما نتحدث عن الأطفال المصابين بمرض السكري النوع الأول، ولكن قد تكون عند البعض الأعراض مختلفة نوعا ما وتشمل التهاب البول. كما يعلم البعض أن تواجد مادة السكر في البول أو أي وسط أخر عامل جاذب لتنامي البكتريا والجراثيم بصفة عامة. وقد يشكو الطفل بداية بصعوبة التبول أو حرقة أثناء التبول إما بسبب تواجد مادة السكر في البول وهي مهيجة للمجاري البولية وخاصة لو صاحبها تواجد كيتونات أو بسبب التهاب البول البكتيري الذي كان سببه تواجد مادة السكر الحالية. وفي مرات عدة صاحب اكتشاف مرض السكري النوع الأول وجود التهاب في البول وقد تكون هذه الظاهرة أكثر حدوثا عند مرضى السكري النوع الثاني حيث أن المرض أي السكري النوع الثاني لا يكتشف عادة فجأة كما هو الحال مع مرض السكري النوع الأول ولكن تدريجيا مع مرور السنين والأيام. إن طرح هذه المعلومة مهم جدا وهام جدا والمقصود منه عدم إهمال شكوى الطفل عند شعوره بحرقة في البول فقد يكون الأمر التهابا وليس مجرد تحسس والأمر الأخرهو الحرص عن استبعاد وجود التهاب في البول عند المرضى الجدد أو المرضى القدامي المصابين بمرض السكري عند فحص البول وخاصة عند شعورهم بعلامات التهاب به.
ونود أيضا التحدث عن التهاب البول المصاحب لمرض السكري بنوعية الأول والثاني، فهو ليس فقط مصاحبا لمرض السكري بل قد يكون سببا في تدهور حالة مريض السكري الصحية. حيث أن التهاب البول قد يزيد من حالة الجفاف لدى مريض السكري بسبب ارتفاع درجة الحرارة وقد يزيد من ناحية أخرى من تدهور وظيفة الكلى لدى مريض السكري الذي يشكو مسبقا من قصور عمل الكلى بسبب مرض السكري نفسه. وفي حالة مرض السكري النوع الأول قد يكون إلتهاب البول سببا في دخول مريض السكري من الأطفال في حموضة الدم التي تستدعي عادة دخول مريض السكري إلى المستشفى. يتحدت الكثيرون عن مرض السكري وتأثيره السلبي على وظائف الكلى وهو تأثير سلبي معهود ومعروف ولكنه عادة ما يحدث ذلك متأخرا خاصة لدى مرضى السكري غير المنتظمين بالتحليل والمتابعة والتقيد بالتعليمات. إلا أن تأثير مرض السكري عبر بوابة الالتهابات المتكررة للمسالك البولية على وظائف الكلى قد يكون نوعا ما مبكرا إذا ما قورن بتأثيره على وظائف الكلى عبر تأثيره على قدرة الكلى على حفظ البروتين من التسرب عبر أنابيب الكلى كما ذكرنا سابقا ولاذي قد يزيد مع التهابات البول المتكررة. . ولذا لزم التنبيه والتحذير من هذه الالتهابات والكشف المبكر لها وعدم التهاون في علاجها أو إكمال علاجها وهو الأهم. والمقصود بذلك أن البعض يشعر بتحسن بمجرد استخدام المضاد الحيوي لبضعة أيام ومن ثم يقوم بإيقافه وهذا خطأ متكرر والأولى الاستمرار عليه حتى اكتمال المدة المحددة. إن التهاب البول وتكرره يصبح مدعاة في بعض الأحيان إلى تكرر حدوثه حيث تصبح الكلية مرتعا لهذه الالتهابات مما يؤدي إلى حدوث تليف في الكلى. إن تكرار الالتهابات البولية قد يستلزم علاجا دائما بالمضاد الحيوي. إن تأثير مرض السكري على المسالك البولية معقد من ناحية ميكانية المرض, فمن ناحية مرض السكري فإنه يضعف المناعة حيث أنه يؤثر على الخلايا الأكلة والخلايا البيضاء وخلايا المقاومة والمناعة الأخرى ومن ناحية أخري يحدث مرض السكري أو يساعد في إحداث ارتجاع من المثانة إلى الكلى مما يؤدي إلى مضاعفات سلبية لا يحمد عقباها. والمقصود من هذه المقالة هو فحص البول بصورة متكررة لمريض السكري النوع الأول والنوع الثاني لتفادي مضاعفات مرض السكري و الاكتشاف المبكر لأي تدهور في وظائف الكلى.