لا يوجد أي مبرر يمكن القبول به إزاء استخدام
العنف ضد الأطفال. ومع ذلك فيمكن الوقاية منه
وتحييده في حال الالتزام الفعال والمطلق بحقوق الانسان من كافة الدول، والشعوب، والجماعات،
والأفراد في العالم على حد السواء. ثم بتطبيق العقوبات الصارمة والفورية ضد كل من يخترق
تلك الحقوق، ودون النظر إلى أي اعتبار : قانوني، أو اجتماعي، أو عادات ، أوتقاليد يجري
تطبيقها في المجتمعات، وأيا كانت المبررات أو الأنظمة والتنظيمات والمعتقدات لتلك المجتمعات،
وبغض النظر عن درجة تقدمها من عدمه.
انتهاك حقوق الطفل يأتي على العديد من الهيئات : فمنها ماهو جسدي، ومنها ماهو نفسي، ومنها
مايحصل في المنازل، أو المدارس و أماكن العمل، أو الملاجئ ودور الرعاية. ومنها مايكون على
هيئة واحد أو أكثر من الأشكال التالية : كالتهديد، أو التعذيب، أوالتحرش الجنسي، أو الخطف
كرهائن، أوالاتجار والتسول بهم، أوتشغيلهم بالأعمال دون السن المسموح بها .
الهيئات الأممية و حقوق الإنسان عرَّفت
العنف ضد
الأطفال بأنه " جميع أشكال
العنف الجسدي أو
النفسي وإحداث الضرر والأذى أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال،
بما في ذلك الاعتداء الجنسي " وسنت من أجل ذلك القوانين والعقوبات ومع ذلك مازالت تلك
الممارسات تحدث وبشكل فاضح ومخز في جميع أنحاء العالم . إلا أن
العنف ضد الأطفال
( قبل، وأثناء، وبعد ) النزاعات والحروب هو الأكثر ضررا وانتشارا. وأخطر مايمكن
أن يتعرض له
الأطفال هو إدخالهم عنوة ضمن دوائر ( الصراع
المسلح ) بين الجهات المتحاربة.
ويكون ذلك إما باستخدامهم كدروع بشرية قبل النزاع، أو بتصفيتهم أثناء النزاع، أوبأسرهم بعده
للمساومة
عليهم..ويدخل ضمن ذلك
العنف ضد
الأطفال اللاجئون والمشردون بسبب الحروب، أوبسبب المجاعات
والكوارث .
لقد أشبع المؤتمرون والباحثون في العالم هذا المجال منذ قرون خلت بالكثير من الدراسات، والتقارير،
والتوصيات. وتم التوقيع على الكثير من الاتفاقيات وابرام العهود والمواثيق الدولية لحماية حقوق
الطفل،
إلا أنه ومع الأسف لايتم التقيد بها ولا المحاسبة على خرقها .
ربما لم يعترف عالمنا اليوم أو لايريد الاعتراف بما تسببه تلك التصرفات غير الإنسانية لنفسيات
الأطفال
من آلام،
وماتختزنه ذاكرتهم من صور حزينة، وما تجلبه إلى أرواحهم البريئة من جروح عميقة تلازمهم طيلة
حياتهم .
إن
الأطفال الذين خرجوا إلى هذه الدنيا على مسمع من أصوات هديرالطائرات، ومحركات الأسلحة
الثقيلة
وخشخشة جنازيرها،وعلى مرأى من المناظر المرعبة لأثار الانفجارات وأصوات صعق القنابل
والصواريخ،
والطلقات النارية الرشاشة،لايمكن أن يكونوا الأفراد الأسوياء في المستقبل أبدًا . ولا أعتقد بأنهم
سيغفروا للكبار
الذين تسببوا في إيلامهم، مهما كانت درجة تطبيبهم فيما بعد .
ومع ما ندعيه في هذا العالم من تقدم وتحضر، وما تفضل به الله علينا من توسع شامل في مجال البحوث
والتطبيقات لعلوم الطب، و الاجتماع، والتربية، ورعاية السلوك، إلا أن
العنف ضد
الأطفال لازال مستمرا وبتزايد غير مسبوق . وللأسف أن
العنف يصدر من قبلنا نحن
الكبار الذين نزعم تعليم
الأطفال السلوك السوي، والتربية السليمة .
إن الوقاية من
العنف ضد
الأطفال يتطلب منا جميعا كبشر الاعتراف يقينا بحقوقهم ثم
(بالحزم والمعاقبة الفعلية) لكل من يسلك تلك السبل غير الإنسانية و إيذائهم، وليس بتسطير
بروتوكولات على الورق،أو اصدار بيانات أو تقارير شجب واستنكار. وإن تخلت المنظمات والهيئات
أوالحكومات عن مسؤولياتها القانونية في ذلك الاتجاه، فلا يصح بأي حال من الأحوال أن نتخلى كأفراد
عن تلك المسؤولية الإنسانية والأخلاقية .وأقل ما يجب علينا العلم والعمل به وتعليمه لأطفالنا أنه
(لاعنف مبرر ضد
الأطفال ) بقدر تعليمنا لهم ( وجوب احترام الكبار )