04-17-2017, 04:47 PM
|
|
|
|
|
حروف على الجدار
علبة السجائر و النظارة و الكوفية و العطر الرجالي الفج والكتاب الورقي كانوا عتاد كل شاب وجيوشه في غزواته لقلوب الفتيات المراهقات ، هكذا تعلمنا من قرناء السوء في مرحلة لم نكن نعرف بها الصواب من الخطأ ، كنا كمثل الغزال يحمل أسفارا ، ننتقيها كما تنتقي قمصاننا ذات ألوان جذابة وحبذا لو كانت بلغة أجنبية او لمؤلف عالمي او حتى عربي على أن يكون من الأعلام المرموقين ، فكلما زادت شهرة المؤلف كانت مكانتنا تزداد بين الجموع حتى نصبح أشهر من المؤلف ذاته ، ولكن اضطررنا لفتح الكتاب ليس للقراءة لا سمح الله ولكن لنرسم على هوامش بعض صفحاته قلبا صابه سهم يتوسط حرفين واحيانا حرف واحد إن لم تكن حبائل الكتاب قد صادت الحرف الثاني بعد ، هذا كان عهدي بالكتاب و القراءة حتى حدث ما حمدت عقباه ، نعم يحمد عقباه ..
أذكر ما حدث في ذلك اليوم ، اليوم العاصف ، نعم كان عاصفا على كل الجهات حتى أنه عصف بي انا نفسي وأي عصف ، كنت تعودت ان أقسم صفحات الكتاب إلى ثمانية وعشرين جزء وكنت أرسم في كل جزء ذلك القلب الذي أصابه سهم العشق وكان اول حرف في اسمي هو القاسم المشترك بين تلك القلوب ، وكان كل سهم يشير إلى حرف أبجدي مختلف من الألف إلى الياء متفرقين على الأجزاء الثمانية و العشرين ، كنت أعد العدة متحينا الفرصة القادمة والصيد الذي سترميه الأيام في شباك كتابي المفخخ ، كل فتاة لا محالة لن يخرج اسمها عن تلك الحروف ، يا لي من ألمعي ، لقد ولدت صيادا ، حتى الأن يسير كل شئ على خير ما يرام ، وها قد اكتمل الأمر و أتى حمل الكتاب جيئة وذهابا ثماره واقتربت مني إحدى الفتيات التي جذبتها إلي تلك التركيبة السحرية وعلى رأسها كتاب الشعر الرومانسي بغلافه الذي كان عبارة عن عاشقين تعانقا وقد حاطتهما هالة ساحرة الألوان ، يتمنى كل حالم ان يكون هو هذا العاشق ، وصدق تخميني فقد كانت تلك الفتاة ترمق الكتاب ساهمة وهي تمني نفسها بأن تتحول دنيتها إلى هذه الهالة الساحرة في حضن العاشق الذي تحلم به - وأحسبه أنا - وبدأتني بالكلام لا أذكر ما كان الموضوع فقد كان كل تركيزي على عينيها التي ما فارقت عيني إلا لتسرق نظرة خاطفة على مستقبلها معي أقصد غلاف الكتاب وانتهينا سريعا من لقاء التعارف الأول وتواعدنا ضمنيا على لقاءات أخرى ، وكنت قد حصلت على اسمها وتحسست بإصبعي مكان قلبها في الكتاب أقصد القلب الذي يحمل حرف اسمها الأول وكأنني أطمئن على أنه ما زال موجودا كما يتفقد المحارب دوما سلاحه الملازم لجنبه ، تكررت اللقاءات وتقاربنا حتي ذلك اللقاء الذي أريتها فيه بحيلة ماكرة وبحجة أن في هذا الجزء أقرب القصائد لقلبي أريتها القصيدة وبجانبها ذلك القلب الذي يشير سهمه إلى حرفي و حرفها و مدت أصابعها تتحسس القلب الرسوم وهي لا تصدق عينيها فراحت عيناها تتأرجح بين هذا القلب وحروف اسمينا وبين عيني وكأنها تستحلفها أن تؤكد لها ما تراه ، فسارعت بإيماءة تأكيد فوقفت وفردت ذراعيها ووجهها إلى السماء والريح تعصف بشعرها وتطوح أطراف فستانها يمنة ويسرة وكأنها طفل صغير مدلل يستجدي أمه في الذهاب معها ، وقد كانت تستعد للانطلاق إلى السماوات البعيدة فلم تكن الأرض لتسع تلك الفرحة الكبيرة القصيرة العمر فقد مدت يدها إلي وكأنها تريد اصطحابي معها في رحلتها إلى الفضاء الرحب وبالفعل اسلمتها يدي ومدت يدها الأخري ليدي الأخرى وكنت أحمل الكتاب فوضعته من يدي على المقعد وأسلمتها اليد الأخرى وقمت معها ولكنها تذكرت الكتاب وكأنها أرادت ألا تفارقه في رحلتها فقد كان بالنسبة لها باب السعادة ومكان ميلاد حبي لها ومدت يدها إلى الكتاب ولكن كانت الريح العاصفة اللعينة أسرع من يدها فلعبت بأوراقه بكل ما أوتيت من قوة وراحت تقلب صفحاته وتفضح ما كان يخفيه من الألف إلى الياء ومرورا بالسين (سها ) تجمدت وتسمرت عيناها على الكتاب وأجزاءه وقلوبه الثمانية و العشرين ولم تحتمل قدماها ذلك الجسد المتهاوي مغشيا...
توقف الزمن عند تلك اللحظة العاصفة حين هوت سها من فوق السماء البعيدة التي حلقت بها روحها وما عادت ، نعم ما عادت ربما فضلت أن تبقى بعيدة عن تلك الحياة التي دنسها الحب الزائف ، نعم ما عادت روحها وكأنها استهواها الحلم الجميل الكذوب فتمسكت به وقايضت به كل ما في دنيانا وأظنها ربحت ، ربحت كتاجر ماهر قايض مالا قيمة له ولا جدوى منه بثمن غال ، أدركت ذلك بعد أن أفقت من غفوتي ، ولكن ترى متى أفقت من غفوتي كل ما أذكره هو هزاتي لها وأنا أرتجف وأتصبب عرقا يختلط بقطرات المطر التي كانت تزيدني توترا برتابتها ، ويبخرها إلى الجو البارد ذلك المرجل الهادر في داخلي يكاد يحرق كل الكون من حولي وانا أهمس باسمها خافتا صوتي لا أدري أيهما أريد ، أن تستفيق من أغماءتها ؟ولكن إن أفاقت هي فكيف لي بنظرتها إلي ؟ ما حسبت في عمري حساب ألم إلا ألم تلك النظرة المتوقعة كسوط من نيران تجلدني عاريا أجل عاريا فقد تعريت أمامها ، أم أريد بدلا من ذلك أن تبقى مسبلة العينين ويمر الذنب بلا عقاب ، ليس ذنبا بل جرما فأنا قاتل لا يعرف الرحمة يلهو بأحلام البريئات دون وازع او رادع ، و تأكدت من جريمتي فلم تجب سها ولم تستجب لتوسلاتي ودموعي التي خالطت المطر والعرق ولم تجد معها محاولاتي اليائسة لخروج أنفاسها التي دخلت صدرها شهيقا حوى الريح الغاضبة وكتمها بين ضلوعها فسكنت الريح في الخارج ولكنها مزقت قلبها بين جنباتها ، وككل قاتل بارد الدم تحسست الكتاب محاولا إخفاءه فهو أداة الجريمة ، احتضنته وأطبقت عليه بكلتي ذراعي وتلمست طريقي للهرب ، ولكن لم أفق من غفوتي إلا وأنا واقف على قبرها وبيدي السكين التي ذبحتها ، وما افقت إلا بعد أن هويت على ركبتي دافنا راسي في التراب الذي يغطي جسدها وأحفر بيدي المرتعشتين لأصل اليها وأخرج يدها من بين طيات أكفانها وأكب عليها ضارعا أن تغفر لي ما جنته حماقاتي و نزقي ولم ترد على توسلي بأن تسامحني ، وما الذي يجعلها تسامحني ؟ ربما تسامحني لأنها أحبتني ، ولكن هل استحق أنا هذا الحب أم انه الهروب من العقاب و القصاص العادل ، نعم هو القصاص ما استحق ..
وضعت الكتاب بيدها وواريتهما التراب وخرجت أمر على كل جدار في المدينة أحفر بأظافري قلبا والسهم النافذ به وعلى طرف السهم حفرت اسمها ولم أحفر اسمي فما استحق هذا التكريم . ومازلت أحفر قلوبا ، ولم أدع جدارا إلا وسمته ، حتى الأشجار وسمتها إلى أن وصلت لتلك الشجرة التي كانت الشاهد الصامت على المشهد الاخير ، وانشبت بها أظفاري ، أظفاري التي كان الحفر يتآكلها حتى العظم وتتدفق منها الدماء تصبغ القلب المرسوم بلونها القاني ، أظفاري التي عادت قوية صحيحة كسيرتها الأولى وكانت تعود دوما ولم أكن أعلم تفسيرا لشفائها الخاطف العجيب عند بداية كل حفر ، و شرعت حافرا على تلك الشجرة القلب و السهم وحرفها ، وما كدت انتهي منه حتى انتبهت على يد أتت من خلفي وتتجه مباشرة نحو يدي اليمنى تنزعها برفق من نهاية حرف السين وتحضن أصابعي بدفء ، وانسابت صاحبة اليد الحانية بجسدها في تلك المساحة الضيقة بيني وبين الشجرة وهي ماتزال ممسكة بأصابعي وهي توليني ظهرها ونقلت أصابعي من يدها اليمنى إلى يسراها فأصبح ذراعي ملتفا حول خصرها وراحت تحفر بأصابعها على طرف السهم المقابل حرف الياء وهي تتماوج بجسدها في دلال مع تماوج حرف الياء اللين وراحت تمر بإصبعها على انحناءات الياء مرات و مرات وكأن الحرف قد استهواها بتموجاته ، وبعد أن انتهت من رحلتها التفت بجسدها في مواجهتي وهي ترفع أصابعي إلى شفتيها لتطبع عليها قبلة حانية وعيناها العسليتان معقودة بعيني فأسرعت معاتبا :
سها ، لماذا تأخرت على ... ولم تمهلني لأتم الجملة
فوضعت يدها على فمي برفق وأشارت بإصبعها في حركة بطيئة إلى الأشجار التي حولنا فرحت أجول بعيني حيث أشارت ودققت النظر إلى كل القلوب التي رسمتها فوجدتها كلها محفور بها حرف الياء ، فالتفت إليها وبدايات السؤال في عيني ، فبادرتني ب : أنت وحبك السبب كما أنني سهرت طول الليل لأنتهي من قراءة كتابك هذا ، وأخرجت الكتاب من حقيبتها المعلقة على كتفها فاختطفت الكتاب من يدها ورحت أقلب صفحاته على عجل وشاهدت القلوب المرسومة كلها بها حرف السين ولكنه بخطي أنا مميز في كتابة السين ، نعم هو خطي ، ولكن حرف الياء كان خطها ، وانتشلني صوتها من أفكاري وهي تسألني ألا يعجبك خطي ؟
فقلت لها وكأنني لم أتلق السؤال : سها ، بربك لا تغيبي عن ناظري مرة أخرى فدنيتي بدونك كابوس مخيف . |
pv,t ugn hg[]hv
تسلم يدينك غلاتي امجاد على الأهداء الرائع
اشكرك ياخياط على هذا تكريم الرائع ما قصرت ربي يسعدك
شكرا على تكريم الرائع ما قصرتي شموخي ياقلبي
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ملاك الورد على المشاركة المفيدة:
|
|
04-17-2017, 07:52 PM
|
#2
|
رد: حروف على الجدار
طرح في قمة ـآإآلروؤوؤعة ..
آإآختيـآإآر رآإآق لي كثيرآإآ ..
تسلم لنآإآ ـآلانآإآمل ـآإآلذهبية على هيك طرح رآإآقي ..
عطآإآك ـآإآلرب ـآإآلف ع ـآإآفية ..
ودي وعبير وؤوؤردي .
|
|
كايده واتعب عشان المقام الكـــايد
واترك الهين مع صفق الــهبوب يعدي
بنت واحب الطناخه والشـــموخ الزايد
والطناخه والشموخ اسلوم ابوي وجدي
|
04-18-2017, 03:00 AM
|
#3
|
04-18-2017, 07:44 AM
|
#4
|
04-18-2017, 05:01 PM
|
#5
|
رد: حروف على الجدار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اميره لذاك الرجل
طرح في قمة ـآإآلروؤوؤعة ..
آإآختيـآإآر رآإآق لي كثيرآإآ ..
تسلم لنآإآ ـآلانآإآمل ـآإآلذهبية على هيك طرح رآإآقي ..
عطآإآك ـآإآلرب ـآإآلف ع ـآإآفية ..
ودي وعبير وؤوؤردي .
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
04-18-2017, 05:01 PM
|
#6
|
رد: حروف على الجدار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ms hms
.
طرح رآئع وراقي
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
04-18-2017, 05:02 PM
|
#7
|
رد: حروف على الجدار
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شموع الحب
تسسلم يمينك على رووعه طرحك~
الله يعطيك الف عاآآآآآآفيه ...
ولاتحرمنا من جديدك وفيض ابداعاااك ..
دمت بخير..~
..:ღ:..
منوره بمرورك العطر يالغلا
|
|
|
04-19-2017, 01:25 AM
|
#8
|
رد: حروف على الجدار
طرح اكثر من رائع
سلمت اناملك
ويعطيك الله العافيه على مجهودك
في أنتظار المزيد
والمزيد من عطائك ومواضيعك الرائعه والجميله
ودائما في إبداع مستمر
|
|
|
04-20-2017, 01:55 AM
|
#9
|
رد: حروف على الجدار
|
|
|
04-21-2017, 06:59 PM
|
#10
|
رد: حروف على الجدار
*،
يعطيك العافيه ع الموضوع الجميل
طبت و طاب منقولك .
|
|
|
تعليمات المشاركة
|
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
|
|
الساعة الآن 05:01 AM
| | | | | | | | | |