الشورجة ، أحد اسواق بغداد القديمة والمشهورة منذ العصر
العباسي، وتمثل اليوم قلب العاصمة التجاري والاقتصادي
أيضا المعروف بتشابك متاجره وأسواقه وأزقته، وتحول اليوم
الى معلم سياحي يقصده السواح لما له من طابع تراثي يعكس
واقع المجتمع منذ العصر العباسي.
اختلف المؤرخون في اصل تسميتها فمنهم من يقول انها تعني
(الماء والملح)ومنهم من يقول انها تعني (دهن السمسم)
ما أن تطأ قدماك سوق الشورجة حتى تشدّك اليها رائحة
توابلها الذكية ونكهة اعشابها الطيبة
ومنظر شموعها الملونة المدلاة بشكل أنيق وجميل، وحين تتجول
في ارجائها تشعر كأنك تعيش في اعماق التاريخ فتأخذك الايام
الى الماضي التليد.
انه عالم ساحر وغريب يجمع بين التراث والمعاصرة.
لقد أختلف المؤرخون والباحثون في اصل تسمية الشورجة وتعددت
آراؤهم، فالشيخ جلال الحنفي يؤكد ان كلمة الشورجة منحدرة
من كلمة (شوركاه) اي محل الشورة او (الماء المالح) اذ كانت
محلة الشورجة قديما بئرا او بركة ماء فحرّفت الى الشورجة.
ويضيف, ان منطقة الشورجة كانت منطقة مستنقعات وجاءت
التسمية من بيع دهن (الشبرج) فيها.
اما الباحث الاستاذ سالم الالوسي فيقول ان اصل كلمة الشورجة
جاءت من (الشبرج) وهو دهن السمسم اذ كانت في السوق
معاصر خاصة للسمسم والاسم ينسب الى الشبرجة او الشرجة
التي حُرفت الى الشورجة.
ويقول الحاج صالح عيسى وهو من الذين عاصروا سوق الشورجة
منذ بدايات القرن الماضي ان هذه السوق المتعارف عليها الان
باسم الشورجة هي ليست الشورجة وانما هي التي تبدأ من شارع
الملك غازي (الكفاح حاليا) حتى مدخلها في شارع الرشيد
عند جامع مرجان.
وكانت فيها معالم بارزة شاخصة للعيان تهدّم وانقرض بعضها
في فترات مختلفة من الزمن اذكر منها، خان الدجاج وحمام
الشورجة وسوق التمارة وسوق الغزل وسوق العطارين وعلاوي
الشورجة وخان مخزوم وبنات الحسن وغيرها.
ويضيف قائلا، وكتب التاريخ تحدثنا ان هذه السوق العريقة
نشبت فيها حرائق عديدة بسبب تكديس البضائع فيها
ففي زمن الوالي جمال باشا السفاح التهمت النيران سوق العطارين
وامتدت ألسنة النار الى جامع مرجان ودام الحريق اكثر
من اسبوع.
والشورجة سوق تراثية وشعبية عند البغداديين فاغلب البيوت
البغدادية تجري سعيا اليها والتبضع فيها خصوصا في ايام
رمضان والمناسبات والاعياد واذ تكثر الشموع والتوابل بانواعها
ومستلزمات الاعراس والافراح كافة.
وحدثنا المهندس الزراعي كمال جعفر ميرزا الذي يمتلك محلا
لبيع التوابل والاعشاب في السوق عن اصل تسمية الشورجة
قائلا :
الشورجة كلمة تركية تتكون من مقطعين المقطع الاول (الشور)
ويعني النهر والمقطع الثاني الـ (جه) المتكونة من حرفين فتعني
(المالح) وبذلك يكون معنى الشورجة (النهر المالح) او النهر
المالح الصغير وهذا مستند الى القاموس التركي.
ويضيف في ذلك الوقت كان الناس مجتمعين حول هذا النهر
المالح من اجل البيع والشراء وكل شخص يعرض بضاعته
حول هذا النهر.
وتعد المنطقة من المناطق التراثية وفي الاونة الاخيرة تعرضت
بعض مبانيها القديمة للهدم مثل الخانات التراثية القديمة كخان
الاغا الصغير وبعض المباني القديمة الاخرى المجاورة وقد عثر
فيها على عدد من آبار الماء المالح وهذا يؤكد
على ان التسمية صحيحة
لا تقتصر السياحة في العراق على المعالم التاريخية والمراكز
الدينية ، بل تشمل وجهات أخرى هي مزيج من السياحة
و التبضّع والاقتراب اكثر من الحياة اليومية الشعبية التي يزورها
الناس ، اذ ان فلسفة السياحة الحديثة تركّز على جعل هذه
الفعالية تلقائية تمس واقع الشعوب التي يزورها السائح للإطلاع
عن كثب على حركة الناس اليومية وعاداتهم وتقاليدهم.
وإحدى المعالم التجارية التي تجذب الزائرين الى مدينة بغداد ،
منطقة الشورجة ، احد اسواق بغداد القديمة والمشهورة منذ
العصر العباسي، وتمثل اليوم قلب العاصمة التجاري والاقتصادي
المعروف بتشابك متاجره وأسواقه وأزقته ، والذي يمزج بين
عبق التاريخ ، والفعاليات التجارية العصرية الممزوجة
بصراخ الباعة الذي لا يهدأ وضجيج الحركة .
معالم تاريخية
ويتوقع الزائر وهو يبدأ جولته في السوق ازدحاما كبيرا وحركة
تجارية، وبضائع متنوعة المصادر والمناشيء ، مثلما يمكنه
شراء الهدايا الثمينة . كما يلمح الزائر ايضا سواح من جنسيات
مختلفة تتمتع بالتجول في السوق . ويقول التركي محمد ازل
وهو أحد العاملين في العراق ضمن شركة تركية ان دهشته
تتمثل في حفاظ السوق على تلقائيته ومعالمه التاريخية حيث
الدروب والأزقة الضيقة وطريقة عرض البضائع الكلاسيكية .
ان رائحة التوابل الذكية ونكهة المكان تعيد الذكريات
بأيام بغداد الخوالي . وفي جانب من السوق يلمح المتاجر
التي تعرض المصوغات والمصنوعات والأنسجة والشموع
التي تجمع بين التراث والمعاصرة.
أسواق تخصّصية
يمتد السوق بطريقة ملتوية عبر أزقة ضيقة يغطيها سقف ،
من شارع الكفاح حتى شارع الرشيد عند جامع مرجان ،
حيث هناك حمام الشورجة وخان الدجاج وسوق التمر وسوق
الغزل وسوق العطارين وعلاوي الشورجة.
ومن المشاهد الشعبية التي تثير إعجاب المتجولين والمتبضعين
في السوق ، ازدحام السوق بحركة العتّالين والحمالين من الصبية
وكبار السن أيضا ، إضافة الى الباعة المتجولين وهم يخترقون
أزقة السوق وحاراته التي تمثل كل واحدة منها سوقا تخصصيا
فهناك ركن باعة الصابون ، وسوق التوابل ، وجانب متخصّصّ
في بيع القرطاسية، وآخر للزجاجيات و قسم آخر يبيع العصائر
والمكسرات ، وحارة ضيقة أخرى لبيع مستلزمات التدخين
من سجائر وتبغ .
وما ان ينتهي السائح من زيارة السوق حتى يمكنه من التمتع
من مشاهدة أعرق المعالم التاريخية الواقعة في طرف الشورجة
من جهة شارع الرشيد وهو جامع مرجان ، اضافة الى معالم
تاريخية تقع في نفس المنطقة منها كنيسة مريم العذراء ، وجامع
الخلفاء ، وجامع النخلة ، وجامع النوبجي .وسوق الغزل بجانب
الشورجة. وسوق الغزل ، مكان مخصص للتجارة يحوي على
محال صغيرة لبيع الحيوانات والطيور على اختلاف أنواعها ،
إضافة الى الحبوب و البقوليات .ولا ينسى الزائر أيضا القيام
بجولة في شارع الرشيد أهم معالم بغداد في الوقت الحاضر
وتأسس عام 1920.