البدْء بالسلام فضيلة جليلة، لا يَعرفها الكثيرون، ومن عرف هذا الفضل سعى له سعيًا كبيرًا
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإنَّ إلقاء السلام على المسلمين من السنن العظيمة التي يَغفُل الكثير عن أجرِها، ويَتكاسل الكثير عن اغتنام فضلِها، وتحية الإسلام هي: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وهي
تحية عظيمة، أمَرَنا الرسول صلى الله عليه وسلم بها، والمُثابرة عليها، وهناك بعض السنن النبوية التي تَقترن بتحية الإسلام يتمُّ بيانها في النقاط التالية:
البَدء بالسلام:
البدْء بالسلام فضيلة جليلة، لا يَعرفها الكثيرون، ومن عرف هذا الفضل سعى له سعيًا كبيرًا، وحرص عليه أشدَّ الحرص، وسارع إليه؛ فلقد رَوى أبو داود عن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
إنَّ أولى الناسِ باللهِ من بدأهم بالسلامِ»، والحديث صحَّحه
الألباني، ولهذا فعلينا التسابق لهذا الخير في الطرقات، وفي العمل، وفي وسائل المواصلات.
إكمال السلام:
بعض المسلمين يَقتصر على قوله: "السلام عليكم"، ولكي يحصل المسلم على أجرٍ أكبرَ فعليه إكمال السلام بقوله: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"؛ فقد روى الترمذي أنَّ رجلاً جاء إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «
عشرٌ»، وجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «
عشرون»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «
ثلاثون»؛ والحديث صحَّحه الألباني.
السلام على مَن عرفتَ ومَن لم تَعرف:
الكثير لا يُلقي السلام إلا على من يعرفه، وهذا مخالف لهدْي الرسول صلى الله عليه وسلم، فالسنَّة أن تلقي السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه قال: إن رجلاً سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسلامِ خيرٌ؟ قال: «
تُطعِمُ الطعامَ، وتَقرَأُ السلامَ على من عَرَفتَ وعلى من لم تَعرِفْ» (رواه
البخاري)، فمَن ذهب ليشتري شيئًا فليُلقِ السلامَ كاملاً على البائع، وعلى مَن يراه، وفي الطرقات، وفي أروِقَة العمل، وعلى أهل البيت عند الدخول للبيت، وعلى المارة في وسائل المواصَلات، والمسلم الذي يُسارع لاكتساب الأجر يتحيَّن الفرصة لإلقاء السلام.
عدم بدء الكفار بالسلام:
مِن السنن النبوية عدم بدء الكفار بالسلام؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «
لا تبدَؤوا اليهودَ ولا النصارى بالسلامِ، فإذا لقِيتُم أحدَهم في طريقٍ فاضطَرُّوه إلى أضيَقِهِ» (رواه مسلم)، ولو بدأ الكافر السلام فيكون الرد عليهم بالقول: "وعليكم"؛ فعن أبي عبد الرحمن الجهني أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
إنِّي راكبٌ غدًا إلى اليَهودِ، فلا تبدَؤوهُم بالسَّلامِ، فإذا سلَّموا عليكُم فقولوا: وعليكُم» (رواه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني).
الخير في مَن يبدأ بالسلام:
قد يَحدث أمور تعكِّر صفْوَ العلاقة بين المسلمين، والمسلم يُسارع إلى العفو، ويسارع إلى تعزيز أواصر العلاقة وإزالة كل شائبة؛ ابتغاءً لمرضاة الله تعالى، فالخير كل الخير فيمن يسعى للبدء بالسلام؛ فعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «
لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيامٍ، يلتقيان فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا، وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ» (رواه أبو داود وصحَّحه الألباني).
السلام على الصِّبيان[1]
:
يتجاهَل البعض السلام على الصبيان، وهي مِن السنن النبوية العظيمة في تربية النشْء، فعلينا التزامها، وتوعية الغير بها؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه مَرَّ على صِبيانٍ فسلَّم عليهم، وقال: "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَفعَلُه" (رواه البخاري).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وأهلنا والمسلمين من أهل السلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم، وعلى آله وصحبه أجمعين.