جلس وحيدا والليل يصافح اخر خيوط النهار ويوعده بان ينتظره عند بزوغ فجر جديد
كان ينظر الى امواج البحر المتلاحقه تقبل بعضها البعض تودع عندها اسرارها
اشعل سيجار وتنفس بعمق واخرج ما بصدره في الهواء الطلق
نظر الي تمثاله الذي لم ينتهي بعد منذ شرع في اعداده لم يكتمل ابدا لايعرف لماذا كل
الاعمال التي بدائها من قبله او بعده استطاع ان ينهيها سريعا الا هذا التمثال
نظر اليه محدقا بتفاصيله غير المكتمله
كانت دمعتان متحجرتان بعين القبطان
فكر الفنان مليا لما لايستطيع اكمال هذا التمثال
تذكر كلمات الاب وهو ينظر الي طفله فيجده يلعب بقطع الصلصال ويشكلها بيسر
كانت كلمات الاب قاسيه اتترك كتابك وتعبث بهذه الاشياء
نهره بشده القى بقطع الصلصال من النافذه
عندما انصرف الاب غاص الطفل في بكاء حاد
كانت اصوات الاب تاتيه من الخارج وهو يشكوه لامه
سيكون هذا الولد فاشل فاشل
جائته امه من بعيد تجفف دموعه
حين نجح في الثانويه بمجموع ضعيف لم يجد فرحه
في وجه احد من اسرته الا بوجه امه
كانت نظرا والده القاسيه تعربد في داخله
تمنى لو امتلك الشجاعه ليواجهه
ويقول له لما تكره اي شئ احبه
ازدادت اصوات الامواج حده والقت نجوم السماء بكلمتها
بينما الفنان الكبير ينظر الى تمثاله الغير مكتمل بعمق
حين تقدم لكليه الفنون لاجراء اختبار القبول
ذهل الاساتذه من مهارته الفائقه في الرسم بالالوان
قبل بالكليه وسط ترحاب شديد
لم ينسى ابدا عيون الدكتور وهي تلمع وترسل كلماته الى نفسه امل جديد
انت ياولدي مشروع فنان كبير
صدمته ردود والديه حين ابلغهما ماحدث بالكليه
حين كان بالسنه النهائيه كان محط اعجاب كل اساتذته وزملائه
نجح بتفوق وعين بالكليه
حين اقامت الدوله حفل تكريم للفنانين المبدعين بعد سنوات
كان الفنان الكبير اول من كرم
حينما نظر الى القاعه المكتظه بالمدعوين
وسمع تصفيق الحاضرين له
كانت المقاعد الاماميه تخلو من وجود امه الحبيبه
الذي كانت دائما تسانده خفيه خوفا من ابيه
لقد رحلت عن الدنيا وتركته وحيدا
عندما كان يذهب الفنان الكبير بلوحاته وتماثيله
دول العالم وينال اعجاب العالم كله
كانت تتساقط الدموع من عيناه
كان الناس ينظرون اليه يحسدونه دوما على موهبته الفذه
كان محط اعجاب كل من يحيطون به
لكنهم دائما يحتارون حين ينظرون الى عينيه
كنت الاحزان تكاد ان تقفز من بين مقلاته
حين توفي والده لم يبكي ابدا وان ظل يتذكر اخر كلماته
سامحني ياولدي لم اكن ابدا اكره ماتحب
بل كنت حريصا على ان اجعلك تؤمن بما احب
اني احبك يابني
حين امسك بقطعه لاكمال التمثال
لم تستطع دموع الفنان الكبير ان تتماسك في عينيه
انخرط في البكاء
وبينما كانت عيناه لاتكف عن اسقاط الدموع
كانت يداه تكمل تمثاله الاثير