ثابت بن قيس بن شماس
كان من نجباء أصحاب محمد
، لم يشهد بدرًا، ولكنه شهد أحدًا وبيعة الرضوان. أمه هند الطائية، وقيل: كبشة بنت واقد بن الإطنابة، أسلمت وكانت ذا عقل وافر.
إخوته لأمه: عبد الله بن رواحة، عمرة بنت رواحة.
تزوج
ثابت بن قيس من جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول، فولدت له محمدًا.
وتزوج أيضًا من حبيبة بنت سهل، وقد آخى رسول الله
بينه وبين عمار.
إسلام
ثابت بن قيس:
هو أحد السابقين إلى الإسلام في يثرب، إذ ما كاد يستمع إلى آي الذكر الحكيم يرتلها الداعية المكي الشاب مصعب بن عمير بصوته الشجي وجرسه الندي حتى أسر القرآن سمعه بحلاوة وقعه، وملك قلبه برائع بيانه، وخلب لبه بما حفل به من هدى وتشريع.
فشرح الله صدره للإيمان وأعلى قدره ورفع ذكره بالانطواء تحت لواء نبي الإسلام
.
أثر تربية الرسول
في شخصية
ثابت بن قيس:
عن إسماعيل بن محمد بن
ثابت بن قيس أن
ثابت بن قيس قال: يا رسول الله إني أخشى أن أكون قد هلكت، ينهانا الله أن نحب أن نحمد بما لا نفعل، وأجدني أحب الحمد، وينهانا الله عن الخيلاء، وإني امرؤ أحب الجمال، وينهانا الله أن نرفع أصواتنا فوق صوتك، وأنا رجل رفيع الصوت، فقال رسول الله
: "يا
ثابت أما ترضى أن تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا وتدخل الجنة".
من ملامح شخصية
ثابت بن قيس:
لما نزل قوله جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2].
تجنب
ثابت بن قيس مجالس رسول الله
على الرغم من شدة حبه له وفرط تعلقه به ولزم بيته حتى لا يكاد يبرحه إلا لأداء المكتوبة.
فافتقده النبي
وقال: "من يأتيني بخبره؟", فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله وذهب إليه فوجده في منزله محزونًا منكسًا رأسه فقال له: ما شأنك يا أبا محمد؟ قال: شر. قال: وما ذاك؟ قال: إنك تعرف أني رجل جهير الصوت كثيرًا ما يعلو صوتي على صوت رسول الله
وقد نزل من القرآن ما تعلم, وما أحسبني إلا قد حبط عملي وإنني من أهل النار، فرجع الرجل إلى الرسول
وأخبره بما رأى وما سمع, فقال: "اذهب إليه وقل له لست من أهل النار, ولكنك من أهل الجنة".
إيثار
ثابت بن قيس وإنفاقه في سبيل الله:
قال رسول الله
لثابت بن قيس: "لقد ضحك الله ما فعلت بضيفك البارحة", ولعل هذه الواقعة هي سبب نزل قول الله
: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
فقد روي أن رجلاً من المسلمين مكث صائمًا ثلاثة أيام يمسي فلا يجد ما يفطر فيصبح صائمًا حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له:
ثابت بن قيس
, فقال لأهله: إني سأجيء الليلة بضيف لي, فإذا وضعتم طعامكم, فليقم بعضكم إلى السراج كأنه يصلحه فيطفئه, ثم اضربوا بأيديكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع ضيفنا, فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته, ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم, وإنما كان طعامهم ذلك خيره هو قوتهم, فلما أصبح
ثابت غدًا إلى رسول الله
فقال: "يا
ثابت لقد عجب الله البارحة منكم ومن ضيفكم", فنزلت هذه الآية: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
حال
ثابت بن قيس مع القرآن:
وعن محمد بن جرير بن يزيد " أن أشياخ أهل المدينة حدثوه: إن رسول الله
قيل له: ألم تر أن
ثابت بن قيس بن
شماس لم تزل داره البارحة تزهر مصابيح؟ قال: "فلعله قرأ سورة البقرة، فسئل ثابت, فقال: قرأت سورة البقرة".
شجاعة
ثابت بن قيس:
في صحيح مسلم عن أنس أن
ثابت بن قيس بن
شماس جاء يوم اليمامة وقد تحنط ونشر أكفانه وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء فقتل".
مواقف من حياة
ثابت بن قيس مع الرسول
:
عن أنس قال: خطب
ثابت بن قيس مقدم رسول الله
المدينة, فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا؟ قال: "الجنة". قالوا: رضينا.
ومن مواقفه:
عن ابن عباس
أن امرأة
ثابت بن قيس أتت النبي
فقالت: يا رسول الله,
ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين, ولكن أكره الكفر في الإسلام, فقال رسول الله
: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة". رواه البخاري.
الرسول يزور
ثابت بن قيس في مرضه:
في سنن أبي داود بسنده قال ابن صالح محمد بن يوسف بن
ثابت بن قيس بن
شماس عن أبيه عن جده عن رسول الله
أنه دخل على
ثابت بن قيس -قال أحمد وهو مريض- فقال: "اكشف البأس رب الناس عن
ثابت بن قيس بن شماس", ثم أخذ ترابًا من بطحان فجعله في قدح, ثم نفث عليه بماء وصبه عليه.
ومن مواقفه أيضًا:
قال الزهري: قدم وفد بني تميم وافتخر خطيبهم بأمور, فقال النبي
لثابت بن قيس: "قم فأجب خطيبهم", فقام وحمد الله وأبلغ, وسرَّ رسول الله
والمسلمون بمقامه وكان مما قال
ثابت لله دره: "والحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثم كان من فضله أن جعلنا ملوكًا واصطفى من خيرة خلقه رسولاً، أكرمهم نسبًا وأصدقهم حديثًا، وأفضلهم حسبًا، فأنزل عليه كتابه وأتمه على خلقه، فكان خيرة الله تعالى من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به فآمن برسول الله المهاجرون من قومه ذوي رحمه أكرم الناس حسبًا، وأحسن وخير الناس فعالاً، ثم كان أول الخلق إجابة واستجابة لله حين دعاهم رسول الله
، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله، فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله أبدًا، وكان قتله علينا يسيرًا. أقول قولي هذا واستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم".
مواقف من حياة
ثابت بن قيس مع الصحابة
عن أنس بن مالك قال: جئته وهو يتحنط فقلت: ألا ترى؟ فقال: الآن يا ابن أخي ثم أقبل فقال: هكذا عن وجوهنا تقارع القوم. بئس ما عودتم أقرانكم, ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله
فقاتل حتى قتل.
أثر
ثابت بن قيس في الآخرين (دعوته ـ تعليمه):
قال أبو قاسم الطبراني بسنده عن عطاء الخراساني قال: قدمت المدينة فسألت عمن يحدثني بحديث
ثابت بن قيس بن شماس، فأرشدوني إلى ابنته فسألتها فقالت: سمعت أبي يقول لما أنزل على رسول الله
: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18], اشتدت على
ثابت بن قيس وفاق عليه بابه، وطفق يبكي فأخبر رسول الله
فسأله فأخبره بما كبر عليه منها, فقال: أنا رجل أحب الجمال وأنا أسود قومي، فقال: "إنك لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير، ويدخلك الله الجنة"، فلما أنزل على رسول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2]، فعل مثل ذلك فأخبر النبي
فأرسل إليه فأخبره بما كبر عليه منها وأنه جهير الصوت، وأنه يتخوف أن يكون من حبط عمله, فقال: "إنك لست منهم، بل تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا ويدخلك الله الجنة".
وقد روى عن
ثابت بن قيس
أنس بن مالك
كما روى عنه ابنه محمد بن قيس وهو من الصحابة
جميعًا، وكذا روى عنه ابنه قيس بن
ثابت وهو من كبار التابعين.
مناقب
ثابت بن قيس:
عن أبي هريرة
قال: قال النبي
:"نعم الرجل
ثابت بن قيس بن شماس".
وقد بشره النبي
في أكثر من موضع بالجنة.
أوصى بعد موته وجازت وصيته!!
ورأى رجل من المسلمين
ثابت بن قيس في منامه فقال له ثابت: إني لما قتلت بالأمس مر بي رجل من المسلمين فانتزع مني درعًا نفيسة ومنزله في أقصى العسكر وعند منزله فرس يستن في طوله وقد أكفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلاً وائْتِ خالد بن الوليد فليبعث إلي درعي فليأخذها, فإذا قدمت على خليفة رسول الله فأعلمه أن عليَّ من الدين كذا ولي من المال كذا وفلان من رقيقي عتيق, وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه, قال: فأتى خالد بن الوليد فوجه إلى الدرع فوجدها كما ذكر وقدم على أبي بكر فأخبره, فأنفذ أبو بكر وصيته بعد موته فلا نعلم أحدًا جازت وصيته بعد موته إلا
ثابت بن قيس بن شماس.
وفاة
ثابت بن قيس:
لما استنفر أبو بكر المسلمين إلى أهل الردة واليمامة ومسيلمة الكذاب، سار
ثابت بن قيس فيمن سار فلما لقوا مسيلمة وبني حذيفة هزموا المسلمين ثلاث مرات, فقال
ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله
فجعلا لأنفسهما حفرة, فدخلا فيها فقاتلا حتى قتلا.
روى البخاري بسنده عن موسى بن أنس قال: وذكر يوم اليمامة قال: أتى أنس بن مالك
ثابت بن قيس وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنط فقال: يا عم ما يحبسك أن لا تجيء قال: الآن يا ابن أخي وجعل يتحنط يعني من الحنوط, ثم جاء فجلس, فذكر في الحديث انكشافا من الناس فقال: هكذا عن وجوهنا حتى نضارب القوم, ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله
بئس ما عودتم أقرانكم، وفي رواية فقاتل حتى قتل.