و مكث شايع الأمسح مربوط اًلدى أبن عريعر ثمان سنوات حتى ضعفت قوته و تعقدّت أعصابه و أثّر الحديد بساقيه ويديه و ساءت حالته الصحيّة و كان يحاول فداء نفسه في بداية سجنه و يقال أنه حاول فداء نفسه أول سنة بمئتين من الأبل ثم في السنة الثانية بمئة من الأبل و في السنة الثالثة بخمسين من الأبل ثم سكت بعد ذلك و عندما سأله أبن عريعر عن السبب في سكوته أجابه بمقولة مشهورة جاءت على لسانه و تكرّرت على ألسن الآخرين لنفس الضروف و قد سارت مثلاً و هي قوله ( صبّي و زلّت عجاريفه ) و ذلك أنه عندما طلب لنفسه الفداء في بداية الحبس كان له ولد صغير يود مناغاته ما دام في سن الطفولة الأولى و المبكرة أمّا بعدما كبر ولده لم يكن بنفس الحرص على الفدية ثم أن أبنه أصبح في الثانية عشر من العمر و أصبح في مصاف الرجال .
و هناك بين جماعته و في أحدى الليالي كانأبنه ( عميره ) يلعب مع الصبية فغلب أحدهم و قال له أنت تتطاول علي لأنك أكبر مني ولو أنك رجل و فيك خير لفككت أسر أباك .
قال عميره بن شايع : أن أبي ميت .
فأجابه الصبي : لا أن أبوك حي و في حبس أبن عريعر .
عاد عميره إلى أمّه وسألها عن أبيه فأجابته أنه قد مات منذ زمن .
عند ذلك أخذ خنجراً كان معلّق في عمود البيت و قال أني سوف أذبح نفسي أن لم تخبريني أين أبي .
عند ذلك أخبرته بالحقيقة و هي أن أبوه حي يرزق و في سجن أبن عريعر في الأحساء و قد كنت صغيراً فلمأخبرك بذلك لأنك لا تستطيع عمل شيء له فكتمت الخبر حتى تكبر .
بعد ذلك طلب منها أن تخبره عن أخلص أصدقاء والده و أقربهم له .
فقالت له أن لوالده صديقاً مخلص ولكنه كبر و كف بصره .
و بعدما أخبرته به ذهب إليه و أخبره أنه عازمٍ على فك أسروالده و لكن الشيخ طلب منه التريّث و الصبر الأ أن ( عميره ) أصر عليه و وافق و بدأ بتجهيز نفسه للسفر معه و اختاروا رجل ثالث معهم و كان الرجل الأعمى هو دليلتهم حيثيصفون له الأرض و معالمها و هو يخبرهم أين هم و هكذا حتى وصلوا أطراف منازل أبن عريعر و كانوا قد وصفوا للدليل أشجار طلح كثيفة فقال هذه التي كنا ناخذ منه ابل أبن عريعر و رعاياه منها . بقوا في ذلك الطلح و عند غروب الشمس ذهب الغلام لوحده على مطيته إلى بيت أبن عريعر و أخبر رفاقه أنه إذا طلعت نجمة الصبح و لم يأتي فعليهم أن يهربوا عن مكانهم .
وصل إلى بيت الأمير و عقل مطيته في مراح الأبل وجلس مع العديد من الضيوف و رجال أبن عريعر و رعاياه و كان يحاول التعرّف على والدهو لكنه لم يستطيع ذلك حتى دعي الناس للعشاء فجاء أحد الخدم بصحن فيه طعام و وضعه عند رجل في طرف البيت و قال ( تعش يا شايع ) عرف عميره أن ذلك هو والده و بعدما أتجه الناس للعشاء أقترب عميره من والده و جثى على ركبتيه و تلمّس وجهه و أكب عليه يقبله و الدموع تذرف من عينيه قائلاً : هل أنت أبي . هل أنت شايع ؟
فرد عليه :نعم أنا شايع .
فهل أنت ولدي عميره ؟
أجابه : نعم .
ثم قال له : ماجاء بك ؟
قال : أتيت أخلصك من الأسر .
فقال له : سلمت سلمت . و لكن ذلك ليس بالأمر السهل الآن و ذلك لأن الأقفال مصبوب عليها الرصاص و الأثقال لا تزحزح و أنا واهن القوى و من ثمان سنين لم أتحرّك .
فقال عميره : و ما هو الحل ؟
قال : الآن أذهب إلى العشاء كي لا تجلب الريبة لرجال الأمير . و ثم نرى ما ذا نفعل .
بعد العشاء أنتبه عميره إلى صبي صغير من أبناء الأمير عندما جلس طلبه و إذا عادا لصبي إلى بيت أمه التفت أبن عريعر لأي من رجاله و قال ( هات الولد )
قام عميره هو طلب الصبي من أمه و هي معتادة أن أي من رجال الأمير يأتي و يأخذه و هناك روايةتقول أنه أستّله من منامه و هي نائمة بجواره . و الله أعلم .
و في قصيدة شايع أنه هو الذي حبك تلك الفكرة لولده عميره و عميره قام بالتنفيذ و هذا الأرجح و الأصح بحكم معرفة شايع بأسرار القوم لطول مكوثه أسيراً لديهم .
ثم مر على والده وودّعه و أخبره أن من شروط عودة هذا الصبي فك أسرك و عودتك معززاً مكرماً .
عاد عميره إلى رفيقيه . أما الأم فقد فقدت أبنها في نفس الليلة و صاحت و جاء الأمير وسألته هل الصبي عندك فقال لا فبدأ البحث عنه بقية تلك الليلة و حتى الظهر من يوم غدٍ و لم يعثروا على شيء .
عاد الأمير ليستريح في بيت الشعر و هو حزين و تعب. و أستغرب من جمال وجه شائع و شعاعه و فرحه فسأله فقال أني أضحك عليك !!!
قاللماذا ؟ قال لأنك رجل كبير و أمير القوم و تبكي هكذا من أجل صبيٍ صغير لم تذق نفعه بعد و قد يخلف الله عليك بدلاً منه بالمبيت مع أحد زوجاتك ليلة أخرى .
فرد عليه أبن عريعر بقوله أتهزاء بي أيها الخبيث .
فأجابه شايع : إذاً لماذا كنت تهزاءبي عندما طلبت أطلاق سراحي لرؤية ولدي الصغير .
قال و لكن ولدك ليس مثل ولدي .
قال شايع : لا فرق فكلهم أبناء و كلنا آباء . و أن ولدك الآن في آمان عند ولدي الذي قللت من قيمته .
قال : أين هو .
قال : بعد الثرياء عن الثرى .
ثم إرسال ابن عريعر مندوب يسمع شروط أبني عميره ليعود لكم أبنكم .
و كانت شروط عميره بن شايع هي إحضار جوادين مشهورين من أغلى خيل شمّر و معهما مئة ناقة وضحا معإعادة أبيه معززاً مكرّماً . و كان ذلك .
و يقال أنه لما تعذر على أبن عريعرالحصول على الجوادين دفع خمسين جواداً من أصائل الخيل مع مئتي ناقة وضحا . و اللهأعلم .
و هناك روايات تقول أنه طلب أن الخيل و والده يمشي على ( زل ) فرش فاخرة من مقر أبن عريعر حتى مكان أقامة أهل شايع مما جعل أبن عريعر يجد حلاً و هو أن الخيل تحذى على قطع من الزل ( القطيفة ، القطايف ) حتى يتم الشرط و أن صح ذلك فهومن باب التعجيز .
المهم أن شايع عاد إلى أهله معززاً مكرماً مرتدياً أجمل الملابس مما يلبس الأمير أبن عريعر و أعيد ولد أبن عريعر له و قال شايع الأمسح هذه القصيدة في قصة حبسه عند أبن عريعر .
القصيدة :
أخذت ثمان سنين في حبس خيّر
-------------
و التاسعة جاني صدوق الفعايل
جاني غلامٍ ما بعد خطشاربه
------------
و لا قط في قلبه من الخوف زايل
و دنّق علي مظنون عيني وحبّني
---------------
و دموع عينه فوق وجهي شلايل
و أنا الحديد بساق رجلي مغلّق
---------------
و الرجل كلّت من حمول الثقايل
تعيش يا شبل سطى ليلة الدجى
---------------
على ولد شيخٍ عمل بي هوايل
سطى و جاب الورع من ربعة أمّه
---------------
من حضن زين اللون شقراء جدايل
هديته على دربٍ صعيبٍ ولا هفى
----------------
و جاب الذي ضجّت عليه القبايل
سطى و زم الورع ومرّن و أحبّني
---------------
و جلا عني مرٍ على الكبد جايل
و شاله على قطّاعة الريد وجنا
---------------
ما يلحقنّه ناتلات الحبايل
و أقفى على الوضحاء كما الهيق وصفه
--------------
تشادي لهيقٍ من شفاء الريح زايل
وطلب ثقيل الروز وضحٍ فطاير
---------------
وضحٍ ربن بديار زوبع جلايل
وطلب جوادينٍ من الخيل غيرهن
---------------
يعرف أنهن من مكرمات الأصايل
وعيّوا بهن زوبع على واضح النقا
--------------
و صكّوا قفاهن مقحمين الدبايل
من عقب ماني حافي الرجل عندهم
--------------
جوني بعد ذلك يبون الجمايل
يعيش أبن شايع تقصّى بمطلبه
-------------
من الخيل و أيضا من خيار السلايل
من عقب مثباري ضهيدٍ ببيتهم
-------------
اليوم يصّلى كبوده بالملايل
أخذ ثار أبوه و ثار عمّه و عزوته
-----------
تقاضى و طمّن راس من كان طايل
عسى غلامٍ ما فعل فعل والده
--------------
تسّفى عليه مسهسات الرمايل
و يعيش أبن مرداس من مرقب العلا
------------
رفاع المباني من كبار الحمايل
قرمٍ نفل بالفوز من زايد السطر
-------------