صورة قلوب دلالة على الحب.ولدت بعد مولده بعشرة سنوات، كان أهلهما جيرانا منذ زمن بعيد، وكان هو الابن الوحيد لأسرته كما كانت هي أيضا الابنة الوحيدة لأسرتها، أول من حملها بين يديه كان هو، كان مسرورا وسعيدا وفرحا بها لدرجة لا توصف، ومنذ ولادتها وقد أصبح لها أخا أكبر حاميا بمعنى الكلمة.
كان إذا ضايقها أحد ولو بالشارع أو بالمدرسة كان هو من يقف له ويتصدى، كان يفعل لها كل ما يرضيها ويسعدها، عندما كانت صغيرة وجدت فيه حنان الأخ الأكبر الذي لا يقسو ولا مرة على الإطلاق؛ كبرت قليلا فوجدت فيه حاميا لها من كل ما يتعرض له الإنسان بالحياة.
ومرت الأيام حتى بلغت الفتاة الصغيرة عامها الثاني عشر وقد فارق والدها الحياة، كانت بالنسبة لها اللحظة الحاسمة ونقطة تحول في مسار حياتها، كانتا الأسرتان ميسورتان الحال إلى حد كبير، فلم يعانيان من عسر بمسألة المال على الإطلاق، لذلك لم تعاني الفتاة من مشاكل مادية أو صعوبة بظروفها الحياتية بعد وفاة والدها، حتى حنان الأب عوضها إياه جارهم (والد الشاب الذي أصبح بعامه الثاني والعشرين)، وعندما توفي والدها وجدت كل الحنان الذي تبحث عنه أي فتاة في ذلك الشاب، كان لها نعم الصديق والأخ وكل ما تحتاج إليه.
ولكن الشاب لم ينظر إليها مطلقا هذه النظرة، كانت هي بالنسبة إليه حب طفولته وحياته بأكملها، كانت حب عمره الذي نشأ وتربى على يديه؛ كان يعيش كل تفاصيها، لقد كانت فتاة جميلة للغاية منذ صغرها، حسنة الخلق وحسنة الخلقة أيضا، وجميلة الطباع.
وعندما أصبحت بالثانوية العامة كان هو قد تخرج من الجامعة حينها، كان هناك مدرس بالثانوية قد شاغل الفتاة وسلبها عليها قلبها، كانت الفتاة تخفي أشياء كثيرة عن حياتها وتجد لنفسها مجلسا بعيدا عنهم، ولم يلاحظ ذلك الشيء إلا الشاب، وعندما كان يسألها لتبوح عن سبب تغيرها المفاجئ كان يجد فيها الخوف منه، وذلك ما كان يضايقه كثيرا، لقد كان يخاف عليها لأبعد الحدود ولو امتلك السلطة والقوة لما أحزن شيء بالوجود قلبها.
كانت الفتاة تتغير أطباعها شيئا فشيئا، ولم يدري أحد ما العلة وما السبب، وكان السبب كله يكمل في ذلك المدرس الذي استطاع أن يأخذ منها قلبها، ولم يكتفي بقلبها فقط بل أراد أن يسلبها جمالا أيضا بما لم يحل له خالقه؛ سولت له نفسه أن يسيطر على تفكيرها بخبرته بالحياة نظرا لسنه، كما أن الفتاة لا تزال صغيرة ولم تسبق لها تجارب بالحياة بمثل هذا النوع، لذلك استغل سذاجتها واستطاع استدراجها للخروج معه بعد انقضاء الدوام المدرسي.
كانت المرة الأولى بمكان عام، بعدما كان يقابلها بالمدرسة على انفراد بحجة أنه يساعدها في مادته الدراسية، وعندما لاحظ الجميع ذلك طلب منها مقابلته بالخارج بذلك المكان العام، استطاعت إقناع والدتها بأنها ستذهب للمذاكرة مع صديقاتها، سمحت لها والدتها بذلك، وتكررت أكثر من مرة.
ولكنه لم يكتفي بذلك فطلب منها المجيء إليه لمنزله حتى لا يراه أحد معها وبالتالي يحرم من رؤيتها نهائيا لكونه معلمها بالفصل، ولن يفهم أحد مهما بلغ به الفهم من درجاته معرفة طبيعة الحب البريء الذي يربط بينهما.
وكعادتها في البداية ترفض ولكن له أساليب وطرق معها تمكنه من إقناعها بالنهاية، وجاء اليوم الذي ذهبت فيه الفتاة لمنزله بحجة أنه يريد لقائها والقرب منها بعيدا عن أعين الناقدين؛ كان بذلك اليوم الشاب لتوه عائدا من الخارج بسبب أعماله باتفاقات مع شركات كبرى خارج البلاد، وأول ما جاء سأل عنها وقد كان قد أحضر معه فستان خطبتها من فرنسا بلد الموضة والجمال العالمي، كما أنه قد أحضر معه خاتم الخطبة والذي يعتبر فريدا من نوعه.
عندما سأل عليها أخبروه بأنها قد ذهبت لإحدى صديقاتها للدراسة حيث أن الامتحانات قد أوشكت، ثار غاضبا على والدتها ووالدته حيث أنهما تركاها تخرج من المنزل في حين أنه كان يمكنهما استقبال صديقاتها جميعهن وبأي عدد، لام عليهما لفعلتهما هذه، وانتظر لحين عودتها ومن شدة شوقه لرؤيتها، وتلهفا عليها، وعندما جاءت كانت المفاجأة الصادمة بالنسبة لها….
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع