يستيقظ الإنسان فجأة فزعا في حالة من عدم الإدراك بين النوم واليقظة، يصاحبه شعور قوي بالخوف والرعب، حتى يدرك أنه كابوس، ذلك الحلم المزعج الذي يراود الشخص في منامه بمواقف أو أحداث أو أشخاص مخيفة، والتي تتنوع مشاهده بين التعرض للقتل أو المطاردة أو مواجهة حيوانات مفترسة.وتسبب الأحلام المفزعة مشاعر سلبية وقلقا كبيرا يجبران المرء في الغالب على الاستيقاظ مرعوبا من نومه، وغالبا ما ترافقهما مشاعر الحزن والخوف، وفي بعض الأحيان التعرق والتوتر وارتفاع ضغط الدم. ولم يستطع المتخصصون تحديد سبب الحلم بالكوابيس وتقديم تفسير واضح لتلك الحالة.
وتوضح د. منال عمر، استشارية الطب النفسي، أن
الكوابيس هي أحلام مزعجة تصنف بالاصطلاح
النفسي بـ“الشلل النومي”، ويشعر فيها الإنسان بالضيق وعدم القدرة على الحركة، ويريد أن يستيقظ ولا يقدر على ذلك، وهو ما يجعل الشخص يستيقظ مفزوعا ويصرخ في من حوله ولا يدرك ماذا يحدث له.
ولفتت الاستشارية عمر إلى أن القلق والحزن والتعرض للضغوط، من أكثر الأسباب شيوعا لتعرض المرء لأضغاث الأحلام والكوابيس المزعجة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها آثار جانبية لبعض العقاقير، وتأثير تناول الكحوليات، واضطرابات النوم، وضيق التنفس أثناء النوم، والتفكير السلبي قبل الذهاب إلى السرير، كذلك تناول الوجبات الدسمة قبل النوم مباشرة، ووضعيات النوم الخاطئة، كالنوم على الظهر، أو النوم على البطن، أو النوم على الجانب الأيسر.
في حين يشير د. حمدي ياسين، خبير الصحة النفسية، إلى أن الكثير يحلمون بكوابيس وأحداث مزعجة. ولا يسبب ذلك مشكلة إلا إذا سبب مشاكل نفسية للشخص، خاصة عندما تجعل هذه
الكوابيس المرء خائفا طيلة يومه أو تجعله لا يرغب بالنوم خوفا من الحلم بالكوابيس ومشاهدة تلك المشاهد والأحداث المرعبة مرة أخرى.
ويحدث الكابوس غالبا في آخر النوم “النصف الثاني من الليل”، ويدفع النائم إلى الاستيقاظ مفزوعا، في حالة لا يكون معها قادرا على استرجاع الأحداث التي دارت في الحلم، والتي تختفي بعد استيقاظ المرء من نومه في الحالات الاعتيادية، لكن بعض
الكوابيس يمكن أن تتكرر باستمرار لتبقى عالقة في الأذهان وترافق الشخص طيلة اليوم.
ومن أكثر ما يظهر في
الكوابيس هو الهروب أو الملاحقة من قبل شخص ما، أو الشعور بعدم القدرة على الحركة أو التأخر أو الموت أو اختفاء شخص قريب، وهناك بعض العناصر التي يتكرر ظهورها بين حين وآخر في الكوابيس، لكن تسلسل ظهورها وعلاقتها بموضوع الكابوس يختلفان من كابوس إلى آخر.
وعن كيفية حدوث الكوابيس، يقول د. بيتر غلانسمان، مدير مركز أبحاث النوم في المؤسسة المركزية للصحة النفسية بألمانيا: أثناء النهار يتركز تفكير الإنسان على أمور الحياة، وأثناء النوم يغيب عن الوعي، إلا أن جهاز الإدراك يستمر في العمل، ويعكس النظام العصبي خلال النوم ما يعيشه الإنسان أثناء اليقظة ليؤكد أن الانشغال بالحياة مستمر حتى أثناء النوم. وفسر غلانسمان أن الأحلام تعبر عما يجول في اللاوعي، مشيرا إلى أنه لا يطلق تسمية “كوابيس” على الأحلام التي يستيقظ المرء بعدها مذعورا، وإنما تسمى علميا بـ“هلع النوم”.
ولتجنب
الكوابيس والأحلام المفزعة، يوصي د. ياسر توفيق، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، بالابتعاد عن مشاهدة أفلام الرعب أو الأخبار في آخر الليل وقبل النوم، وتوفير مقومات نوم هادئ ومطمئن.
وأشار إلى أن بوسع الإنسان تدريب نفسه على التعامل مع
الكوابيس والحد من
تأثيرها السلبي عليه والتقليل من أضرارها، وذلك من خلال كتابة تلك
الكوابيس وقراءتها مباشرة عدة مرات، لأن الشخص الذي يحلم بنفس
الكوابيس سوف يعتاد على سماعها ومشاهدتها ومن ثم يتلاشى
تأثيرها السلبي عليه وتكون غير مؤثرة. وبذلك يفقد الكابوس تأثيره على الشخص في الحياة اليومية. وهناك أيضا طريقة “اختبار تصور التخيلات”، والتي تتضمن كتابة الأشخاص لكوابيسهم ومن ثم قراءتها ومناقشتها شخصيا أو مع المقربين، والبحث عن نهاية سعيدة للحلم، وليس الهروب أو الاستيقاظ من النوم، إضافة إلى التفكير ذاتيا في حالة التعرض للخوف والتفكير بفعل شيء ما لمواجهة هذا الخوف.