كنت قبل أيام في زيارة لمحافظة القويعية، وفي طريقي مررت ببعض المراكز الصغيرة والهجر المتناثرة على جانبي الطريق وفي عمق تضاريس المنطقة التي لا يتجاوز عدد البيوت في كل منها ١٠ منازل تزيد وتنقص، ولكن اللافت أن الدولة -رعاها الله- قد وفرت جميع الخدمات في هذه الهجر الصغيرة (مركز صحي، مركز أمارة، مدرسة بنين ومدرسة بنات) ما جعلني أستحضر رحلة التعليم في هذا الوطن المترامي الأطراف تحت كيان عملاق كوزارة التعليم!
هل تعلم -عزيزي القارئ- أن وزارة التعليم قد بنت منظومة تعليمية افتراضية مستحدثة ومتكاملة خلال شهر واحد فقط، واستخدمت لإنجاح هذه المنظومة جميع الكوادر المحلية مدعمة بالأدوات الرقمية بكامل تقنياتها وما أنجزته التجارب العالمية الرقمية من وسائل حديثة، كل ذلك لصناعة أكبر مدرسة افتراضية من حيث عدد الطلبة أو مقدمي الخدمات التعليمية من كوادر وموظفين، وهل تتصور عزيزي القارئ أن هذه المنصة معدة لخدمة 6 ملايين طالب وطالبة وكوادر تعليمية بلغت 525 ألف معلم ومعلمة
0 ألف مدرسة ضمتها هذه المنصة؟!
ربما لأنني اطلعت عن كثب على هذه التجربة التعليمية الرائدة ولمست الجهد الجبار الذي استهلك لبناء هذه المنظومة التعليمية، فالأمر بالنسبة لي ليس مجرد
منصة رقمية منوطة بتعليم يحكمه الوقت والحاجة الطارئة، بل لأنني شاهدت عملا دقيقا ومحكما يهتم بالتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة ويركز على التعليم، وضبط العملية التعليمية بدءاً بقائد المدرسة، مروراً بالمرشد الطلابي والمعلم وانتهاءً بالطالب الذي يشكل الركيزة الأساسية للعملية برمتها، هذا فضلاً عن التركيز التام على الانضباط في الحضور والمتابعة والواجبات وحتى الالتزام بالزي المدرسي والطابور الصباحي والنشيد الوطني.
في خضم هذه الجهود التي تبذلها وزارة التعليم فإن مسؤوليتها لم تتوقف عند
منصة مدرستي التي لا ينتهي دورها قطعاً بانتهاء حصص اليوم الدراسي بل إنها وفرت شبكة قنوات «عين» الفضائية التي تبث الدروس على مدار 24 ساعة بشكل متكرر على 32 قناة فضائية منها 3 قنوات استحدثت للتربية الفكرية، وهي فكرة انبثقت لتغطية جميع الظروف والمراحل الدراسية وتمكين الطالب من الرجوع إليها في أي وقت حيث إن لكل صف دراسي قناة خاصة به هذا بالإضافة لما تتم أرشفته على قنوات اليوتيوب الخاصة بالتعليم.
إن تجربة واحدة وطارئة جعلت الوزارة تستنفر كل هذه الإمكانيات وفي وقت قياسي وجهد عظيم ليست إلا دلالة على كفاءة عالية وقدرات بارعة لجاهزية التكيف مع أي مستجدات لوزارة بهذا الحجم والثقل تضم تحتها 30 ألف مدرسة
20 مكتباً تعليمياً
7 إدارة تعليمية في جميع مناطق ومدن وقرى وهجر المملكة... كم كبير من الفخر يعتريني بهذه الجهود والعقول والإرادة التي تحرك هذا العمل بدءاً بمعالي الوزير الدكتور وكوادره الذكية التي تعمل من أجل بناء جيل واعد وانتهاء بأصغر طالب في أقصى هجرة.
أخيراً.. هل تصبح تجربة «منصة مدرستي» لبنة سباقنا
الرقمي لتأسيس تعليم متفرد يكون جزء منه رقميا ويختصر الكثير على الفرد والمؤسسة والدولة؟
بقلم / هيلة المشوح